تنوع ثقافي ومنح دراسية.. تفاصيل شاملة للدراسة بجامعة سراييفو
"قدس أوروبا".. عاصمة البوسنة والهرسك إحدى أكثر الوجهات الدراسية ملاءمة للطلبة الدوليين عموما والعرب خصوصا منذ سنوات عديدة، المدينة التي نهضت من ركام الحرب تطلب الحياة، وتبني نفسها من جديد، تكتنز بالتنوع الثقافي، وتجتهد لتصنع دورا رياديا على كافة الأصعدة، وقد شكل العام 2003 موعد نشأة أكبر المشاريع التربوية في البلقان -كما تصفه الجامعة- بواسطة مؤسسة سراييفو لتطوير التعليم. المشروع تمثل في تأسيس جامعة سراييڨو الدولية، وتلاه افتتاحها عام 2004، لتصبح اليوم إحدى أفضل عشر جامعات في البوسنة والهرسك(1)، وتحظى بعضوية مشارك في رابطة الجامعات الأوروبية EUA، وعضوية كاملة في الاتحاد الدولي للجامعات(2) IAU، ويصل عدد طلابها اليوم إلى ألفي طالب، من 49 دولة، بينهم طلاب من معظم الدول العربية كفلسطين، ومصر، واليمن، والجزائر، وموريتانيا، وتضم خمس كليات، وبرامج أكاديمية للبكالوريوس والدراسات العليا(3).
حصلت الجامعة أيضا على اعتماد الوكالة الوطنية لتطوير التعليم العالي وضمان الجودة HEA، ومدرجة في قائمة مؤسسات التعليم العالي المعتمدة في البوسنة والهرسك، ومُنحت جميع برامجها الاعتراف الرسمي من قبل المجلس التركي للتعليم العالي YÖK ، وحصلت ستة من برامجها الأكاديمية على اعتماد الوكالة الحكومية النمساوية للاعتماد وضمان الجودة AQ Austria، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي لضمان الجودة في التعليم العالي(4) ENQA، وتستخدم الجامعة اللغة الإنجليزية لتدريس برامجها انطلاقا من أهمية هذه اللغة في جذب الطلبة الدوليين وانفتاح طلبتها على الأسواق العالمية، سنتعرف في هذا التقرير على أنشطة الجامعة التعليمية وأبرز برامجها(5).
ورغم التنوع الذي يفرضه الاختلاف بين هذه الاختصاصات إلا أن خططها الدراسية جاءت مصممة لرفع معارف الطالب في العلوم الأساسية كالفيزياء والبرمجة، والرياضيات، والإحصاء، وذلك في السنوات الأولى من الدراسة، ثم نقل الطالب نحو مزيد من التعمق في مجال تخصصه ليدرس مقررات مثل: التصميم المعماري، ولغات البرمجة، والتكنولوجيا الحيوية، والدوائر الكهربية، وإدارة قواعد البيانات، وتعزيز استفادته منها عبر إشراكه في العمل التطبيقي في المختبرات والفترات التدريبية داخل مؤسسات الصناعات المختلفة خارج الجامعة.
ويوجد أيضا قسم العلوم السياسية والمجتمعية، الذي يقدم برنامج العلوم الاجتماعية والسياسية، وهو برنامج يولي الأهمية الكبرى في الموضوعات التي يتم تناولها للعلوم السياسية، ويتطرق لعلوم الفلسفة والاجتماع والتاريخ ليتمكن الطالب من فهم نقاط تقاطع هذه العلوم بالعلوم السياسية، وللعمل في مناصب متعددة تشمل المهام الإدارية، والتحليل السياسي، وتنسيق البرامج، وتحليل الشؤون العامة، ويقدم القسم أيضا برنامج علم النفس الذي يزود طلبته بالمهارات والمعارف التي تتطلبها مهام هذا المجال كالاستشارات النفسية، والعلاج النفسي، على اختلاف بيئات العمل التي تشمل المؤسسات الصحية كمراكز الرعاية الصحية العقلية، والمحاكم، والمؤسسات المجتمعية، والمؤسسات التعليمية كالمدارس.
أما القسم الثالث فهو قسم الدراسات التثقيفية، الذي يقوم على دراسة المزيج الثقافي الغني الذي تتسم به البوسنة والهرسك، انطلاقا من موقعها الجغرافي، وبيئاتها المتنوعة، ومجتمعاتها المختلفة، وتحليل سمات هذه المجتمعات وثقافاتها، وتحليل واقعها السياسي والمجتمعي مع التركيز على الهوية ودور القوى السياسية وطبيعة التمثيل السياسي فيها، وهو ما يفتح الباب أمام طلبة القسم لممارسة التحليل السياسي، والتحرير الصحفي، وصناعة الأفلام، وإدارة المشاريع، بعد تخرجهم من برنامج الدراسات الثقافية، أو التوجه نحو تدريس اللغة الإنجليزية، والترجمة، والعلاقات العامة بعد التخرج من برنامج الأدب واللغة الانجليزية.
وتحتوي الكلية على قسم العلاقات الدولية والإدارة العامة المسؤول عن تقديم برنامج العلاقات الدولية حيث يحظى طلبته بإمكانية المشاركة في برامج تبادل أكاديمي منفذة في الاتحاد الأوروبي وتركيا عبر برنامجي ايرسموس وميڨلانا، وقسم الاقتصاد والإدارة الذي تقدم من خلاله برامج مختلفة الدرجات في تخصصات الاقتصاد، والإدارة، والأعمال الدولية والتمويل، وقد صمم برنامج الاقتصاد لبناء فهم الطلبة حول الأنظمة الاقتصادية والعوامل المؤثرة فيها، وأثر القوى السياسية في اقتصاد بلدانهم والاقتصاد العالمي، لتمكينهم من التعامل مع القطاع الاقتصادي بكفاءة، أما برنامج الإدارة فهو يهدف لبناء مدراء ذوي عقليات ريادية تساعدهم على توظيف معرفتهم بالعلوم الاجتماعية والاقتصادية والمهارات والجوانب الإدارية من دخول السوق الدولي بقوة، وإيجاد حلول مبتكرة لمشكلاته، إضافة إلى تميز برنامج الأعمال الدولية والتمويل بخطة دراسية تمزج التمويل والأعمال الدولية، في ضوء تحليل الأسواق المالية، والشركات متعددة الجنسيات، والتجارب المحلية والدولية للمؤسسات المالية.
تشمل قائمة برامج الكلية برنامج تعليم الحاسوب والتكنولوجيا التعليمية، وهو برنامج متخصص في دراسة التقنيات المعاصرة وسبل استخدامها في تحسين جودة التعليم، وبرنامج الأدب واللغة التركية الذي يدرس تركيا تاريخيا وثقافيا وأدبيا ولغويا، ويؤهل طلبته للعمل في تدريس اللغة التركية كلغة ثانية داخل المؤسسات التعليمية في البوسنة والهرسك وخارجها، وبرنامج الأدب واللغة الإنجليزية، وهو برنامج يركز بشكل رئيسي على اللغة الانجليزية وطرق تدريسها، ويمدُّ طلبته بالمهارات اللازمة لتدريسها في كافة المؤسسات التعليمية.
ولم تكتف الجامعة بطرح البرامج الأكاديمية المعتمدة على الدراسة فحسب، بل حفظت للبحث الأكاديمي مكانته، وعملت على إعلائها عبر افتتاح مجموعة من المراكز البحثية، وإنشاء مختبرات بحثية، وإثراء المحتوى البحثي العالمي بمجموعة من المجلات والدوريات التي جاءت جميعها ضمن الاختصاصات المفضلة للجامعة.
تفرض على الطلبة الدوليين رسوم دراسية أعلى قيمة من تلك المفروضة على الطلبة المحليين، وتبلغ قيمتها لبرامج البكالوريوس والماجستير ما يعادل 7,500 دولار أمريكي سنويا، وتتراوح تكلفة المعيشة التي يجب على الطالب الدولي توفيرها للدراسة في سراييڨو بين 360 و 700 دولار أمريكي شهريا، علما أن الجزء الأكبر منها يخصص للغذاء والسكن(7)، لكن هذا المبلغ ينخفض في حال اختار الطالب الإقامة في المساكن الجامعية، وهي نوعان مخصصة لكلا الجنسين(8).
وتوفر الجامعة منحا دراسية وفق معايير محددة، لأفضل الطلاب الذين اجتازوا امتحانات القبول في الرياضيات والثقافة العامة، وللطلاب الذين حصلوا على معدل تراكمي مرتفع خلال السنة الأولى من دراستهم في الجامعة، وتتراوح نسبة التغطية التي توفرها هذه المنح لرسوم الدراسة بين 10 و 100% (9)، وقد تغطي تكاليف المعيشة أو جزءا منها، كما يتاح للطلبة التقديم للحصول على قروض دراسية، وهي قروض مالية مقدمة بلا فوائد ولا رسوم مفروضة على إجراءات القرض، حيث يمكن للطالب الذي دفع 20% من رسومه الدراسية التقدم للحصول على القرض الدراسي لتغطية الـ 80% المتبقية، ويحصل الطلبة الذين يقومون بدفع كامل رسومهم الدراسية فور توقيع عقود الدراسة على خصم بنسبة 6% على قيمة هذه الرسوم (10).