شعار قسم ميدان

دراسة: السيلفي يساعدك على محاربة الاكتئاب!

midan - selfie wallpaper
خلال العام الماضي كان عدد مستخدمي الهواتف الذكية عالميًا يقدر بحوالي 1.86 مليار مستخدم، ليرتفع هذا العدد خلال العام الجاري ويُصبح 2.1 مليار مستخدم. ووفقًا للأبحاث والدراسات الإحصائية فإن هذا العدد في تزايد مستمر ليصل إلى 2.32 مليار مستخدم خلال العام الجاري 2017. فمع زيادة عدد مستخدمي الهواتف الذكية حول العالم، تزدهر أسواقها بصورة مستمرة، فتُطوِّرُ كل شركة من إمكانيات هواتفها لتستطيع المنافسة، ومع التطور تزداد دقة كاميرات تلك الهواتف، فيصبح التقاط الصور في أي مكان أمراً في غاية السهولة واليُسر.(1)

لذا وفي دراسة هي الأولى- من نوعها- قام بها علماء الكمبيوتر في مدرسة "دونالد برين" لعلوم الحاسب والمعلومات بجامعة "كاليفورنيا- إيرفاين" بالبحث عن كيفية تأثير التصوير الذكي في جعل حياة الانسان أكثر إيجابية. حيث وجدت الدراسة التي تم قبولها ونشرها من قبل دار "سبرنجر" للنشر في العام الماضي؛ أن التقاط المزيد من الصور الشخصية بانتظام بواسطة الهاتف الذكي، وتبادل هذه الصور مع الأصدقاء يُمكن أن يجعل الشخص أكثر سعادة. حيث كشفت الدراسة أن الطُلاب يمكنهم مكافحة الكآبة بالاعتماد على التقاط الصور الشخصية "السيلفي" ومشاركتها مع بعضهم البعض.

علوم الحاسب.. والطريق للسيطرة على التوتر
يؤدي العيش في ظل التوتر المُستمر إلى مشاكل صحية مزمنة مثل؛ الاكتئاب، واضطرابات القلق، وأمراض القلب، وارتفاع معدلات ضغط الدم، وكذلك مرض السُكرّي. ويُعتبر طلاب الجامعات بالتحديد من أكثر الفئات المعرضة لهذا للخطر، حيث يواجهون التوتر باستمرار مما يؤثر سلبًا على أدائهم الأكاديمي. فقد يأتي هذا التوتر بسبب العيش بمُفردهم بعيدًا عن العائلة، أو بسبب الشعور بالوحدة، أو بسبب القلق من المشاكل المالية، أو الاختبارات الدراسية. فاتجه الباحثون من المجالات المختلفة كعلم النفس، والعلوم الاجتماعية والطب النفسي والمعلوماتية؛ لاستغلال خبراتهم في الاستفادة من التقدم المتزايد في علوم الحاسبات والمعلومات من أجل مساعدة الناس في تعزيز شعورهم العاطفي. لذا ركز الباحثون على تأثير التقاط الصور الشخصية باستخدام الهواتف الذكية ومن ثم مشاركتها مع الأصدقاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل "إنستجرام" و"سناب شات" و"فيسبوك" كذلك.(2)

تصميم ذكي.. لدراسة فريدة
 
undefined 

في هذه الدراسة قام الباحثون بالتحقيق في كيفية الاستفادة من اكتشافات علم النفس الإيجابي لتعزيز التأثير الإيجابي على الناس والحدِّ من التوتر المحتمل لطلاب الجامعات عن طريق التقاط الصور الشخصية. فأجرى الباحثون دراسةً في إحدى الجامعات الحكومية على الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية، استمرت لمدة 4 أسابيع وكان المشاركون فيها من طُلاَّب الجامعات، حيث قاموا بممارسة حياتهم الطبيعية من الذهاب إلى الجامعة، والدراسة وما إلى ذلك أثناء إجراء هذه الدراسة.(3) 

وللتوصل إلى تأثير الابتسام، وتأثير مساعدة الآخرين لجعلهم سُعداء على الحالة المزاجية للمستخدمين؛ قام الباحثون بتطوير تطبيقين من تطبيقات نظام "الأندرويد" كمنصات تجريبية تدفع المشاركين لالتقاط الصور اليومية وتحديد حالتهم المزاجية لكل يوم، حيث تم تصميم التجارب على ثلاثة ظروف مختلفة، يعتمد كل ظرف على طريقة خاصة لالتقاط الصور الفوتوغرافية باستخدام الهاتف، وهذه الظروف هي:
1- الإدراك الذاتي: عن طريق التحكم في تعبيرات الوجه، فيلتقط المشاركون صورة شخصية "سيلفي" يوميًا وهم يبتسمون.
2- الكفاءة الذاتية أو فاعلية الذات: عن طريق السماح للمشاركين بفعل أشياء تجعلهم سُعداء، فيلتقطون صورة يومية لأي شيء قد يجعلهم سُعداء.
3- التأييد أو الموالاة الاجتماعية: عن طريق إسعاد الآخرين، فيلتقط المشاركون صورة يومية لشيء يعتقدون أنه سوف يسعد شخصًا أخر، ثم يقومون بإرسالها له.

لكن لماذا هذه الظروف الثلاثة بالتحديد؟

undefined

من بين 57 مُشارك أتمَّ 41 شخصاً فقط الدراسة حتى النهاية؛ حيث تم تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات وفقًا للظروف الثلاثة التي تم تحديدها في السابق، 14 شخصاً لكلٍّ من المجموعتين الأولى والثانية، و13 شخصاً في المجموعة الأخيرة. فكان جميع المشاركين من طلاب المرحلة الجامعية أو الدراسات العليا الذين يستخدمون هواتفهم الذكية بشكل أساسي يوميًا. وكانوا مقسمين إلى 13 من الذكور، و28 من الإناث، وكانت تتراوح أعمارهم بين 18 و36 عاماً. كما تم تعويض كل مشارك بـ 25 دولاراً في نهاية الدراسة. ووفقًا للعديد من الدراسات التي تم الاستشهاد بها في هذا البحث، فإن نظرية الإدراك أو التصور الذاتي تنص على أن تصرف الناس هو ما يحدد ماهية إدراكهم وشعورهم.

فابتسام الشخص عند التقاطه لصورة شخصية خاصة به يؤدي إلى خفض معدل ضربات القلب، وتعزيز قوته العقلية، مما يمدُّه بالانتعاش، وبالتالي يتخلص من التوتر، ويشعر بحالة مزاجية إيجابية. كما أكدت بعض الأبحاث أن الاستمرار على رؤية صورة تجسِّدُ موقفاً ما أو حدثاً قد سار على ما يرام؛ يعمل على تقليل الاكتئاب ويجعل الشخص أكثر سعادة. ووفقًا لإحدى الدراسات الأخرى التي صُمِّمَت بحيث ينفق بعض المشاركين الأموال على أنفسهم، بينما ينفق البعض الآخر هذه الأموال على أشخاص آخرين، فكشفت النتائج أن الأشخاص الذين أنفقوا الأموال على غيرهم كانوا أكثر سعادة ممن قاموا بالإنفاق على أنفسهم. كما تضاعف شعور السعادة عند تلقّيهم رسائل امتنانٍ من الآخرين. لذا فقد صمَّمَ الباحثون الظروف الثلاثة استنادًا إلى الأبحاث السابقة، والتي تشير بالتأثير الإيجابي لهذه الظروف على الحالة النفسية والمزاجية للفرد.(3)

نتائج تطبيق نظريات علم النفس الإيجابي مع التصوير الذكي
أفاد بعض المشاركين أن التقاطهم لصور الأشياء التي تُسعدهم يوميًا جعلهم أكثر تقديرًا للأشياء الصغيرة في حياتهم مما جعلهم أكثر سعادة.
أفاد بعض المشاركين أن التقاطهم لصور الأشياء التي تُسعدهم يوميًا جعلهم أكثر تقديرًا للأشياء الصغيرة في حياتهم مما جعلهم أكثر سعادة.

كان الهدف من هذه الدراسة هو الاستفادة من انتشار التصوير الفوتوغرافي بالهواتف الذكية، وتطبيق نظريات علم النفس الإيجابي، لمساعدة طلاب الجامعات في الحدّ من التوتر وجعلهم أكثر سعادة. فتشير النتائج الكمية والوصفية للدراسة إلى أن كافة المشاركين في المجموعات الثلاث أصبحوا أكثر إيجابية بعد التقاطهم للصور اليومية خلال الأسابيع الثلاثة التي تم السماح لهم فيها بالتقاط الصور. حيث أوضحت الدراسة أن ابتسامة الاشخاص الذين كانوا يلتقطون الصور الشخصية "السيلفي" أصبحت أكثر واقعية مع مرور الوقت. كما أفاد بعض المشاركين أن التقاطهم لصور الأشياء التي تُسعدهم يوميًا جعلهم أكثر تقديرًا للأشياء الصغيرة في حياتهم مما جعلهم أكثر سعادة. كما أصبح المشاركون في المجموعة الثالثة أكثر هدوءًا مع التقاط الصور وإرسالها للأشخاص الآخرين، مما أدى بدوره إلى زيادة الأُلفة وتقوية العلاقات الشخصية مما أدى في النهاية إلى الحدِّ من القلق وزيادة الإيجابية.(3)


لكن ما هي الفائدة من هذه الدراسة؟
لا تقتصر أهمية هذه الدراسة على تأكيد إمكانية إسعاد الأشخاص عن طريق تطبيق نظريات علم النفس الإيجابي واستخدام التصوير الفوتوغرافي من خلال الهواتف الذكية فقط، فقد أسهمت الدراسة في تطبيق الاستراتيجيات التي اُستخدمت في دراسات الحوسبة الإيجابية ومن ثم تأكيد صحتها. ذلك بالإضافة إلى توفير استنتاجات مؤكدة تفيد المُبرمجين في تصميم التطبيقات المختلفة التي تعمل على الحدّ من التوتر، وتعزيز الحالة المزاجية والعاطفية للمستخدمين، وجعلهم أكثر سعادةً عن طريق الاعتماد على التصوير الذكيّ وتطبيق نظريات علم النفس الإيجابي.(3)
المصدر : الجزيرة