"يمكن العيش بلا سباب".. مبادرة تركية لحل مشكلة الشتائم المجتمعية

مقر مؤسسة المرأة والديموقراطية كاديم في أنقرة (الجزيرة)
مقر مؤسسة المرأة والديمقراطية (كاديم) في أنقرة (الجزيرة)

أنقرة- تُعد ظاهرة السباب والشتائم من العادات السيئة المنتشرة في كثير من البيئات، وفي خطوة لحل هذه المشكلة المنتشرة في الشارع التركي أطلقت مؤسسة نسوية مبادرة بعنوان "يمكن العيش بلا سباب" لمواجهة الظاهرة في الحياة اليومية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. فما معالم هذه الحملة ودوافع إطلاقها وأدواتها والنتائج المرجوة منها؟

والمبادرة التي تنظمها مؤسسة المرأة والديمقراطية التركية (كاديم) تتم برعاية فنية من مسلسل "جبل القلب"، كما يشارك فيها فنانون وممثلون وإعلاميون أتراك.

وتتضمن الحملة منشورات وفيديوهات تمثيلية في مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى محاضرات ولقاءات مجتمعية ورسائل تبثها قنوات تلفزيونية، فضلا عن مقاطع تتحدث عن القضية في مسلسل "جبل القلب" واسع الانتشار.

رئيسة مؤسسة كاديم في أنقرة، آسيا غونيش مع مراسل الجزيرة نت
رئيسة مؤسسة كاديم في أنقرة آسيا غونيش مع مراسل الجزيرة نت (الجزيرة)

معالجة الشتائم

إن استخدام الشتائم يأتي تعبيرا عن الغضب وطريقة للتنفيس عن الضغط -وفقا لمختصين نفسيين- لأن الشخص في هذه الحالة يخرج أقصى طاقة عنده، وهو تنفيس سلبي يؤدي إلى ردود فعل؛ وبالتالي اتساع رقعة المشكلة.

ويذكر المختصون أن درجات الشتائم والسباب تختلف باختلاف العوامل المسببة لها التي تبدأ من الظروف الاجتماعية التي يعيشها الإنسان في أسرته منذ طفولته.

وفي السياق، ذكرت رئيسة مؤسسة المرأة والديمقراطية (كاديم) في أنقرة آسيا غونيش أن الأسلوب والمحتوى المسيئين أصبحا أمرا اعتياديا يوما بعد يوم، خاصة في الأوساط الرقمية، لذلك تحركنا لوقف لغة التمييز والإهانة والتحقير والألفاظ النابية التي نواجهها في كل جانب من جوانب الحياة تقريبا، وتنتشر مثل الوباء على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقالت غونيش للجزيرة نت "نهدف إلى القضاء على اللغة المسيئة والألفاظ النابية، سواء كان ذلك مبنيا على اللون أو العرق أو الجنس، إذ نرى أنه يمكن العيش من دون سباب عبر تطوير مهارات التواصل وتعلم آداب الحوار".

وأضافت أنه "أصبح من الضروري تطهير لغتنا وأسلوبنا من ألفاظ التمييز والإهانات، هذا دين ندين به للغتنا ومستقبلنا وأطفالنا والبشرية جمعاء".

ولفتت رئيسة كاديم في أنقرة إلى أن الجمعية دعت لتطبيق الأخلاق والآداب العامة في الأوساط الرقمية أيضا.

وزادت غونيش "دعونا لا نغض الطرف عن الشتائم حتى لو كانت موجهة لمن نخالفهم الرأي، ونبلغ عن المشاركات التي تحتوي على الشتائم والمضايقات والتهديدات والإهانات، ونعزز معرفتنا بآداب المناقشة، ونشكل أمثلة ونماذج وقدوات جيدة".

ولفتت إلى أنهم لمسوا تفاعلا كبيرا مع الحملة التي تحقق نجاحا باهرا في تعزيز الحوار الهادئ بين الناس، مشيرة إلى أن الحملة مستمرة حتى نهاية العام، لكن محاربة السب والعصبية ستبقى ضمن واجبات الجمعية طوال السنوات القادمة.

مبادرات مجتمعية

ومؤسسة المرأة والديمقراطية (كاديم) -أو كما تكتب بالحروف التركية (Kadem)- جمعية محافظة مدافعة عن حقوق النساء، وتعد أكبر الجمعيات النسوية في تركيا، وتتولى فيها سمية ابنة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منصب نائب رئيس مجلس الإدارة.

وافتتحت الجمعية مركزا للنساء اللاجئات السوريات في مدينة إسطنبول قبل نحو عام ونصف العام، من أجل دعم تأقلم اللاجئات مع الحياة الاجتماعية ودخول سوق العمل في البلاد، إذ أسست لاجئات سوريات في تركيا علامة تجارية باسم "حلم" لبيع السلع اليدوية التي ينجزنها في مركز جمعية "كاديم" بعد خضوعهن لدوراتٍ تعليمية في المهن اليدوية.

كما تنظم مؤسسة كاديم معرضا سنويا في ذكرى انقلاب 28 شباط/فبراير 1997، تحت عنوان "هكذا أنتِ أجمل"؛ ففي هذا اليوم وبعد الانقلاب تم حظر ارتداء الحجاب في الأماكن الحكومية، وحظر عمل المحجبات في المؤسسات الحكومية، وفصل آلاف الطالبات المحجبات من الجامعات، ووضع شرط خلع الحجاب لعودتهن، وألقي القبض على كثيرين وتمت محاكمتهم.

وكل عام تنظم "كاديم" المؤتمر الدولي عن المرأة والعدالة بالتعاون مع وزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية التركية، بمشاركة وزراء أتراك وأجانب فضلا عن مجموعة من العلماء وممثلي مؤسسات العمل ومنظمات المجتمع المدني.

المصدر : الجزيرة