موسم الهجرة إلى أوكرانيا.. دقت طبول الحرب وتجارها

رغم طبول الحرب التي دقت منذ فجر أمس الخميس، فإن ذلك لم يمنع شركات تسهيل الهجرة من متابعة أعمالها

مواطنون ومغتربون في انتظار المغادرة بمحطة كييف المركزية للسكك الحديدية (وكالة الأنباء الأوروبية)

"اللهم احفظ أوكرانيا وشعبها".. "صلوا من أجل أوكرانيا"، الدعوات التي انهمرت على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ الاجتياح الروسي لكييف، أخفت وراءها سيلا من دعوات أخرى، بعضها لمغازلة اللاجئات الأوكرانيات، وبعضها الآخر يبحث عن سبل الاسترزاق من أوجاع الحرب، وعن طرق الاستفادة من الرعب المخيم على العالقين من مختلف الجنسيات العربية.

رغم طبول الحرب التي دقت منذ فجر أمس الخميس، فإن ذلك لم يمنع شركات تسهيل الهجرة من متابعة أعمالها.

ورغم حالة الهروب الكبير التي تشهدها المدن الأوكرانية، فإن الباب لا يزال مفتوحا أمام الراغبين في القدوم واستغلال الحدود المفتوحة، بدعوى أن الحرب ستنتهي قريبا، ولكن بالنهاية ستكون كسبت السفر المتاح، والدخول بلا تأشيرة، والتكلفة التي تنخفض إلى النصف، أما إذا لم ترغب في السفر لأوكرانيا، أمامك بولندا أو رومانيا، حسب ما تروج له تلك الشركات والأفراد أحيانا.

تجار الحرب

التجارة التي بدأها عرب على مجموعات التواصل في أوكرانيا مثل "شباب أوكرانيا" و"المغتربين في أوكرانيا" و"العرب في أوكرانيا" وغيرها، أعادت المشهد الشهير من فيلم "أميركا شيكا بيكا" للذاكرة، حين تعرض أبطال الفيلم للنصب على يد أحد وكلاء الهجرة، وكان مشهد فقدان حلمهم وعودتهم لمطار القاهرة بعد معاناة طويلة بلا طعام ولا شراب على أنغام أغنية "يعني إيه كلمة وطن؟" يشبه إلى حد كبير ما حدث على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية وما زال يحدث في أرض الحرب.

"يوجد سيارة الآن في كييف راح نطلع على لفيف.. التواصل على الخاص"، "الحصول على فيزا لتركيا وتأشيرة اللجوء، للراغبين في القدوم للأردن من الأوكرانيين مع توفير فرص عمل وتسهيلات الإقامة والسكن الخاص"، كانت تلك نماذج من المنشورات التي امتلأت بها المجموعات العربية في أوكرانيا، بعروض الاستفادة من رعب الحرب، سواء بالمساعدة المأجورة في الانتقال بين المدن الأوكرانية للابتعاد عن مواقع القصف، أو الرغبة من الاستفادة من الفراغ الأمني في الحدود الأوكرانية، لتسهيل الخروج من البلاد إلى الدول القريبة الأكثر أمانا في الوقت الحالي.

وتحت القصف لا تسأل عن المنطق، لا يمكن توجيه اللوم لأشخاص يحاولون النجاة بأنفسهم وأبنائهم من ويلات الحرب التي أعلنها القيصر، وسواء كانت تلك الرسائل لمواطنين أوكرانيين، أو عرب يريدون البحث عن مخرج مع وكالات السفر حتى لو كلفهم ذلك ارتكاب بعض الأخطاء في سبيل الهروب الآمن، ربما لا يحسبون عواقب الاختيار في اللحظات الحرجة.

وما يحدث في أوكرانيا، دفع الكثير من المهاجرين العرب إلى بث مقاطع فيديو للحرب عبر قنوات تم إنشاؤها بالتزامن مع اشتداد المعركة بين روسيا وأوكرانيا.

ومن أشهر تلك القنوات التي بدأت في نقل الأحداث من مواقعها كانت، قناة "صعيدي في أوكرانيا" التي أنشأها الصعيدي المصري وليد هريدي، يحكي فيها عن تجربته للهجرة في أوكرانيا، وعن الشعب الأوكراني، وحقيقة الزواج البسيط في أوكرانيا، ثم انتقل وليد لمتابعة شأن الحرب مع اشتداد الأزمة.

نقل وليد صورا حية من الأسواق الأوكرانية واختفاء السلع، وحالات النزوح عبر الحدود، لكنه فوجئ بمحاولات البعض استغلال الموقف، والإساءة لنساء أوكرانيا، واتخاذ الحرب وسيلة للسخرية أو تحقيق المكاسب سواء من عرب داخل أوكرانيا أو من خارجها.

يقول وليد للجزيرة نت "فاجأتني الأسئلة الواردة للقناة عن كيفية وصول اللاجئات الأوكرانيات والزواج منهن من مختلف البلدان العربية، والتعامل بمنطق أسرى الحرب، رغم أنهم بالأساس ليسوا شركاء في الحرب لا من قريب ولا من بعيد".

الأمر لم يتوقف عند حدود انتظار الغنائم، بحسب ما يقوله هريدي للجزيرة نت، "لكن أيضا سيل الإقامات المفتوحة بالبلدان العربية للاجئين الأوكرانيين، لم نر مثل هذا التعاون شديد الإخلاص مع الفارين من الدول العربية لأوكرانيا قبل سنوات بسبب الحرب في بلادهم".

الوجه الإنساني للأزمة

على الجانب الآخر من الحرب، وعلى الحدود القريبة مع أوكرانيا، قدم مصريون وعرب ممن استقر بهم المقام في روسيا أو بولندا أو رومانيا، يد المساعدة لهؤلاء العالقين في البلد المنكوب.

وعبر مجموعات السفر المنتشرة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك مثل مجموعة "ترافيل سيكريتس كلوب أوفيشال" (Travel Secrets Club Official)، قدم كثيرون دعوات لاستقبال منكوبي أوكرانيا، والاستعداد لاستقدامهم والإقامة في روسيا أو بولندا أو رومانيا حتى تستقر الأوضاع من دون مقابل، الأمر الذي اعتبره كثيرون ردا عمليا على حالة السخرية والاستهزاء التي سادت قبل أن يستشعر الجميع هول الكارثة.

المصدر : الجزيرة