أزواج يتحدثون.. هل يؤثر اختلاف المستوى الثقافي والدراسي على نجاح العلاقة المقدسة؟

الزوج الذي مستواه العلمي جيد لابد أن يتزوج زوجة متعلمة لكي لا ترهقه في تربية الاطفال لاحقا- (غيتي).
نجاح أو فشل الشراكة الزوجية قد يرتبط بجنس صاحب المستوى الثقافي الأعلى المرأة أم الرجل؟ (غيتي)

العلاقة الزوجية وتأسيس الأسرة أساس بناء المجتمعات والبلدان، حيث إن نجاح هذه العلاقة يسهم في تكوين مجتمع مثقف وناضج يغير مسار المستقبل نحو الأفضل، لكن الاختلاف بين الزوجين في الثقافة أو الدراسة ينشئ أحيانا حياة تعيسة لدرجة وقوع الطلاق، وهو ما يجعل كثيرين يطالبون بمراعاة هذه العوامل عند الإقبال على الزواج، وذلك بالبحث عن الشريك المناسب للمستويين الثقافي والتعليمي.

ويرى آخرون أن التوافق التعليمي والثقافي ليس بالضرورة سببا في التفاهم أو عدم الانسجام بين الزوجين، فذلك يرجع لمدى توافقهما الإنساني.

ولأهمية الموضوع في المجال الاجتماعي وتأثيره على الحياة الزوجية بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، قامت الجزيرة نت بجولة استطلاعية وطرحت السؤال التالي: هل يؤثر الاختلاف في المستويين الثقافي والدراسي بين الزوجين على نجاح العلاقة بينهما، وبالتالي نجاح الزواج؟ سؤال يتردد كثيرا في الأوساط الاجتماعية المختلفة، وربما يكون سببا من قبل أي من الطرفين لرفض أو قبول الزواج.

بدور الحاج تقول ان نظرية الاختلاف الثقافي يؤثر سلباً على العلاقات الزوجية هي خاطئة- (جزيرة نت).
بدور الحاج تقول إن مقولة الاختلاف الثقافي تؤثر سلبا على العلاقات الزوجية نظرية خاطئة (الجزيرة)

حياة سعيدة

ترى بدور الحاج أن المسؤولية تقع على عاتق الزوجين بعيدا عن أي اختلاف ثقافي أو دراسي، كما أن نظرية الاختلاف الثقافي تؤثر سلبا على العلاقات الزوجية هي خاطئة، وأكبر مثال على ذلك -كما تقول- أن هذا الاختلاف الموجود في حياتها لم يهدد الاستقرار الزوجي، فهي معلمة في المدرسة، وزوجها يعمل في السلك الأمني في الدولة، وتصر على أن الاختلاف -سواء كان ثقافيا أو تعليميا- هو حالة إيجابية بين الزوجين تصل بهما إلى خلق حياة سعيدة بعيدة عن المشاكل.

وتؤكد أن زوجها لم يشعر بعقدة النقص كونه لم ينه تعليمه الدراسي وارتبط بفتاة جامعية، فهو أراد بناء بيت الزوجية على أساس تكوين البيت الجديد وما ينتظره الزوجان من أطفال وما يبذلانه في سبيل تربيتهم، بعيدا عن حسابات التكافؤ في التحصيل العلمي.

كما أنها لم تواجه مشاكل أو صعوبة بالتفاهم معه، والأهم أنها لم تجعله يشعر بأنه أدنى منها في المستوى التعليمي، فهما يتشاركان في كل التفاصيل، ولم يصطدما يوما على مسألة تربية الأطفال، كما أنها تجد أن هنالك نسبة طلاق تحدث نتيجة أمور حياتية أخرى لا علاقة لها بالمستويين التعليمي والثقافي.

علي العميري يصر على انه يجب على الزوجين حسم قرارهما تجاه تلك الفوارق قبل انعقاد الزواج، سواء بالقبول أو الرفض- (جزيرة نت)
علي العميري يصر على أنه يجب على الزوجين حسم قرارهما تجاه الفوارق قبل انعقاد الزواج سواء بالقبول أو الرفض (الجزيرة)

تأثيرات فرق التعليم

من جهته، يعتبر علي العميري -وهو مهندس في الاتصالات- أن الزوج الذي مستواه العلمي جيد لا بد أن يتزوج بمتعلمة كي لا ترهقه في تربية الأطفال لاحقا، فزوجته لم تكمل تحصيلها العلمي، وهذا خلق فجوة بينهما، خصوصا في تربية الأطفال وجعلهما على غير توافق، وكثرت الشجارات بينهما لعدم وجود تفاهم، فهي ربة منزل لا تحمل مؤهلا علميا.

ويشعر علي بالمعاناة مع زوجته لدى حدوث حوار أو نقاش بشأن أمور معينة لها علاقة بعمله أو ما شابه ذلك، فالمرأة المتعلمة وذات المستوى العلمي أفضل بكثير من المرأة الأمية، وربما يصطدم الزوج في تعامله وتعليمه وتربية أطفاله فيما بعد، وهذا ما حدث معه كما يقول للجزيرة نت.

ولهذا يرى أن الاختلاف سيكون له تأثير قوي في العلاقة الزوجية، خاصة لو كانت الزوجة هي الأعلى ثقافيا ودراسيا ومهنيا، لما سيسببه ذلك من تأثيرات نفسية سيئة على الزوج، والعكس كذلك.

وينهي علي حديثه مؤكدا على أنه يجب على الزوجين حسم قرارهما تجاه تلك الفوارق قبل إتمام الزواج، سواء بالقبول أو الرفض، كما يجب عليهما العمل على إيجاد تقارب فكري بينهما كون ذلك سيسهم في نجاح العلاقة.

الاختصاصية في علم الاجتماع التربوي ماغي الخطيب تعتبر ان الاختلاف الثقافي والتعليمي بين الزوجين يلعب دورا" رئيسيا في فشل العلاقات الزوجية- (جزيرة نت).
الاختصاصية التربوية ماغي الخطيب: الاختلاف الثقافي بين الزوجين يلعب دورا رئيسيا في فشل العلاقات الزوجية (الجزيرة)

الوعي والاقتناع

وترى المختصة في علم الاجتماع التربوي ماغي الخطيب أن الاختلاف الثقافي والتعليمي بين الزوجين يلعب دورا رئيسيا في فشل العلاقة الزوجية، الأمر الذي يدفع المقبلين على الزواج للتفكير بعدم الارتباط بشركاء أقل في المستوى الثقافي.

وتبين في حديثها للجزيرة نت أن الأمر قد يختلف من مجتمع لآخر، فالأمور نسبية، فقد يرى البعض في هذا الاختلاف ركيزة أساسية في تجسير العلاقة والتفاهمات الزوجية الجديدة، وتوليد أفكار متنوعة ومختلفة تغني الحياة الزوجية وتعززها.

وتوضح الخطيب أن البعض الآخر يرى أن هذا الاختلاف على هذا المستوى يؤدي إلى فشل المؤسسة الزوجية نتيجة تزايد المشاحنات الناتجة عن اختلاف الآراء والقناعات ووجهات النظر وطرق التفكير والنظرة إلى الأمور، خاصة أنه بعد الزواج يصطدم الزوجان بمجموعة من العقبات والتحديات على مختلف الأصعدة -منها الاجتماعية والعاطفية والاقتصادية والمعيشية- تتطلب من الطرفين الاتفاق على قرارات مصيرية مشتركة.

بعد الزواج يصطدم الزوجين بمجموعة من العقبات والتحديات على مختلف الاصعدة منها الاجتماعية، العاطفية، الاقتصادية، والمعيشية تتطلب من الطرفين الاتفاق على قرارات مصيرية مشتركة- (غيتي).
بعد الزواج يصطدم الزوجان بعقبات وتحديات تتطلب من الطرفين الاتفاق على قرارات مصيرية مشتركة (غيتي)

عوامل مؤثرة

وتشير الاختصاصية الخطيب إلى أن هناك مجموعة عوامل تلعب دورها، ومنها مدى قناعة ورضا كل طرف بالشريك وكل ما يتعلق به، وبأن كل منهما يكمل الآخر، أو سيطرة أحد الطرفين على الآخر نتيجة الجهل وعدم المعرفة، أو رغبة أحدهما بإلغاء رأي الطرف الأقل ثقافة والاستخفاف به لمجرد أن الأول على قدر أعلى من الثقافة والتعليم واعتقاده بأنه يحتكر المعرفة في كل المجالات.

وفضلا عن العامل العاطفي ومدى استمراره وطبيعته، فمنهم من يعتبر الحب امتلاكا للآخر، ومنهم من يعتبره فسحة أمل إيجابية وانعكاسا له، و"لا يمكن أن نغفل عاملا أساسيا في مجتمعاتنا الشرقية والذي يمكن أن يكون له الأثر المباشر في نجاح أو فشل الشراكة الزوجية والمرتبط بجنس صاحب المستوى الثقافي الأعلى، هل هي المرأة أم الرجل؟".

وتضيف الاختصاصية أن الحد الفاصل في هذا الموضوع يبقى مدى وعي الشريكين ونظرة كل منهما للآخر وللمؤسسة الزوجية، واقتناع كل منهما بالشريك بغض النظر عن الفروقات الثقافية والتعليمية وغيرها، حيث إنه قد تستمر الحياة الزوجية خالية من حضور عناصر الفارق الثقافي المقصود في حياة الشريكين اليومية، وقد تكون حاضرة وتشكل عامل فشل أو نجاح للحياة والمؤسسة الزوجية، حسب قولها.

المصدر : الجزيرة