علي باكثير

علي أحمد باكثير - الموسوعة

شاعر روائي وكاتب مسرحي مصري يمني، ولد بإندونيسيا ونشأ باليمن وعاش في مصر. كتب عشرات القصائد والروايات والمسرحيات التي كرسها لمقاومة الاستعمار والاستبداد، مُثَّل بعضها مسرحيا وسينمائيا. نال الريادة في أصناف أدبية عدة حتى وُصف بأنه "المبدع الذي جمع بين السلفية والمعاصرة".

المولد والنشأة
ولد علي بن أحمد بن محمد باكثير الكِندي يوم 15 ذي الحجة 1328هـ الموافق 21 ديسمبر/كانون الأول 1910، في مدينة سورابايا بإندونيسيا لأسرة عربية من كِندة أصلها من حضرموت باليمن.

سافر به والده -حين بلغ الثامنة- إلى حضرموت ليتربى فيها تربية عربية إسلامية مع إخوته لأبيه، فعاش في مدينة سيؤون بحضرموت حيث تلقى تعليمه العربي والديني الأولي في الكُتاب، ودخل مدرسة "النهضة العلمية" فدرس فيها العربية والشريعة، ونظم الشعر في الثالثة عشرة من عمره. تزوج مرات باليمن ومصر لكنه لم ينجب سوى ابنة واحدة توفيت وهي طفلة.

الدراسة والتكوين
غادر باكثير حضرموت 1932 فزار عدن والصومال والحبشة، ثم توجه إلى مكة المكرمة قاصدا الحج ومنها سافر إلى مصر 1934، وهناك درس في جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة لاحقا) فنال الإجازة في الآداب من قسم اللغة الإنجليزية 1939، ودبلوم معهد التربية للمعلمين 1940، ودرس الفرنسية في بعثة تعليمية إلى فرنسا.

التوجه الفكري
تأثر باكثير بأفكار الإحياء الإسلامي التي نشرتها -مطلع القرن العشرين- مدرسة الإمام محمد عبده، وتعمقت لديه بمطالعاته ولقاءاته بأبرز رجال هذا التوجه مثل محمد رشيد رضا ومحب الدين الخطيب، كما تميز إنتاجه الأدبي شعرا ورواية ومسرحيات بالجمع بين الرؤية الإسلامية والنزعة الإنسانية.

الوظائف والمسؤوليات
مارس باكثير التدريس 14 عاما في المنصورة والقاهرة، وبعد نيله الجنسية المصرية 1951 عمل في مصلحة الفنون بوزارة الثقافة والإرشاد القومي 1955، ثم تحول إلى قسم الرقابة على المصنفات الفنية وظل يعمل فيه حتى توفي، كما كان عضوا في لجنة الشعر بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب.

تلقى عرضا من جامعة لندن 1962 للتدريس فيها بقسم الدراسات الشرقية والأفريقية، وعرضت عليه الإذاعة البريطانية التعاون مع برامجها الأدبية والثقافية.

التجربة الأدبية
عندما وصل باكثير إلى مصر كان قد أصبح شاعرا مشهورا لدى المهتمين بالأدب والفكر، فقد لاح نبوغه الأدبي مبكرا ونظم مطولته "نظام البردة" وهو في الحجاز 1932، كما كتب أول عمل مسرحي شعري له وهو "همام.. أو في بلاد الأحقاف"، لكن مقامه بمصر منحه فرصة كبرى لتعميق تجربته الأدبية فنشر كبرى قصائده في صحفها ومجلاتها الأدبية باسم "نزيل القاهرة".

أثناء دراسته الجامعية بالقاهرة تعرف على أدب وليام شكسبير فغير مسيرته الأدبية متحولا من الشعر إلى الرواية، ومن المسرحية الشعرية إلى المسرحية النثرية.

ترجم مسرحية "روميو وجولييت" لشكسبير بالشعر المرسل 1936، وكتب 1940 أولى مسرحياته بمصر "إخناتون ونفرتيتي" بالشعر الحر، ليكون بذلك رائد هذا النمط من النظم في الأدب العربي.

كتب العديد من المسرحيات السياسية والتاريخية ذات الفصل الواحد وكان ينشرها بالصحف والمجلات السائدة آنذاك، وقد أصدر منها في حياته ثلاث مجموعات.

أنجز 1963 -خلال منحة تفرغ- ثاني أطول ملحمة مسرحية عالميا وهي "ملحمة عمر" الإسلامية (19 جزءا)، كما كتب لأول مرة ثلاثية مسرحية عن غزو نابليون لمصر: "الدودة والثعبان"، و"أحلام نابليون"، و"مأساة زينب".

ويسجل له أنه كان أول من عالج قضية فلسطين في المسرح العربي (مسرحية "شيلوك الجديد")، وأول من كتب الأوبريت باللغة العربية الفصحى، ويأتي تاليا لتوفيق الحكيم في عدد المسرحيات.

توفي وشعره إما مخطوط أو مفرق في الصحف والمجلات التي كانت تنشره، وقد جُمع ديوانه الأول "أزهار الربى في أشعار الصبا" الذي يضم قصائده التي قالها قبل مغادرته حضرموت، وطُبع 1987، كما طبع له ديوان ثان 2008.

وظف باكثير أعماله الأدبية في مقاومة الاستعمار والصهيونية والشيوعية والاستبداد السياسي، فحاربه اليساريون الذين تولوا مقاليد الثقافة والفن بمصر بعد ثورة 1952، وضيقوا على أعماله الأدبية والمسرحية.

المؤلفات
تنوع إنتاج باكثير الأدبي، ومن أشهر أعماله "وا إسلاماه"، و"الثائر الأحمر"، و"سر الحاكم بأمر الله" و"سر شهر زاد" التي ترجمت إلى الفرنسية، و"مأساة أوديب" التي ترجمت إلى الإنجليزية.

مُثلت روايته "وا إسلاماه" 1961 في فيلم سينمائي باللغتين العربية والإنجليزية، وقـُدم عمله الشعري أوبريت "الشيما.. شادية الإسلام" وروايته "سلاّمة القَس" في فيلمين سينمائييْن.

الجوائز
كُرم باكثير بجوائز وأوسمة كثيرة، منها: جائزة وزارة المعارف 1945 عن رواية "وا إسلاماه"، وجائزة وزارة الشؤون الاجتماعية عدة مرات، وجائزة المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية 1960، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب 1962، ووسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى 1963، ووسام عيد العِلم ووسام الشعر.

ومنحته -بعد وفاته- دولة اليمن الجنوبية (سابقا) وسام الآداب والفنون 1985، والجمهورية اليمنية (بعد الوحدة) وسام الاستحقاق في الأدب والفنون 1998.

الوفاة
أصيب علي باكثير بأزمة قلبية مفاجئة فتوفي بالقاهرة غرة رمضان 1389هـ الموافق 10 نوفمبر/تشرين الثاني 1969، ودفن في مقبرة عائلة زوجته المصرية بمدافن الإمام الشافعي.

المصدر : الجزيرة