دينغ شياو بينغ.. مهندس الإصلاح الصيني

Visitors pose for a picture in front of a picture of the late Chinese leader Deng Xiaoping in Shenzhen, in southern China's Guangdong province, August 19, 2014. Friday marks the 110th anniversary of the birth of Deng, who led reforms that turned China into a market economy and implemented a "One country, two systems" policy for post-colonial Hong Kong and Macau. REUTERS/Tyrone Siu (CHINA - Tags: POLITICS ANNIVERSARY)

الدراسة والتكوين
دخل المدرسة الابتدائية عام 1911، وهو نفس التوقيت الذي أطيح فيه بالإمبراطور "بو يي" آخر أباطرة الصين. التحق بمدارس المقاطعة حتى الثانوية العامة، ثم سافر إلى فرنسا مطلع العشرينيات للعمل والدراسة، وعاد عام 1927.

الوظائف والمسؤوليات
شغل دينغ شياو بينغ منصب مدير القسم السياسي للحزب الشيوعي عام 1945. بعد انتهاء الحرب الأهلية وتأسيس الجمهورية عام 1949، تولى منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس لجنة الشؤون المالية، ومن ثم وزيرا للمالية.

وعام 1954 عين أمينا عاما للجنة المركزية لـ الحزب الشيوعي الصيني، وعام 1975 تم تكليفه بتسيير شؤون البلاد كنائب لرئيس مجلس الوزراء. أجبر بعد ذلك على التنحي من منصبه بالحزب لخلافات مع زملائه الذين ألصقوا به العديد من التهم، لكنه عاد للحياة السياسية في سبتمبر/أيلول 1976 وتولى عام 1978 المكانة القيادية الأعلى بالصين وهي رئيس اللجنة العسكرية المركزية، إلى أن استقال واعتزل العمل السياسي عام 1989.

التجربة السياسية
في عاصمة فرنسا أبصر دينغ شياو بينغ، مبادئ الماركسية حيث انضم عام 1921 لرابطة الشباب الشيوعيين الصينيين في أوروبا، بقيادة الزعيم الصيني الراحل "شو إن لاي" وبعد ثلاث سنوات انضم إلى الحزب الشيوعي الصيني، وعام 1926 غادر إلى باريس، ومن ثم توجه إلى موسكو لدراسة الماركسية اللينينية قبل أن تطلب منه الأممية الشيوعية (الكومنترن) العودة إلى الصين عام 1927.

وحين عاد نشط في الدعوة إلى أفكاره الجديدة، وفي أقصى الجنوب التقى الزعيم الراحل ماو تسي تونغ، فنشأت بينهما صداقة وطيدة دعمها نفور الاثنين من التدخل المباشر لموسكو في شؤون الحزب الشيوعي الصيني في شنغهاي.

مع إعلان قيام الإمبراطورية الشعبية علا نجم دينغ شياو بينغ، وتسارع صعوده، فبعد أن كان ترتيبه الـ 28 في التسلسل القيادي للحزب الشيوعي عام 1945، أصبح سكرتيره العام عام 1956.

جاهر بخلافه مع العديد من شعارات الثورة الثقافية، وكلفه ذلك الإبعاد القسري عن الحياة السياسية مطلع السبعينيات حيث ألقي به في صحراء شنغيانغ وعمل في تنظيف مقار اللجنة المركزية للحزب.

كان رفيق نضال وموضع ثقة ماو تسي تونغ (مؤسس الصين الجديدة) لكن ذلك لم يكبح جرأته المعهودة فأعلن خلافه مع مقولة "من الأفضل أن نبقى فقراء في ظل الاشتراكية على أن نغتني في ظل الرأسمالية" وأكد أن "الفقر ليس اشتراكية." وحتى تعليقه المشهور حول "لون القط لا يهم طالما أنه يصطاد الفئران" فقد جاء إثر خلاف فكري عام 1961 حول تطوير الإنتاج الزراعي.

كان دينغ شياو بينغ يعلم أن فتح الأبواب والنوافذ على مصراعيها سيؤدي إلى تسرب "الذباب"، فاكتفى بفتح أبواب الصين الاقتصادية ببطء وخطوات محسوبة، وأبقى على أبواب السياسة موصدة.

عام 1989، لم يمانع شياو بينغ في سحق الحركة الطلابية الديمقراطية، ثم استقال من رئاسة اللجنة العسكرية المركزية، ثم تقاعد عن العمل السياسي، مُقدّما بذلك نموذجا على ضرورة الانتقال السلس للسلطة وفسح المجال أمام جيل جديد لقيادة المسيرة.

الإنجازات
يعتبر الانتقال من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق واحدا من أهم إنجازات دينغ شياو بينغ التي ساهمت في أن تتبوأ الصين مكانتها الحالية. ومن ثمار أفكاره الانفتاحية التوقيع على معاهدة السلام والصداقة مع اليابان عام 1978.

وفي يناير/كانون الثاني 1979، وخلال زيارة إلى الولايات المتحدة، تمكن دينغ شياو بينغ من إعادة العلاقات مع واشنطن وانتزاع اعترافها رسميا ببلاده.

كما أخرج الصين من عزلتها الدولية المزمنة، لكن اقترابه الكبير من واشنطن والقوى العالمية الكبرى لم يبعده كثيرا عن الدول النامية ولم يؤثر على موقفه في دعم حركات التحرر الوطني. فقد وصفه الزعيم الصيني ماو تسي تونغ بأن يبدو مرنا في ظاهره لكنه صلب في جوهره كإبرة في كومة قطن.

حقق حلما طالما انتظره مواطنوه وهو التفاوض الناجح مع البريطانيين لإعادة هونغ كونغ للحضن الصيني عام 1997، دون أن يتمكن من أن يشهد تحقيق هذا الحلم بعينه، حيث وافته المنية قبل أشهر معدودة.

الوفاة
توفي دينغ شياو بينغ يوم 19 فبراير/شباط 1997 بالعاصمة بكين عن عمر ناهز 93 عاما، مخلفا إرثا سياسيا وإسهامات سيتذكرها الصينيون كشاهد على نهضة بلدهم من التخلف إلى مكانة متقدمة.

المصدر : الجزيرة