قيادات إسلامية بنغالية أعدمتها حسينة واجد

هي أسماء بارزة تزعمت العمل الإسلامي ببنغلاديش ضمن صفوف حزب الجماعة الإسلامية قبل انفصال بنغلاديش (باكستان الشرقية) عن دولة باكستان عام 1971، أعدمها النظام القائم في بنغلاديش عبر بوابة محكمة خاصة أنشأها لهذا الغرض.

خصوم النظام شككوا في استقلالية المحكمة واتهموها بكونها أداة لتنفيذ إرادة سياسية تستهدف إعدام قيادات المعارضة دون أدلة وبالاعتماد على شهود "سمعوا"، وعلى قصاصات جرائد، لكن الادعاء العام يؤكد أن تلك القيادات تورطت في جرائم حرب إبان معارك الانفصال، واستحقت الإعدام أو المؤبد.

والمحكمة التي أنشأتها سلطات بنغلاديش لجرائم الحرب لا تجد تأييدا من الأمم المتحدة رغم اسمها الذي يوحي بذلك، وقد قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن إجراءاتها قاصرة عن المعايير الدولية.

وفيما يلي بعض الشخصيات التي اعتقلت وأعدمت أو توفيت داخل السجن:

عبد القادر ملا
قيادي وسياسي بارز ولد في بنغلاديش عام 1948، وكان أول قيادي من حزب الجماعة الإسلامية يتم إعدامه على خلفية اتهامات بالتورط في جرائم قتل إبان حرب الانفصال عن باكستان عام 1971.

أدين عبد القادر ملا في فبراير/شباط 2013 بالتهم المنسوبة إليه وصدر عليه حكم بالإعدام.

واتهم ملا بارتكاب ما وصفته المحكمة بجرائم ضد الإنسانية إبان حرب الانفصال عن باكستان عام 1971، وهي تهم نفاها ملا جملة وتفاصيل، وأكد الحزب أن المحاكمة سياسية.

وقد حكم على الملا في البداية بالمؤبد، لكن الحكم لم يرض النظام القائم فاضطر إلى تعديل القانون بما يسمح للنظام بالطعن في الأحكام النهائية للمحكمة.

أعدم عبد القادر ملا في 12 ديسمبر/كانون الأول 2013 بالسجن المركزي بالعاصمة دكا، وقد أعلنت جماعات حقوقية أن المحكمة لم تلتزم بالمعايير الدولية.

شيع جثمان عبد القادر ملا في مسقط رأسه مدينة فريدبور بحضور المئات من المشيعين، وعلى الرغم من إجراءات الأمن المشددة، سقط أربعة قتلى في أعمال عنف رافقت الاحتجاجات على إعدامه.

وسمحت السلطات لعائلة ملا، بلقاء أخير معه وقالت إنها وجدته "هادئا"، وقال نجله حسن جميل لوكالة الأنباء الفرنسية وقتها "لقد قال لنا إنه فخور بأن يكون شهيدا".

وندد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بإعدام ملا، وحمَّل حكومة بنغلاديش المسؤولية عما يتعرض له المسلمون من ظلم واضطهاد، وخاصة العلماء والدعاة.

علي إحسان محمد مجاهد
ولد علي إحسان مجاهد في يناير/كانون الثاني 1948 بقرية زريف دانجي بمدينة فريدبور غرب العاصمة دكا، وكان والده محمد علي عضوا بلجنة السلام إبان حرب الانفصال عن باكستان.

درس علي إحسان المرحلة الابتدائية بقريته، والتحق عام 1959 بمعهد فضل الحق وتخرج فيه.

ترأس علي إحسان منصب الأمين العام لحزب الجماعة الإسلامية التي التحق بها قبل إنهاء دراسته الجامعية في دكا.

كما شغل منصب وزير في الحكومة الائتلافية بين حزبي الجماعة الإسلامية وحزب بنغلاديش القومي بين 2001 و2007. 

وبعد صدور حكم الإعدام عليه تقدم علي إحسان بالطعن الذي رفضته المحكمة وأيدت الحكم بإعدامه، بتهم عديدة بينها التعذيب وقتل مثقفين هندوس خلال حرب الانفصال عن باكستان عام 1971.

أعدم الأمين لحزب الجماعة الإسلامية علي إحسان مجاهد يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، في نفس اليوم الذي أعدم فيه صلاح الدين قادر تشودري، البرلماني عن حزب بنغلاديش الوطني الذي تتزعمه رئيسة الوزراء السابقة خالدة ضياء.

محمد قمر الزمان
قيادي بحزب الجماعة الإسلامية ولد في 4 يوليو/تموز 1952 بإحدى قرى مدينة شيربور ببنغلاديش.

أصدرت المحكمة الدولية الجنائية الخاصة في بنغلاديش حكم الإعدام على قمر الزمان يوم 9 مايو/أيار 2013، بتهمة المشاركة في حرب الانفصال عن باكستان والتسبب في مقتل العشرات، وهي التهمة التي نفاها الدفاع، في وقت ما فتئت قيادات معارضة تتهم النظام بتلفيق التهم لتصفية خصوم سياسيين بارزين.

ووصفت الجماعة الإسلامية الحكم بأنه متناقض؛ لأن قمر الزمان كان شابا وقت معارك الانفصال، واتهامه بالتحكم في الضباط الباكستانيين أمر "مضحك"، خاصة أن الوثائق التي اعتمدت في الاتهام لم تعرض على المحكمة، كما أن جل الشهود كانوا "شهودا سماعيين".

وعقب صدور حكم الإعدام، قال قمر الزمان وهو جالس في قفص الاتهام "إن هذا الحكم سيئ جدا، ومن أعلن هذا الحكم سيقف بلا شك في قفص عدالة التاريخ، والتاريخ لن يرحم من نطق بهذا الحكم السيئ جدا، وأنا اليوم وقعت ضحية السياسة وأنا بريء من جميع التهم الموجهة إلي".

أعدم قمر الزمان يوم 11 أبريل/نيسان 2015 بالسجن المركزي بالعاصمة دكا.

مطيع الرحمن نظامي
قيادي إسلامي بنغالي رأى النور عام 1943 في بنغلاديش، وقضى فترة الدراسة بالمدارس وحمل شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة دكا.

انضم مطيع الرحمن عام 1960 إلى الرابطة الإسلامية في باكستان التي حلت عام 1971 لمعارضتها الانفصال عن باكستان، وانتخب عامي 1991 و2001 نائبا في البرلمان، واختير رئيسا لحزب الجماعة الإسلامية عام 2001، وعين وزيرا للزراعة عام 2001، وفي عام 2003 اختير وزيرا للصناعة حتى 2006.

اعتقل مطيع الرحمن عام 2011 بتهمة تهريب السلاح إلى الهند، وفي يناير/كانون الثاني 2014 صدر عليه حكم بالإعدام، كما صدر حكم آخر بإعدامه في أكتوبر/تشرين الأول 2014 من طرف المحكمة الدولية البنغالية، حيث اعتبرته مشاركا بدور أساسي في ارتكاب "جرائم إبادة" خلال الانفصال.

وشددت قيادة حزب الجماعة الإسلامية على أن حكم الإعدام على مطيع الرحمن أملته حسابات سياسية للنظام القائم الذي يريد التخلص من قيادات التنظيم القوي بالبلاد وتشتيته من خلال الإعدامات والاعتقالات التي لا تكاد تنتهي.

وبعد صدور حكم الإعدام علق عليه مطيع الرحمن بقوله إن "التهم الموجهة إلي مستوحاة من عالم الخيال، وهي أكذوبة التاريخ، حيث لا توجد أدنى علاقة لي بأي من التهم الموجهة إلي".

ووصفت منظمة "لا سلم بغير عدل" -التي يوجد مقرها بإيطاليا– إجراءات المحكمة بأنها "سلاح انتقام سياسي هدفه الحقيقي استهداف المعارضة السياسية"، كما أعربت هيومن رايتس ووتش عن "قلقها بشأن ما إذا كان المتهم تلقى محاكمات عادلة"، وقالت منظمة العفو الدولية "صدمنا من قرار المحكمة العليا بتأكيد إدانة مطيع الرحمن نظامي والحكم بإعدامه".

نفذت السلطات في بنغلاديش حكم الإعدام في مطيع الرحمن نظامي يوم الثلاثاء 10 مايو/أيار 2016 رغم مناشدات محلية ودولية بالعدول عن ذلك، بتهم بارتكاب أعمال إبادة جماعية والتعاون مع الجيش الباكستاني خلال حرب الانفصال عام 1971، وسط ترحيب أميركي بما قيل إنه "تنفيذ العدالة" ضد من ارتكبوا "الفظائع" ضد الشعب البنغالي.

مير قاسم علي
ولد مير قاسم علي عام 1953، وشغل عضوية اللجنة التنفيذية المركزية لحزب الجماعة الإسلامية، وهو رجل أعمال بارز في البلاد ويدير شركات في مجالات متعددة.

اعتقل مير قاسم يوم 17 يونيو/حزيران 2012 وأدين بارتكاب "جرائم حرب"، وحكم عليه بالإعدام يوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2014.

أيدت المحكمة العليا في بنغلاديش يوم 8 مارس/آذار 2016 حكما بإعدام مير قاسم علي بتهم ارتكاب ما وصفته بأنه جرائم حرب أثناء حرب الانفصال عن باكستان عام 1971 وشملت -بحسب المحكمة- قتل وتعذيب مناضلين من أجل الحرية.

ووصفت عائلة مير قاسم علي -في بيان لها بعد صدور قرار الإعدام- الحكم بأنه ضد منطق العدالة، موضحة أن ما قدمته المحكمة لا يدين مير قاسم بالتهمة المنسوبة إليه، واستندت إلى تصريح لقاضي القضاة ورئيس المحكمة العليا "أس كي سنها" خلال جلسات المرافعة أكد فيه أن الوثائق التي قدمها فريق الادعاء العام ليست كافية لإدانته في هذه القضية، وتحدث البيان عن تهديدات وجهت إلى رئيس المحكمة العليا من مسؤولين حكوميين بخصوص ملف مير قاسم علي، حيث تم تأجيل موعد النطق بالحكم مما أثار تساؤلات عدة بخصوص استقلالية القضاء.

وانتقدت المعارضة محاكمات قيادات الجماعة الإسلامية ووصفتها بأنها محاكمات سياسية، كما دعت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان لها السلطات البنغالية إلى إلغاء عقوبة الإعدام الصادرة على مير قاسم علي، العضو البارز في المجلس التنفيذي المركزي لحزب الجماعة الإسلامية، مطالبة الحكومة بإجراء محاكمة جديدة تفي بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

ونفذ حكم الإعدام شناق بحق مير قاسم علي في 3 سبتمبر/أيلول 2016 في سجن مشدد الحراسة على مشارف العاصمة دكا.

غلام أعظم
ولد غلام أعظم عام 1923، وشغل منصب أمير الجماعة الإسلامية.

اعتقل غلام أعظم يوم 11 يناير/كانون الثاني 2012 وعمره وقتها نحو 89 عاما.

أصدرت المحكمة يوم 17 يوليو/تموز 2013 حكما بالسجن 90 عاما في حق غلام أعظم، بالتهمة نفسها التي أعدم لأجلها لاحقا بعض من رفقائه، وهي ارتكاب "جرائم حرب" أثناء حرب انفصال بنغلاديش عن باكستان.

وفي المرافعة النهائية شدد محامو الدفاع على أن قانون المحكمة ينص على أن "تهمة المسؤولية المطلقة يتحملها فقط كل من كان يحمل رتبة القائد العام، أو صفة مسؤول عال" وذلك إبّان حرب الانفصال عن باكستان، مما يعني تبرئة مباشرة لغلام أعظم من كل التهم الموجهة إليه، لأنه لم يكن يحمل وقتها أيا من الصفتين "فهو لم يكن قائدا عسكريا لقوة نظامية، ولم يكن مسؤولا كبيرا في ميليشيات أو في حزب سياسي بعينه".

المثير أن رئيس المحكمة وقتها القاضي فضل كبير أعلن -في مستهل النطق بالحكم- أن النيابة العامة لم تقدم الأدلة المطلوبة لإدانة غلام أعظم رافضا أن تكون لشهادة "السامعين" قيمة قانونية، علما بأن مصادر الجماعة الإسلامية أكدت وقتها أن "الأدلة" التي قدمتها النيابة العامة كانت عبارة عن قصاصات من جرائد يومية كانت تصدر عامي ١٩٧١ و١٩٧٢، وكانت تحتوي على تفاصيل حول لقاء غلام أعظم بالرئيس الباكستاني وقتها يحيى خان ومسؤولين باكستانيين آخرين.

لقي غلام أعظم ربه داخل المعتقل يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول 2014.

أبو الكلام محمد يوسف
ولد الشيخ أبو الكلام محمد يوسف في فبراير/شباط عام 1926 في قرية شورونخولا التابعة لإقليم باغيرهات في بنغلاديش. دشن مساره الدراسي بالقرية، ثم التحق بالمدرسة الإعدادية في منطقة راينداه، ثم بتشجيع من والدته التحق بمدرسة غالوا الثانوية في مدينة بريسال.

وبفضل تفوقه، فاز أبو الكلام بمنحة حكومية لمواصلة دراسته العليا في تخصص التاريخ الإسلامي، وتخرج من مرحلة التعليم العالي عام 1952 وهو يحمل لقب "ممتاز المحدثين"، وهو أرفع لقب لعلماء الحديث في بنغلاديش.

انضم أبو الكلام إلى الجماعة الإسلامية قبل الانفصال، وترأس فرعها بمدينة خولنا بين 1956 و1957، واختير لاحقا نائبا لأمير الجماعة الإسلامية  لباكستان الشرقية (بنغلاديش حاليا) وظل في هذا المنصب حتى إعلان قيام دولة بنغلاديش.

شغل الشيخ يوسف عضوية مجلس الشورى للجماعة الإسلامية بين 1962 و1971 تحت قيادة الشيخ أبي الأعلى المودودي في ذلك الوقت، عندما كان البروفيسور غلام أعظم أمير الجماعة الإسلامية لباكستان الشرقية. وبعد الانفصال، شغل أبو الكلام منصب الأمين العام للجماعة الإسلامية لأربع فترات، ثم عين لاحقا نائبا لأمير الجماعة الإسلامية.

وبعد نحو أربعين عاما من أحداث 1971، أصرت السلطة الحاكمة في بنغلاديش على اعتقال القيادات البارزة في الجماعة الإسلامية ومحاكمتهم بتهم المشاركة في ارتكاب جرائم حرب إبان حرب الانفصال، وكان الشيخ أبو الكلام من بين المعتقلين في مايو/أيار 2013.

ويؤكد أنصار الجماعة الإسلامية أن الادعاء العام لم يقدم أي أدلة تثبت تورط قيادات الجماعة -وبينهم أبو الكلام- في التهم الموجهة إليهم، وظل يكتفي بإيراد شهادات شهود "سمعوا"، إلى جانب قصاصات جرائد كانت تصدر في ذلك الوقت.

وبعد حياة حافلة عمل فيها على الدفع بعجلة التنمية في بلاده ومساعدة الفقراء، وتمثيل بنغلاديش في محافل ومؤتمرات دولية في آسيا والشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة، توفي الشيخ أبو الكلام محمد يوسف فجر الأحد 9 فبراير/شباط 2014 داخل مستشفى نقل إليه من السجن بعد تدهور حالته الصحية، حيث كان يعاني من عدة أمراض مزمنة من بينها السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية