تودنهوفر.. ألماني في ضيافة البغدادي

بلا حدود- يورغن تودنهوفر ألماني حصل على أمان البغدادي
سياسي وإعلامي وناشر ألماني اشتغل قاضيا ونائبا برلمانيا، اشتهر بلقاءاته مع ديكتاتور تشيلي بينوشيه والمقاتلين الأفغان وبشار الأسد، غير أن أكثر ما لفت الانتباه إليه عام 2014 تجوله في الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة من الرقة السورية حتى الموصل العراقية بترخيص من زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي.
 
المولد والنشأة
ولد يورغن تودنهوفر يوم 12 نوفمبر/تشرين الثاني 1940 لأب كان قاضيا.
 
الدراسة والتكوين
درس الحقوق والعلوم السياسية في جامعات ميونيخ وبون وباريس وفرايبورغ التي حصل منها على شهادة الدكتوراه في القانون.

الوظائف والمسؤوليات
في 1972 عُين قاضيا في مدينة كيزرسلاوتن. وانتخب نائبا برلمانيا في السنة نفسها وظل نائبا بالمؤسسة التشريعية (بوندستاغ ) على مدى 18 عاما.

التوجه الفكري
أيد توحيد الألمانيتين، وكان من دعاة خفض الأسلحة الباليستية، بالإضافة إلى انتقاده للسياسة الغربية في العالم الإسلامي.

التجربة السياسية
التحق عام 1970 بحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، ثم ما لبث أن أصبح مساعد أمينه العام برونو هيغ في بون.

لفت إليه الأنظار بمبادراته المفاجئة، حيث سافر عام 1975 لمقابلة ديكتاتور التشيلي أوغيستو بينوشيه، وأثمر اللقاء إطلاق سراح نحو أربعة آلاف معتقل سياسي.

سافر عام 1980 برفقة مصور صحفي إلى أفغانستان إبان الغزو السوفياتي.

تقاعد من العمل السياسي عام 1990 قبل أن يعود إليه مجددا بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، حيث عارض الحرب على كل من أفغانستان والعراق.

سافر إلى الجزائر أثناء حرب التحرير ضد الاحتلال الفرنسي، كما سافر إلى كل من ليبيا خلال الثورة ضد معمر القذافي، ومصر أثناء ثورة 25 يناير.

انتُقد بشدة بعد لقائه الرئيس بشار الأسد، لكنه التقى كذلك بقادة فصائل معارضة مسلحة.

فاجأ كثيرين بحصوله على صك أمان وقعه زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2014، مكنه هو والوفد المرافق له من حرية التجول في الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم، دون أن يُتعرض لهم بسوء.

وبالفعل فقد زار الدولة الإسلامية في ديسمبر/كانون الأول 2014، وتجول في المناطق الممتدة من الرقة السورية وحتى الموصل في العراق.

ولفت تودنهوفر إلى أن عهد الأمان لم يبعد هاجسا ظل يتملكه بأن التنظيم قد يقتله، مضيفا أنه رغم معارضته لفكرة الانتحار فقد دفعته مخاوفه لشراء أربعة أقراص سم لابتلاعها عند الخطر، حتى لا يعطي لأعضاء التنظيم فرصة لذبحه أمام الكاميرات.

تحدث عن تضجر قياديين بالتنظيم -بعد وصوله- من أسئلته الكثيرة، وأوضح أنه تلقى وابنه تهديدا بالقتل بعد مشاهدة ابنه بدون قصد وجه مرافق لهم من أعضاء تنظيم الدولة يعتقدون أنه الشخص البريطاني المعروف باسم الجهادي جون المشتبه في ذبحه رهائن غربيين.

 

وأوضح أن المكان الأول الذي زاره كان مركز تجنيد قرب الحدود، مبينا أن نحو خمسين شخصا من الدول الغربية يصلون يوميا إلى هناك.

أما في اليوم الثاني فقد توجه تودنهوفر إلى الرقة وقال إنها ليست العاصمة، مؤكدا أن الموصل أهم بكثير في نظر تنظيم الدولة. وأضاف أنه التقى بكثيرين في الموصل وأنه كان يتجول في المدينة كل أمسية ويتحدث مع المقاتلين الأجانب.

وقال إنه طلب الحديث مع البغدادي، لكن المقاتلين أبلغوه بأنه ليس مهتما بإجراء مقابلات. ولفت تودنهوفر إلى أن المقاتلين الأجانب في العراق لا يتعدى حجمهم نسبة 30%، بينما تقدر أعدادهم بنحو 70% من جملة المقاتلين في سوريا.

أثارت رحلته ردود فعل واسعة، فيما أكد هو أن مقاتلي تنظيم الدولة سمحوا له بزيارة السجون والحديث مع أحد قادتهم، لافتا إلى أن التنظيم لم يوافق على كل مطالبه، وخلص إلى التأكيد أن تنظيم الدولة أقوى مما يعتقده الناس، قائلا إنهم "ليسوا حركة، بل هم دولة".

بعد انتهاء رحلته، وجه خطابا مفتوحا (راجع نص الخطاب) إلى زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي استهله بتقديم الشكر له على ما حظي به من حماية طيلة مكوثه في الأراضي الخاضعة للتنظيم في سوريا والعراق، لكنه طالبه في الوقت ذاته "بدعوة المزيد من الصحفيين الأحرار من كل العالم بدلا من إعدامهم".

انتقد تحذيرات الحكومة الألمانية من خطر" الإرهاب الإسلامي" ولفت إلى أن إسلاميي ألمانيا لم يثبت عليهم ارتكاب جريمة قتل واحدة بينما نفذ اليمين المتطرف مائتي جريمة قتل بدوافع سياسية منذ الوحدة الألمانية عام 1990.

وأوضح أنه كرر عدة مرات لدائرة المستشارية ووزارة الخارجية الألمانيتين أن هزيمة تنظيم الدولة مرتبطة بحدوث مصالحة عراقية حقيقية تستوعب أنصار حزب البعث، وتعيد الاعتبار للسُنة.

وردا على سؤال للجزيرة حول مستندات سرية، نشرتها مجلة دير شبيغل عن تأثير كبير لجنرالات الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، على تنظيم الدولة، أكد الإعلامي الألماني أن هذا التأثير موجود ويتمثل أساسا بتدريب ضباط البعث لأعضاء التنظيم.

وأقر تودنهوفر في حلقة الأربعاء 25 فبراير/شباط 2015 من برنامج "بلا حدود" بإيمان الساسة الغربيين بسياسة "فرق تسد"، وسعيهم لإشعال فتيل الحروب والصراعات بين الدول العربية والإسلامية، التي قال إنها لم تعد قادرة على لعب دور.

وقال "نحن أقوى لأننا متحدون، فها هو الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة"، أما العرب فضعفاء ومتفرقون ومتناحرون، مشددا على أن التاريخ أثبت أن الدول العربية يمكن أن تكون قوية، والوحدة هي الحل.

المؤلفات
من أشهر كتب يورغن تودنهوفر "عشرة أيام.. داخل الدولة الإسلامية" الذي استقبل باحتفال حضره جمهور حاشد أكثره من المسلمين، في قاعة الاحتفالات بجامعة همبولدت بالعاصمة برلين، وذكر في بدايته أنه قرر إهداء ربحه من بيع كتابه لمساعدة اللاجئين السوريين والعراقيين وأطفال قطاع غزة. كما تبرع بعائدات كتبه الأخرى لجمعيات خيرية مهتمة بالأطفال وبكبار السن في دول مختلفة بينها أفغانستان والعراق والكونغو.

المصدر : الجزيرة