شكيب خليل.. تشابك الكفاءة والنفوذ وتهم الفساد

epa01661654 President of the Organization of the Petroleum Exporting Countries (OPEC) and Algerian Minister of Energy and Mines, Chakib Khelil talks to journalists during a press conference in Algiers on 11 March 2009. Chakib Khelil spokeabout the current world energy situation, mainly oil prices ahead of the next Opec meeting this month. EPA/MOHAMED MESSARA

شكيب خليل واحد من أكثر المسؤولين الجزائريين نفوذا خلال العقد الأول من القرن العشرين. تولى مسؤولية قطاع الطاقة عشرة أعوام فعُد حينها وزيرا فوق العادة، كما قاد منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ثماني سنوات، واتهم بقضايا فساد كبيرة.

المولد والنشأة
ولد شكيب خليل يوم 8 أغسطس/آب 1939 في وجدة بشرقي المغرب قرب الحدود مع الجزائر. وتشير المعلومات إلى أنه قضى فترة طفولته وشبابه بين وجدة المغربية وتلمسان بغرب الجزائر.

الدراسة والتكوين
كان خليل زميلا للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في ثانوية تلمسان، وفي مطلع ستينيات القرن العشرين سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية للدراسة، فحصل على بكالوريوس وماجستير في التعدين وهندسة البترول من جامعة أوهايو في عاميْ 1964 و1965.

كما نال درجة الدكتوراه في هندسة البترول من جامعة تكساس عام 1968. وإلى جانب لغته الأم العربية، يتحدث خليل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية.

الوظائف والمسؤوليات
عمل خليل في شركة "شل" النفطية الأميركية لعدة سنوات، كما عمل بشركة كونوكو-فيليبس للبترول. ثم التحق بشركة سوناطراك الجزائرية عام 1971، وعمل مستشارا تقنيا بالرئاسة الجزائرية من 1973 إلى 1975.

في عام 1980 التحق بالبنك الدولي للعمل في المشاريع المتعلقة بالنفط، وتقاعد منه سنة 1999.

شغل عام 1999 منصب مستشار في الرئاسة الجزائرية من جديد، ثم عُين وزيرا للنفط والمناجم في ذات العام، وأمسك بقطاع المحروقات بشكل كلي حتى عام 2010. وخلال ذلك تولى رئاسة منظمة أوبك النفطية في الفترة ما بين 2001 و2008.

التجربة الوظيفية
أحيطت التجربة الوظيفية لشكيب خليل بزخم كبير لكونه يحمل جنسية الولايات المتحدة ويحوز شهادات رفيعة من جامعاتها، ولأنه من الأطر الوطنية التي حرصت الجزائر على استقطابها من الخارج.

وقد استدعت الدولة الجزائرية خليل مرتين للعمل في الوطن؛ الأولى عندما كان يعمل في شركات النفط الأميركية فاستدعي للمساهمة في إرساء دعائم أهم وأكبر مؤسسة في البلاد، وهي الشركة الوطنية لإنتاج وتصدير وتسويق المحروقات (سوناطراك).

وتعززت ثقة الدولة في الرجل فعينه الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين مستشار له مكلفا بملف المحروقات عام 1973 وظل في هذا المنصب سنتين.

أما الاستدعاء الثاني فكان عام 1999 من البنك الدولي ليتولى منصب وزير النفط والمناجم. وبعد تعيينه وزيرا عزز نفوذه وهيمن على قطاع الطاقة في البلاد عبر تنحية مدير سوناطراك وتوليه شخصيا قيادة هذا العملاق النفطي خلال 2001-2003، إلى جانب منصبه الوزاري.

وبالإضافة لهيمنته على قطاع الطاقة في الجزائر، تولى خليل رئاسة منظمة أوبك مدة ثماني سنوات، وهو ما أحاطه بزخم كبير في الوسطين الاقتصادي والسياسي الدولي.

يوصف شكيب خليل بأنه واحد من أكثر المسؤولين الجزائريين نفوذا في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، وتؤكد العديد من المصادر أنه يرتبط بصلة وثيقة بالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة منذ كان زميله في الدراسة.

شهد قطاع الطاقة في عهد خليل توسعا كبيرا، فقد تعددت المجالات التي تنشط فيها شركة سوناطراك وتوسعت شراكاتها الاستثمارية في أفريقيا وأوروبا وأميركا.

وفي ورقة قدمها لجامعة تكساس عام 2002 عن تجربته المهنية؛ يقول خليل إن مشروعه للإصلاح في ميدان المحروقات يتمحور حول إنشاء كيانين مستقلين: سلطة الضبط ومهمتها المراقبة والتنظيم في مجال النشاطات المتعلقة بالصناعة الوطنية للمحروقات، والوكالة الوطنية لترقية وتنمية مصادر المحروقات.

خلال السنوات التي قضاها في الوزارة، عمد إلى تمرير قوانين جديدة منها قانون مثير للجدل حول المحروقات في 25 مارس/آذار 2005 يتمحور حول تقاسم الإنتاج بين شركة سوناطراك الرسمية وشركائها الأجانب.

وكان نظام تقاسم الإنتاج القديم يمنح تلقائيا سوناطراك 51% من كل حقل مكتشف، أما الباقي (49%) فتجرى مفاوضات بشأنه بين الشركات الأجنبية وسوناطراك. لكن قانون خليل يعيد العمل بنظام الامتيازات السابق على تأميم قطاع المحروقات، والذي يمنح كل شركة أجنبية تكتشف حقلا جديدا الحق في تملكه بنسبة 100%.

ويحرر القانون أيضا الإنتاج والنقل والتكرير والتوزيع، ويمنح الشركات الأجنبية حرية العمل لاستيراد محروقات مكررة في الخارج لبيعها في الجزائر.

وبذلك وجدت سوناطراك نفسها على قدم المساواة مع الشركات الأجنبية. ولاحقا أدخِلت على قانون خليل -الذي جُمد مدة سنة- تعديلات في 2006 وعادت الحكومة إلى نظام تقاسم الإنتاج، ولكن بشروط جديدة ليست في صالح سوناطراك، كما يقول الخبراء الجزائريون.

وفي بداية عام 2010 أثيرت ضد شكيب خليل تهم فساد وتحدث وسائل الإعلام عن فضائح في كبيرة سوناطراك، وقامت النيابة العامة بإجراء تحقيق في القضية. وعلى خلفية ذلك، غادر خليل منصبه كوزير للطاقة والمعادن في 28 من مايو/أيار من ذات العام.

وأفاد القضاء الإيطالي بضلوع مسؤولين جزائريين كبار في صفقات مشبوهة وتلقيهم رشا من شركات إيطالية، ومن بين هؤلاء المسؤولين شكيب خليل، وهي تهم نفاها هو على الدوام.

وتحدثت تقارير صحفية أن خليل اشترى منزلا في الولايات المتحدة بمليون دولار، وأن زوجته الأميركية من أصل فلسطيني نجاة عرفات تولت تسهيل نقل أموال مشبوهة للخارج واستثمارها في العقارات.

توجه شكيب خليل في فبراير/شباط 2013 إلى الولايات المتحدة التي يحمل جنسيتها. وفي أغسطس/آب، أصدرت النيابة العامة الجزائرية مذكرة توقيف دولية بحق شكيب خليل لاتهامه "بالفساد واستغلال السلطة والانتماء إلى شبكة إجرامية".

وقال النائب العام الجزائري حينها بلقاسم زغماتي -الذي أقيل لاحقا- في مؤتمر صحفي إن خليل ارتكب أفعالا أضرت بالاقتصاد الوطني، وقد سميت هذه القضية "فضيحة سوناطراك 2".

والتهمة التي وُجهت للرجل حينها هي إبرام صفقات مشبوهة بين سوناطراك الجزائرية وشركة سايبام الإيطالية عاميْ 2008 و2009 بقيمة 190 مليون دولار.

وعند عودة بوتفليقة من فرنسا -حيث كان يعالج- قررت السلطات وقف العمل بمذكرة التوقيف الدولية الصادرة بحق خليل، وحلت مديرية الشرطة القضائية التابعة للمخابرات التي تولت عملية التحقيق، كما أنهيت مهام كل الضباط الذين كانت لهم صلة بالتحقيق.

في 17 مارس/آذار 2016 عاد شكيب خليل للجزائر عبر مطار مدينة وهران (غرب الجزائر العاصمة) قادما من العاصمة الفرنسية باريس بعد مرور ثلاث سنوات على مغادرته للبلاد، بعد أن أكدت السلطات الجزائرية أكثر من مرة أن صدور مذكرة التوقيف بحق خليل كان خطأ إجرائيا.

وفي حديث للجزيرة نت، دافع رئيس حزب حزب جبهة التحرير الوطني (حزب الأغلبية) عمار سعداني عن عودة شكيب، وقال إنه شخص يستحق التكريم ومن حقه أنه يتولى المناصب السامية في البلاد.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية