مانينغ.. مسرب وثائق ويكيليكس الذي تحول لتشلسي

U.S. soldier Chelsea Manning, who was born male but identifies as a woman, imprisoned for handing over classified files to pro-transparency site WikiLeaks, is pictured dressed as a woman

الدراسة والتكوين
بسبب كثرة تنقلات أبيه وأمه داخل الولايات المتحدة وخارجها، اضطربت حياة مانينغ الدراسية، لكن أصدقاءه أيام الدراسة في ويلز أكدوا لصحف بريطانية أنه كان متميزا وذكيا ولا يخفي آراءه السياسية، كما كان يعاني من مضايقات التلاميذ بسبب نحافته وحركاته الأنثوية التي كانت تستفزهم.

عرف عنه أيضا شغفه بالحواسيب وإنشاء المواقع الإلكترونية. 

التجربة العسكرية
في 2007 التحق مانينغ بالجيش الأميركي بغرض إتمام دراسته العليا في الفيزياء، ولـ"تحديد هويته الجنسية" من خلال مخالطة جوٍّ ذكوري، كما أخبر بذلك مسؤوله المباشر.

دشن مانينغ مساره العسكري في معسكر التدريب الأساسي يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول 2007، لكن المعاناة بسبب قصره ونحافة جسمه وحركاته الأنثوية استمرت داخل الجيش، مما دفع المسؤولين إلى محاولة إبعاده لكن ذلك فشل، واستمر داخل الجيش. 

بعد إنهائه مرحلة التدريب الأساسي في أبريل/نيسان 2008، التحق بقاعدة فورت هواشوكا بأريزونا لمواصلة تدريبه المتقدم في مجالات التخصص العسكري، وتخرج فيها محللا للمعلومات البالغة السرية، وترقيم المعلومات والسياسات الحكومية.

كان غريبا أن مانينغ نشر من القاعدة ثلاثة فيديوهات على موقع يوتيوب يصفها فيها من الداخل، لكن دون أدنى محاسبة من المسؤولين، بل على العكس من ذلك حصل على تقدير من القاعدة على تميزه.

في أغسطس/آب 2008، أرسل مانينغ إلى قاعدة "فورت درام" بنيويورك، حيث التحق بالفوج الثاني للقتال/القطاع العاشر، ونال تدريبا بغرض إرساله إلى العراق.

وخلال تلك الفترة انضم سرا إلى خلايا تدافع عن قضايا الشذوذ الجنسي، حيث كان ينادي -باسم مستعار- بضرورة السماح للشواذ بالإعلان عن أنفسهم وهم داخل الخدمة العسكرية.

عام 2009 بحث مانينغ عن استشارة طبية لتسهيل عملية تحوله إلى أنثى، "فقد كان واضحا أنه يعاني من أزمة هوية جنسية" على حد تعبير الشخص الذي استشاره، بحسب ما نشرت الصحف الأميركية. 

في العام نفسه انتقل للخدمة بقاعدة العمليات في العاصمة العراقية بغداد، وتم تمكينه من حق الدخول إلى شبكة المعلومات السرية العسكرية والمخابراتية، علما بأن اثنين من مسؤوليه العسكريين رفضوا بالمطلق نقله إلى العراق، لكن طلبهم قوبل بالرفض على الرغم من أنهم أوضحوا خطورته على الأمن القومي الأميركي؛ وتمت ترقية مانينغ من القسم الأول الخاص، إلى قسم الاختصاصيين.

في يناير/كانون الثاني 2010، انقلبت حياة مانينغ رأسا على عقب عندما قرر التواصل لأول مرة مع مسؤولي موقع ويكيليكس، الذين سبق له التعرف إلى عملهم عندما نشروا في نوفمبر/تشرين الثاني 2009 حوالي 570 ألف رسالة تمحورت حول هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

وفي الخامس من يناير/كانون الثاني 2010، حمّل مانينغ 400 ألف وثيقة بشأن الحرب في العراق كمرحلة أولى، ثم بعدها بأيام حمّل 91 ألف وثيقة عن قاعدة أفغانستان، وحفظ تلك الوثائق على أقراص مضغوطة وبعدها على بطاقات تخزين  إلكترونية، وبعد رفض كبريات الصحف الأميركية التفاعل مع وثائق مانينغ، قرر الأخير إرسالها إلى ويكيليكس، وعاد لإنهاء الخدمة في العراق.

وفي 21 فبراير/شباط 2010 أرسل إلى ويكيليكس شريط الفيديو الشهير الذي يظهر قتل مروحية أميركية عددا من المدنيين العراقيين العزل بدعوى أنهم جنود.

كما أرسل لهم في مارس/آذار من العام نفسه شريط فيديو الهجوم الجوي بغراناي، وحمّل نحو 250 ألف وثيقة دبلوماسية وأوصلها إلى ويكيليكس. وقد أخبر المحققين لاحقا بأنه كان متأكدا من أنه يتواصل مع شخص متفهم جدا، تفهم وضعه وساعده على إثبات نفسه، فيما كان المحققون شبه متيقنين من أن الشخص المقصود هو جوليان أسانج مؤسس ويكيليكس.

سرعان ما بدأت ويكيليكس بنشر الفيديوهات والصور والوثائق التي سربها مانينغ، وأقامت الولايات المتحدة الدنيا ولم تقعدها في سبيل إغلاق الموقع ومحاسبة من يقف وراءه، خاصة جوليان أسانج.

كما ثارت ثائرة الجيش الأميركي لمعرفة مسرب الوثائق، وسرعان ما كشف أمر مانينغ وتم اعتقاله يوم 27 مايو/أيار 2010، ونقل من العراق إلى قاعدة بالكويت، ثم لاحقا إلى الولايات المتحدة حيث وجهت له عشرات التهم في مارس/آذار 2011، وأهمها الخيانة ومساعدة أعداء البلاد، حيث طالب المدعون بإعدامه.

وقد طالبت الحكومة الأميركية بأن يصدر بحقه حكم بالسجن ستين عاما، بينما طالب محاميه بأن لا تتجاوز المدة 25 عاما.

وفي 21 أغسطس/آب 2011، حكم على مانينغ بالسجن مدة 35 عاما، وهو الحكم الذي انتقده حقوقيون ومؤيدون له ووصفوه بغير العادل.

وتقدم محامو مانينغ بعدة طلبات لإصدار عفو رئاسي بحقه، وهو ما لم يستجب له الرئيس باراك أوباما إلا مع نهاية فترة حكمه، حيث خفض الحكم بحقه وخرج من السجن في  17 مايو/أيار 2017. وكان قرار تخفيض الحكم قد أثار غضب الجمهوريين تحديدا، ووصفوه بالمشين. 

وكان الجيش الأميركي قد سمح لمانينغ في 2016 بإجراء عملية جراحية لتحويل جنسه من ذكر إلى أنثى، وذلك بعد أن دخل إضرابا عن الطعام؛ ثم حول اسمه من برادلي إلى تشلسي.

المصدر : مواقع إلكترونية + وكالات