موراليس.. رئيس غواتيمالا الذي قرر نقل سفارة بلده للقدس

President elect Jimmy Morales speaks during a press conference, in Guatemala City, Monday, Oct. 26, 2015. Now that the former comedian has ridden a tide of voter frustration to win Guatemala's presidency, it remains unclear what the political neophyte might do once in office. The 46-year-old Morales, who is to assume the presidency Jan. 14 and has never held political office, said he would work with a transition team to study economic issues and work on development-oriented policies. (AP Photo/Luis Soto)

كوميدي أضحك الغواتيماليين نحو عقدين قبل أن يصبح رئيسا لهم بعد فوزه برئاسيات 25 أكتوبر/تشرين الأول 2015. انتـُقد لقلة تجربته في عالم السياسة، لكنه حوّل ذلك لفائدته بتأكيده أنه ليس فاسدا ولا لصا، وهو الشعار الذي جذب إليه الغاضبين من فضائح السياسيين، علما أن تحقيقات مدعومة أمميا بدأت ضده في 2017 في تهم مرتبطة بالفساد. 

فاجأ موراليس الجميع في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2017 بإعلانه نقل سفارة بلده إلى القدس المحتلة، متتبعا في ذلك خطوات الرئيس الأميركي دونالد ترمب وعلى عكس ما قررته الجمعية العامة للأمم المتحدة.

المولد والنشأة
ولد جيمس موراليس (الشهير بجيمي موراليس) يوم 18 مارس/آذار 1969 في العاصمة غواتيمالا سيتي. نشأ في بيت جده بعد وفاة والده، واضطر لبيع الموز والمياه الغازية والأحذية وبضائع بسيطة أخرى لمساعدة أسرته المتواضعة. متزوج وأب لأربعة أبناء.

الدراسة والتكوين
أتم موراليس دراسته الابتدائية في المعهد الإنجيلي، ثم التحق بجامعة سان كارلوس (USAC) لدراسة الاقتصاد حيث حصل على البكالوريوس.

وبالموازاة مع ذلك، واصل دراسته في المعهد الديني، واستأنف الدراسة فحصل على الماجستير في مجال الدراسات الإستراتيجية (تخصص الأمن والدفاع). كما حصل على شهادة مماثلة في مجال الإعلام والتواصل. واصل مساره في التعليم العالي بنجاح حتى توّجه بشهادة الدكتوراه في الأمن الإستراتيجي.

الوظائف والمسؤوليات
اشتغل موراليس أستاذا في كلية الاقتصاد بجامعة سان كارلوس، واشتهر بإلقاء المحاضرات في مؤسسات جامعية متعددة في مجال الخبرات القيادية والمقاولات الاقتصادية والتسويق والتواصل السياسي.

غير أن نجاحه البارز تحقق في مجال تأسيس شركات ذات طابع وطني ودولي، وعُرف بتركيزه على مجال الإنتاج التلفزيوني وصناعة الأفلام وفق منهج قيمي أثر فيه تكوينه الديني.

التجربة السياسية
ليس لموراليس خبرة طويلة في مجال الممارسة السياسية، فقد برز نشاطه السياسي لأول مرة عام 2011 بترشيحه لمنصب عمدة بلدية "ميكسكو" في غواتيمالا عن حزب الحركة الوطنية للتنمية (Acción de Desarrollo Nacional)، فحصل على المرتبة الثالثة.

وانتخب يوم 10 مارس/آذار 2013 أمينا عاما لحزب جبهة التقارب الوطني (el Frente de Convergencia Nacional)، وهو حزب أسسه كبار ضباط الجيش المتقاعدين.

وقد انطلقت شهرة موراليس الكبيرة من المجال الفني حيث ظل لنحو عشرين عاما يطل عبر الشاشة على الجمهور من خلال برامج كوميدية، هي عبارة عن "سكتشات" كان يسخر فيها بشكل واضح من الممارسات الاجتماعية اليومية، وكذلك من منظمات المافيا. كما أخرج عددا من الأفلام، وصار بفضل نشاطه الفني شخصية معروفة داخل أوساط السينما والمسرح والإعلام.

هذه الشهرة أفادته في رئاسيات 2015 التي خاضها تحت شعار "لست فاسدا ولست لصا"، وقد عزز بُعده عن عالم السياسة وعدم توليه أي مسؤولية سياسية في بلده سابقا مصداقية الشعارات الانتخابية التي رفعها، حيث رأى فيه الناخبون أملا للشباب.

تزامن ذلك مع انزعاج فئات واسعة من الغواتيماليين من السياسيين، خاصة مع توالي فضائح الفساد التي كان آخر رموزها الرئيس السابق أوتو بيريز، الذي قدّم استقالته يوم 3 سبتمبر/أيلول 2015 بعد صدور مذكرة توقيف تتهمه بتزعم شبكة فساد.

وضمن هذا السياق، اتخذ البرلمان في المدة نفسها قرارا وُصف بالتاريخي يقضي بتجريد بيريز من الحماية القضائية بإجماع 132 نائبا حضروا الجلسة من أصل 158 عضوا.

وحقق موراليس فوزا ساحقا في انتخابات الرئاسة التي جرت بغواتيمالا يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول 2015، على حساب منافسته من يسار الوسط سيدة البلاد الأولى سابقا ساندرا توريس. وكانت منافسته توريس حذرت من أن البلاد تحتاج إلى الخبرة وليس إلى وافد جديد. 

وعمّت الاحتفالات مقر حزب جبهة التقارب الوطني بزعامة موراليس، الذي قال لمؤيديه بعد إعلان فوزه "من موقع الرئاسة سأتمكن من خدمة 15 مليون غواتيمالي داخل البلاد ومليونين في الولايات المتحدة قدموا الدعم لنا أيضا في هذه المناسبة"، واعدا مواطنيه "بحكم نظيف" وعدم "دفعهم للبكاء" عبر إيجاد مخرج للبلاد من أزمتها الاقتصادية. 

وقد حصل موراليس في جولة الإعادة على نسبة 67% من الأصوات متقدما بشكل قوي على توريس، علما بأنه واجه انتقادات بسبب أفكار سياسية طريفة أعلن التزامه بها، مثل تعهده بتوزيع هواتف ذكية على الأطفال، أو ربط المدرسين بجهاز تحديد المواقع (جي بي أس) للتأكد من حضورهم الفصول الدراسية.  

ولم يتألف برنامجه الانتخابي إلا من ست صفحات فقط، ولم يعط مفاتيح تذكر لمعرفة الكيفية التي سيحكم بها غواتيمالا، التي تعيش وضعا اقتصاديا صعبا، حيث تعاني الخزينة العامة للدولة من أزمة خانقة، مع ارتفاع في الدين الخارجي ونسبة الفقر (يعاني نحو 54% من السكان من قلة ذات اليد، 13% منهم يعيشون فقرا مدقعا).

ورفض الناخبون إلى حد كبير منافسته توريس (60 عاما) بوصفها جزءا من النظام السياسي القديم. وكانت توريس قد وعدت بتمديد برامج الرعاية الاجتماعية التي كانت تُعد فيما مضى إحدى السمات المميزة لرئاسة زوجها السابق ألفارو كولوم، لكن منتقدين اتهموها باستخدام هذه البرامج لشراء الأصوات في المناطق الريفية الفقيرة.

فاجأ موراليس الجميع بإعلانه يوم 26 ديسمبر/كانون الأول 2017 أنه قرر نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، متتبعا في ذلك خطوات الولايات المتحدة الأميركية.

وقال على حسابه على تويتر "لقد أصدرت تعليمات لوزيرة (الخارجية ساندرا جوبل) لبدء التحركات" اللازمة لتطبيق هذا القرار.

وجاءت خطوة موراليس رغم تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 21 ديسمبر/كانون الأول 2017 بأغلبية 128 صوتا لصالح القرار رقم "A/ES-10/L.22" الذي يطالب الجميع بعدم تغيير طابع مدينة القدس الشريف أو مركزها أو تركيبتها الديمغرافية، ويؤكد أن أي قرار ينص على ذلك هو لاغ وباطل وليس له أي أثر قانوني، مما اعتبر صفعة لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

ورحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقرار غواتيمالا، واصفا إياه بأنه "مهم"، وتوقع أن تحذو دول أخرى حذو غواتيمالا.

ومهد موراليس للقرار بإعلانه في مؤتمر صحفي قائلا "غواتيمالا مؤيدة تاريخيا لإسرائيل"، مضيفا "خلال سبعين عاما من العلاقات كانت إسرائيل حليفتنا".    

وأصبح موراليس في وضع هش في الشهور الأخيرة من عام 2017 بسبب معلومات تتحدث عن تورطه في فساد تحقق فيه هيئة خاصة مدعومة من الأمم المتحدة تعمل مع المدعين العامين في غواتيمالا.    

وأكدت وزيرة خارجية غواتيمالا ساندرا خوبل أن قرار نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس اقتداء بالولايات المتحدة هو قرار "سيادي" لا ينبغي أن يؤثر على علاقاتها بأي دولة أخرى.

وقد اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية قرار غواتيمالا "عملا مخزيا" وغير قانوني، ويستفز مشاعر المسيحيين والمسلمين كافة.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية