التيفوس.. مرض يسببه القمل والبراغيث

BERLIN - JUNE 22: Two head lice (Pediculus humanus capitis) crawl on a piece of paper after having been removed from the hair of a little boy June 22, 2007 in Berlin, Germany. Summer weather in Central Europe typically brings with it cases of head lice in schoolchildren. (Photo by Sean Gallup/Getty Images)
القمل قد ينقل التيفوس (غيتي)

التيفوس (Typhus) هو مجموعة من الأمراض ذات الشبه والصلة الوثيقة التي تتسبب في حدوثها أنواع مختلفة من بكتيريا الريكيتسيا (Rickettsia)*.

تسمية التيفوس 

يعرف التيفوس أيضا باسم "حمى السجن"، إذ في عام 1759 -وبحسب تقدير السلطات- فإن حوالي 25% من السجناء الإنجليز قد ماتوا بسبب ذلك المرض؛ ومن هنا اكتسب هذا الاسم. ويعتقد أن غرف السجون القذرة والمكتظة ساهمت في انتشار القمل بسهولة بين السجناء.

وبعد عام، بدأ مصطلح "التيفوس" يستخدم لوصف هذا المرض، وهو مشتق من كلمة يونانية تعني "دخاني" أو "ضبابي"، تعطي انطباعا عن حالة الهذيان التي يختبرها المصاب بالمرض.

العدوى بالتيفوس 

تنتقل هذه الأمراض إلى البشر عن طريق بعض المفصليات (الحشرات) مثل: القمل (Lice)، والبراغيث (Fleas)، والعث (Mites)، والقراد (Ticks).

وقد تنتقل المفصليات المصابة من شخص إلى آخر مباشرة، أو يتم جلبها عن طريق نواقل كالقوارض والماشية وغيرها من الحيوانات.

وعندما تعض هذه الحشرات المصابة شخصا ما (للحصول على وجبة من دم الإنسان)، فإنها إما تحقن الضحية بسائل معد أو تترك وراءها برازها المليء بالبكتيريا التي تسبب التيفوس. وعند حك مكان العض يفتح الجلد ويسمح للبكتيريا بدخول مجرى الدم، فتنمو وتتكاثر.

أنواع التيفوس 

هناك ثلاثة أنواع مختلفة من التيفوس، وهذا التصنيف معتمد على نوع البكتيريا المسببة بالإضافة لجنس الناقل (مفصليات الأرجل):

أولا. التيفوس الوبائي أو التيفوس المنقول بالقمل (Epidemic "or louse-borne" typhus)

تتسبب في حدوث هذا النوع بكتيريا ريكيتسيا بروفاتسيكيا (Rickettsia prowazekii) التي يحملها قمل الجسم. يتواجد هذا النوع في جميع أنحاء العالم، ولكن عادة ما يوجد في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية وسوء الصرف الصحي، حيث تشجع هذه الظروف على انتشار القمل.

وعادة ما تظهر أعراض التيفوس الوبائي بشكل مفاجئ وتشمل: الصداع الحاد، وارتفاع درجة الحرارة، والطفح الجلدي الذي يبدأ على الظهر أو الصدر ثم ينتشر، والتشوش والارتباك والهذيان، وانخفاض ضغط الدم، وحساسية العين للأضواء الساطعة، والألم الشديد في العضلات.

ثانيا. التيفوس المتوطن (Endemic typhus)

كان يعرف هذا النوع في السابق بتيفوس الفئران (Murine typhus). تسببه بكتيريا الريكتسيا التيفوئيدية (Rickettsia typhi)، وتحملها براغيث الفئران. يمكن العثور على التيفوس المتوطن في جميع أنحاء العالم، خاصة بين الناس القريبين من الفئران أو المناطق التي تعيش فيها الفئران.

أعراض التيفوس المتوطن تستمر مدة 10-12 يوما، وهي مشابهة جدا لأعراض التيفوس الوبائي ولكنها عادة ما تكون أقل حدة. وتشمل: السعال الجاف، والاستفراغ والغثيان، والإسهال.

ثالثا. التيفوس الأكالي (Scrub typhus)

هذا النوع سببه بكتيريا أورينتيا تسوتسوغاموشي (Orientia tsutsugamushi) ويحملها العث.

وهذا النوع من التيفوس أكثر شيوعا في آسيا وأستراليا وبابوا غينيا الجديدة وجزر المحيط الهادئ. ويسمى أيضا مرض تسوتسوغاموشي.

وتشمل الأعراض التي تظهر على الأشخاص المصابين بالتيفوس الأكالي: تورم العقد اللمفاوية، والتعب، والتهاب الجلد في موضع لدغة، والسعال، والطفح الجلدي.

تشمل بعض مضاعفات التيفوس ما يأتي:

وقد يكون تشخيص التيفوس صعبا في بعض الأحيان، وذلك لتشابه أعراضه مع أعراض بعض الأمراض الأخرى، بما في ذلك: حمى الضنك والملاريا وداء البروسيلات (Brucellosis).

وتشمل الاختبارات التشخيصية لوجود التيفوس ما يأتي:

  • خزعة الجلد: حيث تؤخذ عينة الجلد من مكان الطفح ليتم فحصها في المختبر والتعرف على البكتيريا المسببة له.
  • فحص الويسترن  بلوت (Western blot): للكشف عن البكتيريا المسببة للتيفوس.
  • الاختبار المناعي باستخدام الأصباغ الفلورية (Immunofluorescence test): وذلك للكشف عن التيفوس في عينات البلغم.
  • صباغة الأنسجة المناعية (Immunohistological staining): يمكن لهذه الطريقة الكشف عن البكتيريا داخل الأنسجة المصابة، والتي عادة ما تكون أنسجة الجلد.
  • اختبار الدم الذي يمكن أن تشير نتائجه إلى وجود العدوى.

العلاج والوقاية

العلاج المبكر بالمضادات الحيوية فعال جدا، والانتكاسات ليست شائعة عندما يلتزم المريض بجرعة العلاج.

ويمكن الوقاية من التيفوس عن طريق الحفاظ على النظافة الشخصية والنظافة العامة، وتجنب السفر إلى المناطق التي وقع فيها هذا المرض أو إلى البلدان المعرضة لمخاطر عالية بسبب نقص المرافق الصحية، وتجنب الاتصال بنواقل التيفوس كالقمل والبراغيث والقراد، وكذلك تجنب فضلات القوارض.

وفي حال تم العثور على العدوى، يمكن اتباع تدابير خاصة للتخلص من النواقل، مثل: الاستحمام، وغلي الملابس، واستخدام المبيدات الحشرية.
_______________
* منقول بتصرف من مقال بعنوان "ميكروبات صنعت لها مكانا في التاريخ-التيفوس" للأستاذ الدكتور عبد الرؤوف علي المناعمة، منشور على موقع منظمة المجتمع العلمي العربي.

المصدر : منظمة المجتمع العلمي العربي