الوكالة اليهودية.. هيئة لتشجيع الهجرة والاستيطان

الوكالة اليهودية لإسرائيل Jewish Agency for Israel

الوكالة اليهودية هيئة يهودية عامة بمنزلة الجهاز التنفيذي للحركة الصهيونية، رعت هجرة اليهود في الشتات إلى إسرائيل، وأشرفت على اندماجهم في الدولة المعلنة عام 1948.

بدأت الوكالة اليهودية في أيام الانتداب البريطاني كحكومة "للمستوطنين الصهيونيين" في فلسطين، وعملت تحت حماية الانتداب بقصد إنشاء وطن قومي لليهود، قبل أن يعترف بها رسميا عام 1922.

نقلت الوكالة آخر يهود اليمن، حسب ما أعلن مسؤولون إسرائيليون، عام 2016، واستقبلت آلافا من يهود أوكرانيا بعد الحرب الروسية على أوكرنيا عام 2022، وتستقدم آلافا من اليهود سنويا من كل أنحاء العالم.

النشأة والتأسيس

بدأت الفكرة الأولى لإنشاء الوكالة اليهودية في المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897 بهدف إنشاء شركة يهودية تشكل مؤسسة إنتاجية اقتصادية، وتطورت الفكرة حتى صارت هيئة سياسية تنفذ تخطيط المنظمة الصهيونية الخاصة بإنشاء "الوطن اليهودي".

وبعد تصريح بلفور بوعده المشهور عام 1917، بدأ تشكيل جهاز ينوب عن الحركة الصهيونية لتسهيل إنشاء "الوطن القومي"، أطلق عليه "اللجنة الصهيونية في فلسطين"، وعملت جنبا إلى جنب مع الإدارة البريطانية في حكم فلسطين، حتى غدت حكومة داخل حكومة فلسطين، ومارست عملها بموافقة بريطانيا تحت علم عصبة الأمم المتحدة.

وبعد وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني عام 1920، سارعت بريطانيا والحركة الصهيونية إلى الحصول على موافقة عصبة الأمم المتحدة، بهدف الحصول على تصديق دولي ورسمي على صك الانتداب.

وفي 24 يوليو/تموز 1922 كانت الموافقة على تأسيس وطن قومي لليهود، وبرز اقتراح إنشاء الوكالة اليهودية.

ثم أنشئت الوكالة اليهودية في فلسطين عام 1922، تطبيقا للمادة الرابعة من صك الانتداب البريطاني، التي تذكر أن وكالة يهودية سيعترف بها بوصفها هيئة استشارية لإدارة فلسطين، وعلى حكومة فلسطين الاعتراف بها، من أجل التعاون معها في المسائل الاقتصادية والاجتماعية، للإسهام في إقامة وطن قومي يهودي في فلسطين.

وفي عشرينيات القرن الماضي ركز رئيس المنظمة الصهيونية حاييم وايزمان على إقامة الوكالة بناء على المادة الرابعة، وترأس المنظمة والوكالة.

نجحت الوكالة في إنشاء الجامعة العبرية في عهد المندوب البريطاني الصهيوني السابق هربرت صموئيل عام 1925.

وأثناء عقد المؤتمر الصهيوني الـ16 في سويسرا في 29 يوليو/تموز-10 أغسطس/آب 1929، تقرر توسيع الوكالة اليهودية، وحددت أهدافها وفق الآتي:

  • زيادة الهجرة اليهودية إلى فلسطين.
  • شراء الأراضي الفلسطينية لتكون ملكية يهودية عامة تكفي لتمكين حركة الاستيطان.
  • تشجيع الاستيطان الزراعي المبني على العمل اليهودي.
  • نشر اللغة والتراث العبريين داخل فلسطين.

بدأت الوكالة اليهودية في عهد الانتداب البريطاني كحكومة "للمستوطنين الصهيونيين" في فلسطين تتمتع بسلطات واسعة، وعملت تحت حماية الانتداب بقصد إنشاء وطن قومي لليهود عن طريق سنّ قوانين واتخاذ إجراءات لمصلحتها، وأصبحت بمرور الوقت في مركز يمكنها من تحدي السلطة المنتدبة.

الفكر والأيديولوجيا

رؤية الوكالة: "شعب يهودي مختلف، آمن ومزدهر، يوحده تراثنا والتزامنا بإسرائيل، وطن الشعب اليهودي وجميع مواطنيها".

رسالة الوكالة: "توفر الوكالة الإطار العالمي "لعليا" (بالعبرية تعني الصعود ويقصد بها أيضا الهجرة اليهودية إلى أرض الميعاد)، وتضمن الأمان لليهود في العالم، وتقوي الهوية اليهودية، وتربط اليهود بإسرائيل وتربط بعضهم ببعض، وتنقل صوت الشعب اليهودي إلى دولة إسرائيل للمساعدة في تشكيل مجتمعه".

أبرز المحطات

تمتعت الوكالة بصلاحيات واسعة في أيام الانتداب البريطاني في الإشراف على المرافق التعليمية والاقتصادية اليهودية داخل فلسطين.

كان للوكالة لجنتان تنفيذيتان: الأولى في القدس، تهتم بتنظيم هجرة اليهود إلى فلسطين، وتنظم استيعابهم داخل مستوطنات، وتسعى لإقامة قوة عسكرية لحماية المستوطنات منها "عصابة" الهاغاناه التي أنشئت عام 1920.

والثانية كانت في لندن، من أجل تمثيل المصالح الصهيونية أمام الحكومة البريطانية ومؤسساتها الإدارية.

ثم أسست لجنة تنفيذية ثالثة عقب الحرب العالمية الثانية في نيويورك.

اعترفت الحكومة البريطانية وعصبة الأمم المتحدة بالوكالة، وانتقلت أقسام ومؤسسات المنظمة اليهودية إلى أقسام تحت إدارة الوكالة اليهودية، وأصبح اسما المنظمة والوكالة مترادفين في "الييشوف اليهودي" (مصطلح يعني بالعبرية الاستيطان اليهودي) في فلسطين.

كان للوكالة دور كبير في إنشاء "اللواء اليهودي"، وهو تشكيل عسكري تابع لبريطانيا أنشئ إبان الحرب العالمية الثانية، وسعت وقتئذ لتشكيل جيش له شعار وعلم لكن بريطانيا رفضت، ومع إصرارها شُكّل اللواء من 5 آلاف جندي، وانضم للجيش البريطاني.

وفي عام 1947 تم توحيد اللجنتين التنفيذيتين تحت اسم (المنظمة الصهيونية العالمية-الوكالة اليهودية).

وبعد انسحاب الانتداب البريطاني، أعلنت القيادات الصهيونية قيام "دولة إسرائيل" عام 1948، وأصبحت اختصاصات الوكالة والمنظمة اليهودية من مهام الحكومة الإسرائيلية.

وفي 11 مارس/آذار 1948 تم تفجير مقر الوكالة اليهودية بسيارة مفخخة أعدّها خبير المتفجرات فوزي القطب، وقادها أنطوان داود، تسببت بوفاة زعماء من الصهاينة كانوا في اجتماع داخل الوكالة.

أقرّ الكنيست عام 1952 الفصل بين مهام المنظمة والوكالة في القانون، وأعلنت صلاحية استمرار الوكالة في العمل داخل إسرائيل بهدف "تطوير واستيعاب المهاجرين والمشاركة في ذلك مع المؤسسات اليهودية التي تنشط في هذه المجالات".

وفي عام 1971 فصلت الوكالة عن المنظمة الصهيونية العالمية مع الاتفاق على رئيس واحد يرأسهما.

في عام 1979 وقع ميثاق بين الحكومة الإسرائيلية والوكالة، نص على دور "الإدارة الصهيونية" (المؤسسة التنفيذية العليا للمنظمة الصهيونية) في الإشراف على نشاطات الوكالة وفعالياتها.

وحتى عام 1997 عملت في الوكالة 5 لجان: قسم المالية، وقسم الهجرة والاستيعاب، وقسم هجرة الأولاد والشبيبة، وقسم الاستيطان القروي، وقسم تجديد الأحياء السكنية.

وبعد عام 1997 اقتصر العمل على 4 أقسام: القسم الخاص بإسرائيل، وقسم التربية والتنشئة اليهودية الصهيونية، وقسم الدول المستقلة عن الاتحاد السوفياتي (سابقا)، وقسم الاستيعاب والهجرة.

وتوجد لجنة بجانب كل قسم، مؤلفة من أعضاء الوكالة ولها رئيسان: واحد من إسرائيل وآخر من يهود الشتات، ورؤساء اللجان أعضاء في إدارة الوكالة.

وفي 21 يوليو/تموز 2022 طلبت وزارة العدل الروسية تصفية الفرع الروسي للوكالة اليهودية "سوخنوت" المعنية بقضايا الهجرة إلى إسرائيل ردا على دعم تل أبيب واشنطن في موقفها من الحرب في أوكرانيا.

في العام 2020 قامت الوكالة اليهودية بنقل آلاف من يهود أوكرانيا إلى إسرائيل.
في عام 2020 قامت الوكالة اليهودية بنقل آلاف من يهود أوكرانيا إلى إسرائيل (الجزيرة)

الأعلام والرموز

حاييم وايزمان يعدّ أشهر الشخصيات الصهيونية بعد هرتزل، أدى دورا مهما في استصدار وعد بلفور عام 1917، وكان رئيسا للمنظمة الصهيونية العالمية منذ عام 1920 حتى عام 1946، ثم انتخب أول رئيس لدولة إسرائيل عام 1949.

دعا وايزمان المنظمات اليهودية العالمية للاجتماع عام 1929 لانتخاب أعضاء الوكالة، بعد الاتفاق على تأسيسها في نص صك الانتداب البريطاني.

عُقد الاجتماع وانتخبت الوكالة وظهرت إلى الوجود في العام نفسه وأصبحت تتحدث باسم اليهودية العالمية.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية