"تشريعيات" الجزائر التعددية.. واحدة ملغية وأربع للموالاة

A man sleeps on a bench nearby campaign election posters in Algiers in Algeria April 25,2017. Picture taken 25 April 2017. REUTERS/Ramzi Boudina
الانتخابات البرلمانية 2017 هي الأولى في ظل الدستور الجديد الذي جرى تعديله في فبراير/شباط 2016 (رويترز)
 
ودخلت الجزائر عهد التعددية الحزبية بعد إقرار دستور جديد في فبراير/شباط 1989، أنهى قرابة ثلاثة عقود من حكم الحزب الواحد (حزب جبهة التحرير الوطني).

انتخابات 1991
نظمت أول انتخابات نيابية في ظل هذا الدستور يوم 26 ديسمبر/كانون الأول 1991، وفاز فيها حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالأغلبية في جولتها الأولى بأكثر من 188 مقعداً من أصل 232 مقعدا، مقابل 25 لحزب جبهة القوى الاشتراكية، و16 مقعدا لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم سابقا.

ونص القانون الانتخابي آنذاك على إجراء جولة ثانية للانتخابات في حال عدم فوز أي حزب بالأغلبية.

فوز الجبهة الإسلامية كان مفاجئا للسلطة، فتم حل البرلمان القديم يوم 4 يناير/كانون الثاني 1992، و"استقال" رئيس الجمهورية الشاذلي بن جديد يوم 11 من الشهر نفسه.

وبعدها بيوم واحد، أعلن المجلس الأعلى للأمن "استحالة استمرار المسار الانتخابي إلى غاية أن تتوفر الشروط الضرورية للسير العادي للمؤسسات"، مما يعني إلغاء المسار الانتخابي.

ودخلت الجزائر بعد هذه الأحداث في أزمة أمنية وسياسية عرفت باسم العشرية الحمراء (أو السوداء)، وهي وصف يطلق على عقد تسعينيات القرن العشرين الذي عاشت فيه الجزائر -إثر وقف الجيش للعملية الديمقراطية- أعمال عنف دموية خلفت مئات الآلاف من القتلى والمصابين والمفقودين، ودمارا هائلا في الاقتصاد.

وقد ارتبطت فترة "العشرية الحمراء" في أذهان الجزائريين بالنزاع المسلح بين الجماعات الإسلامية وقوات الأمن من شرطة ومخابرات وجيش. وبدأ الأمن يستتب تدريجيا منذ قدوم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى سدة الحكم عام 1999، وإصداره قانون الوئام المدني ثم ميثاق السلم والمصالحة الوطنية.

انتخابات 1997
في 5 يونيو/حزيران 1997 شهدت الجزائر انتخابات نيابية تعددية ثانية في ظل حالة طوارئ رغم بداية انحسار العنف في البلاد. كما تلت إجراءَ تعديل دستوري عام 1996، منع تأسيس أحزاب على أساس ديني، وكذا إقرار إجراء الاقتراع البرلماني في جولة واحدة بدل جولتين كما جاء في دستور 1989، وإنشاء غرفة ثانية للبرلمان تسمى "مجلس الأمة" (مجلس الشيوخ)، وتضم 144 عضوا، يعين رئيس الجمهورية ثلثهم (48 عضوا)، بينما يُنتخب الثلثان الآخران (96 عضو) من طرف المنتخبين المحليين في المجالس البلدية والولائية (كل ولاية تنتخب عضوين).

وجاء التجمع الوطني الديمقراطي (يقوده حاليا مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحيى) الذي أعلن عن تأسيسه قبل الانتخابات بأشهر قليلة من قبل موالين للنظام الحاكم؛ في المركز الأول من السباق، وسط اتهامات بالتلاعب بنتائج التصويت.

وحصد هذا الحزب 155 مقعدا من بين 291 هي إجمالي مقاعد المجلس الشعبي الوطني (53.26%) متبوعا بحركة مجتمع السلم (إسلامي) بـ69 مقعدا (23.71%)، وحزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الواحد سابقا) بـ62 مقعدا (21.30%)، ليأتي في المركز الرابع حزب حركة النهضة (إسلامي) بـ34 مقعدا (11.68%).

وفي العام 1999، وصل الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم، وهو ينتمي سياسيا إلى حزب جبهة التحرير الوطني، وانتخب رئيسا له في آخر مؤتمر له. وطيلة سنوات حكمه، فاز هذا الحزب بثلاث انتخابات نيابية أجرتها البلاد.

انتخابات 2002
شهدت البلاد في مايو/أيار 2002 ثالث انتخابات نيابية حصد فيها حزب جبهة التحرير الوطني 199 مقعدا (51.15%) من أصل 389، بعد رفع عدد مقاعد المجلس الشعبي الوطني، متبوعا بحزب التجمع الوطني الديمقراطي شريكه الحالي في الحكومة بـ48 مقعدا (12.34%)، ثم حركة الإصلاح الوطني (إسلامي) في المركز الثالث بـ43 مقعدا (11.05%)، بينما جاءت حركة مجتمع السلم (إسلامي) رابعة بـ38 مقعدا (9.76%).

انتخابات 2007
لم يتغير المشهد في البرلمان خلال انتخابات مايو/أيار 2007، حيث حل حزب جبهة التحرير الوطني في المركز الأول بـ136 مقعدا (35%)، يليه حزب التجمع الوطني الديمقراطي بـ61 مقعدا (15.68%)، وبعده حركة مجتمع السلم بـ52 مقعدا (13.36%)، بينما حصدت قوائم المستقلين المركز الرابع بـ33 مقعدا (8.48%).

انتخابات 2012
حافظ حزب جبهة التحرير الوطني في انتخابات مايو/أيار 2012 على مركزه الأول، بل وعزز موقعه بـ220 مقعدا (47.61%) من أصل 462 بعد رفع إجمالي عدد مقاعد الغرفة الأولى للبرلمان، متبوعا بحزب التجمع الوطني الديمقراطي بـ68 مقعدا (14.71%).

وجاء تحالف إسلامي سمي "تكتل الجزائر الخضراء" الذي ضم ثلاثة أحزاب إسلامية (حركة مجتمع السلم، وحركة النهضة، وحركة الإصلاح الوطني) في المركز الثالث بـ48 مقعدا (10.39%)، متبوعا بحزب جبهة القوى الاشتراكية (يسار) بـ21 مقعدا (4.54%).

ومنذ هزيمة الحزب الحاكم في أول انتخابات برلمانية تعددية عام 1991، لم يخسر حزبا السلطة (جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي) أي انتخابات برلمانية لاحقة، حيث حصلا معا على أكثر من 74% من المقاعد في انتخابات 1997، و63% في 2002، وأكثر من 50% في انتخابات 2007، و61% في انتخابات 2012.

ورغم أن حزبي السلطة كان بإمكانهما في جميع هذه الانتخابات تشكيل حكومة بمفردهما، فإن النظام الحاكم فضل إشراك أكبر طيف من الأحزاب الوازنة في الساحة السياسية -سواء من التيار الإسلامي أو الأحزاب العلمانية- في حكومات ائتلافية، للحصول على أكبر تمثيل سياسي ممكن.

انتخابات 2017
تعد الانتخابات البرلمانية يوم 4 مايو/أيار 2017 هي السادسة من نوعها التي تنظمها البلاد في عهد التعددية السياسية. وأعلنت وزارة الداخلية مشاركة 53 حزبا سياسيا وعشرات القوائم المستقلة التي تتنافس على 462 مقعدا. وفضلت بعض الأحزاب الإسلامية الدخول في تحالفات على أمل تحقيق نتائج أفضل.

وهذه الانتخابات تعد الأولى في ظل الدستور الجديد الذي جرى تعديله في فبراير/شباط 2016، والذي ينص على تشكيل الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات بالجزائر التي يرأسها عبد الوهاب دربال، حيث تشرف على ضمان نزاهة العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها، رغم تشكيك المعارضة.

المصدر : الجزيرة + وكالة الأناضول