ماذا يعني "قانون لم الشمل" الإسرائيلي؟

شرّع الكنيست الإسرائيلي بشهر يوليو/تموز 2003 فيما بات يعرف بـ "قانون لم الشمل" اعتمادا على أنظمة الطوارئ المعمول بها بفلسطين منذ فترة الاستعمار البريطاني، وسمي بـ "قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل" (أمر مؤقت).

ويعتمد "لم الشمل" على قانون المواطنة الذي شرّعه الكنيست عام 1952، ونص على أن كل قادم لفلسطين التاريخية يحصل على الجنسية الإسرائيلية، بيد أن البند رقم 3 للقانون يمنع الفلسطينيين الذين كانوا يسكنون البلاد حتى النكبة عام 1948 من الحصول على الجنسية الإسرائيلية والإقامة المؤقتة، وذلك لمنع تطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

محتوى القانون 
يحظر "قانون لم الشمل" على أي فلسطيني أو مواطن عربي الحصول على إقامة ووضعية قانونية بإسرائيل، ويمنع الحصول على جنسيتها حتى لو كان متزوجا من مواطن ومواطنة من حملة الجنسية الإسرائيلية الذين تسحب منهم الإقامة بحال انتقلوا للسكن إلى قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة أو بدولة عربية، ولم يثبتوا أن مركز حياتهم بإسرائيل.

ويمنح الصلاحيات لوزير الداخلية الإسرائيلي أيضا بسحب الامتيازات والتصاريح أو الوضعية القانونية التي منحت بالسابق لأصحاب الجنسيات العربية والأجنبية المتزوجين من فلسطينيي 48، على أن يمدد العمل بالقانون بحسب توصيات وزير الدفاع وجهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك".

يمنع القانون المواطنين الفلسطينيين بإسرائيل من ممارسة حقهم في بناء عائلة والحفاظ على الروابط الأسرية والاجتماعية والثقافية مع أبناء الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية.

الإجراءات
لا تتوقف الإجراءات عند منع وحظر لم الشمل، بل تجري ملاحقة ومطاردة من ليس بحوزته تصاريح دخول أو إقامة -سواء الزوج أو الزوجة- حيث أخضع العديد ممن تقدموا بطلب لم الشمل للتحقيق في الشرطة والمخابرات الإسرائيلية، وذلك كإجراء لبحث إمكانية تجنيدهم لصفوفه مقابل التصديق على طلبهم بالحصول على المواطنة أو الإقامة.

وفور تشريع القانون جرى تجميد المصادقة على نحو 25 ألف طلب لم شمل كانت في مكاتب وزارة الداخلية الإسرائيلية، في حين تمتنع السلطات الإسرائيلية عن قبول أي ملفات، حيث إن هناك آلاف ملفات الزواج لعائلات غير معترف بها وليست مسجلة بالسجل المدني الإسرائيلي، وتشمل نحو ثلاثمئة ألف من فلسطينيي 48 وقطاع غزة والقدس والضفة الغربية المحتلتين.

التمديد
منذ تشريع القانون -الذي كان من المفروض أن يكون ساري المفعول لمدة عام فقط- مدد الكنيست منذ يوليو/تموز 2004 العمل بالقانون مرات عدة، وفي منتصف يونيو/حزيران 2016، مدد بغالبية أعضائه العمل بالقانون لمدة عام إضافي بزعم أن 17 فلسطينيا حصلوا على الإقامة داخل إسرائيل بيد أنهم ضالعون بـ"أعمال مسلحة ضد الدولة".

ويوم 21 مارس/آذار 2007 صادق الكنيست على تعديلات توسع دائرة الحظر ومنع لم الشمل أو الحصول على مكانة أو إقامة أو جنسية إسرائيلية في حال كان أحد الزوجين من سكان اليمن أو لبنان أو سوريا أو العراق أو إيران التي تعرف بحسب القانون الإسرائيلي "دول أعداء"، كما طال المنع والحظر الدول التي تشهد عمليات ترى إسرائيل أنها تشكل خطرا على أمنها ومواطنيها.

ويوم 28 مارس/ آذار2011 صادق الكنيست على تعديلات البند رقم 10 وما عرف بـ"قانون إلغاء المواطنة والجنسية في أعقاب نشاطات تجسس أو إرهاب"، إذ يتح التعديل للمحاكم بسحب الجنسية الإسرائيلية من مواطنين أدينوا بعمليات إرهابية إضافة إلى التجسس والخيانة ومساعدة العدو خلال الحرب.

الأهداف
يهدف "قانون لم الشمل" إلى محاصرة للشعب الفلسطيني وخاصة لفلسطينيي 48، كونه يمنع لم الشمل بين الفلسطينيين في إسرائيل وأهلهم بالضفة وقطاع غزة أو أي مواطن من لبنان وسوريا واليمن والعراق وإيران، علما أنه على أرض الواقع الحظر والمنع يشمل جميع الدول العربية والإسلامية.

سوغت المؤسسة الإسرائيلية تشريع القانون ومواصلة العمل به بـ "الدوافع الأمنية"، رغم اعتراف النيابة العامة الإسرائيلية بردها على الالتماسات بأن القانون يمس بآلاف الفلسطينيين الذين لا يشكلون خطرا على أمن الدولة.

غير أن الجمعيات الحقوقية أجمعت على أن "قانون لم الشمل" ينتهك حقوق الإنسان الأساسية في المساواة والحرية والخصوصيّة والحياة العائلية، ويميّز بشكل فاضح ضد الفلسطينيين مواطني إسرائيل على أساس القومية أو المنشأ الإثني، وضد الفلسطينيين من سكان المناطق المحتلة، ويجرد مواطنة فلسطينيي 48 بإسرائيل من أبسط الحقوق المدنية.

وقد أعطت المحكمة العليا الإسرائيلية الغطاء للحكومات المتعاقبة للالتفاف على قانون المواطنة ولم الشمل، وأبقت على أنظمة الطوارئ، ففي 31 يوليو/تموز 2007  شرعت بالتداول في الالتماسات التي قدمتها مؤسسات حقوق إنسان باسم عائلات متضررة والأحزاب العربية في الداخل الفلسطيني لإلغاء قانون لم الشمل، غير أن المحكمة العليا رفضت الالتماس وصادقت على دستوريته بأغلبية ستة قضاة مقابل خمسة.

المصدر : الجزيرة