عبد الرحيم الحاج محمد.. أحد أبرز قادة المقاومة الفلسطينية ضدّ الانتداب البريطاني

المجاهد الفلسطيني عبد الرحيم الحاج محمد اغتالته بريطانيا عام 1939 (منظمة الطاهر)

قائد عسكري فلسطيني، اشتغل في التجارة ثم تحول إلى مقاومة الانتداب البريطاني والتوسع اليهودي في فلسطين بداية 1936، ثم أصبح قائدا عسكريا عاما إلى حين اغتياله عام 1939.

المولد والنشأة

ولد عبد الرحيم محمد الحاج محمد في قرية "ذِنابة" الفلسطينية شمال شرق مدينة طولكرم، شمالي الضفة الغربية عام 1892.

وفي مسقط رأسه، نشأ وترعرع لأسرة تعمل في التجارة، وكان والده يمتلك متجرا لبيع الحبوب، وتزوج وأنجب أربعة أولاد.

الدراسة والتكوين العلمي

تعلم القيادي الفلسطيني في "الكُتّاب"، ثم التحق بمدرسة حكومية داخل قريته إبان العهد العثماني، ثم اختارته لجنة حكومية عثمانية للالتحاق بمدرسة عسكرية في بيروت، قبل أن يلتحق بالجيش التركي عام 1912، ثم يعود إلى قريته نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918.

مقاومة الانتداب البريطاني

كانت أولى تحركات الحاج محمد في مقاومة الانتداب متزامنة مع جهود الشيخ عزّ الدين القسام، للتوعية بشأن خطر الاستعمار والتمدد الصهيوني في فلسطين، وبعيد استشهاد القسام عام 1935، كان ممن أخذوا زمام المبادرة لمقاومة البريطانيين.

ومع اندلاع الثورة الفلسطينية ضد الانتداب البريطاني والمستوطنات اليهودية في فلسطين عام 1936، التحق الحاج محمد بركب الثورة، وشارك في عمليات ومعارك عديدة، جرح في إحداها قبل استشهاده.

تركزت جهود القائد الفلسطيني في البدايات على تأسيس مجموعات عسكرية هاجمت مقرات عسكرية ومصالح اقتصادية لبريطانيا والمستعمرات اليهودية.

خاضت مجموعاته معارك مع قوات الانتداب في عدة قرى فلسطينية شمالي الضفة، تكبدت فيها القوات البريطانية خسائر كبيرة، كما خسر الثوار عشرات المقاتلين نتيجة فارق القوة.

Abdel-Rahim Al-Haj Mohamed (Abou Kamal) and the Rebels1936 - 1939 Source ©ELTAHER.ORG
أصبح عبد الرحيم الحاج محمد قائد الثورة الفلسطينية عام 1938 (منظمة الطاهر)

ومن بين أبرز المعارك التي ارتبطت باسم عبد الرحيم الحاج محمد، معركتا نور شمس (قرب طولكرم) الأولى والثانية (حزيران وتموز 1936)، اللتان ذاع صيته بعدهما.

ومنها معركة جبل السيد في قريته ذنابة، وثلاث معارك في المنطار في صفد، ومعركة بيت أمرين في نابلس، والنزلة الشرقية في طولكم، إذ أصيب في يده.

وتدرج عبد الرحيم حتى أصبح من أبرز قادة الثورة، ثم أصبح قائدها العام بحلول ربيع 1938، فعمل على تنظيم العمل المقاوم، وأسس جهازا إداريا للثورة، وآخر استخباراتيا مهمته تقفي المعلومات حول النشاط اليهودي والقوات البريطانية وعملائها من الفلسطينيين.

وتذكر بعض المصادر التاريخية أن 12 فصيلا بمئات المقاتلين كانوا تحت مسؤوليته بحلول 1938.

وعمل القائد الفلسطيني بشكل واسع على ملاحقة فلسطينيين اتهموا بالعمالة للانتداب واليهود، فيما تذكر بعض المصادر أن قريب أحد العملاء شارك في اغتياله.

وتظهر مراسلات وبيانات مذيلة باسمه أنه كان يختمها بالتوقيع "المجاهد الصغير"، وأحيانا بعبارة "خادم دينه ووطنه".

التوجهات الفكرية والسياسية

لم يبرز للقيادي الفلسطيني لون سياسي محدد، لكن بعض المصادر تشير إلى أنه كان مناهضا للشيوعيين، ويرفض مشاركتهم في أي معركة، وكان يعتبرهم وبالا على القضية.

وتناول مصطفى مراد الدباغ في موسوعته "بلادنا فلسطين" بعضا من حياة القائد الفلسطيني في معرض حديثه عن قريته ذنابة، فقال إن "المجاهد الشهيد عبد الرحيم الحاج محمد (أبو كمال) آل سيف من كبار قواد الثورة الفلسطينية، وعرف رحمه الله بإخلاصه ونزاهته وتدينه، فكان موضع ثقة الناس ومحبتهم في طولكرم وأطرافها".

كان عبد الرحيم يتنقل أثناء فترة المقاومة بين دمشق وفلسطين وكانت القوات البريطانية تطارده (الصحافة الأردنية)

وتابع "حمل أبو كمال السلاح في 1936، وبدأ جهاده ضد الأعداء من إنجليز ويهود، فهاجم مع رفاقه المجاهدين المستعمرات اليهودية، وعمل على قطع الطريق على الجيش البريطاني وتخريب أنابيب البترول والمنشآت العسكرية، فحقق انتصارات باهرة".

وأضاف أنه "كان يتردد على دمشق مع إخوانه حول تنظيم المجاهدين وتقوية الثورة وإمدادها بما تحتاجه من مال وعتاد وغيره".

الاغتيال

منذ شيوع خبر التحاق عبد الرحيم الحاج محمد بالثورة وتنفيذ عمليات ضد أهداف بريطانية، هدمت بريطانيا منزله مرتين عامي 1936 و1938، ولاحقت أقاربه ووعدت بجائزة لمن يدل على مكانه.

وخلال مقاومته، تردد عبد الرحيم بين شمالي الضفة ودمشق، حيث لجنة الجهاد المركزية وزعماء الحركة الوطنية والقيادة السياسية الفلسطينيين، طلبا للعون والمدد المالي والعتاد.

وفي مطلع 1938، اختير من دمشق قائدا عاما للثورة، وبقي هناك حتى عودته في مارس/آذار 1939، لكن سرعان ما انتشر خبر وصوله قرية صانور جنوبي مدينة جنين، فأطبقت القوات البريطانية الحصار على البلدة، وأصابته بجراح، ثم قتلته بينما كان يحاول الفرار يوم 27 مارس/آذار 1939.

وبعد شيوع خبر اغتياله، عمّ الإضراب ربوع فلسطين، وأغلقت المحلات التجارية أبوابها ورفعت الأعلام السوداء.

وفي نعيه، كتبت صحيفة فلسطين الصادرة آنذاك على يمين صفحتها الأولى "قضى أمس القائد الكبير المعروف بسمو أخلاقه وطهارة نفسه المرحوم عبد الرحيم الحاج محمد، وكانت وفاته عقب عمليات عسكرية في قرية سانور (صانور اليوم)".

أما عن الحادثة كما في بلاغ رسمي بريطاني في ذات الصحيفة: "بناء على إخبارية أن جماعة يترأسها عبد الرحيم الحاج محمد (…) موجودة في قرية صانور بقضاء طولكرم نابلس، طوّق الجند بمساعدة الطائرات القرية، وبينما كان الجنود يقتربون من القرية شوهد بعض العرب يحاولون اختراق النطاق، وقد قتل أحدهم بالرصاص، وتبين أنه عبد الرحيم الذي كان يدعى القائد العام للثوار".

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية