إثيوبيا دعت بقية دول حوض النيل للتوقيع عليها.. هذه قصة اتفاقية عنتيبي

اليوم الأربعاء 25 أغسطس/آب 2021 دعت إثيوبيا دول حوض النيل التي لم توقع على اتفاقية عنتيبي إلى التوقيع عليها، مؤكدة التزام أديس أبابا بالاستفادة العادلة والمنصفة من مياه النيل، وذلك بالتشاور الوثيق مع دول الحوض.

اتفاقية عنتيبي وقعت عليها 6 من دول حوض النيل حتى الآن (الجزيرة)

اليوم الأربعاء -25 أغسطس/آب 2021- دعت إثيوبيا دول حوض النيل التي لم توقع على اتفاقية عنتيبي إلى التوقيع عليها، مؤكدة التزام أديس أبابا بالاستفادة العادلة والمنصفة من مياه النيل، وذلك بالتشاور الوثيق مع دول الحوض.

فما هي قصة اتفاقية عنتيبي التي وقعت عليها 6 من دول حوض النيل، واعترضت عليها مصر والسودان بوصفها تشكل نهاية للحصص التاريخية للدولتين في مياه النيل؟

اتفاقية 1929

ـ اتفاقية 1929 -التي مثل الاستعمار البريطاني في أفريقيا أحد جانبيها- تمنح مصر 55.5 مليار متر مكعب سنويا، وهي أكبر حصة من المياه المتدفقة في النهر البالغة نحو 84 مليار متر مكعب.

ـ كما تمنح اتفاقية 1929 مصر حق الاعتراض على إقامة سدود وغير ذلك من المشروعات المائية في دول المنبع (إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبورندي).

ـ منذ منتصف التسعينيات -وتحديدا عام 1995 بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس المصري الراحل حسني مبارك في أديس أبابا- ولت القاهرة ظهرها لأفريقيا تماما، وفي ظل التراجع المصري، فإن موازين القوى في حوض النيل بدأت تميل تدريجيا بعيدا عن دول المصب لصالح دول المنبع.

ـ عام 1997: أخذت هذه الدول زمام المبادرة لأول مرة بالدعوة لتنظيم منتدى للحوار بين الدول المستفيدة من النهر، للوصول لآلية مشتركة للتعاون بينها.

ـ فبراير/شباط عام 1999: تكللت هذه الحوارات بالتوقيع بالأحرف الأولى في تنزانيا على اتفاقية عرفت باسم مبادرة حوض النيل بمشاركة جميع دول الحوض، بما في ذلك مصر والسودان وباستثناء إريتريا.

ـ اشتملت المبادرة على مبادئ عامة مثل حق الانتفاع المعقول من المياه لجميع الدول والتزام كل دولة بعدم التسبب في ضرر جسيم لغيرها من دول الحوض، إلا أنها لم تتطرق لأي من الاتفاقات السابقة المتعلقة بالنيل، فضلا عن الحصص المائية التي كفلتها.

ـ حققت مبادرة حوض النيل نجاحا من عدة جوانب، فتم بموجبها إنشاء أمانة للنيل في عنتيبي، ومكتب للنيل الشرقي في أديس أبابا، ومكتب في البحيرات الاستوائية في "كيغالي" برواندا، بالإضافة لتمويل عدد من المشاريع المشتركة من صندوق المانحين الذي تم تأسيسه لهذا الغرض.

ـ لكن مبادرة حوض النيل -بأطرها العامة- لم تكن قادرة على تلبية طموحات دول المنبع التنموية مع الزيادة المطردة في أعداد سكانها، وتوسع رقعة الأراضي الزراعية، والفقر الشديد في الموارد الطبيعية، وهي عوامل دفعتها لإعادة النظر للنيل كمورد أوحد للتنمية لأجل الزراعة وتوليد الكهرباء، وفي ظل تمسك مصر بحصتها المائية وسياسة الاستعلاء على التفاوض التي مارستها تجاه دول أفريقيا؛ فقد كسرت هذه الدول الحواجز التاريخية وقررت التصرف بشكل منفرد تماما.

ـ يوليو/تموز 2009: اجتمع المجلس الوزاري الـ17 لدول حوض النيل في الإسكندرية، حيث سعت دول المنبع إلى فرض إقامة "مفوضية" لحوض النيل، بغض النظر عن مشاركة دولتي المصب (مصر والسودان)، عوضا عن الاتفاقيات القديمة لتوزيع المياه.

ـ في الاجتماع اشتدت الخلافات بين دول الحوض فتقرر الاستمرار في المفاوضات والتشاور لمدة 6 أشهر أخرى، على أن يتم الانتهاء من حسم نقاط الخلاف، للوصول إلى اتفاقية موحدة تجمع دول حوض النيل (11 دولة، هي: إريتريا، أوغندا، إثيوبيا، السودان، جنوب السودان، مصر، الكونغو الديمقراطية، بوروندي، تنزانيا، رواندا، كينيا).

اتفاقية عنتيبي.. الإطار القانوني لحوض النيل

ـ أبريل/نيسان 2010: أعلنت دول المنبع بعد اجتماع عقد في شرم الشيخ أنها ستبدأ محادثات منفصلة ما دامت مصر والسودان ترفضان تعديل اتفاقات المياه التي تعود إلى عام 1929.

ـ مايو/أيار 2010: بعد محادثات استمرت أكثر من 10 سنوات، قررت 5 من دول منابع النهر -هي إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا- التوقيع في مدينة "عنتيبي" الأوغندية على اتفاقية الإطار القانوني لحوض النيل المعروفة إعلاميا بـ"اتفاق عنتيبي".

ـ بموجب اتفاقية عنتيبي تنتهي الحصص التاريخية لمصر والسودان (55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان) وفقا لاتفاقيات 1929 و1959، ومنحت القاهرة والخرطوم مهلة عام واحد للانضمام إلى المعاهدة.

ـ نقلت اتفاقية عنتيبي النفوذ على نهر النيل من دولتي المصب إلى دول المنبع، فبخلاف رفضه تضمين الاعتراف باتفاقيتي عام 1929 و1959 -اللتين تقسمان مياه النيل بين مصر والسودان- فتح الاتفاق الباب لإعادة تقسيم حصص المياه بين دول الحوض بما يراعي نسبة إسهام كل منها.

ـ أدخلت الاتفاقية مفهوم "توزيع المياه العادل" بشكل فعلي للمناقشات المتعلقة بحوكمة النيل للمرة الأولى، والأهم أن الاتفاق ألغى ضمنيا الحظر التاريخي على دول المنبع لإقامة منشآت على ضفاف النيل قد تعوق تدفق مياهه لدول المصب، كما ألغى الفيتو المصري على تلك المشروعات، فلم تعد موافقة القاهرة شرطا للمضي قدما فيها بحال.

ـ قالت الدول الخمس الموقعة على الاتفاقية إنها تمنح دول حوض النيل الأخرى -وهي مصر والسودان وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية- مهلة سنة للانضمام إلى الاتفاق.

ـ القاهرة والخرطوم رفضتا الاتفاقية واعتبرتاها "مخالفة لكل الاتفاقيات الدولية"، وأعلنت أنها ستخاطب الدول المانحة للتنبيه على عدم قانونية تمويل أي مشروعات مائية، سواء على مجرى النيل أو منابعه وإقناعها بعدم تمويل مشروع سد الألفية "سد النهضة" الذي سيتكلف نحو 4 مليارات و800 مليون دولار حسب تصريحات المسؤولين الإثيوبيين.

ـ أعلنت الكونغو أن الدول الموقعة على "عنتيبي" خالفت أحد المبادئ الأساسية المنصوص عليها في مبادرة حوض النيل، والمتعلقة بمبدأ التوافق في اتخاذ القرارات بين كل الأطراف، وهو ما لم يتم عند توقيع "عنتيبي".

ـ 27 يونيو/حزيران 2010: اجتماع في أديس أبابا لدول مبادرة حوض النيل حيث قالت الدول الخمس الموقعة إنها لن تتراجع عن اتفاق عنتيبي لتقاسم مياه النيل.

تجميد العضوية

ـ 27 يونيو/حزيران 2010: أعلنت الخرطوم تجميد عضويتها في مبادرة حوض نهر النيل، بعد رفض الدول الخمس التراجع عن الاتفاقية.

ـ أكتوبر/تشرين الأول 2010: مصر تجمد عضويتها في مبادرة حوض النيل كرد فعل بعد توقيع دول منابع النيل على "اتفاقية عنتيبي".

ـ الأول من مارس/آذار 2011: انضمت بوروندي إلى الاتفاقية ووقعت عليها لكن لم يصدق عليها البرلمان.

ـ 13 يونيو/حزيران 2013: صدق البرلمان الإثيوبي على المعاهدة التي تمنح دول المنبع حق تنفيذ مشاريع ري وكهرباء، دون الحصول على موافقة مصر المسبقة.

ـ عام 2013: أعلنت إثيوبيا أن جنوب السودان أبلغتها أنها ستنضم للاتفاقية، لكنها لم تنضم حتى الآن.

ـ يوليو/تموز 2016: شارك الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري المصري في الاجتماع الـ24 لمجلس وزراء المياه بدول حوض النيل، والذي عقد في أوغندا.

ـ يوليو/تموز 2016: أصدرت وزارة الموارد المائية المصرية بيانا قالت فيه إن عدم مشاركة مصر بالاتفاقية بوضعها الحالي يرجع لخلوها من البنود التي يمكن أن ترسل رسالة طمأنة للشعب المصري الذي يسعى للحفاظ على حقوقه المائية وضمان عدم تأثرها.

ـ السادس من ديسمبر/كانون الأول 2016: استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عددا من وزراء الري بدول حوض النيل (أوغندا، بوروندي، السودان، جنوب السودان، وتنزانيا).

ـ السابع من مايو/أيار 2017: أعلنت القاهرة أن مشاركتها في قمة رؤساء دول حوض النيل بأوغندا (عقدت في يونيو/حزيران 2017) لا تعني التراجع عن قرارها بتجميد عضويتها في مبادرة حوض النيل، ولا تعني أيضا أن مصر ستوقع على اتفاقية عنتيبى.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية