كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي.. "النسخة النسائية" لأوباما

كامالا ديفي هاريس محامية وسياسية أميركية من أصل أفريقي وآسيوي، يتم تقديمها على أنها ابنة باحثة هندية في مجال السرطان وأستاذ اقتصاد جامايكي، وزوجة محام يهودي، وتوصف بأنها النسخة النسائية من الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

من منصب المدعي العام في سان فرانسيسكو ثم في كاليفورنيا، إلى مجلس الشيوخ الأميركي، فازت هاريس في كل الانتخابات التي خاضتها باستثناء الانتخابات الرئاسية عام 2019.

في يناير/كانون الثاني 2021، أصبحت النائبة الـ49 لرئيس الولايات المتحدة، وقادت البلاد مؤقتا لمدة ساعة ونصف عندما خضع بايدن لفحص روتيني.

المولد والنشأة

ولدت كامالا دافي هاريس في 20 أكتوبر/تشرين الأول 1964، في مستشفى كايزر بأوكلاند في ولاية كاليفورنيا، لوالدين مهاجرين إلى أميركا، كانا قد التقيا بصفتهما ناشطين شابين في حركة الحقوق المدنية وجمعتهما الدراسة الجامعية.

بعد حوالي أسبوعين من ولادتها، قدم والدها إفادة خطية لتصحيح سجل ميلادها، بعد أن غيروا اسمها الأوسط من "ليير" إلى "ديفي" وتعني آلهة، و"كامالا" اسم تقليدي هندي يعني زهرة اللوتس.

نشأت كمالا، وهي الابنة الأولى لخبير اقتصادي جامايكي المولد، وباحثة في مجال السرطان هندية المولد، في حي بيركلي الذي تسكنه أغلبية من الأميركيين من أصل أفريقي.

في الخامسة من عمرها شهدت طلاق والديها، وتمت تربيتها بشكل رئيسي من قبل والدتها الهندوسية. وفي عام 1976، انتقلت مع والدتها وشقيقتها مايا إلى مونتريال، وبقيت هناك 5 سنوات.

ذكرت كامالا أن والدتها كانت صاحبة التأثير الأكبر في حياتها، وعبرت أختها الصغرى عن هذا الدور بالقول "لا يمكنك معرفة من هي كامالا هاريس بدون أن تعرف من كانت والدتنا"، وفي كتابها قالت هاريس "لا يوجد لقب أو شرف على الأرض سأعتز به أكثر من القول إنني ابنة شيامالا غوبلان".

كانت كامالا أو تشيثي كما تناديها عمتها، على ارتباط وثيق بتراثها الهندي، حيث ظلت منذ طفولتها قريبة من عائلتها في الهند وجامايكا، كما أمضت جزءا من طفولتها في لوساكا بزامبيا.

وذكرت أن والدتها كانت تخاطبها بلغتها الأم "التاميل"، ووُصفت بأنها من رواد الكنيسة وبأنها امرأة بعقيدة مسيحية متشبعة بالممارسات الدينية الهندوسية.

عام 2014 تزوجت "ابنة أوكلاند"، من المحامي دوغ إيمهوف وأصبحت زوجة أب لطفليه، ولأنها وعائلتها لم تحب تسميتها بزوجة الأب، أطلقوا عليها لقب "مومالا" (ماما الصغيرة) الذي انتشر في الأوساط الإعلامية بكثرة وصار يستعمل للإشارة إليها بدل اسمها.

تعرف "راقصة الديسكو" بميولها الموسيقية منذ طفولتها، وبحبها لمطبخ جنوب الهند، وتشارك بانتظام مهاراتها في الطهي ووصفاتها على وسائل التواصل الاجتماعي.

الدراسة والتكوين العلمي

في مرحلة ما قبل المدرسة، دخلت كامالا وشقيقتها دارا للرعاية النهارية، وتأثرت بزياراتها لمركز "رينبو ساين الثقافي للسود"، وقالت لاحقا إنها أدركت من خلاله أنه لا توجد طريقة أفضل لتغذية الفكر "من الجمع بين الشعر والسياسة والموسيقى والرقص والفن".

بعد ذلك، بدأت دراستها شمال بيركلي عام 1969 في رياض للأطفال يدعى "مونتيسوري"، وعام 1970 التحقت بالصف الأول في مدرسة "ثاوزند أوكس" الابتدائية، فكانت "السمراء في عالم أبيض"، إذ كانت غالبية الطلاب من البيض والأقلية من السود.

في مونتريال الكندية درست لبعض الوقت في مدرسة ابتدائية فرنسية تسمى "نوتر دام دو نيج" وهي عبارة تعني "سيدة الثلج"، ولم تعرف سوى بعض المصطلحات الفرنسية من دروس الباليه.

بعد ذلك، التحقت في الصف الثامن (1977-1978) بمدرسة عامة بديلة كانت تسمى "مدرسة الفنون الجميلة الابتدائية الأساسية". وهناك بدأت تعلم العزف على الكمان وطبل الغلاية إلى جانب دراستها التاريخ والرياضيات، لكنها اضطرت إلى مغادرة المدرسة لأنها لم تحصل على درجات عالية.

في الـ12 من عمرها، انتقلت إلى مدرسة "ويستماونت الثانوية" المتنوعة في كيبيك، واندمجت بسهولة بين مجموعات الطلاب من خلفيات واهتمامات مختلفة، وشاركت في تأسيس فرقة رقص أطلق عليها "سوبر إكس"، ولاحقا "ميد نايت ماجيك".

كما كانت من أعضاء نادي "بيب"، الذين كانوا يغنون في المناسبات المدرسية، وخلال هذه الفترة قرأت الأعمال الأدبية للمغني والأديب "ليونارد كوهين" الكندي الذي كان أحد خريجي الثانوية الأكثر شهرة.

عندما عادت كامالا إلى الولايات المتحدة استقرت في واشنطن، والتحقت بكلية "بلاك هوارد" (من أقدم جامعات السود في البلاد)، حيث درست السياسة والاقتصاد مع أبناء قادة حركة الحقوق المدنية مثل جيسي جاكسون وأندريو يونغ، وحصلت على درجة بكالوريوس الآداب في العلوم السياسية والاقتصاد بمرتبة الشرف عام 1986. ثم التحقت بكلية هاستينغز للقانون، وعام 1989 حصلت على درجة البكالوريوس في القانون.

كامالا فازت في كل الانتخابات التي خاضتها باستثناء الانتخابات الرئاسية عام 2019 (رويترز)

التكوين السياسي

تقول هاريس إنها تتذكر عندما كانت فتاة صغيرة، وتتذكر "بحرا من حركة الأرجل المتحركة والهتافات"، بينما كان والداها يشاركان في المسيرات، وقالت "تلك المسيرات جعلتني ما أنا عليه اليوم"، وذكرت أن والدتها أعطتها أسسا مبكرة في حركة الحقوق المدنية وحقنتها بواجب عدم الشكوى بل السعي إلى المبادرة.

في الـ13 من عمرها، قادت احتجاجا في مونتريال ضد مالك مبنى لم يسمح لأطفال الحي باللعب في الحديقة، وقالت إن جدها هو من أثار شغفها بالخدمات العامة.

في فترة شبابها، وجدت في كلية هوارد بيئة داعمة شجعتها على الارتقاء بإمكاناتها، وكانت من أكثر التجارب تكوينا وإثمارا في حياتها، إذ تعرفت لأول مرة على حبها للسياسة كما قالت.

واعتبرت هذه الحقبة فترة تكوين سياسي، حيث شاركت في فريق المناظرات، وألهمتها المناقشات مع أصدقائها حول السياسة والفساد والعدالة. وانتخبت أول طالبة سوداء ممثلة للطلاب الجدد في مجلس طلاب الجامعة، كما كانت عضوا في نادي "ألفا كابا ألفا" للخريجات الأميركيات من أصل أفريقي.

الحياة المهنية

خلال دراستها الجامعية خاضت تدريبا في لجنة التجارة الفدرالية، وفي الأرشيف الوطني، والمكتب الأميركي للنقش والطباعة، وفي أيام الصيف تدربت مع عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا آلان كرانستون.

بعد التخرج، قررت اختيار مهنة المحاماة، وكان مصدر إلهامها لهذا التوجه العلمي والمهني، المحامي ثورغود مارشال، أول قاض أسود، لكنها فشلت في الامتحان، وبعد بضعة أشهر أعادته بهدف متجدد، كما قالت.

ونجحت في محاولة ثانية عام 1990، وبدأت حياتها المهنية في مكتب المدعي العام لمقاطعة ألاميدا، وفي عام 1998 أصبحت محامية إدارية للوحدة الجنائية المهنية في مكتب المدعي العام لمنطقة سان فرانسيسكو، وعملت في قسم خدمات الأسرة والأطفال عام 2000.

عام 2003، انتخبت مدعيا عاما (أي ما يعادل وزيرة العدل) لولاية سان فرانسيسكو، بعدما ترشحت ضد مديرتها السابقة، وفازت بإعادة فرز الأصوات بنسبة 56.5%، ثم أعيد انتخابها لولاية ثانية عام 2007. وخلال هذه الفترة، أنشأت برنامجا لمساعدة مرتكبي جرائم المخدرات لأول مرة في الحصول على شهادة الثانوية والعثور على عمل.

عام 2010، انتخبت مدعية عامة لولاية كاليفورنيا، وأعيد انتخابها لولاية ثانية عام 2014، وكانت أول امرأة أميركية من أصل أفريقي تشغل هذا المنصب، وأشرفت على "أول زواج مثلي في الولاية".

خلال الـ20 عاما التي قضتها في منصب المدعي العام، دافعت عن مسؤولي إنفاذ القانون والمحامين المتهمين بسوء السلوك، وكانت تفتخر بمضاعفة معدلات الإدانة في جرائم الأسلحة النارية إلى 92% في سان فرانسيسكو. كما حاكمت آباء الأطفال المتغيبين عن المدرسة، ما ساعد على خفض معدل التغيب عن المدرسة بنسبة 32%.

لكنها، أثارت أيضا انتقادات، وكثيرا ما اتهمت بعدم القيام بما يكفي للتصدي لوحشية الشرطة، كما اتهمت بعدم معارضتها لعقوبة الإعدام، وبالمساهمة في "السجن الجماعي" للأميركيين من أصل أفريقي، وإلغاء نظام الكفالة لإبقاء المتهمين أطول فترة ممكنة في السجن، وفي واقعة رفضت إجراء تحليل حمض نووي لمتهم في جريمة قتل، حين كانت براءته متوقفة على هذا التحليل.

في عام 2016، اتهم المدعي العام روبرت موراي بتزوير اعتراف ثم استخدامه ضد المدعى عليه، ورغم اعتراف المحكمة بسوء سلوكه، استأنف القرار وألغته بعد ذلك.

عام 2021، شغلت ثاني أعلى منصب في الولايات المتحدة الأميركية نائبة للرئيس جو بايدن.

الطريق إلى البيت الأبيض

بخلفية قانونية اكتسبتها من تكوينها الأكاديمي والمهني، انجذبت أيضا إلى المجال السياسي عام 2016، عندما ترشحت لانتخابات مجلس الشيوخ، وأصبحت ثاني امرأة أميركية من أصل أفريقي، وأول سيناتور من أصل هندي في تاريخ أميركا تتولى هذا المنصب.

منذ بداية ولايتها في مجلس الشيوخ، كانت من أشد المعارضين الديمقراطيين للقرارات التي اتخذتها إدارة ترامب آنذاك. ومن موقعها في اللجنة القضائية، اشتهرت باستجوابها الحاد في جلسات الاستماع للقضاة المقترحين للمحكمة العليا.

اكتشفها الكثيرون من خلال ترشحها للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي عام 2019، وتصدرت العناوين في أول مناظرة وانتقدت بها بايدن لتأييده الفصل العنصري في السبعينيات من القرن الـ20، وذلك قبل أن تنسحب من السباق وتؤيد بايدن المرشح الديمقراطي للرئاسة، وتتراجع عن انتقاداتها له، وفي 11 أغسطس/آب 2020، اختارها لتكون نائبته.

في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2021 دخلت التاريخ في الـ56 من عمرها، وأصبحت أول امرأة تُنتخب لمنصب نائب الرئيس الأميركي، بعد فشل 3 مرشحات سابقات. وعلى رأس الولايات المتحدة مع بايدن لمدة 3 سنوات تقريبا، أصبحت هاريس شخصية رئيسية في الحزب الديمقراطي والسياسة الأميركية.

بدأت تعمل "في مكان لا يفصلها فيه عن الرئاسة إلا خطوة واحدة"، وينظر إلى أنها ستكون الوريثة الديمقراطية الأقرب لهذا المنصب في تاريخ أميركا.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، كانت لمدة 85 دقيقة رئيسة مؤقتة للبلاد، بينما خضع بايدن لتنظير القولون الروتيني الذي يتطلب التخدير، وكان ذلك اليوم بمثابة فصل جديد في التاريخ الأميركي.

مع وضد إسرائيل

يُنظر إلى نائبة الرئيس الأميركي على أن لها علاقات قوية مع لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية (إيباك)، وهي أكبر جماعة ضغط مؤيدة لإسرائيل في البلاد. حيث قالت خلال عضويتها بمجلس الشيوخ، "سأفعل كل ما في سلطتي لضمان الدعم الواسع والحزبي لأمن إسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس".

وشاركت في رعاية مشروع قانون يعترض على قرار دولي أدان المستوطنات في الضفة الغربية والقدس المحتلة. وتؤمن بحل الدولتين، لكنها تشترط بالمقابل ألا يكون دعم إسرائيل الكامل قضية حزبية، وتنادي بالدعم الأميركي الكامل لها.

خلال ترشحها للرئاسة عارضت بشدة إدانة تصويت الأمم المتحدة أو حتى النقد الذي يهدف إلى التأثير على إسرائيل، وفق صحيفة "جيروزاليم بوست"، في حين تعارض أي تحقيق للمحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم حرب محتملة ضد الفلسطينيين.

مؤلفاتها

  • كتاب "الذكاء في التعامل مع الجريمة، ويطرح فلسفتها وأفكارها لإصلاح العدالة الجنائية، ونشر عام 2009.
  • السيرة الذاتية "الحقائق التي نمسك بها: رحلة أميركية" ونشرت عام 2019، وحققت مبيعاتها 880 ألف دولار تقريبا.
  • "الأبطال الخارقون في كل مكان"، مذكرات في شكل كتاب مصور للأطفال ونشرتها عام 2019.

الجوائز والتكريمات

  • الرتبة الثالثة في تصنيف مجلة فوربس عن قائمة النساء الأكثر نفوذا في العالم، لعام 2023 و2020 وعام 2022، والرتبة الثانية عام 2021.
  • سمتها مجلة "تايم" الأميركية شخصية العام للعام 2020.
  • صنفتها فوربس من أغنى الشخصيات في الحكومة الأميركية عام 2020، إذ تبلغ ثروتها 7 ملايين دولار.
  • أدرج اسمها في قائمة أقوى 20 امرأة في أميركا بمجلة نيوزويك.
  • حصلت على جائزة ثورغود مارشال عام 2005.
المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية