الثورة السورية.. متى بدأت شرارتها الأولى؟ وما أبرز مراحلها ونتائجها؟
انطلقت الثورة السورية من احتجاجات شعبية عفوية سلمية في المناطق السورية المهمشة عام 2011 تطالب بالحرية والكرامة والانعتاق، ووضع حد للقمع والفساد والدكتاتورية، لكنها سرعان ما عمت معظم مناطق سوريا. وقمع نظام الرئيس بشار الأسد بالسلاح المظاهرات السلمية فسقط مئات الآلاف من الضحايا، وتشرد الملايين نزوحا في الداخل السوري ولجوءاً في مختلف بقاع العالم، وتحولت سوريا إلى أزمة دولية وساحة للصراع بين القوى الإقليمية والدولية.
إرهاصات ما قبل الانطلاق
لا يمكن النظر إلى الثورة السورية بمعزل عن الربيع العربي الذي انطلق بالثورة التونسية في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، تبعها سقوط النظامين المصري والليبي، مما مد الأفق أمام السوريين حول إمكانية إحداث تغيير سياسي حقيقي، ففي 17 فبراير/شباط 2011 أهان شرطي سوري مواطنا وضربه، فتجمع الناس في منطقة الحرية بقلب دمشق وانطلقت هتافات تؤيد الشاب مثل "الشعب السوري ما بينذل" و"حاميها حراميها"، إلا أن هذه الهتافات تحولت فيما بعد إلى "بالروح بالدم نفديك يا بشار" بعد قيام وزير الداخلية السوري بحل الأمر لمصلحة الشاب.
لكن أعقب هذه الحادثة اعتصام نظّمه ناشطو المجتمع المدني أمام السفارة الليبية تأييدا للثورة الليبية يوم 22 فبراير/شباط 2011، ورددوا فيها شعارات تطالب بالحرية مثل "يا حرية وينك وينك حكم معمر بينا وبينك"، وشعار "خاين يلي بيقتل شعبو".
وفي مدينة درعا جنوب البلاد اعتقلت قوات الأمن السورية مجموعة من الأطفال من مدرسة الأربعين نهاية شهر فبراير/شباط 2011، على خلفية كتابتهم عبارات على سور مدرستهم مثل "الشعب يريد إسقاط النظام" و"إجاك الدور يا دكتور"، محاكاة للعبارات التي رفعها المتظاهرون في دول الربيع العربي.
واقتيد الأطفال إلى فرع الأمن السياسي في درعا وتعرضوا للتعذيب، وحين خرج أهالي درعا للمطالبة بمعرفة مصير أولادهم جاءهم الرد من رئيس فرع الأمن السياسي عاطف نجيب، قريب بشار الأسد، وطلب منهم العودة ونسيان أطفالهم وإنجاب أطفال آخرين. مما مهد لخروج مظاهرات شعبية لاحقا في درعا.
شرارة انطلاقة الثورة السورية
شهد تاريخ 15 مارس/آذار انطلاق الثورة السورية بأول مظاهرة نظمها ناشطو المجتمع المدني في سوق الحميدية وسط دمشق، حيث ردد المتظاهرين شعارات تنادي بالحرية منها "الله سورية حرية وبس"، فسارعت قوات الأمن إلى مهاجمة المظاهرة وفضها واعتقال عدد من الناشطين المشاركين فيها.
ودعت صفحات مؤيدة للثورة إلى مظاهرات حاشدة في المدن السورية يوم الجمعة 18 مارس/آذار 2011 تحت اسم "جمعة الكرامة" فتحركت عدة مدن سورية، منها دمشق وحمص وبانياس ودير الزور ودرعا، وكانت مظاهرة درعا حاشدة على خلفية طرد مسؤولي نظام الأسد الأهالي الذين طالبوا بالإفراج عن أطفالهم المعتقلين، وردت قوات النظام السوري بالرصاص الحي لتفريق المظاهرة، مما أدى إلى سقوط أول شهداء الثورة السورية، منهم حسام عياش ومحمود جوابرة.
تتالت المظاهرات بعد ذلك وانضمت المدن السورية والقرى إلى المظاهرات تباعا، وتحول تشييع الشهداء إلى مظاهرات حاشدة حملت طابع السلمية، وطالبت بالحرية والتغيير.
واجه النظام السوري المظاهرات جميعها بالقمع والرصاص الحي والاعتقالات والانتهاكات والاعتداءات على من خرج في المظاهرات وعلى أهالي المنطقة التي جرت فيها، كما نفذ عمليات مداهمة واعتقالات للناشطين السوريين والمتظاهرين السلميين، ونصب الحواجز في المدن وأطرافها والأرياف.
وأدى القمع الذي انتهجه النظام السوري في مواجهة المظاهرات السلمية إلى تحول شعاراتها من الحرية والمطالبة بالتغيير إلى الدعوة إلى إسقاط النظام ورفض حكم بشار الأسد.
لجان التنسيق المحلية
نشأت التنسيقيات والمجالس المحلية في المحافظات والمدن السورية والأرياف مع انطلاق الثورة السورية، وهدفت إلى توحيد الجهود، ومتابعة الحراك الميداني والتخطيط له، وتنظيم الوضع العام على أرض الواقع، وتوسع دورها مع الوقت فانبثقت منها لجان إعلامية، وحقوقية وإغاثية وسياسية.
وعملت التنسيقيات والمجالس المحلية على توثيق الانتهاكات والتواصل مع الجهات الرسمية لإمدادها بأسماء المعتقلين والشهداء والانتهاكات التي تحدث في المنطقة.
وأصبحت التنسيقيات والمجالس المحلية هي التي تدير المجتمع في ظل الحصار والقصف الذي تعرضت له بعض المناطق، وهي المسؤولة عن الإغاثة، وإصدار تقارير عن الانتهاكات التي يمارسها النظام.
ولتوحيد جهود التنسيقيات أُنشئت الهيئة العامة للثورة السورية، وهي تحالف يضم 40 جماعة معارضة من التنسيقيات واتحادات التنسيقيات، وأُعلن عنها يوم 18 أغسطس/آب 2011، من خلال بيان أوضح أن هدف الهيئة هو بناء "دولة حرة ديمقراطية" من خلال توحيد الجهود على أرض الواقع وعلى جميع الأصعدة، والالتزام بتحقيق أهداف الثورة ومبادئها الأساسية.
الانشقاقات وعسكرة الثورة
بدأت الانشقاقات في صفوف الجيش السوري النظامي منذ الشهر الثاني للثورة، إذ يعد المجند وليد القشعمي من الحرس الجمهوري في قيادة قاسيون من أوائل من انشقوا عن الجيش النظامي عبر تسجيل مصور بُثَّ على الإنترنت يوم 23 أبريل/نيسان 2011، أعلن فيه انشقاقه عن الجيش النظامي.
وأوضح أن السبب هو أن الضباط أمروهم بمواجهة مظاهرة سلمية وإطلاق النار على المتظاهرين العزل من نساء وأطفال ورجال باستخدام الذخيرة الحية، إلا أن وليد وبعض زملائه رفضوا ذلك وانضموا للمظاهرة رامين أسلحتهم ومحتمين بالمتظاهرين إلى أن هرّبوا إلى مكان آخر.
تتالت الانشقاقات بعد ذلك برتب مختلفة، ففي يوم 7 يونيو/حزيران 2011 انشق ضابط برتبة ملازم أول يدعى عبد الرزاق طلاس، وأوضح في تسجيل مصور أن سبب انشقاقه هو الممارسات غير الإنسانية واللاأخلاقية بحق المواطنين.
وبعد يومين من الشهر نفسه أعلن المقدم حسين هرموش انشقاقه عن الجيش النظامي، وأوضح أن السبب هو قتل المدنيين العزل، وهرب إلى مدينة إدلب وبدأ بتأسيس "حركة الضباط الأحرار" داعيا من خلالها الضباط والجنود إلى الانشقاق والالتحاق به.
تأسيس الجيش السوري الحر
أُسس الجيش السوري الحر بمبادرة من العقيد رياض الأسعد، أرفع الضباط المنشقين رتبة، على خلفية بيان أصدره يوم 3 أغسطس/آب 2011 دعا فيه الجنود المنشقين إلى تنظيم أنفسهم. وازدادت أعداد المنشقين والملتحقين بالجيش الحر مع مرور الوقت، وتوزع وجوده في مختلف المناطق الثائرة.
وهدف الجيش الحر إلى حماية الأهالي والمدنيين من سطوة النظام ومداهماته والاعتداءات على المتظاهرين، ثم تطور الأمر فيما بعد لتنفيذ عمليات ضد جيش النظام السوري واستهداف مقاره، كان أولها الهجوم الذي استهدف مقرا للمخابرات الجوية في حرستا على أطراف دمشق يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2011.
وحمل مقاتلو الجيش السوري الحر في بداية انشقاقهم أسلحتهم التي كانت معهم، وغنموا بعض الأسلحة من العمليات العسكرية التي نفذوها، كما اشتروا أسلحة أخرى من "الشبيحة" (مليشيات موالية للنظام)، واختلفت مصادر تمويل الجيش الحر باختلاف كتائبه، فمُوِّلت بعض الكتائب من جهات داخلية من تجار أثرياء ومؤيدين للجيش، ومُوّلت أخرى من جهات خارجية منها تنظيمات سياسية أو دول مختلفة بطريقة غير مباشرة. إلا أن التمويل لعب دورا مهما في التوجه الأيديولوجي والقرارات الأساسية في المعارك على الأرض، مما أدى إلى خسائر بشرية وخسائر في المناطق.
ومع نهايات عام 2011 كان الجيش السوري الحر يتوزع في مناطق مختلفة ويسيطر عليها، في كل من إدلب وريف حلب وريف حماة وحمص والقصير والغوطة وبعض مناطق درعا.
ظهور جهات أخرى في القتال
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2015 أُعلن عن تشكيل "قوات سوريا الديمقراطية"، أو كما تعرف باسم "قسد" وعرّفت عن نفسها بأنها "قوة عسكرية وطنية موحدة لكل السوريين تجمع العرب والأكراد والسريان وكافة المكونات الأخرى"، وتتألف من مجموعة من الفصائل المسلحة معظمها تابع للأكراد. وتتمركز سيطرتها على مناطق شمال شرق سورية.
وظهرت خلال السنوات الـ12 جهات قتالية أخرى مثل تنظيم الدولة الإسلامية، وجبهة النصرة وغيرهما، إلا أن هذه الجهات انحلت، وبعضها انتهى والآخر انضوى تحت جهات قتالية أخرى.
حصار المدن والقصف
حين عجز النظام عن إيقاف المظاهرات وفقد قدرته في السيطرة على المدن والبلدات الثائرة حاصر المدن وانتهج سياسة الأرض المحروقة، فقطع الإمدادات الغذائية والطبية عن السكان، وتعمد إحداث مجاعات، وتزامن ذلك مع قصف مستمر بالمدفعية والرشاشات الثقيلة والطيران على المدن المحاصرة مستهدفا المباني السكنية والبيوت، مما أدى إلى حدوث مجازر وسقوط الكثير من الشهداء والجرحى والإصابات، وعجزت المستشفيات الميدانية عن تدارك الوضع لا سيما مع قطع الطرق والمساعدات الطبية.
ومع استمرار الحصار لجأ النظام إلى محاولات اقتحام للمدن والسيطرة على أحياء فيها، وكلما اقتحم حيا أحدث فيه مجزرة، ودافع الجيش الحر في الدفاع عن المدن التي حوصرت وقاتل على جبهاتها إلى أن اضطر إلى الانسحاب أو الاستسلام وإحداث هدنة مع النظام، نتيجة لوحشية القصف وغالبا ما كانت تنتهي الأمور بترحيل كل من في المدينة أو القرية إلى إدلب، أو السماح لهم بالبقاء ضمن شروط النظام، مع شرط خروج المقاتلين وتسليم أسلحتهم.
وقد تكرر هذا المشهد مع مدن سورية كثيرة منها أحياء في مدينة حمص كبابا عمرو والخالدية والقصير، وحلب والغوطة وكثير من المدن والبلدات التي استطاع النظام استعادتها والسيطرة عليها من خلال سياسة الأرض المحروقة.
القصف الجوي والسلاح الكيماوي
استخدم النظام الأسلحة الثقيلة على اختلاف أنواعها من أسلحة حارقة وذخائر عنقودية وصواريخ سكود وقذائف هاون، وبعد سنة من الثورة بدأ بالقصف الجوي من خلال البراميل المتفجرة التي تحشى بمواد معدنية ومواد متفجرة ترمى من المروحيات، وسجلّت أول عملية قصف في مارس/آذار 2012، ثم استخدم الطيران الحربي في يوليو/تموز 2012، واستهدفت المنشآت المدنية كافة من منازل وبيوت ومدارس ومؤسسات مجتمع مدني ومستشفيات ونقاط طبية ومستشفيات ميدانية وأسواق شعبية وتجمعات مدنية وغيرها، وأحدثت فيها مجازر كبيرة.
كما استخدم النظام الأسلحة الكيماوية باختلاف أنواعها، إذ وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تنفيذ النظام السوري 222 هجوما كيميائيا في مختلف أنحاء سوريا، وتسببت هذه الهجمات في مقتل 1510 أشخاص وإصابة ما يزيد على 11 ألفا آخرين.
وتعد مجزرة الغوطة أشهر المجازر الكيماوية التي نفذها النظام، والتي حدثت يوم الأربعاء 21 أغسطس/آب 2013 واستهدفت مناطق من الغوطة في ريف دمشق، إذ قصفها النظام السوري براجمات صواريخ محملة برؤوس كيماوي أدت إلى سقوط مئات الشهداء وإصابة الآلاف.
التمثيل السياسي للثورة السورية
مع نهاية عام 2011 تشكل المجلس الوطني السوري، ليكون الممثل السياسي للثورة ويجمع الأطياف السياسية السورية كافة، وترأسه حينها برهان غليون وتكون من 310 أعضاء اختيروا بالتوافق بين المجموعات المعارضة المشاركة وهي: "الحراك الثوري" و"كتلة المستقلين الليبراليين" و"إعلان دمشق" و"المنظمة الآشورية" و"الإخوان المسلمون وحلفاؤهم" و"ربيع دمشق" و"الكتلة الوطنية الكردية" و"الكتلة الوطنية"، إلى جانب عدد من الشخصيات الوطنية المستقلة.
وهدف المجلس إلى خدمة الحراك الوطني وتحقيق أهداف الثورة وتشكيل حكومة انتقالية، لكنه واجه مجموعة من الانتقادات وحدثت فيه تصادمات لعدم قدرته على تمثيل أطياف المعارضة كلها، فسعى إلى توسيع عضويته بضم كتل سياسية وثورية جديدة في اجتماع أقيم في مدينة الدوحة في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، نجم عنه تشكيل "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة"، وانضم تحته المجلس الوطني ليشكل 60% من حجم الائتلاف، وتكون الائتلاف من ممثلين عن معظم أعضاء قوى الثورة والمعارضة.
التدخل الخارجي في الثورة السورية
شهدت الثورة السورية تدخل أطراف خارجية لمساندة النظام في القتال ضد الثوار، وأسهمت في بقاء النظام والإحالة دون سقوطه، ومن هذه الأطراف:
المليشيا الطائفية
وثقت عدة تقارير حقوقية وصحفية مشاركة مليشيات طائفية في دعم النظام ومساندته عسكريا منذ بدء الثورة السورية، وتحدثت التقارير عن وجود ما لا يقل عن 35 ألف مقاتل ينتمي أغلبهم إلى العراق ولبنان وإيران وأفغانستان يقاتلون إلى جانب النظام السوري، وأسهم وجودهم في استعادة النظام لمساحات كبيرة من يد الثوار لا سيما في ريف دمشق وريف حمص وريف حلب.
كما سجلت مجازر عديدة قامت بها هذه المليشيات وانتهاكات حقوقية كبيرة من خلال الأساليب الوحشية التي تنتهجها في عمليات المداهمة والاعتقال والقتل وذبح المدنيين والتشنيع بهم.
وقد أعلنت بعض هذه الحركات بشكل واضح مشاركتها مع النظام مثل إعلان الأمين العام لحزب الله مشاركة جنوده في معركة القصير التي حدثت في أبريل/نيسان 2013، وقتالهم جنبا إلى جنب مع جنود النظام ودفاعهم عنه.
إيران
تعد إيران حليفا سياسيا وعسكريا للنظام السوري من قبل الثورة، إلا أنها أسهمت في إطالة عمر النظام ومنع سقوطه من خلال دعمه على عدة مستويات. فعلى الصعيد الاقتصادي وصلت الديون الإيرانية على النظام السوري ما يزيد على 35 مليار دولار. كما عملت إيران على إمداد النظام السوري بالأسلحة والمقاتلين، وقد ظهر التدخل الإيراني في سورية بشكل علني وواضح في مختلف المجالات، لا سيما عسكريا، إذ شكلت معركة القصير 2013 نقطة تحول رئيسية في دور إيران العسكري، فلم يعد دورها محصورا بالدعم والإمداد وإنما تحول إلى تولي بعض ضباط الحرس الثوري قيادة المعارك والعمليات.
بالإضافة إلى وجود قواعد عسكرية ومخازن أسلحة ومصانع صواريخ للحرس الثوري وقاعدة دفاع جوي ومقرات للميلشيات في مناطق مختلفة من المدن السورية والقرى. ومدت إيران نفوذها في سوريا من خلال المؤسسات الثقافية والدعوية والخيرية وتأسيس جامعات ومعاهد ومراكز ثقافية، وتجمعات دعوية لنشر المذهب الشيعي مثل المجلس الإسلامي الجعفري الأعلى في سوريا والهيئة العلمائية الشيعية.
ويتهم نشطاء الثورة السورية إيران بالسعي نحو التغيير الديمغرافي في المنطقة من خلال تغيير التركيبة السكانية وترسيخ الوجود الإيراني، لا سيما في منطقة السيدة زينب والقلمون وحمص وريفها الغربي وتحديدا القصير وحلب والزهراء ونبل ودير الزور وريفها الشرقي ومدينة البوكمال.
روسيا
دعمت روسيا النظام السوري سياسيا ودبلوماسيا منذ بدء الثورة السورية على مدار 5 سنوات، ثم تطور الأمر لتشارك معه عسكريا فبدأت سفن الإمدادات العسكرية وطائرات النقل العملاقة تصل إلى الموانئ والمطارات السورية في شهر يونيو/حزيران 2015، وأُنشئت قاعدة حميميم جنوب اللاذقية بـ25 كيلومترا، وسُجل أول هجوم للطيران الروسي يوم 30 سبتمبر/أيلول 2015 من خلال استهداف مواقع للجيش السوري الحر حول حمص.
وتدّعي روسيا شرعية تدخلها من خلال أمرين، الأول أن التدخل كان "بدعوة من نظام شرعي" وهو النظام السوري، والثاني تستند فيه إلى قرار مجلس الأمن رقم 2249، والذي يتيح للأعضاء "اتخاذ التدابير اللازمة لمنع وقمع الأعمال الإرهابية" على الأراضي الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.
إلا أن المنظمات الحقوقية ترد على تدخل روسيا بأن النظام السوري هو "نظام غير شرعي" لاستيلائه على الحكم بالقوة والإرهاب والتهديد، وأنها انتهكت القانون الدولي بارتكاب جرائم إنسانية وجرائم حرب. وقد تسببت القوات الروسية بمجازر متعددة أدت إلى مقتل ما يزيد على 7 آلاف شخص بينهم ما يزيد على 2000 طفل، واستهداف أكثر من 1243 مركزا حيويا من مدارس ومنشآت طبية وأسواق وغيرها حتى نهاية عام 2022.
العقوبات الدولية
سنت الولايات المتحدة الأميركية قانون عقوبات على النظام السوري عرف باسم "قانون قيصر"، وقيصر هو مجند في الجيش السوري كانت مهمته التقاط صور في الأماكن التي جرت فيها جرائم مدنية، ومع بداية الثورة السورية أصبحت مهمته التقاط صور لجثث المدنيين الذين قتلوا تحت التعذيب على يد النظام السوري، ثم انشق عام 2013، وبحوزته 55 ألف صورة لمعتقلين وقتلى داخل معتقلات النظام السوري، وقد هرب بالتعاون مع منظمات حقوقية دولية.
وكان نواب أميركيون قد قدّموا مشروع قانون عام 2016 يهدف إلى إيقاف قتل الشعب السوري بالجملة والوصول لتسوية مع النظام ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان.
ثم بعد المناقشات أقر الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ القانون في ديسمبر/كانون الأول 2019 ووقع عليه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كجزء من قانون ميزانية الدفاع لعام 2020، ودخل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران 2020. وحمل التشريع اسم "قانون قيصر" نسبة للمصور، ويهدف إلى وقف القتل بحق الشعب السوري.
ويفرض قانون قيصر عقوبات على:
- الأجانب المتورطين في معاملات مالية مع مؤسسات تابعة للحكومة السورية.
- الجهات التي تقدم الدعم العسكري للحكومة السورية.
- الميليشيا التي تحارب مع النظام السوري من أي دولة أخرى.
- الجهات التي تقدم الدعم المالي أو التقني أو المعلوماتي للحكومة السورية.
- الجهات التي تساعد على توسعة الإنتاج المحلي من الغاز أو النفط ومشتقاته.
- الجهات التي تقدم الطائرات أو الخدمات المرتبطة بالطيران لأهداف عسكرية.
- المسؤولين عن جرائم الحرب والانتهاكات ضد المدنيين، ومنهم: الرئيس السوري ورئيس الوزراء ونائب الرئيس السوري وقادة القوات المسلحة البرية والبحرية والاستخبارات وقادة الأفرع الأمنية ومسؤولين في وزارة الداخلية والمخابرات والشرطة وقادة الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري والمسؤولين عن السجون.
وقد روج النظام لمقولة مفادها أن القانون يتسبب في قطع المساعدات الإنسانية، إلا أنه لا علاقة لقانون قيصر بذلك، فمنظمة الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية أخرى ما زالت تقدم الدعم للمتضررين في مناطق النظام.
ضحايا الثورة السورية حتى العام 2023
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 230224 مدنيا بينهم 15272 قتلوا تحت التعذيب، بالإضافة إلى اختفاء واعتقال 154816 شخصا، وتشريد قرابة 14 مليون سوري.
كما وثقت وجود ما لا يقل عن 874 اعتداء على منشأة طبية، و1416 اعتداء على مكان عبادة، و1611 اعتداء على مدرسة، بالإضافة إلى استباحة المنشآت الحيوية وتحويلها لمراكز اعتقال ونقاط عسكرية، وتدمير مناطق كبيرة من سوريا في محافظات متعددة.