الجامع الكبير بحلب.. بناه الأمويون وأسقط مئذنته الأسد

الجامع الأموي في حلب من أشهر مساجد سوريا، بناه الأمويون وعاصر أحداثا ووقائع وحروبا عاشتها منطقة الشام، ظل صامدا ورممه سلاطين وأمراء، وتعرض لحرائق وعمليات تخريب كان آخرها على يد النظام بعد اندلاع الثورة السورية، حيث أسقطت مئذنته التاريخية وأحرقت جنباته وخربت قاعات الصلاة فيه.

التأسيس
بني الجامع الأموي نحو عام 716 للميلاد، وتشير مصادر تاريخية إلى أن الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك هو الذي أمر ببنائه، فيما تشير مصادر أخرى إلى أن الوليد بن عبد الملك هو الذي قام بذلك.

يحمل كذلك اسم جامع زكريا بسبب روايات غير ثابتة تزعم أن قطعة من جسد النبي زكريا عليه الصلاة والسلام موجودة فيه. 

التاريخ
لم يكن الجامع الأموي في حلب بمنآى عن الصراعات السياسية التي عاشتها المدينة خلال قرون، حيث أحرقه إمبراطور الروم عام 962 للميلاد، قبل أن يأمر الأمير سعد الدولة بإصلاحه.

وفي 1169 تعرض المسجد لحريق كبير لم تتضح أسبابه، واجتهد الملك نور الدين زنكي في إصلاحه وترميمه وزيادة مساحته، وقطع له أعمدة صفراء من بعاذين (من قرى حلب).

وفي عام 1259 ميلادية استولى التتار بقيادة هولاكو على حلب فأحرقوا الجامع ودمروا المدينة، وذلك مباشرة بعدما خربوا بغداد ودمروها، وهي التي كانت مركز الحضارة الإسلامية حينها.

وتذكر المصادر التاريخية أن المماليك منحوا اهتماما ملموسا للمسجد، خاصة الظاهر بيبرس وقلاوون وابنه الناصر محمد.

عمارة فريدة
أقيم الجامع الأموي على مساحة أرض طولها 105 أمتار من الشرق إلى الغرب، وعرضها نحو 77.75 مترا من الجنوب إلى الشمال. 

لدى المسجد أربعة أبواب، شمالي قرب مكان المئذنة، وغربي يطل على شارع المساميرية، وشرقي ينفذ إلى سوق المناديل، وجنوبي قرب سوق النحاسين.

وكان للمسجد صحن واسع محاط بأروقة ثلاثة.

في أيام الملك الظاهر بيبرس كان المحراب الأصفر للحنابلة، والمحراب الكبير للشافعية، والمحراب الغربي للحنفية، أما الشرقي فكان للمالكية. 

ومع اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011 دمرت الأسواق المغطاة المحيطة بالمسجد في المعارك بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة عامي 2012 و2013، لكن ورغم الأضرار الجسيمة لم تتأثر وقتئذ أجزاء كبيرة منه. 

ولاحقا -ومع استمرار القصف- تعرض مصلى النساء أثناء المعارك لعملية حرق كاملة، فيما لم يتعرض مقام النبي زكريا في تلك الفترة للتدمير واختفت منه بعض آثار الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنبر الخطيب وهو الثاني من نوعه في العالم الإسلامي، حيث يوجد الأول في القدس

وأسقطت المئذنة
لكن في أبريل/نيسان 2013 تعرض الجامع الأموي لكارثة محققة بعد إسقاط المئذنة بسبب القصف، حيث بادرت قوات النظام السوري إلى اتهام المعارضة المسلحة بهدمها، فيما نفت المعارضة مسؤوليتها، مؤكدة أن النظام هو المتورط. 

وظهرت أشرطة مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر مكان المئذنة الذي تحول إلى ركام.

وكانت المئذنة فريدة من نوعها على مستوى المعمار، وقد وصف عالم الآثار إرنست هرتسفلد النمط المعماري للمئذنة بأنه نتاج حضارة البحر المتوسط.

وتشير المصادر السورية إلى أن ارتفاع المئذنة وصل إلى 54 مترا، ورممت وأدخلت عليها تحسينات أكثر من مرة، واعتبرت نموذجا لتطور الهندسة في العهدين الأيوبي والمملوكي تحديدا.

وأثناء حقبة المماليك رمم المسجد وزين بالنقوش والزخارف الإسلامية، كما بني محراب يشير إلى اتجاه القبلة.

وفي عام 1285 أمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون بتشييد المنبر الجديد أو ما يطلق عليه منبر الواعظ.

المصدر : مواقع إلكترونية + وكالات