"إف 35" المقاتلة "الشبح" الأكثر تطورا لدى إسرائيل

FILE PHOTO: A Lockheed Martin F-35 fighter jet performs during the International Aerospace Exhibition ILA on the opening day at Schoenefeld Airport in Berlin, Germany June 5, 2024. REUTERS/Axel Schmidt/File Photo
سعر النسخة الواحدة من طائرات "إف 35" يبلغ نحو 110 ملايين دولار (رويترز)

طائرة قتالية أميركية من الجيل الخامس، تتميز بقدرتها الكبيرة على المناورة وتفادي رصدها من الرادارات، وتستخدم للهجوم الجوي والأرضي والحرب الإلكترونية، وثمن النسخة الواحدة منها 110 ملايين دولار، وكانت إسرائيل ثاني دولة تضمها إلى ترسانتها العسكرية بعد الولايات المتحدة الأميركية.

التصنيع

أطلق برنامج "إف-35" المعروف باسم "المقاتلة المشتركة متعددة المهام" (جوينت سترايك فايتر) في تسعينيات القرن الـ20، بهدف تطوير طائرة قتالية واحدة متعددة الاستخدامات تخدم مختلف أفرع القوات المسلحة الأميركية، وتوفر في الوقت ذاته حلا موحدا للقوات الجوية في الدول الحليفة، لا سيما أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) وشركاء الولايات المتحدة الآخرين.

وسعت هذه المبادرة إلى توحيد منصة جوية قادرة على أداء مهام متعددة، تحل محل مجموعة متنوعة من الطائرات التي كانت مستخدمة في سلاح الجو وسلاح البحرية، ومشاة البحرية الأميركية (المارينز)، إضافة إلى القوات الجوية المتحالفة.

وقد تنافست شركات عدة للفوز بعقد التصنيع، واقتصر السباق النهائي على نموذجين أوليين: "إكس-35″ من شركة لوكهيد مارتن، و"إكس-32" من شركة بوينغ.

وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول 2001، اختيرت طائرة "إكس-35" لتكون الأساس الذي سيُبنى عليه البرنامج، متفوقة على "إكس-32" بفضل قدرتها على الإقلاع القصير والهبوط العمودي (إس تي أو في إل)، التي اعتمدت على نظام "مروحة الرفع"، وأثبت فعالية أكبر من النظام المستخدم في النموذج المنافس.

فيما بعد، أعيدت تسمية الطائرة من "إكس-35" إلى "إف-35 لايتنينغ الثانية" (F-35 Lightning II)، تكريما للطائرة "بي-38 لايتنينغ" التي استخدمها سلاح الجو الأميركي في الحرب العالمية الثانية.

وقد أجرت النسخة الأولى، "إف-35 إيه"، أول رحلة تجريبية لها في 15 ديسمبر/كانون الأول 2006، إيذانا ببدء عصر جديد في تكنولوجيا الطيران القتالي.

خصائص تقنية

يبلغ طول "إف 35" نحو 15.7 مترا، وارتفاعها 4.33 أمتار، وتصل سرعتها إلى نحو ألفي كيلومتر في الساعة، وتستخدم في جميع أقسام الجيش.

وهي طائرة مقاتلة ذات مهام متعددة، لها قدرة هائلة على التخفي بحيث لا تستطيع الرادارات رصدها، لذلك تسمى المقاتلة الشبح.

إعلان

وتستطيع "إف 35" التحليق مسافات بعيدة دون الحاجة إلى التزود بالوقود، ويصل مدى التحليق إلى 2200 كيلومتر، وبسرعة 1.6 ماخ، أي نحو ألفي كيلومتر في الساعة.

وقدرت تكلفة برنامج إنجاز طائرة "إف 35" بنحو 400 مليار دولار، ويصل سعر الطائرة الواحدة إلى نحو 110 ملايين دولار.

وتعد إلكترونيات الطيران المتقدمة سمة مميزة، إذ يوفر رادار "إيه إن/إيه بي جي-81 إيه إي إس إيه" تتبعا واستهدافا بعيد المدى.

ويستخدم نظام الفتحة الموزعة "دي إيه إس" 6 كاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء للحصول على رؤية بزاوية 360 درجة، ويوفر نظام الاستهداف الكهروضوئي "إي أو تي إس" كشفا بعيد المدى واستهدافا دقيقا.

القدرة على التخفي

تستخدم "إف 35" منظومة تجعلها قادرة على المناورة بشكل أكبر من الطائرات التي تستطيع التخفي عن رصد الرادارات لكنها لا تستطيع المناورة، وهي بذلك قادرة على أداء مهام قتالية -دفاعية كانت أم هجومية- حتى في الظروف الجوية الصعبة.

ويخلو هيكل الطائرة الأملس من الزوايا الحادة، وأسطحه مائلة، وحتى غطاء قمرة القيادة مُعالج بمواد خاصة تمتص الموجات. وتؤدي هذه الميزات التصميمية إلى تشتيت موجات الرادار في اتجاهات مختلفة بدلا من ارتدادها نحو المصدر.

تُغطى الطائرة بمواد ماصة للموجات الرادارية، تعمل مثل إسفنجة تمتص الطاقة وتحولها إلى كميات ضئيلة من الحرارة، كما تعالج المسامير وخطوط الألواح بعناية فائقة أو تُخفى بالكامل، إذ حتى الفجوات الصغيرة أو الحواف قد تعكس الموجات.

وتستخدم أطقم الصيانة مواد خاصة لسد أي فجوات بعد عمليات الإصلاح، مما يضمن الحفاظ على خاصية التخفي.

وصُمّمت الطائرة بشكل يقلل آثار حرارة العادم لمنع اكتشافها بالأشعة تحت الحمراء، وذلك عبر تبريد الغازات وإخفاء المحرك عميقا داخل هيكل الطائرة، مما يُضعف البصمة الحرارية ويُعقّد عملية الاستهداف.

وتستخدم "إف-35″ أنظمة حرب إلكترونية متطورة للتشويش على الرادارات أو خداعها أو تجنّبها بشكل كلي.

وتملك أجهزة حاسوب واستشعار قادرة على رصد التهديدات مسبقا، بل تشارك هذه المعلومات مع طائرات أخرى عبر قنوات اتصال غير تقليدية، دون إصدار إشارات راديوية تُكشف، وتعتمد في ذلك على ما يُعرف بـ"الصمت الإلكتروني".

التسليح والقدرات القتالية

وبإمكان الطائرة حمل أسلحة متنوعة، بينها قنابل موجهة بالليزر وصواريخ موجهة جو-جو، بينما لم تتأكد الأنباء بشأن قدرتها على حمل رؤوس نووية.

وعلى خلاف المقاتلات التقليدية التي تُحمّل قنابلها وصواريخها على الأجنحة أو السطح الخارجي، مما يزيد من البصمة الرادارية، تُخفي "إف-35" أسلحتها داخل حجرات مدمجة في الهيكل.

وتسلح الطائرة بترسانة متعددة الاستخدامات قادرة على حمل ما يصل إلى 18 ألف رطل من الذخائر داخليا وخارجيا اعتمادا على متطلبات التخفي.

وللطائرة قدرة على تفادي المضادات الأرضية، مثل صواريخ إس 300 وإس 400 الروسية المتطورة.

وتعمل أنظمة المهام المتكاملة في الطائرة "إف-35" على دمج البيانات بشكل آني من أجهزة الاستشعار المختلفة، مما يؤدي إلى إنشاء صورة ظرفية متماسكة، ويدعم دمج البيانات هذا اتخاذ قرارات متفوقة وتبادل المعلومات بشكل فعال بين القوات المتحالفة، مما يوفر ميزة إستراتيجية في سيناريوهات القتال المعقدة.

إعلان

خوذة فريدة

وبحسب تقارير إعلامية، فإن تكلفة الخوذة الواحدة تبلغ نحو 400 ألف دولار، وتمكن الخوذة الطيار من رؤية الأرض بوضوح في الليل والنهار وكل أجهزة الطائرة الحيوية، كما تزوده أيضا بالصور.

ويتسع خزان الوقود لنحو 18 ألف لتر، أي ضعفي سعة خزان الوقود في طائرة إف 16. وتتكون الطائرة من 300 ألف قطعة، ولها محرك واحد ومقعد واحد للطيار وفتحتان للتهوية، ويتوجب على طاقمها ومهندسيها والطاقم الأرضي أن يعرفوا 500 مصطلح ليتمكنوا من تشغيلها.

وكانت الطائرة قد عانت من مشاكل عدة أثناء تصنيعها، ففي 16 سبتمبر/أيلول 2014 أعلنت متحدثة باسم سلاح الجو الأميركي أن القوات الجوية أصدرت قرارا بإيقاف 13 مقاتلة من نوع "إف 35" عن الطيران بسبب عيوب في المادة العازلة بخطوط تبريد أنظمة الطيران الإلكترونية داخل خزانات الوقود.

التطوير والأنواع

  • الطائرة "إف-35 إيه"

تمثل النسخة الأخف وزنا والأصغر حجما ضمن السلسلة، وتُستخدم بشكل رئيسي من سلاح الجو الأميركي. تتميز بمدفع داخلي من عيار 25 مليمترا، وتبلغ حمولتها القتالية القصوى نحو 18 ألف رطل، مع مدى طيران يتجاوز 1200 ميل بحري.

كما يمكنها العمل كمركز قيادة طائر، بفضل قدرتها على جمع وتبادل المعلومات مع الطائرات الأخرى ووحدات القيادة. ودخلت الخدمة في أغسطس/آب 2016.

  • الطائرة "إف-35 بي"

مخصصة لقوات مشاة البحرية الأميركية وسلاح البحرية الملكية البريطانية، وجهزت بنظام رفع من شركة "رولز رويس" يتيح لها الإقلاع القصير والهبوط العمودي. يمكنها حمل ما يصل إلى 15 ألف رطل من الذخائر، ويبلغ مداها قرابة 900 ميل بحري. ودخلت الخدمة في يوليو/تموز 2015.

  • الطائرة "إف-35 سي"

مصممة خصيصا لسلاح البحرية الأميركي، وتمتاز بأجنحة أعرض ومعدات هبوط معززة تناسب عمليات الإقلاع بمنجنيق والهبوط على حاملات الطائرات.

يبلغ امتداد جناحيها 43 قدما، مع أطراف قابلة للطي لتسهيل التخزين. تحتوي على 19 ألفا و750 رطلا من الوقود الداخلي، مشابهة للنسخة "إف-35 إيه"، مما يمنحها مدى يتجاوز 1200 ميل بحري. ودخلت الخدمة في فبراير/شباط 2019.

الطائرة "أدير" المعدلة لأجل إسرائيل

جيل خاص صمم خصيصا لتلبية الاحتياجات التشغيلية للقوات الجوية الإسرائيلية، وهي طائرة "إف-35 آي أدير" (أدير تعني بالعبرية "العظيم")، وتعد عنصرا محوريا في الإستراتيجية الدفاعية الإسرائيلية، نظرا لقدراتها المتقدمة وميزاتها المخصصة.

تتضمن هذه النسخة أنظمة إسرائيلية متطورة للحرب الإلكترونية تشمل أجهزة استشعار متقدمة، ومعدات تشويش للرادار، وإجراءات مضادة طورتها شركات مثل "إلبيت" وشركة "الصناعات الجوية الإسرائيلية".

كما زُوّدت بمنظومة "سي 4" (قيادة وتحكم واتصالات وحوسبة) محلية الصنع، وتتيح تكاملا عملياتيا عاليا مع بقية الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية.

ويمكن للطائرة حمل أسلحة متنوعة مثل صاروخ "بايثون-5" جو-جو قصير المدى، وقنابل "سبايس" دقيقة التوجيه.

ويستخدم الطيارون الإسرائيليون خوذة عرض متقدمة صُممت خصيصا للطائرة، وتعرض بيانات الطيران والقتال داخل مجال رؤية الطيار مباشرة.

وتُعد "أدير" أول نسخة من طائرات "إف 35" يتم استخدامها في عمليات قتالية، إذ نفذت مهام استهدفت البنية العسكرية الإيرانية في سوريا عام 2018.

ويشغّل سلاح الجو الإسرائيلي أسرابا عدة من هذا الطراز، منها سرب "أسود الجنوب" (رقم 116) و"الطيار الأول" (117) و"النسر الذهبي" (140) المتمركز في قاعدة نيفاتيم الجوية في النقب.

وفي يونيو/حزيران 2025، أكد الجيش الإيراني أنه استهدف مقاتلة "إف-35" إسرائيلية غربي البلاد، وأن الطيار قفز بمظلته، وذلك عقب قصف الجيش الإسرائيلي إيران بأكثر من 200 طائرة مقاتلة منشآت عسكرية ونووية وقادة إيرانيين كبارا في مؤسسات أمنية وعسكرية وبحثية.

في المقابل، نفى مسؤول إسرائيلي أن تكون إيران أسقطت طائرتين حربيتين إسرائيليتين حسبما أفادت تقارير، واصفا الأمر بأنه "خبر كاذب".

إعلان

ترامب وإسرائيل

وإلى جانب التقنيات المتطورة التي تتميز بها، اشتهرت "إف 35" بالصفقة الكبيرة التي عقدتها إسرائيل للحصول عليها، إذ حصلت على الدفعة الأولى المكونة من طائرتين يوم 12 ديسمبر/كانون الأول 2016، كما حصلت على 48 طائرة من النوع نفسه في وقت لاحق تدريجيا حتى عام 2022.

وحضر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قاعدة نيفاتيم الجوية في جنوب صحراء النقب حفل استقبال الطائرتين برفقة وزير الدفاع الأميركي آنذاك آشتون كارتر، وعلق نتنياهو على استقبال الطائرتين بقوله "ذراعنا الطولى أصبحت الآن أطول وأقوى".

في حين أكد كارتر أن الطائرتين مهمتان للحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة.

وبصفقة 50 طائرة من نوع "إف 35" أصبحت إسرائيل أول دولة بعد الولايات المتحدة تحصل على طائرة "إف 35" الشبح المقاتلة التي زادت قدرتها على مهاجمة أهداف بعيدة ومنها إيران.

وترافق الإعلان عن الصفقة مع تسبب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في خسارة كبرى للشركة المصنعة "لوكهيد مارتن" بسبب تغريدة قدرت بـ5 مليارات دولار في يوم واحد.

وتحدث ترامب في تغريدته بنفس انتقادي عن تكلفة إنتاج طائرة "إف 35" الباهظة، وغرد على منصة "إكس" (تويتر سابقا) قائلا إن برنامج طائرة "إف 35" وتكلفته "خارج حدود السيطرة، مليارات الدولارات سيتم توفيرها من الجيش (وغيره) من المشتريات عقب 20 يناير/كانون الثاني (2017)"، في إشارة إلى اليوم الذي تسلم فيه منصبه رئيسا للبلاد.

وتسببت التغريدة في انهيار أسهم "لوكهيد مارتن" بنحو 5%. ونقلت قناة "سي إن بي سي" الأميركية الاقتصادية عن المتحدث باسم الشركة بيل فيلبس قوله إنها عملت على "تقليص نفقة برنامج إف 35 بمقدار 60%".

المصدر: مواقع إلكترونية + وكالات

إعلان