مايكروسوفت.. عملاق البرمجيات المتهم بالتواطؤ مع إسرائيل

شركة أميركية متعددة الجنسيات، تتخذ من ريدموند في واشنطن مقرا لها، تعد واحدة من أكثر العلامات التجارية قيمة في العالم، ومن أكبر شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة الأميركية، متخصصة في تطوير وتصنيع وبيع ودعم وترخيص برمجيات الحاسوب وألعاب الفيديو وأنظمة التشغيل، كما تنشط في إنتاج مكونات الحواسيب والخوادم والهواتف.
وأشهر منتجات مايكروسوفت "ويندوز" و"إنترنت إكسبلورر"، إضافة إلى منصة ألعاب "إكس بوكس"، التي حظيت بشهرة عالمية واسعة ومبيعات كبيرة، ومن المنتجات الرئيسية للشركة أيضا "مايكروسوفت 356″ و"أوفيس" و"كوبايلوت" و"سِرفيس" و"ون درايف".
التأسيس
تأسست الشركة في 4 أبريل/نيسان 1975 على يد كل من الملياردير بيل غيتس وزميله بول آلان، اللذين تعاونا على تعديل لغة البرمجة الشهيرة آنذاك "بيسك" (BASIC) التي كانت مخصصة لأجهزة الحواسيب المركزية، لتعمل على واحد من أوائل الحواسيب الشخصية "ألتير". وقد مثّل هذا الإنجاز قفزة نوعية في عالم البرمجيات الشخصية.
انطلاقا من هذا المشروع، أسّس الصديقان شركتهما الخاصة وأطلقا عليها اسم "مايكروسوفت"، وهي كلمة مركّبة من "مايكروكومبيوتر" (الحاسوب الصغير) و"سوفتوير" (البرمجيات)، لتعكس رؤية الشركة لتوفير برمجيات مخصصة للحواسيب الشخصية التي كانت حينئذ في بداياتها.
وفي السنوات الأولى ركّزت الشركة على تطوير وتحسين لغة "بي إيه إي آي سي"، ثم بدأت لاحقا في تصميم لغات برمجة أخرى أكثر تطورا، مما وضعها على مسار النمو المتسارع في مجال صناعة الحوسبة الناشئة آنذاك.
ومن أهم أسباب سرعة هيمنة شركة مايكروسوفت على عالم البرمجيات الطفرة في انتشار الحاسوب الشخصي في ثمانينيات القرن العشرين، واحتكار أكبر منتج عالمي للبرامج المعلوماتية عبر ويندوز، والذي زود أكثر من 90% من حواسيب العالم به، وتلته مجموعة برامج أوفيس.
أرقام دالة
مايكروسوفت من أضخم الشركات في العالم من حيث القيمة السوقية، وهي أكبر شركة لبرمجيات الحاسوب في العالم، وفاقت إيراداتها 254 مليار دولار أميركي حسب إحصائيات السنة المالية 2024.
دخلت مايكروسوفت الألفية الثالثة بمبيعات تصل إلى 26 مليار دولار أميركي تقريبا، وأرباح وصلت إلى نحو 9 مليارات دولار. وسيطر نظام تشغيل ويندوز مع نهاية الألفية الثانية على أكثر من 95٪ من الحواسيب الموجودة حول العالم، بينما سيطر متصفح إنترنت إكسبلورر على أكثر من 96٪ من سوق المُتصفحات.
في الربع الأول من عام 2015 كانت مايكروسوفت ثالث أكبر منتج للهواتف النقالة في العالم بإنتاجها 33 مليون وحدة، أي نحو 7.2% من مجموع الإنتاج العالمي، ونجحت في أن يكون كل جهاز حاسوب شخصي في العالم يحتوي على الأقل على مكون واحد من منتجاتها.
مراحل التطور
بدأت مايكروسوفت مسارها في مجال تطوير وبيع معالجات "بيسك"، واشتهرت بهذا المنتج نظرا لجودته، وتسابقت باقي الشركات لتزويد السوق بمعالجات بيسك المتوافقة مع معالج بيسك من شركة مايكروسوفت.
ونتيجة للإقبال الكبير على معالجات بيسك أصبح الأخير منتجا مرجعيا في السوق، وسجل كل من غيتس وآلان الماركة التجارية "مايكروسوفت" في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1976.
في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، عرضت شركة "آي بي أم" على غيتس وألن العمل لديها لتطوير نظام تشغيل خاص بها، مقابل إغراءات مالية ضخمة. غير أن الثنائي رفض العرض، واختارا بدلا من ذلك شراء حقوق برنامج تشغيل يُعرف باسم "كيو دي أو إس 86" (86QDOS)، وعدلاه وطوراه ضمن شركتهما الناشئة، وباعاه لاحقا لشركة "آي بي أم".
شكّلت هذه الصفقة نقطة تحوّل محورية في مسار مايكروسوفت، إذ منحتها شهرة واسعة في سوق التقنية رغم تواضع حجمها في ذلك الوقت، إذ لم يكن عدد موظفيها يتجاوز 32 موظفا وأرباحها محدودة، مقارنة بـ"آي بي أم" التي كانت تضم ألف موظف وتحقق مداخيل تفوق 300 مليار دولار سنويا.
وفي منتصف ثمانينيات القرن العشرين توسعت أنشطة مايكروسوفت بشكل ملحوظ، وأصبحت مسيطرة على سوق أنظمة تشغيل الحواسيب الشخصية عبر نظام "أم إس-دوس" (MS-DOS)، نتيجة شراكتها الإستراتيجية مع "آي بي أم". واستمر هذا التوسع مع إطلاق حزمة برامج "مايكروسوفت أوفيس"، التي أصبحت لاحقا عنصرا أساسيا في تشغيل الحواسيب الشخصية.
إصدار نظام ويندوز
في عام 1986 أدرجت الشركة أسهمها في البورصة بسعر ناهز 21 دولارا للسهم، وفي عام 1987 أنتجت أول قرص مدمج "سي دي-آر أو إم" (CD-ROM)، وفي عام 1990 أصبحت مايكروسوفت أكبر شركة في العالم في إنتاج برمجيات الحاسوب الشخصي بمبيعات فاقت مليار دولار في عام واحد.
بعد النجاح التجاري الكبير لنظام "إم إس-دوس" اتخذت مايكروسوفت خطوة إستراتيجية لتطوير تجربة استخدام أكثر سهولة وتفاعلا، فدخلت عالم الواجهات الرسومية عبر إطلاق نظام ويندوز.
وأصدرت عام 1990 "ويندوز 3″، الذي شكّل نقطة تحول جوهرية في تاريخها، إذ جمع بين واجهة رسومية متقدمة ودرجة عالية من الاستقرار والأداء، فنال رواجا واسعا في السوق، ومعه بدأت مايكروسوفت في ترسيخ هيمنتها.
وبحلول عام 1993 كانت الشركة تبيع أكثر من مليون نسخة شهريا من ويندوز، وأصبح نظامها يعمل على ما يقارب 90% من أجهزة الحاسوب حول العالم.
ثم جاء العام 1995 بإطلاق إصدار "ويندوز 95" الذي جمع بين قوة "إم إس-دوس" وسلاسة واجهة ويندوز، وتميّز بسهولة الاستخدام بشكل غير مسبوق، مما جعله منافسا مباشرا لنظام "ماك أو إس" الخاص بشركة آبل وكان يعرف ببساطته وواجهته الرسومية المميزة.
ومع مرور الوقت، أصبحت برامج مثل "وورد" و"إكسل" و"بوربوينت" جزءا أساسيا من بيئة العمل والتعليم حول العالم، مما منح مايكروسوفت تفوقا لم يكن فقط نتيجة لجودة المنتجات، بل بسبب إستراتيجية توزيع ذكية، إذ تم ربط حزمة "أوفيس" بأنظمة التشغيل "ويندوز"، مما سهّل على المستخدمين الوصول إليها واستخدامها ضمن حزمة متكاملة.
بحلول نهاية التسعينيات، لم تعد مايكروسوفت مجرد شركة برمجيات ناجحة، بل أصبحت المعيار الذي تُقارن به جميع أدوات الإنتاجية، وامتدت هيمنتها من المنازل إلى كبريات المؤسسات العالمية.
الاستحواذ والتنويع
ومنذ تسعينيات القرن الماضي زادت الشركة تنويع منتجاتها، وفي السنة المالية 1996، تجاوز صافي أرباحها ملياري دولار لأول مرة، وواصلت تسجيل أرباح متتالية حتى أثناء الأزمة المالية من عام 2007 إلى 2009، حين بلغت أرباحها أكثر من 14 مليار دولار في 2009.
ولم تبق مقتصرة على سوق نظام التشغيل ونفذت العديد من صفقات الاستحواذ، كان أبرزها شراء شركة "سكايب" في عام 2011 بقيمة 8.5 مليارات دولار، وكانت الأكبر في تاريخ الشركة حتى عام 2016 حين استحوذت على "لينكد إن" مقابل 26.6 مليار دولار، كما اشترت شركة نوكيا للهواتف عام 2013 بقيمة 7 مليارات دولار.
وسيطرت مايكروسوفت على سوق نظام تشغيل الحاسوب الشخصي "أي بي أم" وعلى سوق البرمجيات المكتبية عن طريق "مايكروسوفت أوفيس"، كما أنتجت طيفا واسعا من البرامج الحاسوبية والخوادم، وانتقلت إلى مجال محركات البحث في الإنترنت بمنتجها محرك "بينغ"، وصناعة ألعاب الفيديو بمنصتها الشهيرة "إكس بوكس".
كما اقتحمت الشركة سوق الهواتف الذكية بهواتف نوكيا و"ويندوز فون أو أس"، وذلك في ظل تحول مزاج المستهلكين في العالم من الاعتماد على الحاسوب الشخصي إلى الاعتماد بشكل كبير على أجهزة الاتصال والحاسوب المحمول وخدمات الإنترنت المختلفة.
وفي عام 2012 دخلت الشركة لأول مرة قطاع إنتاج الحواسيب اللوحية، وأطلقت منتجها مايكروسوفت "سِرفس"، وهو نوع من أنواع الحواسيب اللوحية.
وعام 2019 أعلنت مايكروسوفت عن استثمار مليار دولار في شركة "أوبن إيه آي" التي تطور الذكاء الاصطناعي وأطلقت فيما بعد "تشات جي بي تي"، وانقسمت حصة الشركات للملكية بين 49% لشركة مايكروسوفت والمستثمرين الآخرين، و49% لمنظمة أوبن إيه آي.
وفي عام 2021 أعلنت الشركة عن شراء شركة "نوانس "للذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الكلام مقابل 16 مليار دولار، بعد أن دخلت الشركتان في شراكة عام 2019 لأتمتة الأعمال الإدارية للمستشفيات مثل التوثيق.
وتشتهر "نوانس" ببرنامجها "دراغون" الذي يستخدم التعلم العميق لنسخ الكلام وتحسين دقته بمرور الوقت عبر التكيف مع صوت المستخدم. كما ساعد البرنامج شركة "آبل" في إطلاق المساعد الافتراضي "سيري".
وفي عام 2025 أعلنت شركة مايكروسوفت عن شريحة "ماجورانا 1″، وهي أول شريحة كمومية لها، وقد جاء هذا الإنجاز بعد أن قضت الشركة ما يقارب عقدين من البحث في هذا المجال.
وفي الثالث من مارس/آذار 2025 أعلنت مايكروسوفت أنها ستغلق تطبيق "سكايب" إلى الأبد، وذلك بعد 21 سنة من إطلاقه، ونصحت مستخدمي التطبيق الحاليين بالانتقال إلى تطبيقها المجاني "تيمز"، وفقا لموقع "سي إن بي سي".
الابتكار والدعاوى
في أعقاب صدور النسخة الثانية من ويندوز، رفعت شركة آبل عام 1988 دعوى قضائية ضد مايكروسوفت تتهمها فيها بسرقة بعض العناصر الخاصة بواجهة التطبيق الرسومية لحاسوب "آبل ماكنتوش".
وفي عام 1990، وبعدما أنتجت مايكروسوفت النسخة الثالثة من نظام التشغيل "ويندوز 3.0″، أضافت آبل ادعاءات إضافية بالسرقة لدعواها القضائية، وبعد جدل طويل في القضايا المثارة بين العملاقين أصدر القاضي حكما لصالح مايكروسوفت.
وفي عام 1998، رفعت وزارة العدل الأميركية و20 ولاية أميركية قضية ضد مايكروسوفت تتهمها فيها باحتكار سوق البرمجيات في تعاطيها مع مبيعات نظام التشغيل "ويندوز" و"إنترنت إكسبلورر".
وبعد أخذ ورد، أصدرت المحكمة حكما في أبريل/نيسان 2000 قضى بأن مايكروسوفت شركة محتكرة ومنتهكة لقوانين حماية المستهلك ضد التلاعب والاحتيال، وعليه فإنها يجب أن تنقسم لجزأين منفصلين: أحدهما لإنتاج نظام التشغيل "ويندوز"، والآخر لإنتاج الإصدارات البرمجية الأخرى لـ"مايكروسوفت".
ورفضت الشركة الحكم وطعنت فيه، وفي العام التالي توصلت إلى تسوية مع وزارة العدل الأميركية قضت بتراجع المحكمة عن قرار التقسيم مقابل كشف مايكروسوفت عن عناصر بعض برامجها للشركات الأخرى لإتاحة الفرصة لها بإنتاج برامج منافسة، مما يمنح أسواق الحواسيب مرونة أكثر ويمنع الاحتكار.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2015، تنازلت مايكروسوفت وغوغل عن الدعاوى القضائية المرفوعة ضد بعضهما البعض، وذلك بعدما وجدتا تسوية للخلافات بينهما بشأن جهاز الألعاب المنزلي "إكس بوكس" والهواتف الذكية التي تنتجها شركة موتورلا.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023 أعلنت مايكروسوفت استحواذها على شركة ألعاب الفيديو "أكتيفجن بليزارد" المصنعة للعبة "كول أوف ديوتي" بمبلغ 69 مليار دولار، على الرغم من اعتراض الحكوميتن البريطانية والأميركية.
وكان منظمون تابعون للجنة التجارة الفيدرالية الأميركية قد طلبوا من إحدى محاكم ولاية كاليفورنيا، منع إتمام صفقة استحواذ شركة مايكروسوفت على شركة "أكتيفجن بليزارد".
وفي يوليو/تموز 2024 أثر خلل فني في أنظمة مايكروسوفت في عرقلة وصول المستخدمين في جميع أنحاء العالم إلى منصات الحوسبة السحابية الخاصة بها، مما أثر على الملاحة الجوية وحركة السفر في العديد من مطارات العالم، وتسبب في إلغاء عدد من شركات الطيران رِحْلاتها الجوية.
المنتجات
بدأت مايكروسوفت بهيمنة في سوق أنظمة التشغيل عبر "إم إس-دي أو إس" (MS-DOS) و"ويندوز" (Windows)، ثم توسعت لتقدم مجموعة واسعة من المنتجات في الحوسبة الشخصية والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والخدمات المؤسسية.
بعدما كان يناهز 79 ألفا نهاية عام 2007، وعدد موظفي الشركة بدوام كامل 228 ألفا، حسب إحصائيات عام 2024، 60% منهم يعملون في المكتب الرئيسي للمؤسسة.
ينقسم الموظفون إلى 4 وحدات عمل أساسية، تشمل:
- وحدة العمليات، وتتضمن التصنيع والتوزيع ودعم المنتجات والخدمات الاستشارية.
- وحدة البحث والتطوير، وهي المسؤولة عن الابتكار وتحسين المنتجات والتقنيات.
- وحدة المبيعات والتسويق، المعنية بترويج المنتجات وبناء علاقات العملاء وتعزيز الحصة السوقية.
ومن قطاعات الأعمال الرئيسية في مايكروسوفت:
- الإنتاجية والعمليات التجارية
منها "مايكروسوفت أوفيس" ويشمل التطبيقات الشهيرة مثل "بوربوينت" و"إكسل" و"وورد" و"تيمز" و"أوفيس "356، إضافة إلى "لينكد إن" و"مايكروسوفت دايناميك" المختصة بالتطبيقات السحابية الذكية لإدارة المالية والمبيعات وسلسلة الإمداد وخدمة العملاء.
- السحابة الذكية
ومنها منصة "آزور" (Azure) السحابية الرائدة، وهي ثاني أكبر مزود عالمي بعد "إيه دبليو إس"، بحصة سوقية بلغت 23% حسب إحصائيات عام 2023. ومن منتجاتها الأخرى في هذا الاختصاص "إس كيو إل سيرفر" و"ويندوز سيرفر" و"فيجيوال ستوديو" و"غيت هب".
- الحوسبة الشخصية المعززة
يشمل نظام التشغيل ويندوز -الذي أطلق في الثمانينيات وأصبح حجر الأساس لنجاح المؤسسة وسيطر على معظم أجهزة الحاسوب في العالم- وأجهزة سيرفس وهي حواسيب تعمل باللمس إضافة إلى أجهزة لوحية هجينة، وسبورات ذكية تعمل باللمس، تستهدف قطاعات التعليم، والعمل المرن.
وأيضا تقنيات الواقع المعزز لتوفير تجارب تفاعلية في تعليم الطب والتصميم الهندسي، وأيضا الإكسسوارات مثل النظارات الذكية والسماعات وملحقات الحواسيب وغيرها، ومحرك البحث "بينغ"، إلى جانب الإعلانات وجهاز الألعاب "إكس بوكس".
اتهامات بالتواطؤ مع إسرائيل
واجهت مايكروسوفت وشركات أميركية وغربية أخرى اتهامات بدعم حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، وتحدثت تقارير عن تقديم هذه الشركات خدمات رقمية لإسرائيل استخدمتها في تعقب "أهدافها" في غزة وفقا لما أوردته وكالة أسوشيتد بريس في تحقيق نشرته يوم 18 فبراير/شباط 2025.
وقد ارتفع استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنيات الذكاء الاصطناعي المُقدمة من مايكروسوفت و"أوبن إيه آي" (تعد مايكروسوفت أكبر المستثمرين فيها) إلى قرابة 200 ضعف بعد شن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما مكّنه من تحديد الأهداف بسرعة غير مسبوقة.
وتضاعف كذلك حجم البيانات المخزنة على خوادم "مايكروسوفت آزور" وبلغ أكثر من 13.6 بيتابايت بحلول يوليو/تموز 2024، وهو حجم يعادل مئات أضعاف الذاكرة اللازمة لأرشفة مكتبة الكونغرس الأميركية بالكامل.
وهذه القفزة في القدرات التقنية لم تكن محض مصادفة، بل نتيجة تعاون وثيق وطويل الأمد بين مايكروسوفت والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، تعزز بعد عملية طوفان الأقصى، علما أن الذكاء الاصطناعي في أساسه لم يصمم لاتخاذ قرارات مصيرية كالقتل، وذلك لنسبة هامش الخطأ الكبير فيه واعتماده على بيانات غير دقيقة أو خوارزميات معيبة، أو "إمكانية اختراعه بيانات" باعتراف "أوبن إيه آي".
ومع تزايد اعتماد إسرائيل على خدمات الحوسبة السحابية، ظهرت شعارات لشركات تقنية كبرى من بينها "مايكروسوفت آزور" بشكل رسمي في عروض عسكرية توضح "الفعالية العملياتية الكبيرة" التي وفرتها هذه الأدوات في استهداف غزة.
واستخدمت إسرائيل أدوات الترجمة والنسخ وتحليل النصوص التي توفرها مايكروسوفت لتحليل مكالمات ورسائل واعتراضات صوتية ورصد سلوكيات وتتبع تحركات المستَهدفين، مما سهّل على الجيش تحديد مواقع واستهداف أفراد بناء على أنماط لغوية أو إشارات محتملة.
ورغم كل ذلك، رفضت مايكروسوفت الرد على أسئلة الصحفيين بشأن حجم ونوعية تعاونها العسكري مع إسرائيل، مكتفية ببيانات عامة تروّج لاحترامها "حقوق الإنسان" و"الدور الإيجابي للتكنولوجيا".
وبدورها قالت "أوبن إيه آي" إنها لا ترتبط بشراكة مع الجيش الإسرائيلي، وإن سياسات الاستخدام لديها تمنع استخدام منتجاتها في تطوير الأسلحة أو إلحاق الضرر بالناس. لكنها غيّرت فيما بعد شروط الاستخدام، وأزالت الحظر الكامل عن الاستخدام العسكري وسمحت بـ"حالات استخدام للأمن القومي تتماشى مع مهمتها".