أختر منصور.. زعيم طالبان الذي لم يعمر طويلا
الميلاد والنشأة
وُلد أختر محمد منصور شاه محمد عام 1963 في قرية بندي تيمور (مقاطعة ميواند) بولاية قندهار الأفغانية، لعائلة من عرقية البشتون.
الدراسة والتكوين
تفيد تقارير بأن الملا أختر منصور التحق -كغيره من قادة طالبان- بعدد من المدارس الدينية الباكستانية التي تعرف محليا بـ"الديوبندية".
الوظائف والمسؤوليات
يعتبر الملا أختر منصور أحد قادة حركة طالبان المؤسسين لها في قندهار عام 1994، ولذلك فقد تولى عدة مناصب ومسؤوليات قبل وبعد سقوط نظام طالبان الذي حكم أفغانستان خلال 1996-2001.
فقد شغل أثناء هذه الفترة منصب وزير الطيران، وبعد عام 2001 كلفته الحركة بإدارة الشؤون العسكرية والسياسية في مجلس شوراها وبنيابة رئيس هذا المجلس، ثم صار نائبا لأمير طالبان الراحل الملا محمد عمر بدلا من عبد الغني برادار الذي اعتقل في باكستان عام 2010.
الخبرة السياسية
راكم الملا منصور خلال 1996-2015 خبرة سياسية وعسكرية أهلته في الأخير لأن يتبوأ المسؤولية الأولى في "إمارة أفغانستان الإسلامية" خلفا لزعيمها التاريخي الملا عمر.
فمنذ انهيار حكم طالبان تحت وطأة القصف الجوي والاجتياح البري اللذين نفذهما التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة إثر هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على أراضيها، كان منصور على موعد مع قيادة حركته في أكثر من ميدان وجبهة ضد التحالف ونظام الحكم الذي أقامه بأفغانستان.
وتقول مصادر الأمم المتحدة إنه خضع للاعتقال بباكستان ثم "أعيد" إلى أفغانستان في سبتمبر/أيلول 2006، ليكون مسؤولا بصفة مباشرة عن أنشطة طالبان في أربع ولايات جنوبي أفغانستان، إذ عُين "حاكم" طالبان على قندهار حتى مايو/أيار 2007، إلى جانب نشاطه في ولايات خوست وبكتيا وبكتيكا.
وتضيف المصادر أن أختر منصور عمل عضوا في مجلس قيادة طالبان مكلفا بتولي رئاسة الشؤون العسكرية بمجلس الحرب التابع لها والمعروف بـ"غِردي جَنغل" مستفيدا من خبرته القتالية الطويلة التي تعود إلى أيام مشاركته في صد الغزو السوفياتي لأفغانستان.
وتولى الملا منصور نيابة رئيس مجلس الشورى الأعلى لطالبان الملا عبد الغنى برادار، وبعد اعتقال الأخير في فبراير/شباط 2010 أصبح منصور مؤقتا المسؤول الأول عن المجلس، ثم عينته الحركة رئيسا لمجلس الشورى ونائبا لأمير الحركة الملا محمد عمر في مارس/آذار 2010.
ويوم 29 يوليو/تموز 2015، انتخب مجلس شورى طالبان بـ"الإجماع" الملا أختر منصور خليفة لأميرها الملا عمر الذي أُعلنت الحركة وفاته رسميا.
وقالت طالبان -في بيان صدر بالبشتونية ونشره موقعها الإلكتروني- إن "مجلس الشورى القيادي اجتمع مع علماء البلد والشيوخ..، وبعد مشاورات طويلة عينوا الرفيق القريب والنائب السابق للملا عمر، الملا أختر محمد منصور أميرا جديدا لإمارة أفغانستان الإسلامية..، واعتبروه أهلا لحمل المسؤوليات..، إذ لسنين طويلة كان مسؤول الشؤون الإجرائية للإمارة الإسلامية".
وقد تحدثت تقارير إعلامية عن خلافات داخل قيادة الحركة حول كيفية اختيار مجلس شورى الحركة للملا منصور. فقد قال قادة من طالبان حضروا انتخابه -في اجتماع عُقد بمدينة كويتا الباكستانية- إن ابنيْن للملا عمر غادرا الاجتماع لعدم رضاهما عن كيفية الاختيار، وإن آخرين يرون أن اختياره كان متسرعا، كما يرى البعض أن يعقوب ابن الملا عمر كان أجدر منه بخلافة والده.
وضمن هذا السياق، أفاد مراسل الجزيرة أن عبد المنان شقيق زعيم حركة طالبان أفغانستان الراحل المُلا عمر، رفض تعيين الملا أختر.
وأكد عبد المنان في رسالة صوتية أن قرار قادة طالبان خلال اجتماعهم بانتخاب أختر منصور زعيما لهم "لم يكن قرارا جماعيا، ومن ثم لا بد من دعوة قادة الحركة السياسيين والعسكريين والمشايخ للتأكيد عليه أو رفضه".
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى من وصفت بأنه عضو في مجلس شورى طالبان قوله إن قرار الانتخاب "اتخذ على عجل، واعترض عدد من الأعضاء من بينهم ثلاثة من مؤسسي طالبان على تعيين أختر منصور".
ويرى مراقبون أن "علاقات الملا منصور الوثيقة بباكستان" تتعرض لانتقاد من قيادات في طالبان، وربما تكون سببا في معارضة بعضهم لانتخابه أميرا لقيادة الحركة في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخها التي دخلت فيها محادثات سلام مع الحكومة الأفغانية، إضافة لمواجهتها هجمات يشنها تنظيم الدولة الإسلامية على مواقعها شرقي أفغانستان.
وفي أول خطاب له بعد انتخابه أميرا للحركة، تعهد الملا منصور -في رسالة صوتية بالبشتونية استغرقت 33 دقيقة، سُجلت خلال "مجلس المبايعة" الذي انعقد يوم 31 يوليو/تموز 2015، وبثت في اليوم الموالي على موقع طالبان الرسمي- بالسير على خطى الراحل الملا عمر، ودعا إلى وحدة الحركة ومواصلة القتال ضد الحكومة.
وقال منصور إن العالم يحاول خلق انقسامات في صفوف طالبان لإضعافها، وإنه يجب على الجميع العمل من أجل الحفاظ على وحدة الحركة التي لا تمكن هزيمتها إذا أظهرت وحدتها، أما "الانقسامات في صفوفنا فلا تخدم سوى أعدائنا وتسبب لنا الضرر".
وتحدث الملا أختر منصور عن عملية السلام مع الحكومة باعتبارها "دعاية من العدو"، وقال "هدفنا وشعارنا هو تطبيق الشريعة وإقامة نظام إسلامي، وسنواصل جهادنا حتى تحقيق ذلك". بيد أنه حذر في المقابل من قتل المدنيين باسم الجهاد مؤكدا أن ذلك ليس من الإسلام، وأضاف "ينبغي أن نفوز بقلوب الناس ومن ثم نستطيع أن نحكم قلوبهم".
الاغتيال
وبعد أقل من عام على تزعمه طالبان، أكدت المخابرات الأفغانية خبر مقتل منصور في غارة أميركية نفذتها طائرة مسيرة يوم 21 مايو/أيار 2016، واستهدفت موقعا في الجانب الباكستاني من الحدود مع أفغانستان.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) قد رجحت أن يكون زعيم حركة طالبان الملا أختر منصور قد قتل في تلك الغارة، بينما نفت حركة طالبان الرواية الأميركية وقالت إن زعيمها ما زال على قيد الحياة.
يُذكر أن الأمم المتحدة أدرجت اسم الملا أختر منذ 25 يناير/كانون الثاني 2001 في قائمة المستهدفين بالعقوبات المفروضة على تنظيم القاعدة والمرتبطين به، والمحدَّثة بتاريخ 27 مارس/آذار 2015، وتتهمه المنظمة بأنه "ضالع في أنشطة الاتجار بالمخدرات".