المجلس الدستوري الجزائري

الموسوعة : دستور الجمهورية الجزائرية

هيئة دستورية مستقلة ذات صفة قضائية، مهمتها مراقبة دستورية القوانين، والسهر على احترام الدستور، وصحة الاستفتاءات والانتخابات التشريعية والتنفيذية.

التأسيس                
يقترن تاريخ المجلس الدستوري الجزائري بتاريخ الدساتير الجزائرية وتعديلاتها، منذ نيل البلاد استقلاها عن فرنسا يوم 5 يوليو/تموز 1962، ومر بثلاثة مراحل: الأولى عام 1963 حيث نص أول دستور للجزائر المستقلة في المادة 63 على إنشاء مجلس دستوري يتولى -حسب ما ورد في المادة 64 منه- صلاحية الفصل في دستورية القوانين والأوامر التشريعية بطلب من رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس الوطني، غير أن تنصيب هذه المؤسسة لم يتم، ولم يتح لها بالتالي ممارسة الصلاحيات الدستورية المخولة لها بسبب الظروف السياسية في تلك الفترة.

أما المرحلة الثانية فكانت مع الدستور الثاني الصادر يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1976 والذي أغفل المجلس وخلا من أي نص يتضمن إقرار هيئة تتولى الرقابة الدستورية، واكتفى بالنص في المادة 186 على أن "الأجهزة القيادية في الحزب والدولة تمارس الرقابة السياسية المناط بها، وذلك طبقا للميثاق الوطني وأحكام الدستور".

ظل الوضع على هذه الحال إلى أن برزت مجددا فكرة الرقابة الدستورية في النقاشات السياسية، وأوصى المؤتمر الخامس لحزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الواحد قبل إقرار التعددية الحزبية) بإنشاء جهاز أعلى تحت سلطة رئيس الجمهورية، الأمين العام للحزب، يكلف بالفصل في دستورية القوانين لضمان احترام الدستور، وتدعيم مشروعية وسيادة القانون، وتعزيز الديمقراطية، غير أن هذه التوصية لم تدرج في الدستور وبقيت دون تجسيد.

وبالتزامن مع التعديلات الدستورية التي أعلنت يوم 23 فبراير/شباط 1989 ولدت فكرة الرقابة الدستورية من جديد، حيث نصت على إنشاء مجلس دستوري يتمتع بصلاحيات أهم من تلك المخولة له بموجب دستور 1963، منها: رقابة دستورية المعاهدات والقوانين والتنظيمات، ورقابة صحة الاستشارات السياسية الوطنية، بالإضافة إلى صلاحيات استشارية يمارسها في ظروف خاصة.

المقر
يقع مقرّ المجلس الدستوري في شارع "11 ديسمبر 1960" بمنطقة الأبيار في الجزائر العاصمة، ويشغل بناية حديثة الإنجاز افتتحها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يوم 4 سبتمبر/أيلول 2007 بحضور وفود عن هيئات الرقابة الدستورية من عدة دول عربية وأجنبية.

تشكيلة المجلس
حددت الفقرة الأولى من المادة 164 من الدستور منذ التعديل الدستوري يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1996 طريقة تشكيل جديدة، ونصت على أن المجلس الدستوري يتكون من تسعة أعضاء يعين رئيس الجمهورية ثلاثة منهم، بينهم رئيس المجلس، ويمثل البرلمانَ عضوان عن كل غرفة، ينتخبهما نظراؤهم، وتنتخب المحكمة العليا عضوا واحدا، وينتخب مجلس الدولة عضوا واحدا أيضا.

ومدة العضوية ست سنوات لجميع الأعضاء، سواء كانوا معينين أم منتخبين، ويجدد نصف عددهم كل ثلاث سنوات. وبناء على ذلك، يضطلع الأعضاء الثلاثة المعنيين بالتجديد في أول تجديد جزئي عرفته المؤسسة، بثلاث سنوات فقط، بعد عملية القرعة مع زملائهم. أما في حالة انتهاء عهدة العضو بسبب الوفاة أو الاستقالة أو المانع الدائم، فتجرى مداولة يتم عقبها تبليغ السلطة الدستورية المعنية، بحسب ما إذا كان العضو المعني منتخبا أو معينا.

التزامات
يخضع عضو المجلس الدستوري للواجبات المحددة في أحكام النظام المؤرخ يوم 28 يونيو/حزيران 2000 المحدد لقواعد عمل المجلس، المعدل والمتمم، (الذي يلغي نظام 1989) والذي ينص في المادة 46 على ما يلي "يجب على أعضاء المجلس الدستوري أن يتقيدوا بإلزامية التحفظ، وأن لا يتخذوا أي موقف علني".

وتنص الفقرة الثانية من المادة 164 من الدستور على ما يلي "بمجرد انتخاب أعضاء المجلس الدستوري أو تعيينهم، يتوقفون عن ممارسة أي عضوية أو أي وظيفة أو تكليف أو مهمة أخرى". ومن ثم، تتنافى ممارسة وظيفة قاضي الدستور في المجلس الدستوري مع ممارسة عهدة برلمانية أو وظيفة حكومية أو أي نشاط آخر عام أو خاص. كما يمنع على كل عضو الانخراط في أي حزب سياسي، لكن المجلس يسمح لأعضائه "بالمشاركة في الأنشطة الثقافية والعلمية إذا رغب في ذلك، على ألا تؤثر هذه الأنشطة على استقلالية المؤسسة وحياديتها".

صلاحيات ومهام
تتنوع صلاحيات المجلس الدستوري الجزائري بين الرقابية، والانتخابية، والاستشارية، إلى جانب الحالات الخاصة المتعلقة بشغور منصب رئيس الجمهورية. وتاليا تفاصيلها:
الصلاحيات الرقابية: من صلاحيات ومهام المجلس الدستوري رقابة دستورية القوانين والتنظيمات والمعاهدات، ورقابة مطابقة القوانين العضوية والأنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان للدستور، وقد تكون رقابة المجلس سابقة أو لاحقة لصدور التشريعات، كما أنها تكون اختيارية إذا تعلق الأمر بالقوانين العادية والتنظيمات، في حين تكون إلزامية على القوانين العضوية والأنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان، بعد إخطار من رئيس الجمهورية.

الصلاحيات الانتخابية: باعتباره قاضيا انتخابيا، يتولى المجلس مراقبة صحة الانتخابات التشريعية والرئاسية والاستفتاءات، ويتلقى الطعون المقدمة بشأنها، ويعلن نتائجها النهائية، إضافة إلى ذلك فقد خوله الدستور صلاحية تمديد فترة إجراء الانتخابات لمدّة أقصاها ستون يوما، في حالة وفاة أحد المترشحين للانتخابات الرئاسية في الدور الثاني أو انسحابه أو حدوث أيّ مانع آخر له.

الصلاحيات الاستشارية: يلجأ رئيس الجمهورية لاستشارته المجلس الدستوري قبل إقدامه على إعلان بعض الحالات التي قد تمس بحقوق وحريات المواطنين، كحالة الحصار والطوارئ والحالة الاستثنائية، إضافة إلى إبداء رأيه حول مشروع التعديل الدستوري الذي لا يعرض على الاستفتاء.
 
الحالات الخاصة: من حق المجلس الدستوري التدخل في حالات خاصة، مثل التأكد من شغور رئاسة الجمهورية في حالة استقالة أو مرض أو وفاة الرئيس، ويصل الأمر إلى تولي رئيسه رئاسة الدولة في حال تزامن شغور رئاسة الجمهورية مع شغور مجلس الأمة.

وقد مارس المجلس صلاحياته الدستورية المقررة في هذا الصدد مرة واحدة لما اقترن فيها شغور رئاسة الجمهورية بسبب الاستقالة، بشغور المجلس الشعبي الوطني بسبب الحل. وبما أن هذه الحالة لم تكن مقررة في دستور 23 فبراير/شباط 1989، فقد أصدر المجلس الدستوري بيانا يوم 11 يناير/كانون الثاني 1992 يثبت فيه الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية ويكلف "المؤسسات المخولة بالسلطات الدستورية المنصوص عليها في المواد 24، 75، 79، 129، 130 و153 من الدستور، أن تسهر على استمرارية الدولة وتوفير الشروط الضرورية للسير العادي للمؤسسات والنظام الدستوري.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية