جمهورية الصين.. مصنع العالم

تصميم خاص خريطة الصين

جمهورية الصين الشعبية، المعروفة اختصارا بالصين، هي أكبر قوة تجارية في العالم، إذ بلغت قيمة تجارتها الدولية 6.3 تريليون دولار أميركي عام 2022. ارتبط اسمها بوفرة التصنيع وكثافة الإنتاج، حتى أصبحت أكبر مصدر في العالم، وثاني أكبر مستورد للسلع في عام 2023، الأمر الذي جعل الكثيرين يطلقون عليها لقب: مصنع العالم.

ويعود الفضل في ذلك إلى الثروة البشرية التي تزخر بها، إذ تعد ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان بعد الهند، وتمثل نسبة سكانها ما يقارب 18% من إجمالي سكان العالم، حسب تقديرات شعبة السكان التابعة لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بمنظمة الأمم المتحدة عام 2024.

المعلومات الأساسية

  • الاسم: جمهورية الصين الشعبية.
  • الاسم المختصر: الصين.
  • العاصمة: بكين.
  • العملة: اليوان، وتُعرف أيضًا باسم الرنمينبي، وهي عبارة باللغة الصينية تعني "عملة الشعب".

التسمية

يعود اسم "الصين" إلى الكلمة الفارسية "چین" (تشين)، والتي اشتُقت من اسم سلالة تشين التي وحدت الصين لأول مرة في القرن الثالث قبل الميلاد تحت حكم الإمبراطور تشين شي هوانغ.

هذه السلالة كان لها تأثير كبير على التاريخ الصيني، ومن هنا جاء استخدام هذا الاسم للإشارة إلى البلاد.

إعلان

وذهب بعض اللغويين إلى أن اللفظة الفارسية "تشين" أصلها في الكلمة السنسكريتية (لغة قديمة في الهند) "تشيناس"، وهو الاسم الذي استخدم للإشارة إلى الصين في بلاد الهند منذ حوالي سنة 150.

الأقاليم والتقسيمات الإدارية

تتشكل جمهورية الصين الشعبية من 22 مقاطعة، وتعتبر أن تايوان هي المقاطعة الثالثة والعشرون، في الوقت الذي تؤكد فيه تايوان أنها دولة مستقلة.

وتوجد في الصين خمس مناطق تتمتع بالحكم الذاتي (التبت وغوانغشي ونينغشيا وسنجان ومنغوليا الداخلية) وتضم أقليات بارزة، إضافة إلى أربع بلديات.

وتُعرف هذه المقاطعات والمناطق والبلديات مجتمعة بـ"بر الصين الرئيسي"، وهو مصطلح يستثني عادة هونغ كونغ وماكاو، المنطقتان الإداريتان اللتان تتميزان بوضع خاص تتمتعان بموجبه بحكم ذاتي متقدم.

البلديات المركزية

تضم الصين أربع بلديات خاضعة للإدارة المباشرة للحكومة المركزية، وهي: بكين وشانغهاي وتشونغ تشينغ، وتيانجين.

المساحة

تبلغ مساحة جمهورية الصين الشعبية حوالي 9,596,961 كيلومترا مربعا. وتعد ثاني أكبر دولة في العالم من حيث مساحة البر، والثالثة أو الرابعة من حيث المساحة الكلية. ويعود هذا التباين إلى عاملين: الأول هو تشبث الصين بأراض مثل "أكساي تشين" والمسالك عبر "كاراكورام" التي تطالب بهما الهند، والثاني هو الاختلاف الحاصل في طريقة حساب المساحة الإجمالية للولايات المتحدة الأميركية، إذ يقدرها كتاب "حقائق العالم" بـ 9,826,630 كم²، بينما تقدرها "الموسوعة البريطانية" بـ 9,522,055 كم².

الموقع

تقع الصين في الجنوب الشرقي للقارة الآسيوية، تحدها من الشمال روسيا ومنغوليا وكازاخستان وقرغيزستان، ومن الغرب تحدها كل من طاجيكستان وأفغانستان وباكستان والهند والنيبال وبوتان وميانمار، أما جنوبا فتحدها لاوس وفيتنام وبحر جنوب الصين، في حين يحدها شرقا بحر شرق الصين والبحر الأصفر وكوريا الشمالية وروسيا.

إعلان

اللغة

تعتبر لغة "قومية الهان" (الصينية المنطوقة والمكتوبة) اللغة الرسمية في البلاد، وتستخدم في جميع أنحائها.

وتحتل هذه اللغة المرتبة الأولى عالميا من حيث عدد المتحدثين بها، وتعرف محليا باسم "زونغ ون"، ورغم أن اللغة الصينية تحتوي على أكثر من 30 ألف رمز، إلا أن 99% من كتاباتها الحديثة تعتمد على حوالي 3000 رمز فقط.

من بين 55 أقلية قومية، تستخدم قوميتا "هوي" و"مانتشو" اللغة الهانية (الصينية)، بينما تستخدم 53 قومية أخرى لغاتها الخاصة، 21 منها لغات مكتوبة، يتم تدريسها في مدارس المناطق التي تقطنها هذه الأقليات.

تاريخ الاستقلال

أُعلن استقلال جمهورية الصين الشعبية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول عام 1949، عندما أعلن ماو تسي تونغ تأسيس الجمهورية من ميدان "تيان آن من" في بكين، بعد انتصار الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الأهلية الصينية. ويُحتفل بهذا اليوم سنويا بوصفه عيدا وطنيا للصين.

إلى جانب العيد الوطني تحتفل جمهورية الصين الشعبية بمناسبات أخرى منها:

  • رأس السنة الميلادية: ويمنح فيه الموظفون عطلة رسمية في اليوم الأول والثاني من شهر يناير/كانون الثاني.
  • عيد الربيع (رأس السنة الصينية الجديدة): ويمنح فيها الموظفون عطلة رسمية لمدة ثلاثة أيام للدوائر الحكومية، ولمدة تتراوح ما بين أسبوع وأسبوعين للمصانع والشركات الخاصة.
  • عيد العمال: الأيام الثلاثة الأولى من شهر مايو/أيار، وتعتمد الشركات والمصانع عطلة رسمية تمتد لأسبوع.

النظام السياسي

النظام السياسي في الصين نظام جمهوري اشتراكي يحكمه الحزب الواحد، إذ يتمتع الحزب الشيوعي الصيني بسلطة كبيرة على جميع مستويات الفعل السياسي في الدولة، مركزيا ومحليا، عبر تدبيره لثلاث سلطات رئيسية:

  • السلطة التنفيذية: يرأسها الرئيس، الذي يشغل أيضا منصب الأمين العام للحزب، ورئيس الوزراء الذي يدير مجلس الدولة.
  • السلطة التشريعية: يمثلها مجلس الشعب الوطني، الذي يعتبر أعلى هيئة تشريعية في البلاد، ويجتمع سنويا لمناقشة وإقرار القوانين والسياسات الوطنية.
  • السلطة القضائية: تتكون من المحاكم الشعبية التي تعمل تحت إشراف الحزب الشيوعي لضمان تنفيذ القوانين والسياسات الحكومية.
إعلان

تنتخب أعضاء مجلس الشعب الوطني المؤتمراتُ الشعبية المحلية، التي ينتخبها المواطنون، ومع ذلك، فإن للحزب الشيوعي دورا كبيرا في اختيار المرشحين المناسبين للانتخابات.

في النظام السياسي الصيني، يتعاون رئيس الجمهورية مع اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب في ممارسة وظائف وصلاحيات رئيس الدولة.

بناء على قرارات المجلس الوطني ولجنته الدائمة، يصدر رئيس الجمهورية الأوامر والقوانين ويعين ويعزل أعضاء مجلس الدولة، كما يمنح الأوسمة وألقاب الشرف الوطنية، ويصدر قرارات العفو الخاص، ويعلن حالات الطوارئ والحرب.

إضافة إلى ذلك يمثل الدولة في الأنشطة الرسمية، ويعتمد المبعوثين الدبلوماسيين الأجانب، ويرسل الممثلين المفوضين إلى الدول الأجنبية، ويصادق على المعاهدات والاتفاقيات الهامة أو يلغيها.

أما مجلس الدولة فهو الذي يمثل الحكومة الشعبية المركزية، وهو أعلى جهاز تنفيذي وإداري في الدولة. يتحمل مسؤولية تنفيذ قرارات المجلس الوطني لنواب الشعب ولجنته الدائمة، ويقدم لهما تقارير عن أعماله.

يحق لمجلس الدولة تحديد الإجراءات الإدارية ووضع اللوائح وإصدار القرارات والأوامر ضمن صلاحياته.

ويتكون مجلس الدولة من الرئيس ونوابه وأعضاء مجلس الدولة والأمين العام والوزراء ورؤساء اللجان (بدرجة وزير) ومحافظ بنك الشعب الصيني ومدير مصلحة الدولة لتدقيق الحسابات.

أما المجلس الوطني لنواب الشعب، فهو أعلى جهاز لسلطة الدولة، ويتألف من نواب يمثلون المقاطعات ومناطق الحكم الذاتي والبلديات المركزية والمناطق الإدارية الخاصة والجيش.

يمارس المجلس السلطة التشريعية ويقرر في المسائل الهامة في الحياة السياسية للدولة. ومن بين وظائفه الرئيسية: تعديل ووضع القوانين والمصادقة على خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية وموازنة الدولة وتقارير تنفيذها وإقرار مسائل الحرب والسلم، وانتخاب مسؤولي أجهزة الدولة العليا وإقرار تعيينهم، بمن فيهم رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس الدولة ورئيس اللجنة العسكرية المركزية، كما يحق له عزلهم من مناصبهم.

إعلان

الجغرافيا

تقع الصين في القسم الشمالي للكرة الأرضية، وتقع جميع أقاليمها، بما فيها المساحات البحرية والجزر، شمال خط الاستواء، وتمتد أراضيها من الشمال إلى الجنوب مسافة 5500 كلم من مركز نهر "هيلونغ" إلى حيد (حافة جبلية) "تسنغمو البحري" في أقصى جنوب جزر "نانشا" في بحر جنوب الصين.

وفي ظل هذه المساحة الشاسعة من الجنوب إلى الشمال فإن أشعة الشمس الدافئة تشرق على جزيرة "هاينان" في حين يلف الشتاء البارد جدا مقاطعة "هايلونغ جيانغ".

أما المسافة من أقصى شرق الصين عند نقطة التقاء نهري "هايلونغ" و"ووسولي" في بلدة "فويوان" بمقاطعة "هايلونغ جيانغ" إلى أقصى غربي البلاد عند هضبة "بامير" بمنطقة "شينجيانغ" الذاتية الحكم لقومية "الإيغور"، فتصل إلى 5200 كلم، وعندما ترسل الشمس المشرقة أشعتها الذهبية على نهر "ووسولي" تكون نجوم آخر الليل ما تزال تتلألأ في سماء هضبة "بامير".

للصين خطوط ساحلية يصل طولها إلى أكثر من 18 ألف كلم، تبدأ من مصب نهر "يالو" في الشمال وتنتهي عند مصب نهر "بيلون" على حدود الصين مع فيتنام في الجنوب.

شكل الصين يشبه هلالا يبرز نحو البحر، وخطوطها الساحلية، المُقسمة بخليج "هانغتشو"، تتنوع من جبال في الجنوب إلى سهول رملية في الشمال. وترتفع خطوط الساحل الجبلية المتعرجة وتنخفض باستمرار، مشكلة بذلك العديد من المرافئ الطبيعية لطيفة المناخ والأجواء، وتسمح بحرية الملاحة والمواصلات على طول السنة ولكل الأنحاء، بما يهيئ الظروف الجغرافية الملائمة لبناء الموانئ وتطوير حركة الملاحة والمواصلات البحرية.

وتوفر السواحل المنبسطة التي تستقبل تساقطات مطرية في أيام محدودة، شواطئ رملية رائعة لتطوير السياحة، وهناك سواحل طينية تتمتع بأشعة شمس قوية تساعد في تبخر مياه البحر بما يسهل تكوين الملح.

في الصين نحو 7600 جزيرة، تتوزع على المياه الإقليمية للبلاد، وتزيد المساحة الإجمالية لهذه الجزر عن 80 ألف كيلومتر مربع. وتمتد أكثر من 6500 جزيرة منها على مساحة 500 كيلومتر مربع أو أكثر، لكل واحدة منها.

إعلان

جزيرة "تايوان" التي تبلغ مساحتها 36 ألف كيلومتر مربع، هي الأكبر بين جزر الصين، تليها جزيرة "هاينان" التي تبلغ مساحتها 34 ألف كيلومتر مربع، وهما معروفتان منذ القدم بأنهما "جزيرتا الكنوز"، وذلك بفضل امتلاكهما لموارد غنية وافرة ومناظر طبيعية خلابة.

أما جزيرتا "دياويوي" و"تشيوي" شمال شرق "تايوان"، فتقعان في أقصى شرق الصين، وهناك 200 جزيرة، يأخذ أغلبها شكل صخور وحيود مختلفة الأحجام في بحر جنوب الصين، وتعود إلى أرخبيل "دونغشا" (الحاجز الرملي الشرقي) و"شيشا" (الحاجز الرملي الغربي) و"تسونغشا" (الحاجز الرملي الأوسط) و"نانشا" (الحاجز الرملي الجنوبي).

وتشمل مجموعة الجزر الهامة الأخرى في الصين كلا من جزر "مياوداو" و"تشانغشان" و"تشوشان" وجزر "بنغهو".

وجزر "تشوشان" في بحر الصين الشرقي منطقة سياحية معروفة على نطاق واسع بفضل جبل "بوتوه"، وهو "مكان بوذي مقدس"، وكذلك بسبب وجود قاعدة صيد أسماك مشهورة داخل الصين وخارجها، وتلقب هذه الجزر بـ"المكان المقدس للبوذية في البحر" و"قاعدة الصيد الشرقية".

المناخ

تمتد أراضي الصين على ست مناطق مناخية، وهي المنطقة المعتدلة الباردة والمنطقة المعتدلة والمنطقة المعتدلة الدافئة والمنطقة شبه الاستوائية والمنطقة الحارة والمنطقة الاستوائية.

تحتل المنطقة المعتدلة والمعتدلة الدافئة والاستوائية معظم أراضي الصين، إذ يعتدل الجو وتتضح الفصول الأربعة، مما يجعلها مكانا مثاليا لعيش الإنسان.

وتختلف الظروف المائية في الصين اختلافا كبيرا بسبب شساعة مساحة أراضيها، وتتأثر كثير من مناطقها بالرياح الموسمية، مما يؤدي إلى عدم توازن الظروف المائية والنقصان التدريجي من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي.

كما تتأثر مناطق جنوبي الصين بشكل كبير بالرياح الموسمية الصيفية وتتساقط فيها أمطار غزيرة، ولا سيما المناطق الساحلية جنوب شرقي الصين، حيث يبلغ معدل سقوط الأمطار سنويا أكثر من ألف مليمتر.

إعلان

أما مناطق شمال غربي الصين فتقع في قلب منطقة أورو-آسيا، ولا تتأثر كثيرا بالرياح الموسمية، لذلك يقل معدل التساقط السنوي فيها عن مائتي مليمتر، ما عدا في بعض الجبال العالية.

السكان

بعدما أزاحتها الهند عام 2023 عن المرتبة الأولى عالميا من حيث عدد السكان، احتفظت الصين بالمرتبة الثانية للعام الثاني تواليا، إذ بلغ عدد سكانها مليارا و408 ملايين نسمة بحلول نهاية عام 2024، وفق ما جاء في تقرير المكتب الوطني الصيني للإحصاء، الذي أصدره شهر يناير/كانون الثاني 2025، مما يعني تراجعا في إجمالي عدد السكان بأكثر من مليون نسمة مقارنة مع إحصائيات عام 2023، التي سجلت مليارا و409 ملايين نسمة.

يعزى هذا التراجع -الذي سجل للمرة الثالثة على التوالي- إلى التحديات الديمغرافية التي تشهدها البلاد، جراء تباطؤ معدل المواليد في ظل ضغوط اقتصادية متزايدة وتغيرات في السلوكيات الاجتماعية للصينيين.

يتوزع هذا العدد الهائل من السكان على مجموعات عرقية مختلفة، تعترف جمهورية الصين الشعبية رسميا بـ56 منها، وتعد عرقية "الهان" أكبرها، إذ تشكل حوالي 91.9% من مجموع السكان.

وإلى جانبها هناك أقليات عرقية كبيرة تشمل قومية "تشوانغ" (16 مليون نسمة) و"المانشو" (10 ملايين) و"هوي" (9 ملايين) و"مياو" (8 ملايين) و"الإيغور" (7 ملايين) و"اليي" (7 ملايين) و"توجيا" (5.75 ملايين) و"المغول" (5 ملايين) و"التبتيين" (5 ملايين) و"بواي" (3 ملايين) و"الكوريين" (مليونان).

زادت سرعة التحضر في الصين عقب مباشرة سياسة الإصلاح والانفتاح، وبلغ معدل التحضر نسبة 64.7% اعتبارا من عام 2022، ويتوقع أن يبلغ نسبة تتراوح ما بين 75% إلى 80% بحلول عام 2035.

بلغ عدد المدن الكبرى في الصين خلال العشرية الثانية من الألفية الثالثة 15 مدينة كبرى وفق أرقام منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

إعلان

الصينيون الهان لا يرون في معتقداتهم الروحية "دينا"، ولا يشعرون أنهم ملزمون باعتناق ديانة دون سواها، ومن ثم من الصعب إيجاد إحصائيات واضحة تخص الديانات في جمهورية الصين الشعبية.

يشترك أغلبية الصينيين في "الدين الكوني الصيني"، وشعائره ومهرجاناته وتقويمه القمري، من دون الانتماء إلى أي تعليم مؤسسي. فقد قدرت الإحصائيات الوطنية التي جرت في بداية القرن الواحد والعشرين أن 80% من شعب الصين، أي أكثر من مليار نسمة، يعتنقون نوعا من الدين الصيني الشعبي، و13% إلى 16% منه بوذيون، و10% طاويون، و2.35% مسيحيون، و0.83% مسلمون.

التاريخ

للصين تاريخ عريق يمتد لآلاف السنين، شهدت أحداثا وتحولات شكلت واحدة من أقدم الحضارات وأغنى الثقافات في العالم، انطلاقا من السلالات الأولى التي وضعت أسس الحضارة الصينية، مرورا بفترات الازدهار الثقافي والاقتصادي في عهد سلالات "الهان" و"تانغ" و"سونغ"، وصولا إلى التحديات التي واجهتها في العصور الحديثة مع تدخل القوى الأجنبية وتأسيس جمهورية الصين الشعبية.

السلالات الأولى

بدأت الحضارة الصينية مع سلالة شيا (حوالي 2070-1600 قبل الميلاد)، تلتها سلالة شانغ (حوالي 1600-1046 قبل الميلاد) وسلالة تشو (حوالي 1046-256 قبل الميلاد).

فترة الممالك المتحاربة

تميزت بالفوضى والمعارك بين الممالك المختلفة (475-221 قبل الميلاد)، انتهت بانتصار دولة تشين عام 221 قبل الميلاد، وهو ما نتج عنه توحيد الصين تحت إمرة أسرة تشين.

اختلف العلماء في تحديد تاريخ بداية هذا العصر، وتتراوح أغلب تقديرات بدايته بين عام 481 و403 قبل الميلاد، إلا أن التاريخ الذي اعتمده المؤرخ الصيني "سيما شيان" -أي عام 475 قبل الميلاد- هو الأكثر استخداما.

العصور الإمبراطورية

  • سلالة "تشين": وحدت الصين لأول مرة تحت حكم الإمبراطور تشين شي هوانغ (221-206 قبل الميلاد).
  • سلالة "الهان": شهدت هذه الفترة (206 قبل الميلاد – 220 ميلادي) ازدهارا ثقافيا واقتصاديا كبيرا.
  • سلالة "تانغ": (618-907 ميلادي) وسلالة "سونغ" (960-1279ميلادي): شكلت الفترات الزمنية تحت حكم السلالتين أزهى عصور الثقافة والفنون في الصين.
إعلان

العصور الوسطى

  • سلالة "يوان": حكم المغول الصين تحت قيادة "قوبلاي خان" (1271-1368 ميلادي).
  • سلالة مينغ: شهدت هذه الفترة (1368-1644 ميلادي) بناء سور الصين العظيم وتطور التجارة البحرية.

العصور الحديثة

  • سلالة تشينغ: كانت آخر سلالة إمبراطورية (1644-1912 ميلادي) وشهدت تدخل القوى الأجنبية في شؤون الصين.
  • الجمهورية والثورة: تأسست جمهورية الصين في 1912، وتلتها فترة من الاضطرابات والحروب الأهلية.
  • جمهورية الصين الشعبية: تأسست في 1949 تحت قيادة ماو تسي تونغ، ومنذ ذلك الحين شهدت تحولات اقتصادية واجتماعية كبيرة.

أبرز المعالم

سور الصين العظيم

تزخر الصين بمواقع أثرية كثيرة، إلا أن سور الصين العظيم يظل أشهرها على الإطلاق. يمثل هذا السور إنجازا مذهلا في الهندسة الدفاعية القديمة، إذ كان درعا لحماية الحدود من الأعداء والغزاة، أما اليوم فيعد أبرز المعالم السياحية في الصين.

وهو سور يمتد على الحدود الشمالية والشمالية الغربية، من "تشنهوانغتاو" على خليج بحر بوهاي (النهرالأصفر) في الشرق إلى منطقة "غاوتاي" في مقاطعة "قانسو" في الغرب.

يبلغ طول سور الصين العظيم حوالي 21,196.18 كلم (13,170.70 ميلا)، ويعد من أهم مواقع التراث العالمي، الذي اختير واحدا من عجائب الدنيا السبع الجديدة في العالم في استطلاع للرأي عام 2007.

كهوف موغاو

"كهوف موغاو" معلمة تراثية عريقة تتميز بها الصين، وهي كهوف قديمة يرجع تاريخها إلى ما قبل 1600 سنة، تقع في مقاطعة "قانسو" شمال غربي البلاد.

تحوي الكهوف رسوما جدارية قديمة، وبداخلها أكثر من 2000 وحدة من النحوت الملونة و45 ألف متر مربع من الرسوم الجدارية في أكثر من 730 كهفا تنتشر في 1600 متر. وسجلت في قائمة التراث العالمى لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (يونسكو) في عام 1987.

تمثال ليشان بوذا

"تمثال ليشان بوذا" العملاق موقع أثري آخر يمكن اعتباره من المواقع الأثرية المهمة في الصين، يقع عند نقطة التقاء ثلاثة أنهار في الجزء الجنوبي لمحافظة "سيشوان"، بالقرب من مدينة "ليشان".

إعلان

بُني هذا التمثال أثناء فترة حكم سلالة "تانغ" (618-907) م، ويعد أكبر تمثال لبوذا منحوت في الصخر في العالم. وأدرجت المنطقة موقعا للتراث العالمي منذ عام 1990.

ميناء فيكتوريا في هونغ كونغ

ميناء فيكتوريا أحد أبرز المعالم في هونغ كونغ، ويشتهر بجماله الطبيعي وموقعه الإستراتيجي بين جزيرة هونغ كونغ وشبه جزيرة كولون، وهو من أكبر الموانئ البحرية في آسيا وثالث أكبر ميناء في العالم.

يُعد ميناء فيكتوريا نقطة الجذب السياحي الأكثر شعبية في هونغ كونغ، بفضل مناظره الطبيعية الخلابة. ولتعزيز جاذبيته السياحية، تقدم الحكومة المحلية عرضا يُعرف باسم "سمفونية الأضواء".

في هذا العرض، تتحد المباني الأيقونية على جانبي الميناء لتقديم عروض فنية مثيرة باستخدام الأضواء الكاشفة، وأضواء الليزر، وشاشات الكريستال.

في عام 2005 أعلنت موسوعة غينيس للأرقام القياسية أن "سمفونية الأضواء" هي "أكبر عرض دائم للضوء والصوت" في العالم.

الاقتصاد

مع قيامها عام 1949 دشنت جمهورية الصين الشعبية مرحلة البناء الاشتراكي للاقتصاد، وتميزت هذه المرحلة بإعادة تنظيم الفلاحة والاعتماد على الصناعات الأساسية والبنيات التحتية، إضافة إلى القضاء على النظام الإقطاعي.

بعد ذلك انتقلت عام 1978 إلى مرحلة الانفتاح على الرأسمالية عن طريق إدخال إصلاحات جذرية على الاقتصاد، إذ سمحت الدولة بإنشاء مقاولات خاصة وتحديث الصناعة والسماح بالملكية الخاصة للأراضي وجلب التكنولوجيا الغربية.

نفذت الصين على مدار هذه السنوات (1978-2025) مخططات جعلت منها ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية.

يرتكز اقتصاد الصين على عدة عوامل رئيسية، أبرزها القطاع الصناعي الضخم الذي جعلها تُعرف بـ"مصنع العالم"، ثم القطاع الزراعي الذي يضع الصين بين أكبر المنتجين الزراعيين عالميا.

وللقطاع الخاص دور حيوي في الحياة الاقتصادية للبلاد، إذ يساهم بحوالي 60% من حجم الاقتصاد و80% من نسبة التوظيف.

إعلان

يعتمد اقتصاد الصين بشكل كبير على التجارة الدولية، فهي أكبر مصدر في العالم، وثاني أكبر مستورد للسلع في عام 2023.

كما تشجع الدولة على الاستثمار الأجنبي المباشر، مما يساعد على نقل التكنولوجيا وتطوير الصناعات المحلية، علاوة على ذلك تركز الصين على الابتكار والتكنولوجيا، وهي جزء مهم في مخططاتها الاقتصادية.

على صعيد الصادرات السلعية، تأتي الصين في مقدمة دول العالم بقيمة صادرات قدرت بـ3.38 تريليونات دولار عام 2023، وبحصة 14.1% من إجمالي الصادرات السلعية على مستوى العالم، والتي بلغت 23.9 تريليون دولار، متقدمة بذلك على الولايات المتحدة الأميركية التي لم تتجاوز قيمة صادراتها السلعية حاجز تريليونَي دولار في السنة ذاتها.

وفي مجال صادرات التكنولوجيا المتقدمة، تتقدم الصين دول العالم أيضا، إذ حققت 769 مليار دولار، وبحصة 22.6% من السوق العالمية التي تبلغ 3.4 تريليونات دولار، في مقابل 166 مليار دولار للولايات المتحدة.

في العام 2024 وصل الناتج المحلي الإجمالي للصين إلى 134.9 تريليون يوان (نحو 18.5 تريليون دولار)، وفقا لتقديرات رسمية نشرها المكتب الوطني للإحصاء في يناير/كانون الثاني 2025.

وسجلت الصين بذلك نموا اقتصاديا نسبته 5%، وهي أبطأ وتيرة نمو منذ ثلاثة عقود، باستثناء الرقم المسجل إبان فترة وباء كورونا (كوفيد-19)، مما ينذر بتحديات يواجهها النموذج الاقتصادي الصيني.

ورغم أن فجوة قيمة الناتج المحلي الإجمالي بين أميركا والصين توسعت على مدار الفترة ما بين (2019 و2023)، من 7 تريليونات دولار في 2019، إلى 10 تريليونات دولار لصالح الولايات المتحدة في 2023، وفق أرقام قاعدة بيانات البنك الدولي؛ فإن الصعود الاقتصادي الصيني، لا يزال يشكل تحديا يؤرق مضجع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

إعلان