الاتحاد الأفريقي منظمة تسعى للتكامل بين دول القارة السمراء

منظمة أفريقية تأسست مطلع القرن العشرين، وعقدت أول قمة لها في يوليو/تموز 2002، وحلت محل منظمة الوحدة الأفريقية، التي تأسست في ظروف مختلفة وبأهداف محكومة بالواقع الاستعماري لبعض الدول آنذاك.
وضع القادة الأفارقة ضمن أهداف الاتحاد تحقيق وحدة وتضامن أكبر بين الشعوب والبلدان الأفريقية، والدفاع عن السيادة والأراضي والاستقلال لكافة الدول الأعضاء، إلى جانب التعجيل بالتكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي لأفريقيا.
وعلى غرار منظمة الوحدة الأفريقية، فإن أهداف الاتحاد وتنفيذ أجندته لـ2063 واجهت جملة من التحديات المرتبطة بأزمات الفقر والأمراض والتصحر والحروب الأهلية، فضلا عن تأثير الانقسامات الإقليمية والدولية على القرارات التي يتخذها.
التأسيس
خلال القمة الاستثنائية لمنظمة الوحدة الأفريقية المنعقدة في 09 سبتمبر/أيلول 1999 بمدينة سرت جنوب ليبيا ناقش قادة المنظمة تأسيس هيئة جديدة تحل محلها، لأنها تأسست في ظروف مختلفة وبأهداف محكومة بالواقع الاستعماري لبعض الدول آنذاك.
وفي 11 يوليو/تموز 2000 التأمت القمة الأفريقية الـ36 بمدينة لومي في جمهورية توغو، وتمت فيها المصادقة على النظام التأسيسي للاتحاد الأفريقي، ووقعته رسميا 36 دولة عضوا، في قمة استثنائية انعقدت بسرت في مارس/آذار 2001.
ثم كانت مدينة ديربان بجنوب أفريقيا مقر انعقاد أول قمة لهذا المولود الجديد من 8 إلى 10 يوليو/تموز 2002، فحل الاتحاد الأفريقي محل منظمة الوحدة الأفريقية بعد 39 عاما من تأسيسها بأديس أبابا في 25 مايو/أيار 1963.
وفي فترة ما قبل تأسيس الاتحاد كان القادة الأفارقة يبحثون خياري الإبقاء على منظمة الوحدة الأفريقية مع تطوير أجهزتها وأهدافها، أو إقامة هيئة جديدة تراعي التطورات الإقليمية والدولية مع الاحتفاظ بالمبادئ الأساسية للمنظمة.
بينما سعي الزعيم الليبي الراحل العقيد معمر القذافي خلال قمتي 2000 و2001 إلى جعل أفريقيا ولايات متحدة على غرار الولايات المتحدة الأميركية.
الأهداف
عبرت قمة سرت في سبتمبر/أيلول 1999 عن دوافع لتشكيل الاتحاد، من بينها جعل منظمة الوحدة الأفريقية أكثر فعالية وأكثر مواكبة للتطورات، واستلهام مبادئ الوحدة والانتماء، ومتابعة نضال الشعوب الأفريقية، وإدراك تحديات القارة والتصدي لها.
ووضعت المادة الـ33 من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي مجموعة أهداف، تتضمن تحقيق الوحدة والتضامن، والدفاع عن السيادة، والتعجيل بالتكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتعزيز السلام والأمن والاستقرار، وتوطيد النظام الديمقراطي، وحماية حقوق الإنسان، والإسراع بالتنمية.
كما نصت المادة الرابعة من القانون التأسيسي على المساواة بين الدول الأعضاء، واحترام الحدود الموروثة عند الاستقلال، وإقامة سياسة دفاعية مشتركة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية إلا في ظروف خطيرة، وحق الدول في طلب التدخل لإعادة السلام والأمن، ورفض وإدانة أي تغيير غير دستوري.
المقر
نصت الفقرة الأولى من المادة 24 من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي على أن مقر الاتحاد يقع في أديس أبابا بجمهورية إثيوبيا الاتحادية الديمقراطية.
بينما نصت الفقرة الثانية من المادة ذاتها على أنه يجوز إنشاء مكاتب أخرى للاتحاد الأفريقي يحددها المؤتمر بناء على توصية من المجلس التنفيذي.
الهيكلة
نص القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي على أن أجهزة الاتحاد تتكون من:
- المؤتمر: وهو القمة السنوية للاتحاد، ويمثل جمعيته العامة، ويضم قادة الدول الأعضاء.
- المجلس التنفيذي: يتولى إعداد القرارات للجمعية العامة، ويتكون من وزراء خارجية الدول الأعضاء.
- برلمان عموم أفريقيا: يمثل السلطة التشريعية للاتحاد.محكمة العدل: تتولى البت في الخلافات بين الدول الأعضاء.
- اللجنة: هي أمانة الاتحاد الأفريقي (المفوضية).
- لجنة الممثلين الدائمين: تتولى مهام الرقابة وتحيل عملها إلى المجلس التنفيذي.
- اللجان الفنية المتخصصة: تتبع للاتحاد العديد من اللجان ذات الاختصاصات المتنوعة.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي: يتولى بناء العلاقة مع منظمات المجتمع المدني، وتقديم الدعم لها.
- المؤسسات المالية: من بينها البنك المركزي الأفريقي وصندوق النقد الأفريقي.
- أي أجهزة أخرى قد يقرر المؤتمر إنشاءها: وقد أنشأ الاتحاد العديد من الأجهزة من بينها مجلس السلم والأمن الأفريقي وغيره.
التمويل
واجه الاتحاد الأفريقي وقبله منظمة الوحدة الأفريقية، عجزا ماليا في الميزانيات التي يتم إقرارها دوريا، ما ألجأه في مرات عديدة إلى فرض عقوبات على عدة دول بسبب تأخر سداد مساهماتها، كما أعفى أخرى من المساهمات وتنازل عن متأخرات بعض الأعضاء بسبب الحروب والصراعات.
وفي قمة الاتحاد الأفريقي الـ27 المنعقدة بالعاصمة الرواندية كيغالي في يوليو/تموز 2016 تم الاتفاق على قرار بفرض نسبة 0,2% على الواردات من أجل تمويل الاتحاد.
وهو قرار اتخذ بعد دراسة عدة خيارات تمويل، منها فرض رسوم إضافية على الرسائل القصيرة وضريبة الضيافة للإقامة في الفنادق، وأخرى على جميع تذاكر الطيران من وإلى أفريقيا.
ويحصل الاتحاد الأفريقي على دعم من الشركاء الخارجيين الذين تتحدث تقارير عديدة عن اعتماده عليهم بنسبة 75% من ميزانيته السنوية.
ووفق الموقع الرسمي للاتحاد فإنه في المتوسط يتم تحصيل 67% من المساهمات المقررة سنويا من الدول الأعضاء، وأن نحو 30 من الأعضاء يتخلفون جزئيا أو كليا عن سداد المساهمات، وهو ما يؤدي إلى فجوة تمويلية بين الميزانية المقررة والتمويل الفعلي لأجندة الاتحاد.
العضوية
نصت المادة 29 من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي على أنه يجوز لأي دولة أفريقية، وفي أي وقت، أن تخطر رئيس اللجنة (أمانة/مفوضية الاتحاد) بنيتها الانضمام إلى هذا القانون وقبول عضويتها في الاتحاد، وتتم عملية القبول بأغلبية بسيطة للدول الأعضاء.
ونصت المادة ذاتها على أنه لا يسمح للحكومات التي تصل إلى السلطة بطرق غير دستورية بالمشاركة في أنشطة الاتحاد.
واعتمد القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي من طرف 53 دولة عضوا في منظمة الوحدة الأفريقية في الدورة العادية الـ36 لمؤتمر المنظمة المنعقد في لومي بجمهورية توغو في 11 يوليو/تموز 2000.
وفي 2011 أصبحت جمهورية السودان العضو الـ54، وفي عام 2016 عادت المملكة المغربية إلى الاتحاد الأفريقي بعد أن انسحبت من منظمة الوحدة الأفريقية عام 1984 احتجاجا على قبول عضوية الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو)، التي أعلنت عن قيام ما سمتها "الجمهورية العربية الصحراوية".
مواجهة الانقلابات العسكرية
نصت المادة 30 من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي على سلسلة إجراءات للتعاطي مع الانقلابات، تبدأ بإدانة التغيير غير الدستوري، وفرض عقوبات على قادته، وفرض عقوبات تجارية، ومنح فترة 6 أشهر لمرتكبي الانقلاب لإعادة النظام الدستوري.
وفي حال فشلت تلك التدابير والإجراءات يحق للاتحاد التدخل عسكريا، لكنه يظل مقيدا بوجود ظرف خطير يتمثل في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
وبالعودة إلى مسار الانقلابات التي شهدتها القارة منذ تأسيس الاتحاد، فقد ظل يكتفي بالتدابير غير العسكرية، من خلال تعليق العضوية ومعاقبة المسؤولين، ثم الاعتراف بنتائح الانتخابات التي يفوز بها الانقلابيون.
وعلى غرار منظمة الوحدة الأفريقية تظهر أزمات الحكم التي تشهدها القارة الأفريقية ضعف صلاحيات ووسائل الاتحاد، وتأثير الانقسامات الإقليمية والدولية على القرارات التي يتخذها.
رؤية 2063 والتحديات المزمنة
تزامنا مع الذكرى الـ50 لتأسيس منظمة الوحدة الأفريقية، أعلن القادة الأفارقة في مايو/أيار 2013 عن رؤية مستقبلية للقارة أطلقوا عليها أجندة 2063.
ويعرف الموقع الرسمي للاتحاد الأفريقي أجندة 2063 بأنها خطة "الإطار الإستراتيجي للقارة، الذي يهدف إلى تحقيق هدفها المتمثل في التنمية الشاملة والمستدامة، وهو تجسيد ملموس للإرادة الأفريقية الشاملة من أجل الوحدة وتقرير المصير والحرية والتقدم والازدهار الجماعي".
وتحدد أجندة 2063 "الأنشطة الرئيسية التي سيتم تنفيذها في السنوات العشر المقبلة. وخطط التنفيذ التي ستمكن أجندة 2063 من تحقيق نتائج تحويلية كمية ونوعية لشعوب أفريقيا".
وتواجه تنفيذ هذه الرؤية تحديات مزمنة عديدة، أبرزها الفقر والأمراض والتصحر والحروب الأهلية، فضلا عن الأزمات بين عدة أقطاب داخل القارة حول القضايا الإقليمية الشائكة.