الحسين بن طلال
ملك أردني حكم البلاد نحو خمسة عقود، شهدت انتهاء الانتداب البريطاني، وتثبيت دعائم الملكية، وهزيمة 1967، وحرب أيلول الأسود. واختتم حياته بالتوقيع على معاهدة سلام مع إسرائيل.
المولد والنشأة
ولد الحسين بن طلال يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1935 في عمان، وهو حفيد الملك عبد الله بن الحسين المعروف باسم عبد الله الأول.
تزوج الأميرة دنيا عبد الحميد وأنجب منها الأميرة عالية، ثم تزوج منى غاردنرز (ابنة ضابط بريطاني كان يعمل في الأردن) وأنجب منها الأمير عبد الله (خليفته في الملك)، وله أبناء أخرى من زوجات مختلفات.
الدراسة والتكوين
تلقى تعليمه الأولي في عمّان ثم الإسكندرية، ثم سافر إلى بريطانيا عام 1950 للالتحاق بكلية ساند هيرست العسكرية.
المسار
في عام 1951 اغتيل جده الملك عبد الله في القدس وكان برفقته، فتولى المُلك والده طلال بن عبد الله، ولكنه أعفي من منصبه بناء على تقرير طبي يقرر عدم قدرته على إدارة المملكة.
وأصدر مجلس الأمة قرارا بتولية الأمير حسين بن طلال ملكا على الأردن مع تعيين مجلس وصاية على العرش إلى حين بلوغ الملك الجديد سن الرشد.
عمل الملك الحسين على تخليص الجيش من العناصر الأجنبية، فأبعد الجنرال البريطاني غلوب قائد الجيش الأردني عام 1955، وأعلن عام 1957 إنهاء الانتداب البريطاني على الأردن استنادا إلى معاهدة 1948.
وأنشأ عام 1958 مع ابن عمه الملك فيصل بن غازي ملك العراق اتحادا عرف آنذاك بالاتحاد العربي الهاشمي، لكنه لم يستمر طويلا فقد انهار فور قيام ثورة 14 تموز/يوليو 1958 في العراق.
وقع على إنشاء حلف دفاعي مع مصر أوائل عام 1967 بعد أن طلب جمال عبد الناصر سحب القوات الدولية المتمركزة على الحدود المصرية الإسرائيلية، وتصالح مع منظمة التحرير الفلسطينية.
لكن الأحداث تتابعت بسرعة مذهلة، فشنت إسرائيل هجوما على مصر وسوريا والأردن أسفر عن ضياع سيناء المصرية والجولان السورية والضفة الغربية من الأردن بما فيها القدس، ونجم عن تلك الهزيمة تدفق مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين على الأردن.
أعلن الملك حسين مشروعا للسلام مع إسرائيل عرف فيما بعد بمشروع النقاط الست، ففي 10 أبريل/نيسان 1969 اقترح أمام نادي الصحافة الوطني في واشنطن خطة من ست نقاط، وذكر في ذلك اللقاء بأنه لا يطرحها باسمه فحسب وإنما أيضا باسم الرئيس المصري جمال عبد الناصر وبتفويض منه.
وتستند الخطة إلى قرار مجلس الأمن 242 الصادر في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1967، وتهدف إلى إقامة سلام عادل ودائم على أساس انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في يونيو/حزيران 1967 وتنفيذ جميع بنود قرار مجلس الأمن الأخرى.
وبعد إعلان الملك حسين مشروعه بيومين رفضته رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير، وأصدرت معظم المنظمات الفدائية الفلسطينية بيانا مشتركا في 15 أبريل/نيسان 1969 أعلنت فيه رفضها لمشروع السلام بعد أن رفضت إسرائيل قرار 242.
أيلول الأسود
وقعت اشتباكات عنيفة بين الجيش الأردني والمنظمات الفلسطينية التي كانت تتخذ لها من الأردن قواعد عسكرية ومكاتب إدارية وسياسية وإعلامية، عرفت باسم أحداث أيلول الأسود عام 1970، وأدت إلى خروج المقاومة الفلسطينية المسلحة من الأردن إلى لبنان.
أعلن الملك حسين في 15 مارس/آذار 1972 عن مشروع لإقامة المملكة العربية المتحدة، وذكر في ذلك المشروع أنه يعتزم تغيير اسم المملكة الأردنية الهاشمية إلى المملكة العربية المتحدة على أن تتكون من قطرين: الأول فلسطين، ويضم الضفة الغربية وأي أراض فلسطينية أخرى يتم تحريرها ويرغب أهلها في الانضمام إلى المملكة المقترحة.
والثاني هو الأردن، ويتكون من الضفة الشرقية، وتكون عمّان عاصمة مركزية للمملكة، والقدس عاصمة لفلسطين، ويكون رئيس الدولة هو الملك، وتتولى السلطة القضائية محكمة عليا مركزية، ويكون للمملكة قوات مسلحة واحدة قائدها الأعلى هو الملك، ويتولى السلطة التنفيذية في كل قطر حاكم عام من أبناء القطر نفسه، وينتخب أهالي كل قطر مجلسا تشريعيا.
وقد رفضت منظمة التحرير الفلسطينية هذا المشروع واعتبرته مؤامرة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، ومحاولة لسلب المنظمة أهليتها باعتبارها ممثلا للشعب الفلسطيني.
وقد اتسمت علاقة الملك حسين بمنظمة التحرير الفلسطينية بالتوتر، فلم يعترف بها ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني كما نص قرار القمة العربية عام 1964، وظلت هذه الحالة حتى عام 1974.
وفي عام 1988 أصدر قراره التاريخي بفك الارتباط القانوني والإداري بين الأردن والضفة الغربية تمهيدا لإعلان الدولة الفلسطينية.
معاهدة السلام
شارك الأردن في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 الذي انبثقت عنه مفاوضات متعددة الأطراف، وتوصل مع إسرائيل إلى التوقيع على معاهدة سلام عرفت باسم اتفاقية وادي عربة عام 1994.
ونصت على اعتراف الأردن رسميا بإسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية وأمنية واقتصادية بينهما، وتخطي الحواجز النفسية وصولا إلى تطبيق قراري مجلس الأمن 242 و338.
الوفاة
أصيب الملك حسين بمرض السرطان عام 1992 وكان يتلقى العلاج بانتظام في الولايات المتحدة، وقد اشتد عليه المرض عام 1998 وأمضى فترة طويلة في الولايات المتحدة للعلاج.
وقبيل وفاته عاد إلى عمّان عام 1999 فأصدر قرارا بعزل أخيه الأمير الحسن بن طلال من ولاية العهد (التي عين فيها 1965) وعهد بها إلى ابنه الأكبر الأمير عبد الله.
وقد توفي يوم 7 فبراير/شباط 1999، عن عمر يناهز 64 عاما، قضى منها 47 عاما ملكا للأردن.