بيجو .. الأسد الفرنسي الذي بدأ من الصلب

The Peugeot logo is seen on a car displayed at the headquarters of French carmaker PSA Peugeot Citroen in Paris, France, February 24, 2016. REUTERS/Charles Platiau

بيجو، فرنسية، تعد ضمن الشركات الأعرق أوروبا وعالميا، وتنتج سيارات نفعية تحمل اسمها، وماركة سيتروين بعد أن اشترتها عام 1976.

التأسيس
نشأت شركة بيجو كمقاولة عائلية عام 1810 وبدأت مختصة في الصلب والتعدين والدراجات الهوائية، فحققت من ذلك شهرة واسعة في فرنسا وأوروبا. ومع ترسخ الثورة الصناعية، فكر أحد الإخوة الشركاء في تأسيس قسم لصناعة السيارات أملا في تحقيق السبق بهذا المجال الجديد الذي ما يزال حينها في مراحل التجريب الأولى، وإن كانت التوقعات في تلك المرحلة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المستقبل في العقود اللاحقة سيكون للسيارة.

عام 1891، صنَّعت بيجو أول سيارة لتصبح أول مقاولة للسيارات في فرنسا والعالم، لكن خلافاتٍ داخل الأسرة وأدت المشروع فقام أحد الشركاء بتأسيس شركة خاصة به لصناعة السيارات حملت اسم بيجو.

الازدهار
نوبة تعلق بالسيارات حلت بالعالم الصناعي في أوروبا وأميركا الشمالية عُرفت في الأدبيات الغربية بسنوات الهوس والجنون، وتميزت بتوسع صناعة السيارات وانخفاض كلفتها وإقبال الطبقة العمالية والمتوسطة على اقتنائها بمعدلات قياسية مقارنة بالقرن الـ19 الذي عرف بواكير صناعة السيارات وكانت خلاله حكرا على الطبقة المترفة نظرا لـغلاء أسعارها.

ومع بداية القرن العشرين، تُوفي مؤسس بيجو "إيجين بيجو" فأخذ أبناؤه حصتهم من المقاولة العائلية وأسسوا ماركة جديدة سموها "ليون بيجو" بينما بقيت الماركة الأم في حوزة عمهم "أرنو بيجو". وعام 1910 اندمجت المقاولتان في شركة واحدة مجهولة للسيارات حملت اسم بيجو.

اعتمدت الشركة الجديدة على أربعة مصانع  تتوزع بين أودينكور وبولييه وليل، وعام 1912 افتتحت مصنعا جديدا في سوشو. ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى كانت بيجو تُنتج أكثر من عشرة آلاف سيارة سنويا أي نصف إجمالي إنتاج فرنسا.

الشعار
اختارت الشركة الأسد شعارا، ومع مرور السنوات وتوسع الأنشطة التجارية أدخلت تحسينات على شعار "ملك الغابة" فغيرت المؤسسة من الخلفية وشكل ظهور الأسد، ففي عام 1998 على سبيل المثال أصبحت الخلفية زرقاء أما الأسد فأصبح فضي اللون، ولاحقا تم تعديل الشعار بإضافة خطوط ليصبح الأسد أكثر وضوحا وتحديدا.

المنافسة
مع نهاية الحرب العالمية الأولى، برزت شركة رينو منافسا شرسا استفاد من مساهمته في المجهود الحربي للحلفاء وإنتاج دبابات للجيش الفرنسي، حتى أن تلك الشركة حظيت بتكريم خاص من دول الحلفاء على مساهمتها في النصر على دول المحور.

برزت كذلك شركة سيتروين الناشئة ذات الاستثمارات الهائلة والتي حققت مكاسب مضطردة ومقلقة. ومع ذلك، فقد استطاعت بيجو الصمود باتخاذ إجراءاتٍ عاجلة تمثلت في فصل فرعها المختص بالمحركات عن فرع السيارات والتخلي عن صناعة المقطورات نهائيا.

مكّنت هذه التدابير بيجو من استعادة عافيتها واجتياز أزمة 1929 وتداعياتها فترة الثلاثينيات بجدارة. وهكذا تمكنت من الانخراط بجدارة في سباق التسلح السابق على الحرب العالمية الثانية.

وخلال الحرب، وفرت الشركة لـألمانيا النازية سيارات ومحركات طائرات وقطع غيار الدبابات حتى أن أكثر من 90% من صادراتها اعتبارا من عام 1941 كانت توجه لألمانيا.

لكنها لم تتعرض للعقوبات التي تعرضت لها رينو بعد التحرير، ذلك أن بيجو كانت مرغمة على هذا التعاون عكس الأخرى، وفق متابعين.

ما بعد الحرب
في فترة ما بعد الحرب وما ميزها من ندرة، اضطرت الشركة إلى اتباع سياسات توفق بين التقشف والنجاعة.

وهكذا استمرت في سياسة عدم تنويع الإنتاج إلى حدود 1955 فتم إنتاج "بيجو 403" وهي أول سيارة فرنسية تعمل بالديزل، وحققت نجاحا باهرا ومكنتها من غزو السوق الأميركية مطلع الستينيات.

وبحلول 1970، أصبحت ثاني مصنع سيارات بفرنسا بعد رينو بمعدل سنوي بلغ خمسمئة ألف سيارة، كما دخلت في شراكات مع رينو وفولفو لإنتاج محركات جديدة وفق قواعد تقنية مختلفة شكلت ثورة جديدة بقطاع السيارات خلال النصف الثاني من القرن العشرين، كما توسعت محليا بشرائها ماركة سيتروين.

التوسع والعالمية
بعد تجربة التوسع إلى السوق الأميركية بالستينيات، أقامت بيجو شراكة مع شركة إيرانية وأقامت مصنعا للتركيب في طهران، لكن أزمة الرهائن الأميركية وما أعقبها من توتر بعلاقات طهران والغرب أدخلت المشروع فترة سباتٍ لم تنته إلا مع توقيع الاتفاق النووي عام 2015.

ومطلع التسعينيات، بدأت باستكشاف آفاق عالمية فأقامت مصانع في أفريقيا وتحديدا نيجيريا، وعام 2010 تفاوضت مع سلطات الجزائر على إقامة مصنع كما فعلت الشيء ذاته مع المغرب وأثمرت المفاوضات اتفاقا على إقامة مصنع بالمنطقة الحرة بمدينة القنيطرة يبدأ تشغيله عام 2022.

ووفق إحصائيات 2014، تحتل بيجو سيتروين المرتبة الرابعة عالميا والأولى أوروبيا بين مصنعي السيارات.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية