يمثل 55% من استهلاك اللحوم.. قطاع الدواجن بالمغرب يحاول استعادة عافيته في رمضان

تعرف أسعار الدواجن ارتفاعا في الأسواق يعزوه المنتجون لتداعيات الأزمة على الإنتاج وارتفاع التكاليف بسبب تعاقب الجائحة والجفاف وارتفاع سعر الأعلاف

قطاع الدواجن في المغرب قطاع خاص 100% (الجزيرة)

بمهارة وخفة ينهمك عبد الرحيم (في الثلاثينيات من عمره) صاحب محل لبيع الدجاج الحَي بأحد أحياء العاصمة المغربية الرباط، في عمله، بحركات تلقائية أصبحت مألوفة لديه، يزن الدجاج حيا حسب رغبة العميل، ويذبحه ويقوم بتنظيفه ويضيف له شرائح الليمون قبل أن يسلمه مرفوقا بابتسامة رضا للمشتري.

تعلن أصوات الدجاج عن وصول عبد الرحيم لمحله الذي يعرف حركية ترتفع مع حلول رمضان، وتمثل لحوم الدواجن أكثر من 55% من استهلاك المغاربة من اللحوم، ما يجعله قطاعا اقتصاديا مهما، فما أهم خصائصه؟

تلبية الاحتياجات

يقصد عبد الرحيم سوق الجملة في الصباح الباكر، حيث يشكل السوق نقطة بيع مركزية بالرباط تجمع تجار جملة الدواجن الآتين من ضِيَع الإنتاج ومنه توزع على الوحدات الصغيرة ومحلات الدجاج الحَي (محلات توجد بمختلف الأحياء والأسواق الصغيرة، تزود الأسر).

ونظرا لأسعارها المنخفضة نسبيا مقارنة بالمواد الغذائية الحيوانية الأخرى، فإن منتجات الدواجن تشكل ملاذا للبروتينات من أصل حيواني.

وفي عام 2020 أنتج المغرب 635 ألف طن من لحوم الدواجن و5.5 مليارات من بيض المائدة (حسب معطيات الفدرالية المهنية لقطاع الدواجن بالمغرب) منها 535 ألف طن من لحم الفروج، و100 ألف طن من لحم الديك الرومي.

ويغطي القطاع حاليا 100% من متطلبات لحوم الدواجن، و100% من متطلبات استهلاك البيض، ويقدر استهلاك الفرد في السنة من اللحوم البيضاء بحوالي 22.1 كيلوغراما و195 بيضة.

وقطاع الدواجن قطاع خاص مائة بالمائة، ويتوفر المغرب على مراكز تكوين مهني، وراكم رواده خبرة واسعة.

ويستورد المغرب الدجاجات الأمهات من إسبانيا وفرنسا وبريطانيا عمرها يوم واحد، فيما يصدر البيض المعد للتفقيس نحو أفريقيا الغربية.

ارتفع إنتاج اللحوم البيضاء بأكثر من 600%، بما يلبي الطلب المتزايد على منتجات الدواجن (الجزيرة)

قطاع رائد رغم الصعوبات

عرف قطاع الدواجن منذ 2008 ارتفاعا تدريجيا بنسبة تفوق 60%، وارتفع إنتاج اللحوم البيضاء والبيض بأكثر من 600%، بما يلبي الطلب المتزايد على منتجات الدواجن.

وحسب معطيات سنة 2020، بلغت الاستثمارات التراكمية في القطاع 13.7 مليار درهم، وحجم التداول 27.4 مليار درهم، فيما بلغت الوظائف 140 ألف وظيفة مباشرة و320 ألف وظيفة غير مباشرة. (الدولار يعادل 9.7 دراهم مغربي).

وتأثر القطاع بشكل مباشر بسبب أزمة كوفيد، حيث قدرت دراسة تحليلية الخسائر الإجمالية لقطاع دجاج اللحم والديك الرومي بما يفوق 1.49 مليار درهم بنهاية 2020.

يقول المنتصر المصطفى رئيس الجمعية الوطنية لمنتجي لحوم الدواجن، في تصريح للجزيرة نت، إن الظروف صعبة، بالنسبة لمربي الدواجن (الكساب)، وقدّر المصطفى انخفاض الاستهلاك بحوالي 30% بسبب إجراءات إغلاق الحدود وتوقف الأعراس والمناسبات، وإغلاق المطاعم.

وتسبب اختلال انسيابية التوزيع في انخفاض المبيعات وتراكم مخزون الدجاج الحي غير المبيع، بالإضافة لانكماش الطلب بسبب تراجع القدرة الشرائية.

والتقت الجزيرة نت مع عدد من منتجي الدواجن، الذين عبروا لها عن استمرار معاناة القطاع، واستيائهم من ارتفاع أسعار الأعلاف.

وهناك عاملون بهذا القطاع من فقد رأس المال، وهناك من ترك المجال. ويطالب المهنيون الحكومة، بالتدخل من أجل دعم الكسّاب من خلال إعفاء الأعلاف المركبة ومدخلات إنتاج الدواجن من الرسوم والضريبة على القيمة المضافة، والتدخل لدعم أثمنة الذرة والصوجا (الصويا) عند الاستيراد.

قطاع الدواجن يغطي حاليا 100% من متطلبات لحوم الدواجن و100% من متطلبات استهلاك البيض (الجزيرة)

جدل المراقبة والأسعار

تربية الدواجن بالمغرب قطاع مقنن ويخضع لمقتضيات قانونية متعلقة بالوقاية الصحية لتربية الطيور الداجنة ومراقبة إنتاج وتسويق منتوجاتها، وحسب معطيات الوكالة الوطنية للسلامة الصحية يبلغ عدد الوحدات المرخصة 251 وحدة الدجاجات البياضة، 59 وحدات التفقيس، 7626 دجاج اللحم، 885 ديك رومي، 230 الأمهات، و3100 رخصة لوسائل نقل، ويسهر على هذا التأطير أكثر من 700 طبيب بيطري معتمد في جميع مناطق الإنتاج.

فيما لاحظ تقرير للمجلس الأعلى للحسابات أن مراقبة قطاع الدواجن تظل ضعيفة، ولا تشمل العديد من الوحدات، وكشف وجود وحدات تربية الدواجن غير مرخص لها، وأوصى المجلس بتقليص الوسطاء في القطاع الذين يلعبون دورا في التسويق وتحديد الأثمان، وقال إن تدخل بعضهم في إطار غير منظم يشجع على نشاط تربية الدواجن دون ترخيص، ويقلص من إمكانية تعقب المنتجات.

من جانبه أفاد منتصر المصطفى، ويمثل تجمع مهني مهيكل، بأن القطاع يعرف بعض الإشكالات في التوزيع، وفي بعض نقط البيع المباشر يستلزم المزيد من المراقبة، داعيا لضرورة الملاءمة خصوصا فيما يتعلق بطرق الذبح والنظافة.

وتعرف أسعار الدواجن ارتفاعا في الأسواق يعزوه المنتجون لتداعيات الأزمة على الإنتاج وارتفاع مدخلات الإنتاج بسبب تعاقب الجائحة والجفاف وارتفاع سعر الأعلاف.

في عام 2020 أنتج المغرب 635 ألف طن من لحوم الدواجن و5.5 مليارات من بيض المائدة (حسب معطيات الفدرالية المهنية لقطاع الدواجن بالمغرب) منها 535 ألف طن من لحم الفروج، و100 ألف طن من لحم الديك الرومي

انتعاش في رمضان

يعبر عبد الرحيم عن رضاه بالطلب، ويقول للجزيرة نت "إن الإقبال يرتفع قليلا خلال رمضان، والأسعار بدأت في الاعتدال لأن الدجاج أصبح جاهزا، ونقصت شيئا ما بعض المشاكل التي صاحبت القطاع خلال الجائحة".

يشرح منتصر المصطفى أن الاستعداد لتغطية الطلب في رمضان يبدأ قبل 10 أشهر، ويقول إنه لإعادة إرجاع الاستهلاك لما كان عليه يلزم على الأقل حوالي 8 أشهر.

ويوضح منتصر أن الإنتاج يستغرق 10 أشهر حيث يستورد الكسّاب (المربي) أمهات الكتاكيت عمرها يوم واحد ويربيها 7 أشهر وتبيض، ويحمل الكتاكيت للضيعة ويربيها.

وتشهد لحوم الديك الرومي ذروة الإقبال في رمضان بحوالي 30% إلى 35% من مجموع لحوم الدواجن، في مقابل 10% في غيره من الأيام.

المصدر : الجزيرة