نائب رئيس الوزراء اللبناني: الدولة والبنك المركزي مفلسان

منذ عامين يعاني لبنان من أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية وأدت إلى انهيار مالي (الأناضول)

أعلن سعادة الشامي نائب رئيس الوزراء اللبناني أن الدولة ومصرف لبنان المركزي مفلسان؛ مبينًا أن تلك الخسائر ستوزع على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين.

وقال الشامي -في برنامج تلفزيوني بثته قناة الجديد المحلية أمس الأحد- إنه "لا يوجد تضارب في وجهات النظر حول توزيع الخسائر، سيجري توزيعها على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين".

وأكد أن الدولة أفلست وكذلك مصرف لبنان والخسارة وقعت، وسنسعى إلى تقليل الخسائر عن الناس.

ولم يصدر أي تعقيب رسمي آخر على تصريحات الشامي، التي تؤشر إلى أزمة مالية واقتصادية أعمق في لبنان، وقد تؤدي إلى خلافات حادة بين المودعين والمصارف.

وزاد المسؤول الحكومي "هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها؛ لا يمكن أن نفتح السحوبات (المصرفية) لكل الناس، أتمنى ذلك لو كنا في حالة طبيعية".

من جهته قال حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة اليوم الاثنين إن البنك لا يزال يمارس دوره الموكل إليه بموجب القانون، وإن ما يتم تداوله حول إفلاس البنك غير صحيح، وفق ما أوردت رويترز.

من جانبه، أكد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أن ما صدر بشأن إعلان "إفلاس لبنان" هو تصريح "مجتزأ".

وفي توضيح لميقاتي أورده مكتب الإعلام برئاسة الحكومة حول ما أثاره تصريح سعادة الشامي بشأن إعلان إفلاس لبنان؛ قال "كما فهمت من نائب رئيس الحكومة أن ما أخذ من حديثه كان مجتزأ، وهو قصد بما قاله السيولة وليس الملاءة".

ومنذ نحو عامين تفرض مصارف لبنان قيودا على أموال المودعين بالعملة الأجنبية، لا سيما الدولار الأميركي، وتضع سقوفا قاسية على سحب الأموال بالليرة اللبنانية (حسب قيمة الوديعة والمصرف)، وذلك إثر أزمة اقتصادية ومالية حادة.

وفي مايو/أيار 2021، أطلق مصرف لبنان المركزي منصة "صيرفة" لإتمام عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية، وتحديدا الدولار، بسعر متحرك يحدده العرض والطلب، على أن يتدخل عند اللزوم لضبط التقلبات في أسعار سوق الصيرفة.

وكانت قيمة الليرة مقابل الدولار مستقرة لأكثر من ربع قرن عند حدود 15.15، إلا أنها تدهورت تدريجيا منذ أواخر 2019، متأثرة بأزمة اقتصادية حادة تعصف بالبلاد، إلى متوسط 23 ألفا حاليا.

ضمن أسوأ 3 أزمات عالميا

ووصف مدير دائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي ساروج كومار جاه اليوم الاثنين الأزمة التي يمر بها لبنان بأنها الأسوأ في تاريخه، وأنها ضمن أسوأ 3 أزمات في العالم.

كلام كومار جاء أثناء مشاركته في اجتماع إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار لتعافي لبنان الاقتصادي، برئاسة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، وبتنسيق مشترك بين الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي ببيروت.

ودعا كومار -في كلمة له أوردها بيان للحكومة اللبنانية- إلى ضرورة تحقيق الاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلي.

وقال إن لبنان شهد العديد من الأزمات ولكن هذه الأزمة هي الأسوأ، لا بل إن أزمة لبنان هي من ضمن أسوأ 3 أزمات في العالم.

ومنذ عامين، يعاني لبنان من أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990) أدت إلى انهيار مالي، فضلا عن خسائر مادية كبيرة تكبدها الجهاز المصرفي، تقدرها الحكومة بنحو 69 مليار دولار.

وذكر كومار أن الوضع الاقتصادي مريع؛ "لقد بلغ حجم الانكماش الاقتصادي 60% لغاية عام 2021".

لكنه أبدى تفاؤله ببرنامج الإصلاحات الوطنية التي يقودها ميقاتي، وإذا لم يصل هذا البرنامج بشكل جيد فسيشكل ذلك انكماشا أكبر للاقتصاد، وسيؤدي إلى تأزم في الظروف الاقتصادية والاجتماعية.

ورأى أن هناك حاجة إلى خطة إصلاحات تتضمن برنامجا ماليا، وتسديد الدين وإعادة هيكلة القطاع المالي والمصرفي وتطوير نظم الحماية الاجتماعية.

وقال ميقاتي إن "الحكومة تعمل عبر الجهات المعنية في القطاع العام لتوحيد الرؤية الواحدة والشاملة للإنماء والتعافي والإصلاح بين المعنيين، وقد شارفنا على الانتهاء من توحيد هذه الرؤية لتطبيق الإصلاحات الواجبة".

هل تفلس الدول؟

الدول لا تفلس مثل الأفراد والشركات وإنما تعجز عن السداد. فبدلا من الإفلاس، يمكن الحديث في حق الدول عن حالة العجز عن السداد.

وتُعلن دولة ما عاجزة عن السداد عندما تفشل في أداء مستحقات الدائنين (دفعات أصل الدين والفوائد المترتبة عنها) في الآجال المتعاقد عليها.

ويوصف هذا العجز بأنه عجز سيادي إذا تعلق الأمر بدين خارجي.

ولا يترتب على هذا الوضع تبعات قانونية كما هو الشأن بالنسبة للإفلاس الذي يخص الأفراد والشركات. إذ أنه من غير الممكن وضع اليد على أملاك الدول ذات السادة وتصفيتها كما سبق وتقدم.

غير أن الأمر له تبعات مالية واقتصادية كبيرة:

  • حيث إن حالة العجز تؤدي إلى تدهور التصنيف الائتماني للبلد المعني وزعزعة ثقة الدائنين في اقتصاده، فيجد بذلك صعوبة بالغة في الحصول على التمويل مجددا لدى المؤسسات المالية الدولية والمصارف العالمية وأسواق الأوراق المالية في المستقبل.
  • كما يسيء ذلك كثيرا إلى قدرة البلد على استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وقد يصل الأمر بالمستثمرين الأجانب في البلد إلى حد سحب استثماراتهم إذا أخفقت الحكومة في تدبير حالة العجز وتبدّى لهم أن آفاق الاقتصاد قاتمة.
  • فضلا عن اللجوء إلى المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) من أجل مواجهة العجز، الذي قد يجر على البلد تداعيات يمكن أن تكون خطيرة على السلم الاجتماعي والاستقرار السياسي.
المصدر : رويترز + وكالة الأناضول + وكالة الأنباء القطرية (قنا)