تحديات عديدة أمام الاقتصاد المصري في 2022.. هل ينجح في مواجهتها؟

الحكومة المصرية تخطط لإطالة عمر الدين من خلال التوسع في إصدار السندات الحكومية المتنوعة.

Egypt flag waving in the background with rows of coins for finance and business concept. Saving money.
مصر تواجه تحديات كثيرة منها تأثيرات سلالات كورونا المتحورة وارتفاع مستويات الدين والتضخم (غيتي)

القاهرة – تعتزم الحكومة المصرية تحقيق مؤشرات اقتصادية أفضل في مشروع الموازنة الجديدة، وسط توقعات بتحقيق نتائج أفضل، ولكنها تواجه تحديات حذر منها البنك الدولي و خبراء ومحللون اقتصاد؛ على رأسها سلالات كورونا المتحورة فضلا عن الديون والتضخم.

وكشفت وزارة المالية المصرية -في بيان لها قبل أيام- حرص الحكومة على إرساء دعائم الانضباط المالي، واستدامة مؤشرات الاقتصاد الكلي من خلال تحقيق عدد من المستهدفات خلال العام المالي 2023/2022 تتضمن الآتي:

  • تحقيق معدل نمو 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 3.3% في موازنة 2021/2020.
  • تحقيق فائض أولي 2% على المستوى المتوسط مقابل 1.46%.
  • خفض العجز الكلي إلى 6.1% مقابل 7.4%.
  • خفض معدل الدين للناتج المحلي إلى أقل من 90% مقابل 90.6%.
  • خفض نسبة خدمة الدين لإجمالي مصروفات الموازنة إلى أقل من 30% مقابل 36%.
  • إطالة عمر الدين ليقترب من 5 سنوات على المدى المتوسط بدلا من 3.4 سنوات حاليا.

وتخطط الحكومة لإطالة عمر الدين من خلال التوسع في إصدار السندات الحكومية المتنوعة متوسطة وطويلة الأجل، واستهداف أدوات جديدة مثل الصكوك، وسندات التنمية المستدامة، والسندات الخضراء، بما يُسهم في توسيع قاعدة المستثمرين، وجذب سيولة إضافية لسوق الأوراق المالية الحكومية، على نحو يُساعد في خفض تكلفة الدين، وفق بيان وزارة المالية.

فهل تنجح الحكومة المصرية في تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي في الموازنة الجديدة؟ وما العوائق أمام تحقيق المستهدفات المتعلقة بالدين الخارجي وخدمة الدين في حال استمرت أزمتا التضخم وسلاسل التوريد وقيام الاحتياطي الفدرالي الأميركي برفع الفائدة، فضلا عن عدم احتساب امتداد آثار جائحة كورونا على الاقتصاد المحلي والعالمي؟

تهديدات

في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ألمحت لجنة السياسة النقدية الأميركية في اجتماعها الأخير إلى رفع الفائدة 3 مرات بواقع ربع نقطة مئوية في كل مرة، خلال العام الجاري 2022، وأشار أعضاء اللجنة إلى أنه قد يكون هناك مبرر لزيادة سعر الفائدة في موعد أقرب أو بوتيرة أسرع من تنبؤات سابقة.

وأكثر ما يهدد نمو اقتصاد دول العالم سلالات كورونا المتحورة؛ حيث أدت الجائحة إلى تباطؤ الانتعاش والنمو الاقتصادي نتيجة الاضطرابات التي لحقت بسلاسل التوريد وأثرت على المنتجين والمستهلكين على حد سواء.

وما زاد المؤشرات المستقبلية غموضا ما شهدته منطقة اليورو والولايات المتحدة من ارتفاع في معدلات التضخم إلى مستويات خطيرة لم تحدث منذ سنوات، حيث سجل التضخم أعلى مستوياته في 40 عاما بأميركا عندما بلغ 6.8% في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وقد سجل الدين العالمي مستوى قياسيا قدره 226 تريليون دولار، وفق تقرير على موقع البنك الدولي نشر في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وحث الخبراء والمحللون الاقتصاديون في التقرير صناع السياسات بتحقيق التوازن الصحيح في مواجهة الدين المرتفع والتضخم المتزايد.

ويضيف التقرير أن مستويات الدين المرتفعة تؤدي -في معظم الحالات- إلى إضعاف قدرة الحكومات على دعم التعافي وقدرة القطاع الخاص على الاستثمار في المدى المتوسط، محذرا من أن المخاطر سوف تتضخم إذا ارتفعت أسعار الفائدة العالمية بسرعة أكبر من المتوقع وتعثرت مسيرة النمو، وسوف تزيد الضغوط على أغلب الحكومات والأسر والشركات المثقلة بالديون.

تحديات أمام الاقتصاد المصري

رأى الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني أن هذه المستهدفات "سوف تضع الحكومة المصرية؛ بل المصريين تحت ضغوط تتمثل في زيادة الاقتراض الخارجي وفرض ضرائب جديدة، خاصة أن نسبة الفوائد تبلغ أكثر من 35% من المصروفات ووصلت إلى 40% في وقت سابق بدون الأقساط، وهذه النسب هي رهن استمرار تفشي كورونا من انحصارها".

وأضاف الميرغني للجزيرة نت -وهو أيضا نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي- أن هناك صعوبات في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية تواجه تحقيق مثل تلك المؤشرات التي كان بالإمكان تحقيقها في ظل الظروف العادية بعيدا عن أزمة كورونا.

وأشار إلى أن إطالة عمر الدين سيزيد من فاتورة الفوائد لعدد سنوات أكثر، واعتبر أن ما يقلق في الدين الخارجي ليس الدين نفسه إنما كيف يتم توجيه هذه الديون؛ فإن كانت نحو مشاريع إنتاجية فهو أمر جيد، وإن كانت إلى مشاريع بنية أساسية وسداد فوائد وأقساط القروض فلن ينتهي الاقتراض.

تصاعد أسعار الطاقة والغذاء قد تسبب في رفع معدلات التضخم في كثير من البلدان
تصاعد أسعار الطاقة والغذاء قد تسبب في رفع معدلات التضخم في كثير من البلدان (الجزيرة)

بيانات الاستهلاك المحلي

وصف رئيس منتدى التنمية والقيمة المُضافة الدكتور أحمد خزيم بيانات وتصريحات المسؤولين بخصوص مؤشرات الاقتصاد الكلي بأنها "للاستهلاك المحلي، وهي منفصلة عن الواقع تماما، والأرقام يتم سردها بشكل جزافي، والمتابع للشأن الاقتصادي يجد أن هناك نافورة من التصريحات والأرقام لا يوجد ما يعززها واقعيا، وفي الحقيقة هي جمل إنشائية لا تغني ولا تسمن من جوع".

وأشار الخبير الاقتصادي -في تصريحات للجزيرة نت- أن التقرير لم يضع في حسبانه آثار امتداد أزمة كورونا على الاقتصاد محليا وعالميا، إلى جانب اعتماد الدولة في مواردها على فرض ضرائب جديدة وليس زيادة الإنتاج، كما أن إطالة عمر الدين يؤشر على رغبة الحكومة في المضي قدما في الاقتراض وتكبيل الأجيال المقبلة.

وحذر خزيم من ارتفاعين؛ ارتفاع التضخم، وارتفاع نسبة فائدة الدين في حال استمرت أزمة كورونا وسلاسلها المتحورة وارتفاع التضخم واتجاه الفدرالي الأميركي إلى رفع أسعار الفائدة، وبالتالي انسحاب أموال بعض المستثمرين وتغيير وجهتها للغرب.

وحذر تقرير على موقع البنك الدولي -في ديسمبر/كانون الأول الماضي- من أن زيادة أسعار الطاقة والغذاء قد تسبب في رفع معدلات التضخم في كثير من البلدان، وقد يؤدي هذا إلى عواقب سلبية، ولا سيما على الأسر في البلدان ذات الدخل المنخفض التي يستحوذ فيها الغذاء على نحو 40% من الإنفاق الاستهلاكي.

وأشار التقرير إلى أنه لا يزال هناك قدر هائل من عدم اليقين بشأن ما ستؤول إليه الجائحة وعواقبها الاقتصادية، إذ من الممكن أن يؤدي ظهور سلالة متحورة تحد من فعالية اللقاحات إلى زيادة تعطل سلاسل الإمداد وانكماش عرض العمالة بما يزيد من الضغوط التضخمية، بينما يمكن أن يؤدي انخفاض الطلب إلى آثار عكسية.

المصدر : الجزيرة