أبو شيخة للجزيرة نت: برنامج "قصر" نقلة نوعية لتطوير قطاع النفط والغاز في قطر والخليج

أبو شيخة: نموذج برنامج "قصر" يتميز بقدرته على محاكاة أكثر من مليار خلية بطريقة صحيحة ودقيقة (الصحافة القطرية)

الدوحة- أكد الدكتور القطري أحمد سامي أبو شيخة الأستاذ المشارك في قسم التنمية المستدامة بكلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة أن برنامج المحاكاة المتقدم "قصر" الذي طورته كلية العلوم والهندسة في الجامعة سيكون طفرة تكنولوجية ونقلة نوعية في تطوير وخدمة قطاع النفط والغاز في قطر ومنطقة الخليج والعالم خلال الفترة المقبلة.

وباتت كلية العلوم والهندسة في جامعة حمد بن خليفة أول مؤسسة أكاديمية في العالم تنجح في تطوير وتشغيل ومحاكاة لـ1.014 مليار خليه حسابية للمكامن بحقول النفط والغاز العملاقة، وهو ما يشير إلى تحقيق تقدم هائل في تحسين عمليات استكشاف واستخراج وتطوير النفط والغاز في المكامن المعقدة لحقول النفط والغاز في قطر والمنطقة والعالم.

وقال أبو شيخة في حوار للجزيرة نت إن نموذج برنامج "قصر" يتميز عن النماذج المتاحة حاليا في قدرته على محاكاة أكثر من مليار خلية بطريقة صحيحة ودقيقة لتدفق النفط والغاز داخل الحقول العملاقة، فضلا عن قدرته على التحكم في مدى النمذجة الدقيقة للفيزياء داخل الحقول وتوقع كمية ومدة الإنتاج والآبار الجديدة، بالإضافة إلى محاكاته تخزين ثاني أكسيد الكربون في الحقول القديمة والمياه الجوفية.

وأوضح أن البرنامج سيساهم في بناء اقتصاد قائم على المعرفة في دولة قطر عبر العمل مع قطاع صناعة النفط والغاز لتلبية احتياجاته من البيانات الموثوقة التي يمكن أن تدعم القرارات الاقتصادية الحيوية، خاصة في ظل استجابته السريعة والدقيقة وقدرته على توجيه إدارة التخطيط في شركات النفط على النحو الأمثل.

واستغرقت مبادرة تطوير برنامج "قصر" 4 سنوات بقيادة الدكتور أبو شيخة الباحث الرئيسي للمشروع، وذلك بمشاركة من باحثين في كل من جامعة دليفت الهولندية، والأكاديمية الروسية للعلوم، وجامعة ستانفورد الأميركية.

وإليكم نص الحوار:

  • ما هو برنامج المحاكاة المتقدم "قصر"؟

هو أول برنامج أكاديمي متطور في العالم يحاكي أكثر من مليار خلية حسابية في حقول النفط والغاز الضخمة، ويطبق طرقا جديدة لنمذجة ومحاكاة مكامن الهيدروكربون الجوفية مع التركيز على مكامن الكربونات.

ويستخدم البرنامج كمرجعية في اتخاذ القرار من أجل تطوير حقول النفط والغاز من خلال التنبؤ بكيفية استخراج النفط وتطوير إستراتيجية إنتاج مثالية تعتمد على الفيزياء وخصائص المواد للهيدروكربونات الجوفية.

جامعة حمد بن خليفة أول مؤسسة أكاديمية في العالم تنجح في محاكاة نموذج مليار خلية حسابية في حقول النفط العملاقة (الجزيرة)
  • هل برنامج "قصر" أول نموذج يحاكي أكثر من مليار خلية حسابية؟

نحن في جامعة حمد بن خليفة نعد أول جامعة أو مؤسسة أكاديمية في العالم تنجح في محاكاة نموذج مليار خلية حسابية في حقول النفط العملاقة، حيث توجد جامعات حول العالم وصلت إلى محاكاة نصف مليار خلية حسابية كحد أقصى فقط.

وتوجد في العالم 4 نماذج محاكاة تستطيع محاكاة نموذج ملياري للحقول العملاقة، وتطورت على أيدي شركات النفط الدولية الكبرى مثل أرامكو (Aramco)، وإكسون موبيل (ExxonMobil) وشلمبرجير (Schlumberger)، وستون ردج تكنولوجي (Stone Ridge)، إلا أن نموذج "قصر" هو الوحيد الموجود لدى مؤسسة أكاديمية.

  • كيف تمت عملية تطوير نموذج برنامج المحاكاة المتقدم "قصر"؟

عملية تطوير نموذج برنامج "قصر" جاءت بمبادرة تم تمويلها من كلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة، وبدعم كل من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، ومؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وبمشاركة باحثين في جامعات حمد بن خليفة، ودليفت الهولندية، وستانفورد الأميركية، والأكاديمية الروسية للعلوم.

  • ما طبيعة مشاركة الجامعات العالمية في تطوير البرنامج؟

عملية تطوير البرنامج تمت على 4 أقسام، قسم يطور في الأكاديمية الروسية للعلوم، وآخر في جامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا الأميركية، وثالث في جامعة دليفت الهولندية، ورابع في كلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة، وكنا نعمل ونشارك ونجتمع أكثر من مرة في الأسبوع لمناقشة عملية التطوير وآخر المستجدات خلال تطبيقات آمنة مثل "مايكروسوفت تيمز" (Microsoft Teams).

  • كيف أسهمت هذه المشاركة في إنجاز تطوير البرنامج؟

البرنامج قام على تطويره فريق متكامل ضم أكثر من 8 أشخاص، وأغلبيتهم لديهم دكتوراه أو ماجستير في الرياضيات والفيزياء والكيمياء وهندسة البترول، وجميع أعضاء الفريق اجتهدوا بصورة جماعية، وتميزوا في العمل كفريق ونجحوا في إنجاز البرنامج خلال 4 سنوات فقط، وهو ما قد ينجزه آخرون في مدة تصل إلى 10 سنوات.

  • ما أهمية برنامج المحاكاة المتقدم "قصر"؟

يساعد في إيجاد أفضل طريقة لتطوير إنتاج حقول النفط والغاز العملاقة، حيث إنه يحاكي أكثر من مليار خلية حسابية، فكلما زادت الخلايا الحسابية زادت الدقة وزادت الرؤية المثالية لشركات النفط في اتخاذ القرارات ومعرفة أفضل الطرق لتطوير الحقول، وتوقيت حفر الآبار المستقبلية، وكمية الإنتاج من هذه الآبار، وأيضا متى تبدأ عملية الانتعاش الثاني والثالث.

Silhouette Oil Pumps On Field Against Cloudy Sky During Sunset
برنامج "قصر" يساعد في إيجاد أفضل طريقة لتطوير إنتاج حقول النفط والغاز العملاقة (غيتي)
  • ما الفرق بين نموذج برنامج "قصر" والنماذج الموجودة حاليا؟

يوجد نوعان من برامج المحاكاة الحسابية: برامج مبنية على البيانات، وأخرى مبنية على الفيزياء، وبرنامج "قصر" مبني على الفيزياء وقواعد الطبيعية، لذلك تكون نتائجه دقيقة لأنه مبني على قواعد وأسس صحيحة.

وتتفوق برمجيات "قصر" على النماذج المتاحة حاليا بفضل احتوائها على العديد من الميزات والوظائف الجديدة، حيث يمكن لها باستخدام قواعد الفيزياء والمخططات العددية المتقدمة التنبؤ بتدفق الهيدروكربون بشكل أكثر دقة مقارنة بالإمكانيات الصناعية المتاحة حاليا.

  • ما هي مميزات استخدام برنامج المحاكاة "قصر"؟

هناك 4 مميزات رئيسية للبرنامج:

  • المحاكاة الصحيحة والدقيقة لتدفق النفط والغاز داخل الحقول، والتحكم في دقة النتائج عبر زيادة عدد الخلايا ومن ثم زيادة العمليات الحسابية.
  • التحكم في مدى النمذجة الدقيقة للفيزياء داخل حقول النفط والغاز بكفاءة عالية، ومن ثم توقع كمية ومدة الإنتاج والآبار الجديدة.
  • محاكاة احتجاز ثاني أكسيد الكربون في الحقول القديمة بطرقة صحيحة وضمان عدم تسربه للحفاظ على البيئة المستدامة، فضلا عن استخدامه لتقييم جدوى التكنولوجيات الجديدة مثل الهيدروجين الأزرق.
  • البرنامج صمم من البداية لأجل الاستخدام في الحاسوب الخارق والحوسبة السحابية.
  • هل لدى البرنامج قدرة على التنبؤ بكمية البترول في الحقول؟

نعم، يستطيع البرنامج التنبؤ بكميات البترول في الحقول عبر المحاكاة، خاصة أنه كلما زادت المعلومات اتضحت الرؤية أكثر، لذلك يستطيع البرنامج أن يتنبأ بالكمية الموجودة والمخزنة في حقول النفط والغاز بأكثر دقة، خاصة أنه بعد تواصل الإنتاج لعدد من السنوات يجب مراجعة كمية النفط الموجودة داخل الحقول، والبرنامج يعطي هذه النتيجة بدقة، كما يحدد المدد التي ستظل الحقول تنتج فيها، فضلا عن أنه يحدد المنطقة القادمة المثلى للحفر في الحقل، وأيضا يستطيع أن يوضح الأماكن الجيدة من أجل التنقيب عن النفط والغاز بصورة دقيقة.

  • كيف تستفيد دولة قطر من برنامج "قصر"؟

"قصر" هو برنامج محلي، ويستطيع أن ينافس بقية البرامج في السوق القطرية، كما أن البرنامج يحاكي أكثر من مليار خلية حسابية، الأمر الذي يجعله يستطيع تحمل حقول النفط والغاز الضخمة في قطر مثل حقل الشمال وحقل دخان.

كما أن جهاز المحاكاة في برنامج "قصر" صمم وفقا للخصائص الجيولوجية والفيزيائية لحقول النفط والغاز في قطر، وهو عامل مهم نظرا لطبيعة الكربونات لمكامن النفط والغاز الموجودة في دولة قطر.

ويستطيع البرنامج أن يحاكي تخزين ثاني أكسيد الكربون والمياه الملوثة في بعض المكامن القديمة بطريقة صحيحة ودقيقة من أجل الحفاظ على البيئة.

  • هل سيساهم البرنامج في تطوير اقتصاد دولة قطر؟

هذا البرنامج يناسب اقتصادات دولة قطر ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل مثالي، حيث يقع 50% من احتياطيات النفط والغاز في العالم، بدون أن ننسى السوق العالمي الضخم للنفط والغاز والذي تبلغ قيمته حوالي 7 تريليونات دولار، وسوق تحليل البيانات المصاحب له بما يزيد على 25 مليار دولار.

وسيساهم البرنامج أيضا في مساندة قطاع النفط والغاز في دولة قطر وتطوير الاقتصاد، وذلك في حال استخدامه في شركات قطر ومنطقة الخليج والعالم، حيث ستكون له عوائد تجارية ضخمة للدولة، فضلا عن أنه سيوفر ملايين الدولارات عبر وضع نماذج دقيقة لحقول النفط والغاز، كما سيساعد على بناء الموارد البشرية المحلية القادرة على إدارة مثل هذه التكنولوجيا.

UMM SA'ID, QATAR - OCTOBER 30: A petroleum refinery of Qatar Petroleum stands on October 26, 2011 near Umm Sa'id, Qatar. Qatar is ranked 16th in countries with the biggest oil reserves and 3rd in natural gas reserves. (Photo by Sean Gallup/Getty Images)
البرنامج يناسب اقتصادات دولة قطر ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل مثالي (غيتي)
  • ما الذي دفعك لمبادرة تطوير نموذج المحاكاة المتطور "قصر"؟

لأن أي شركة نفط في العالم تعتمد على برامج المحاكاة كمرجعية أساسية في اتخاذ القرار، ولذلك هذه البرامج مهمة جدا لشركات البترول في العالم، لذلك استثمرت وقتي وجهودي في تطوير برنامج محاكاة يكون القائد في المستقبل لشركات النفط ولاستعماله في اتخاذ أفضل القرارات.

كما أن جزءا كبيرا من تفكيري لتطوير مثل هذه التكنولوجيا يرجع إلى أن قطر دولة بترولية والمصدر الأول في العالم للغاز الطبيعي المسال، فضلا عن أن 50% من الناتج المحلي للدولة من النفط والغاز.

  • كيف ساعدتك دولة قطر على إنجاز تطوير البرنامج؟

دعم دولة قطر موجود دائما في مختلف المجالات، وتطوير برنامج "قصر" ما كان ليحدث لولا دعم الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي وكذلك جامعة حمد بن خليفة ومؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وأتمنى أن يتواصل الدعم من شركات النفط في قطر عبر استخدام هذا البرنامج والمساهمة في إنجاحه.

كما أن دولة قطر ساهمت بصورة كبيرة في وصولي إلى هذه المكانة العلمية عبر البعثات المختلفة لدول العالم التي حصلت خلالها على أعلى الشهادات والدرجات العلمية في هندسة البترول وعلوم الأرض.

  • ما هدفك لبرنامج "قصر" خلال الفترة المقبلة؟

أن يظهر هذا البرنامج في نهاية العام، وأن تستخدمه شركات النفط في قطر ودول الخليج، ومن ثم تأسيس شركة خدمية تكنولوجية تخدم قطاع النفط في قطر، وتكون الذراع التجارية للبرنامج من أجل تسويقه وبيعه لشركات النفط والغاز واستخدامه في كافة دول العالم.

كما سنعمل خلال في الفترة المقبلة على محاكاة ملياري خلية حسابية، ومن ثم محاكاة مليارات الخلايا الحسابية، وكذلك سوف نستمر في العمل من أجل جعل البرنامج أكثر دقه وسرعه وتفوق.

  • كيف ترى المنافسة بين "قصر" والبرامج الموجودة حاليا في السوق؟

البرامج الموجودة حاليا في السوق تابعة لشركات عالمية كبرى، وقيمها السوقية تتخطى مئات الملايين من الدولارات، لذلك نحتاج حتى نؤسس شركة ونستطيع المنافسة الدعم من المؤسسات المحلية، لأنه من الصعب منافسة هذه الشركات حتى إذا كنت تملك تكنولوجيا أفضل، لذلك نحتاج في البداية لبعض الدعم وكذلك من بعض شركات النفط المحلية، بحيث تمنحنا الفرصة وتكون بعض الأفضلية لنا.

  • من صاحب فكرة تسمية البرنامج بـ"قصر"؟

صديق لي أستاذ فرنسي هو من اقترح هذا الاسم، فهو كلمة عربية، أما بالإنجليزية فإن "QASR" مبنية من كلمات بالإنجليزية هي (Qatari Advanced Reservoir Simulation) ومعناها "المحاكاة المتقدمة القطرية للمكامن".

المصدر : الجزيرة