كيف شهدت إيران طفرة في الأثرياء رغم العقوبات الأميركية وجائحة كورونا؟

سجلت إيران أكبر ارتفاع بالعالم في عدد الأفراد ذوي القيمة الصافية العالية في سنة 2020، فهي تضم ما لا يقل عن 250 ألف مليونير، وتقدمت بـ3 مراكز لتحتل المرتبة 14 عالميا.

موقع ميدل إيست آي: عدد المليونيرات في إيران تجاوز الآن العدد الموجود في إسبانيا وروسيا والبرازيل (شترستوك)

في مقاله الذي نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني، قال الكاتب ‏رضا خواسته إن إيران شهدت ارتفاعا حادًّا في عدد الأثرياء من المليونيرات الجدد خلال السنة الماضية، على الرغم من تعرض البلاد للعقوبات الأميركية المكبلّة ومعاناتها من موجات متعددة من تفشي فيروس "كوفيد-19".

ووفقا لأحدث تقرير عن الثروة العالمية من شركة "كابجيميني" (Capgemini)، سجلت إيران أكبر ارتفاع بالعالم في عدد الأفراد ذوي القيمة الصافية العالية في سنة 2020، إذ تضم ما لا يقل عن 250 ألف مليونير، وتقدمت بـ3 مراكز لتحتل المرتبة 14 عالميا.

ووفقا للتقرير ذاته، تجاوز عدد المليونيرات في إيران الآن العدد الموجود في إسبانيا وروسيا والبرازيل ودول بالمنطقة. ولكن في ظل تعرض البلاد للعقوبات الأميركية المكبلة وارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن فيروس "كوفيد-19" وتسجيل وفاة واحدة على الأقل كل دقيقتين، تساءل بعض الإيرانيين عن كيفية اكتساب البلاد هذا العدد الكبير من أصحاب الملايين.

 وضع مختلف

حسب مطور الأعمال الموجود في طهران الذي يقدم الاستشارات للأفراد الأثرياء، رضا غيابي، لموقع ميدل إيست آي "أن تصبح مليونيرا أمر مقبول تماما في مجتمع رأسمالي، ولكن في بلد يهتف بشعارات مناهضة للرأسمالية ويعدّها جزءا من مُثُله الثورية، فهذا الأمر غريب بعض الشيء وغير مقبول في المجتمع، ويختلف الوضع تماما عن أولئك الذين تمكنوا من كسب الملايين في وادي السيليكون في مجتمع رأسمالي مثل مجتمع الولايات المتحدة".

الكاتب: ثروة أصحاب الملايين في إيران نمت بنسبة 24.3% في عام 2020 على الرغم من تصارع الدولة مع العقوبات الأميركية(غيتي)

وخلال معظم العقود الأربعة الماضية، حاولت إيران أن تنأى بنفسها عن الرأسمالية، وهي نظام مرتبط بنظام الشاه وبالولايات المتحدة. مع ذلك، يقول المحللون إن خلفاء الخميني لم يأخذوا شعاراته الثورية على محمل الجد على ما يبدو، وهو ما تؤكّده أعداد الأفراد ذوي القيمة الصافية العالية في إيران، حسب ما يزعم تقرير موقع ميدل إيست آي.

وحسب التقرير ذاته، فإن ما يجعل تصنيف الأثرياء العالمي في إيران أكثر إثارة للإعجاب هو أن البلاد شهدت زيادة في عدد سكانها بنسبة 21.6%، ونمت ثروة أصحاب الملايين فيها بنسبة 24.3% في عام 2020، على الرغم من مصارعة الدولة العقوبات الأميركية.

مشاكل سوق الأسهم

وفقا لتقرير الاستثمار العالمي الأخير الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، انخفض الاستثمار الأجنبي المباشر في إيران بعد أن كان أكثر من 5 مليارات دولار في عام 2017 إلى 1.5 مليار دولار في عام 2019 و1.3 مليار دولار في عام 2020.

ووفقا للبنك الدولي، تراجعت صادرات البلاد من السلع والخدمات من 111 مليار دولار في عام 2017 إلى 98 مليار دولار في عام 2018، ثمّ إلى أقل من 29 مليار دولار في عام 2020.

ووفق غيابي فإن "نجاح أصحاب الملايين في إيران يرجع إلى حد كبير إلى الأموال التي يمتلكها المواطنون العاديون، وليس إلى رائدي الأعمال".

ويقول غيابي إن "معظم أصحاب الملايين الإيرانيين ليسوا منتجين ولا رواد أعمال ولا يجيدون حتى جذب الاستثمار".

ويضيف المصدر ذاته أنه "في ظل غياب الاستثمار الأجنبي وفرصة نمو الاقتصاد الإيراني، زادت ثروة أصحاب المليارات، ليس من خلال الإيرادات الأجنبية أو دخل الإنتاج، وإنما من خلال أموال غير الأغنياء".

ونقل الكاتب ما ورد في تقرير لمجلة فوربس من أن الحكومة الإيرانية ضخت خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي 1% من صندوق الثروة السيادية في بورصة طهران للأوراق المالية، وذلك ساعد على تحفيز ازدهار ثروة أصحاب الملايين.

فضلا عن ذلك، جاء في تقرير الثروة العالمية بين شهري مارس/آذار ويوليو/تموز 2020 "أن قيمة التجارة في بورصة طهران للأوراق المالية ارتفعت بنسبة 625%، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، كما سجلت بورصة طهران للأوراق المالية مستوى قياسيا في أوائل شهر أغسطس/آب".

مع ذلك، انفجرت فقاعة البورصة وخسر كثير من الإيرانيين ثروات هائلة، وهم من الإيرانيين العاديين الذين شجعتهم الحكومة على استثمار أموالهم في بورصة طهران للأوراق المالية، وفق الكاتب.

العملات الرقمية

أكد الكاتب أن سوق العملات المشفرة ساعدت أصحاب الملايين الإيرانيين على أن يصبحوا أكثر ثراء.

ويدير الأشخاص العاملين في مجال تعدين العملة الرقمية "مزارع" قوية تتضمن استثمارات كبيرة في مراكز بيانات الحاسوب التي تتطلب كميات هائلة من الطاقة الكهربائية.

ويكافئ المعدّنون مقابل تدقيق المعاملات بعملات معدنية جديدة، وتشتهر عملة بتكوين بالتقلب، وهي إحدى العملات الرقمية الرئيسة في العالم وبلغت قيمة الوحدة منها حاليًا أكثر من 44 ألف دولار، وقد وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 63 ألف دولار خلال شهر أبريل/نيسان الماضي، حسب الكاتت

ونقل موقع ميدل إيست آي عن آريان -مُعدّن البتكوين في طهران- قوله إنه يعرف أشخاصًا قاموا بتعدين العملة الرقمية الشعبية على نطاق صناعي، وجنوا مبالغ ضخمة إلى حين وقوع حادثة انقطاع التيار الكهربائي الكبيرة، إذ دفعت الحكومة الإيرانية إلى تعليق جميع أنشطة عمليات التعدين بضعة أشهر.

وبيّن الكاتب أنه في يناير/كانون الثاني أغلقت مؤقتًا مزرعة تعدين صينية بالقرب من مدينة رفسنجان الإيرانية، يقال إنها واحدة من أكبر هذه المزارع في الشرق الأوسط، بعد أن ذكرت وسائل الإعلام المحلية أنها كانت تستخدم 175 ميغاوات ساعة من الكهرباء.

وتعدّ المزرعة، التي توظف 54 عامل تعدين، أكبر موقع مرخص لتعدين البتكوين في البلاد، إذ تستخدم نحو ثلث إجمالي الطاقة المخصصة لعمليات تعدين العملات الرقمية في إيران، وفق الكاتب.

ونظرًا إلى الكهرباء منخفضة التكلفة والمدعومة -يقول الكاتب- برزت إيران كوجهة مهمة للتعدين، إذ أفادت دراسة أجرتها جامعة كامبردج بأن البلاد تستهلك أكثر من 4.6% من الطاقة الحاسوبية العالمية المستخدمة في تعدين البتكوين.

فضلا عن ذلك، ذكر تقرير الثروة العالمية أن نحو 72% من أصحاب الثروات الإيرانية استثمروا في العملات المشفرة.

وحسب الكاتب، تقدر غرفة التجارة في طهران أن نحو 12 مليون إيراني، أي 15% من السكان، استثمروا في العملات المشفرة.

المصدر : ميدل إيست آي