خسائر بمئات الملايين من الدولارات نتيجة الإغلاقات.. 11 قطاعا اقتصاديا تعود للعمل بالأردن

تقرير خطة اعادة فتح القطاعات الاقتصادية بالاردن
مدينة الألعاب في عمّان غاب عنها ضجيج الأطفال وضحكات الكبار بسبب كورونا (الجزيرة)

على أحر من الجمر ينتظر خالد المصري مدير مدينة الألعاب وسط العاصمة الأردنية عمان السماح لهم بالعودة للعمل، بعد توقف استمر لأكثر من عام، تراكمت فيها الديون بآلاف الدنانير.

وغاب عن مدينة الألعاب القائمة في منطقة جبل الحسين ضجيج الأطفال وضحكات الكبار، ورغم حجم الخسائر الكبيرة فإن المصري تمسّك بموظفيه ولم يسرح منهم أحدا، حسب قوله للجزيرة نت. وقد ساعده في ذلك برامج مؤسسة الضمان الاجتماعي ومساهمتها في دفع الرواتب.

ويتشابه في معاناة المصري، بسبب إغلاق القطاعات الاقتصادية، أكثر من 30 قطاعا اقتصاديا، منها ما هو مغلق منذ 14 شهرا بسبب جائحة كورونا.

خسائر

المتجول بين قاعات مركز الرواد للتدريب في منطقة الجامعة الأردنية يراها فارغة إلا من بعض المدربين عن بعد. فقد توقفت برامج التدريب مما ألحق بها ضررا زاد على 80% وخسائر بآلاف الدنانير، بحسب مديرها محمد العفوري.

ويقول العفوري للجزيرة نت "حجم الضرر الذي طال قطاع أكاديميات التدريب كبير جدا نتيجة الإغلاق منذ 14 شهرا، ومما ساعدنا بالتخفيف من حجم الخسائر المالية اتجاه مدربين للتدريب عبر تطبيقات أونلاين".

حالة الإغلاقات المستمرة لهذه القطاعات أدت إلى تسريح آلاف الموظفين فيها -وفق خبراء- إلّا أن العفوري قال إنه تمكّن من "التكيف مع الأزمة" وقد ساعده في ذلك برامج الضمان الاجتماعي، والبرامج الحكومية في دعم هذا القطاع، منتظرا عودة الحياة لطبيعتها من خلال خطة الحكومة لإعادة فتح القطاعات الثلاثاء القادم.

عودة

وأعلنت السلطات الأسبوع الماضي خطة إعادة فتح القطاعات الاقتصادية المغلقة وصولا لصيف آمن، وتتدرج بفتح القطاعات على 3 مراحل، تشمل الأولى 11 قطاعا اقتصاديا، أهمها منشآت الأندية الرياضية والتسلية والترفيه، ومراكز التدريب المهني والتقني والتعليمي، وفق خطة اطلعت عليها الجزيرة نت.

وأوضحت وزيرة الصناعة والتجارة والتموين مها العلي أن "خطة الفتح المبكر للقطاعات وازنت بين الوضع الصحي المستقر والقطاعات الاقتصادية، وهي خاضعة للتقييم ضمن 3 محاور مهمة، أبرزها خطة التطعيم الوطني، استقرار الوضع الوبائي، قدرة القطاع الصحي على التعامل مع الوضع الوبائي" وأضافت "أي تغير بالحالة الوبائية سينعكس مباشرة على الخطة".

وتابعت العلي للجزيرة نت "أي منشأة اقتصادية تحقق الشروط يمكنها إعادة العمل مباشرة من بداية يونيو/حزيران القادم، وتتضمن الحصول على الجرعة الأولى من مطعوم فيروس كورونا للعاملين بتلك المنشآت ومرتاديها، إضافة لبروتوكولات صحية مرتبطة بتقديم الخدمة، أهمها المحافظة على ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي واستمرار التعقيم".

ويراقب تنفيذ الخطة 13 جهة رسمية، تراقب التزام القطاعات ومرتاديها بشروط السلامة العامة -وفق الوزيرة- ويسمح لتلك المنشآت بالعمل بطاقة استيعابية لا تزيد على 50%، ومع وجود مراقب صحة وبائية في كل منشأة.

وبحسب الخطة فإن المرحلة الثانية بداية يوليو/تموز القادم تتضمن إجراءات تخفيفية أخرى، أهمها تقليص ساعات الحظر الليلي للمنشآت لتبدأ الساعة 12 ليلا، وللأفراد الواحدة بعد منتصف الليل، واعتماد شهادة التطعيم كتصريح للتنقل، يسمح من خلاله بالحركة أوقات الحظر.

متأخرة

خطة الصيف الآمن الرسمية، يرى خبير علم الفيروسات والأوبئة عزمي محافظة بأنها "جاءت متأخرة جدا، ويفترض أنها بدأت من الشهر الماضي، كما يفترض أن تشمل فتحا لكافة القطاعات المغلقة بشكل كامل ضمن شروط وضوابط صحية، خاصة وأن الحالة الوبائية مستقرة على المستوى الأزرق، وهو أدنى مستوى وبائي".

وأضاف للجزيرة نت "المطلوب حاليا عمل دراسة لفحص المناعة المجتمعية، خاصة وأن نسبة الإصابة بالفيروس تجاوزت 60% من الأردنيين والمقيمين، إضافة لنحو 1.4 مليون شخص تلقوا اللقاح، مما يؤكد تشكل مناعة مجتمعية".

قاعات تدريبية فارغة في أكاديمية الرواد للتدريب بعد توقف التدريس فيها بسبب الجائحة. الجزيرة . منطقة الجامعة الأردنية شمال العاصمة عمان
قاعات تدريبية في أكاديمية الرواد بعد توقف التدريس فيها بسبب الجائحة (الجزيرة)

ووفق خبراء فإن المؤشر الإيجابي للحالة الوبائية بالمملكة يعتمد على معيارين أساسيين: أن تكون نسبة الإصابة دون 5%، ألا يتجاوز عدد المصابين 10 حالات لكل مئة ألف شخص. وهذا متحقق بالأردن على مدار أكثر من أسبوعين.

سيولة

اقتصاديا، يرى وزير الشؤون الاقتصادية السابق يوسف منصور ضرورة أن "تترافق خطة الصيف الآمن مع توفير سيولة مالية في الأسواق، فعودة فتح القطاعات خطوة إيجابية، لكنها متأخرة، وغير شاملة لكافة القطاعات الاقتصادية المتضررة من الإغلاقات".

وتابع للجزيرة نت "توفير سيولة مالية في الأسواق، من خلال ضخ مزيد من القروض بنسب فائدة متدنية للشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وذلك لتمكينها من النهوض من جديد، خاصة القطاعات الأكثر تضررا".

ولا يتوقع الوزير السابق أنه بمجرد فتح القطاعات أن "تعود الحركة الاقتصادية لسابق عهدها، خاصة وأن الاقتصاد الأردني قبل كورونا عام 2019 كان يعاني من حالة ركود اقتصادي، لذلك المطلوب استخدام أدوات السياسة النقدية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من استثمارات في القطاعات المختلفة، بعد إغلاق منشآت اقتصادية، وخروج مستثمرين من المملكة بسبب الجائحة".

المحلل الاقتصادي حسام عايش قدر قيمة الخسائر التي منيت بها هذه القطاعات نتيجة الإغلاقات المستمرة بما يزيد على 250 مليون دينار (352 مليون دولار) إضافة لخسائر معنوية مثل خسارة العمالة المؤهلة والزبائن والأرباح وفرص تطويرها.

وتابع -للجزيرة نت- أن القطاع التجاري والخدماتي سجل أيضا خسائر بنسبة وصلت 20%، رغم أنه لم يتعرض لإغلاقات طويلة المدى، إلّا أن سياسة الحظر الجزئي ألحقت تلك الخسائر بهذا القطاع.

والقطاع الصناعي أفضل حالا رغم تراجع صادراته للعام الماضي 5 مليارات دينار (7 مليارات دولار) بنسبة 5% من قيمة الصادرات، لكنه عوض ذلك التراجع بمزيد من الطلب المحلي على المنتجات الوطنية.

وتعرض الاقتصاد لانكماش خلال 2020 بنسبة 1.6% وفق إحصائيات البنك الدولي، بما يشكل 500 مليون دينار (700 مليون دولار) من قيمة الناتج المحلي الإجمالي المقدر بـ 31 مليار دينار (43.7 مليار دولار). كما تراجعت الإيرادات الحكومية للعام الماضي بما قيمته 728 مليون دينار، وبأكثر من مليار دولار.

المصدر : الجزيرة