شركة تجسس إسرائيلية تسعى لتلميع صورتها التجارية

فريق "إن إس أو" قدّم نظاما مضادا للطائرات المسيّرة يمكنه اكتشافها وإيصالها للأرض من خلال اختراق أنظمة التحكم فيها (وكالة الأنباء الألمانية)

لندن – مرّ عامان على آخر مرة تحدث فيها المسؤولون التنفيذيون في "إن إس أو غروب" (NSO Group) علنا.

وفي هذا التقرير الذي نشرته صحيفة "التلغراف" البريطانية، قال الكاتب جيمس كوك إنه قبل استحواذ المؤسسين المشاركين وشركة "نوفالبينا كابيتال" (Novalpina Capital) للأسهم الخاصة في لندن في عام 2019 على "إن إس أو" -شركة التجسس السيبراني الإسرائيلية التي تقف وراء برنامج التجسس الرائد في العالم "بيغاسوس"- مُنعت شركة المرتزقة الإلكترونية تلك التي مقرها تل أبيب من امتلاك موقع إلكتروني لها أو التحدث إلى الصحفيين.

وعرفت شركة المرتزقة الإسرائيلية بعد أن قالت بعض المجموعات الناشطة -ومن بينها منظمة العفو الدولية ومختبر "سيتزن لاب" (Citizen Lab) الأكاديمي الذي يقع مقره في تورونتو- إنها كشفت عن أدلة تظهر إساءة استخدام أدوات الشركة هذه، ففي ديسمبر/كانون الأول، قالت سيتزن لاب إن 36 صحفيا من صحفيي الجزيرة تعرّضت هواتفهم للاختراق باستخدام برنامج "بيغاسوس" الذي تنتجه الشركة.

اليوم، يسعى رئيسها التنفيذي شاليف هوليو، بحسب الديلي تلغراف البريطانية، لتعويض الوقت الضائع، حيث نقلت عنه الصحيفة قوله في اتصال أجراه من مكتبه على منصة زوم، "أنا أؤمن حقا بأنه ليس لدينا ما نخفيه"، مشيرا إلى أن "هذا السوق مليء بسوء التفاهم ونظريات المؤامرة، والأساطير المدنية حول (إن إس أو)".

وذكر الكاتب في مقاله الذي نشرته التلغراف أن برنامج "بيغاسوس" للتجسس، وهو المنتج الرئيسي للشركة، يتيح للعملاء اعتراض الرسائل باستخدام رقم هاتف الهدف دون أن يكتشف الضحية ذلك.

ويزعم نشطاء الخصوصية والباحثون الأمنيون أن بعض عملاء "إن إس أو" استخدموا هذا البرنامج للتجسس على نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين. ولعل أخطر هذه المزاعم اعتراض رسائل جمال خاشقجي، الصحفي السعودي الذي قُتل في عام 2018، لكن هوليو نفى أي تورط للشركة في مقتله.

وأشار الكاتب إلى أن المخاوف التي أثارها برنامج التجسس خلقت تحالفا نادرا بين بعض أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، بدعم شركات -بما في ذلك غوغل ومايكروسوفت- معركة قانونية مستمرة أطلقتها واتساب ضد "إن إس أو".

وتواجه "إن إس أو" حاليًا دعوى قضائية أميركية تقدمت بها "واتساب"، التي تزعم أن الشركة الإسرائيلية اخترقت 1400 حسابا لمستخدميها خلال أسبوعين في عام 2019.

استنكر محامو "إن إس أو" هذه الملاحقة القضائية بحجة أنّ الشركة "تبتكر حلولًا إلكترونية لا تستخدمها "إن إس أو" نفسها، وأنّ المستخدمين الوحيدين لهذه المنتجات هم عملاؤها وهم دول أجنبية ذات سيادة".

يتمنى هوليو الآن التعاون مع النشطاء لتشكيل قواعد كيفية عمل شركات المرتزقة الإلكترونية، وهو يرى أن "أفضل شيء يمكنهم فعله هو الدخول في محادثة وإنشاء معايير عالمية لكيفية عمل الذكاء الإلكتروني.. وسيستفيد الجميع من ذلك"، بهذه الطريقة، قد تخرج "إن إس أو" من ماضيها السري لتصبح شركة عالمية للأمن السيبراني، لكن الجدل حولها لم ينته بعد.

من جهته، يأمل هوليو أن يفتح صفحة جديدة من التعاون مع منتقديه، حيث يقول "أنا مستعد للحديث مع أي طرف، أي منظمة لحقوق الإنسان، أو منظمة غير حكومية، أو منظمة بحثية، أو جامعة على استعداد للحديث معنا".

إن محاولة "إن إس أو" تكوين صورة أكثر ودية تتضمن التوسع في مجالات أقلّ إثارة للجدل، مثل برامج مكافحة الطائرات المسيّرة وأنظمة البحث والإنقاذ.

وقبل أسبوع، قدّم فريق "إن إس أو" نظام  يسمى "إكليبس" المضاد للطائرات المسيّرة الذي يمكنه اكتشاف الطائرات في المناطق الحساسة وإيصالها بأمان إلى الأرض من خلال اختراق أنظمة التحكم وتوجيهها نحو منطقة الهبوط.

مخاوف من سوء الاستخدام

هذا، وتقول "إن إس أو" إن نظام بيغاسوس أصبح أداة حيوية للحكومات التي لن تكون قادرة على اعتراض رسائل الإرهابيين دون استخدامه، وفق الصحيفة البريطانية.

وتقول مصادر مطلعة إن شركة "إن إس أو" تحقق في مزاعم إساءة استخدام أدواتها. وفي يناير/كانون الثاني، صرّحت الشركة لصحيفة "التلغراف" بأنها قامت مؤخرا بحظر عملائها الذين تبين أنهم أساؤوا استخدام برنامج التجسس بيغاسوس.

ما وراء بيغاسوس

تأمل "إن إس أو" أن يساعد التركيز على منتجات أخرى غير بيغاسوس في تحسين صورتها. وإحدى هذه التقنيات هي تكنولوجيا تتبع الهواتف الذكية في أعقاب الزلازل.

ومن جهته، قال يوشاي مانوف، نائب رئيس "إن إس أو" وقائد وحدة بحث وإنقاذ إسرائيلية، إن فريقا من الموظفين تحت الطلب سيكون متاحا على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع للتدخّل في أي عملية بحث وإنقاذ. كما يؤكد أن الشركة طوّرت أداة يمكن استخدامها للعثور على الأشخاص المحاصرين تحت الأنقاض من خلال قياس قوة إشارة هواتفهم الذكية.

غير أن فريق "سيتزن لاب" انتقد تقنية الإنقاذ التابعة لشركة "إن إس أو"، وقالوا إنها في الواقع نظام مراقبة يمكنه تحديد مواقع الهواتف الذكية في جميع أنحاء العالم، بينما كذبت الشركة الإسرائيلية هذه الادعاءات.

وأضاف الكاتب أنّ محاولة "إن إس أو" تلميع صورتها العامة من خلال التركيز على جهود البحث والإنقاذ والقيام بمبادرات على غرار اعتماد شاحنات تحمل علامة "إن إس أو" تجوب شوارع إسرائيل لجمع تبرعات للجمعيات الخيرية لم تثر إعجاب النشطاء.

يرى جون سكوت رايلتون، كبير الباحثين في "سيتزن لاب" أنه "طالما أن الشركة تستمر في السعي لتحقيق النمو، فإن الأضرار التي تسببها ستزداد بسرعة. ولا يبدو أنهم على استعداد لمعالجة هذه المشكلة بشكل مباشر، لذلك يحاولون إعادة صياغة علامتهم التجارية".

المصدر : تلغراف