قطر تعزز تربعها على عرش الغاز الطبيعي وتسعى لتوفير طاقة نظيفة منخفضة الكربون

دولة قطر تمضي بقوة نحو التحول الكلي صوب الاعتماد على الطاقة النظيفة وخفض انبعاثات الكربون

قطر تلعب دورا كبير ومهما في تلبية الطلب العالمي من الغاز الطبيعي المسال (الصحافة القطرية)

الدوحة ـ في الوقت الذي تعزز فيه دولة قطر تربعها على عرش الغاز الطبيعي المسال بوصفها أكبر مصدر للغاز عالميا، تمضي بقوة نحو التحول الكلي صوب الاعتماد على الطاقة النظيفة وخفض انبعاثات الكربون عن طريق اعتماد أعلى المعايير البيئية في صناعة الغاز.

هذا النهج أكده أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني -في خطابه مؤخرا أمام مجلس الشورى- إذ شدد على اهتمام بلاده بقطاع الطاقة، وقال إن "تغيير اسم قطر للبترول إلى قطر للطاقة يعكس مواكبة قطرية فعلية للتحول نحو الطاقة النظيفة والمتجددة".

و"قطر للطاقة" شركة مملوكة للحكومة القطرية ومسؤولة عن مختلف الاستثمارات في قطاع النفط والغاز داخل البلاد وخارجها.

وعن تغيير اسم "قطر للبترول" يقول وزير الدولة لشؤون الطاقة المهندس سعد بن شريدة الكعبي "إن تحولنا إلى (قطر للطاقة) يعكس فهمنا للتغيرات العالمية واستجابتنا للحاجة إلى حماية كوكبنا وبيئته، وبهذا فلن تجلب مشاريعنا للغاز الطبيعي المسال طاقة إضافية أنظف لعملائنا في جميع أنحاء العالم فحسب، بل سنواصل التزامنا المتزايد بدورنا المركزي في التحول العالمي إلى طاقة منخفضة الكربون".

وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري: تحولنا إلى "قطر للطاقة" يعكس فهمنا للتغيرات العالمية (الفرنسية)

إمدادات آمنة

ومن أجل تعزيز ريادتها في سوق الطاقة النظيفة العالمية، أطلقت شركة قطر للطاقة قرارها الاستثماري النهائي بتوسعة إنتاج الغاز المسال لـ"حقل الشمال" الأكثر تنافسية عالميا لرفع الطاقة الإنتاجية إلى 110 ملايين طن سنويا بدءا من عام 2025، بزيادة سنوية تقدر بنحو 43%، وباستثمارات تقدر بنحو 105 مليارات ريال (الدولار يساوي 3.65 ريالات قطري ) وبشراكة مع شركاء عالميين رغم ما يواجهه العالم من جائحة كورونا.

وتُمكن هذه الخطوة قطر من لعب دور كبير وهام في تلبية الطلب العالمي من الغاز الطبيعي المسال -الذي يزداد الطلب عليه سنويا- واحتلال الريادة في الإمدادات الآمنة والمستقرة، لا سيما لقارتي آسيا وأوروبا اللتين تفتقران إلى موارد الطاقة النظيفة.

ورغم كونها أكبر دولة مُصدرة للغاز الطبيعي المسال، فإن قطر تتوجه بشكل قوي نحو تنويع مصادر الطاقة النظيفة عبر مواصلة الاستثمار في هذا النوع من الطاقة، التي من بينها الطاقة الشمسية التي تستخدم بديلا لتقليل الاعتماد على الطاقة الهيدروكربونية ولتعزيز الطاقة المستخدمة في مشاريع البنية التحتية بقطر، مثل ملاعب مونديال 2022.

وفي طريقها لاستضافة أكبر حدث رياضي في تاريخ المنطقة العربية (مونديال 2022)، عملت قطر على أن تكون لها بصمتها الخاصة في مجال الطاقة المتجددة، حيث تم تجهيز كل ملاعب كأس العالم ومرافق التدريب والمناطق المخصصة للمشجعين بتكنولوجيا التبريد باستخدام الطاقة الشمسية، للحفاظ على درجة الحرارة في معدل 27 درجة مئوية.

وساعد استخدام هذا النوع من الطاقة في جعل المرافق الرياضية بقطر صديقة للبيئة، من دون أي انبعاثات لغاز الكربون مع إمكانية التحكم في مناخ هذه الملاعب.

إستراتيجية محكمة

ويقول الخبير في مجال النفط والغاز طارق الشيخ إنه رغم زيادة عدد الدول التي تدخل يوميا صناعة الغاز الطبيعي نتيجة الاكتشافات الجديدة، فإن "قطر تحلق على مسافة (بعيدة) من الجميع وحيدة فوق سماء صناعة الغاز المسال العالمية".

ويلفت الشيخ -في تصريح للجزيرة نت- إلى أن دولة قطر تقودها رؤية إستراتيجية محكمة للتوسع في هذه الصناعة ومعها التوسع في الأسواق العالمية، وأيضا التوسع في بناء أكبر أسطول في العالم لنقل الغاز المسال، مما جعلها المنتِج الوحيد الموجود في جميع أسواق العالم للغاز المسال في أميركا الجنوبية إلى أوروبا وآسيا، وخاصة الصين واليابان والهند.

 

ووفقا لأحدث المعلومات، فإن أسطول شركة ناقلات الغاز القطرية بحلول عام 2022 سيضم 74 سفينة، مما يشكل نحو 12% من إجمالي القدرة العالمية الحالية لنقل الغاز الطبيعي المسال.

ويرى الشيخ أن المسيرة الصاعدة لقطر في استخراج وتصدير الغاز، التي تبلغ مرحلة جديدة، تؤكد ريادة قطر عندما ترفع طاقتها في إنتاج الغاز الطبيعي المسال إلى 126 مليون طن سنويا بحلول عام 2027، بزيادة تبلغ 64% عن مستوى الإنتاج الحالي البالغ 77 مليون طن سنويا.

ويشير إلى أن المسار الصاعد للإنتاج القطري تدعمه كميات الغاز المثبتة في حقل الشمال التي تتجاوز 1760 تريليون قدم مكعب، إضافة إلى أكثر من 70 مليار برميل من المكثفات، والغاز البترولي المسال والإيثان والهيليوم.

التزام بطاقة نظيفة

ويوضح الخبير في مجال النفط والغاز أن هذه الإنتاجية العالية يصاحبها اهتمام كبير من الدولة القطرية لحماية البيئة وخفض الانبعاثات الكربونية الضارة، مما جعلها تتخذ جملة من المبادرات لعزل الكربون واحتجازه بما يقدر بـ9 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا بحلول نهاية العقد الحالي.

وأكد الشيخ أن "هذا التوجه الصارم نحو حماية البيئة جعل قطر للطاقة تمضي في توافق مع التوجه العالمي القوي لخفض الانبعاثات الضارة التي تقف وراء ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ في العالم".

وختم بقوله "قطر للبترول خطت مؤخرا خطوة تعكس هذا الاهتمام لتحمل اسما جديدا -قطر للطاقة- وهي بذلك تكون ضمن أولى الشركات العالمية التي تعلن بصرامة الالتزام بطاقة نظيفة واستخدام مصادر طاقة منخفضة الانبعاثات الكربونية".

المصدر : الجزيرة