مع حلول فصل الربيع.. كورونا تلقي بزهور غزة طعاما للمواشي

يأمل المزارع لباد حجازي أن تنتهي أزمة كورونا وينتعش السوق المحلي لتعويض الخسائر
المزارع لباد حجازي يأمل أن تنتهي أزمة كورونا وينتعش السوق المحلي لتعويض الخسائر (الجزيرة)

رائد موسىغزة 

"في زمن كورونا أصبح الورد طعاما للمواشي أو يلقى به في مكب النفايات".. بهذه الكلمات القليلة وبحزن شديد، عبّر المزارع العشريني لباد حجازي عن حاله وحال مزارعي الورود في غزة، الذين يتكبدون خسائر فادحة بفعل حالة الطوارئ التي فرضتها جائحة فيروس كورونا

وقال حجازي للجزيرة نت "كان يفترض أن نكون كمزارعي ورد في قمة انشغالنا في مثل هذا الوقت، بالتزامن مع حلول فصل الربيع الذي تكثر فيه الأفراح والمناسبات المختلفة التي يزداد فيها الإقبال على شراء الورد". 

لكن عجلة الحياة توقفت في القطاع الساحلي –المحاصر منذ 14 عاما- بسبب أزمة فيروس كورونا، التي دفعت السلطات في غزة إلى اتخاذ اجراءات احترازية، تضمنت إغلاق صالات الأفراح والمؤسسات التعليمية والنوادي الرياضية والمساجد لأجل غير مسمى، في حين قررت أخيرا إعادة فتح المطاعم.

وقال حجازي الذي تمتلك أسرته أكبر مزرعة ورد في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، "ذهب تعبنا أدراج الرياح، وخسرنا الموسم الذي يزهر فيه الورد ويزداد فيه إقبال الناس والمؤسسات الرسمية والأهلية على شرائه للاحتفال بأفراحهم ومناسباتهم الخاصة والعامة". 

وأضاف أنه "بسبب تداعيات كورونا، لم يعد للورد مكان في السوق، والإقبال عليه انخفض إلى أدنى مستوياته ويكاد يكون معدوما، ويباع بأسعار زهيدة، حتى أصبحنا نلقي بكميات كبيرة من الورد طعاما للمواشي". 

ويأمل حجازي ألا تطول الأزمة، وأن تزدهر تجارة الورد من جديد كي لا تتضاعف خسائرهم، فحتى اللحظة، تكبدت أسرته خسائر مادية يقدّرها بأكثر من 150 ألف شيكل (نحو 43 ألف دولار). 

ويقتات 25 فردا من أسرة حجازي، إضافة إلى ستة عمال بأسرهم، من مزرعة الورد التي تبلغ مساحتها 10 دونمات (10 آلاف متر مربع)، وهي واحدة من مزارع قليلة ظلت صامدة من بين 500 مزرعة كانت تنتشر حتى العام 2012 في مدينة رفح على حدود القطاع الجنوبية مع مصر

‪جائحة كورونا كبدت مزارعي الورد في غزة خسائر فادحة‬ (الجزيرة)
‪جائحة كورونا كبدت مزارعي الورد في غزة خسائر فادحة‬ (الجزيرة)

هل ستصمد الزهور؟
يقول حجازي إن مزرعتهم صمدت رغم منع سلطات الاحتلال تصدير ورد غزة إلى الخارج منذ ثمانية أعوام، وذلك بفضل إصرار والده وتمسكه بزراعة الورد التي بدأها عام 1991. 

لكن غالبية المزارعين اضطروا للتحول إلى زراعات أخرى، بفعل الحصار الإسرائيلي وتوقف الدعم المالي الذي كانت تقدمه هولندا لمزارعي الزهور في غزة

وحجازي ليس واثقا الآن من قدرة والده على الصمود لفترة طويلة، خصوصا إذا طال أمد أزمة كورونا، وتوقف التسويق المحلي

ويعتقد أن وزارة الزراعة والمؤسسات الزراعية الأهلية تقع عليها مسؤولية كبيرة تجاه مزارعي الورد تحديدا، إن أريد لهذه الزراعة أن تستمر في غزة، وذلك عبر إعفاء المزارعين من الضرائب والرسوم، ودعمهم بالأشتال والسماد

‪مزرعة حجازي للورد مهددة بالانهيار بسبب الحصار وأزمة كورونا‬ (الجزيرة)
‪مزرعة حجازي للورد مهددة بالانهيار بسبب الحصار وأزمة كورونا‬ (الجزيرة)

يقول الكاتب الصحفي المختص بالشؤون الاقتصادية حامد جاد للجزيرة نت إن زراعة الزهور في غزة كانت مزدهرة، ويعيش من العمل بها مئات المزارعين والتجار والعمال، وكان يتم تصدير نحو 60 مليون زهرة سنويا. لكن مع الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر وتكاليف الإنتاج المرتفعة، تراجع هذا القطاع بشكل كبير

وجاءت أزمة كورونا لتلقي بظلالها الثقيلة والسلبية على الأنشطة الاقتصادية كافة، وقطاع الزهور من بين أكثر القطاعات تضررا بالأزمة، إذ أصبح منتِج الزهور غير قادر على تسويقها محليا، بينما تواصل إسرائيل منع تصديرها إلى الخارج، وفقا لجاد

وعرف قطاع غزة زراعة الزهور لأغراض تجارية في العام 1991، ووصلت ذروة نشاطها واتساعها عام 1998، مع أكثر من 100 مشروع بمساحة 1200 دونم.

لكن زراعة الزهور بدأت في التراجع مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، وتلقت ضربة قاسية مع منع إسرائيل التصدير عام 2012، لتتراجع المساحة المزروعة إلى نحو 6% فقط من المساحة الإجمالية

المصدر : الجزيرة