بإنتاج يبلغ 9 ملايين طن.. لماذا لا ينقذ موسم القمح مصر من أزمة الاستيراد؟

Farmers harvest wheat at a village near Banha along the agricultural road which leads to the capital city of Cairo, Egypt April 11, 2020. REUTERS/Amr Abdallah Dalsh
الحكومة المصرية تشتري 3.6 ملايين طن قمح من الفلاحين (رويترز)

محمد عبد الله-القاهرة 

تستقبل مصر هذه الأيام واحدا من أهم مواسم الحصاد هذا العام بجني محصول القمح من نحو 3.4 ملايين فدان، أي ما يقدر بنحو 9 ملايين طن، بالتزامن مع تزايد المخاوف العالمية بشأن الإمدادات الغذائية، ورغبة الدول المصدرة في تعزيز احتياطاتها بسبب جائحة فيروس كورونا.

وحذر مديرو منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة التجارة العالمية، في بيان مشترك مطلع الشهر الجاري، من خطر حصول نقص في المواد الغذائية بسبب فيروس كورونا، قائلين إن "الغموض بشأن توفر الغذاء يمكن أن يتسبب بموجة قيود على التصدير التي قد تسبب بدورها نقصا في السوق العالمية".

ومصر هي أكبر مشتر للقمح في العالم بنحو 7 ملايين طن (القطاع الحكومي فقط)، ومن المقرر أن تشتري الحكومة 3.6 ملايين طن قمح من الفلاحين، وهي أقل من نسبة النصف التي أعلنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إضافة إلى وجود احتياطي حالي يكفي لثلاثة أشهر.

فاتورة القمح بمصر
تعتمد مصر اعتمادا كبيرا على القمح في غذائها باستهلاك أكثر من 16 مليون طن قمح سنويا، من بينها نحو 9 ملايين طن لإنتاج الخبز المدعوم، الذي يُصرف على البطاقات التموينية لإنتاج ما يقرب من 270 مليون رغيف يوميا، يستفيد منها 71 مليون مواطن.

ولا يكفي الإنتاج المحلي إلا 34.5% من احتياجات مصر من القمح، وفق الجهاز المركزي للإحصاء، وبلغ إجمالي ما تم استيراده في 2019 نحو 13 مليون طن، منها 7 ملايين طن للقطاع العام (هيئة السلع التموينية) و6 ملايين طن للقطاع الخاص بفاتورة تجاوزت 3 مليارات دولار.

وتعتزم مصر استيراد 800 ألف طن من القمح أثناء موسم التوريد المحلي لتأمين احتياطاتها من القمح والخبز، حيث قررت أكبر دول مصدرة للقمح إلى مصر مثل روسيا وأوكرانيا ورومانيا تقييد شحنات الحبوب لحماية أمنها الغذائي في مواجهة جائحة كورونا. 

ومن ناحية أخرى، أعلن وزير التموين المصري عن أسعار توريد القمح المحلي لعام 2020 بزيادة قدرها 15 جنيها (نحو دولار واحد)، عند 700 جنيه للأردب (الدولار= 15.7 جنيها)، وهو أعلى من السعر العالمي دعما للفلاح.

مصر تستهلك 9 ملايين طن من القمح لإنتاج الخبز المدعوم سنويا (الجزيرة)
مصر تستهلك 9 ملايين طن من القمح لإنتاج الخبز المدعوم سنويا (الجزيرة)

سعر غير عادل
وقلل الدكتور عبد التواب بركات مستشار وزير التموين المصري الأسبق من قيمة الزيادة الجديدة، قائلا إن "سعر الحكومة للقمح المصري بين 670 و700 جنيه للأردب هو سعر مجحف للفلاح المصري، ولا يغطي الزيادة في تكاليف الزراعة والأسمدة وإيجار الأرض وتكلفة العمالة المستخدمة في الحصاد، ويبخس من قيمته الحقيقية".

وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن خسائر مزارعي القمح هذا العام ستزيد بسبب تلف نسبة كبيرة من المحصول بفعل السيول والأمطار التي ضربت البلاد قبل أسابيع قليلة من الحصاد وتسببت في تلف الحبوب، ورغم ذلك امتنعت الحكومة عن تعويض المزارعين. 

وفنّد بركات مقارنة الحكومة القمح المصري بالقمح الروسي المستورد، قائلا "الحديث عن أن السعر المحلي أعلى من السعر العالمي خدعة، فالقمح المصري هو أفضل أنواع القمح في العالم من حيث انخفاض نسبة الرطوبة وارتفاع نسبة البروتين ودرجة النقاوة، ويمكن أن يزيد سعره عن القمح الأميركي من الدرجة الأولى، والذي يزيد سعره 100 دولار عن باقي الأنواع". 

مصر تعتزم استيراد 800 ألف طن من القمح أثناء موسم التوريد المحلي لتأمين احتياطاتها من القمح والخبز (الجزيرة)
مصر تعتزم استيراد 800 ألف طن من القمح أثناء موسم التوريد المحلي لتأمين احتياطاتها من القمح والخبز (الجزيرة)

القمح المحلي الأجود
غير أن نقيب الفلاحين حسين أبو صدام رأى أن السعر المعلن من الدولة عادلٌ، قائلا "يبدأ موسم الحصاد منذ منتصف أبريل/نيسان الحالي ويستمر حتى منتصف يوليو/تموز المقبل لمدة ثلاثة شهور، والسعر المعلن يزيد عن سعر العام الماضي 15 جنيها لكل أردب بحسب درجة النقاوة، في متوسط 18 أردبا للفدان فهو سعر مقبول خاصة في ظل تدني الأسعار العالمية". 

ولكنه أكد للجزيرة نت أنه يجب على الدولة عدم مقارنة سعر الشراء بالسعر العالمي، لأنها وفق الدستور ملتزمة بشراء المحصول من الفلاح بهامش ربح جيد، أيا كان السعر العالمي منخفضا أو مرتفعا ، تشجيعا للفلاح.

وبشأن خيارات الحكومة المصرية لتأمين إمداداتها من القمح، شدد صدام على أن القمح أهم سلعة يجب توفيرها في ظل تفشي أزمة كورونا، ورغم ذلك لا توجد إمكانية لشراء كل المنتج المحلي لأسباب كثيرة، من بينها السعة التخزينية لدى الدولة (نحو أربعمئة مليون طن)، كما أن الفلاح يحتفظ بجزء لاحتياجاته، مشيرا إلى ضرورة ترشيد استهلاك المواطنين لرغيف الخبز.

المصدر : الجزيرة