سيفوق حجمه 3 تريليونات دولار.. خبراء يبحثون مستقبل التمويل الإسلامي في مؤتمر بالدوحة

جانب من أعمال المؤتمر الدولي للتمويل الإسلامي الذي تنظمه كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة (الجزيرة نت).
جانب من أعمال المؤتمر الدولي للتمويل الإسلامي الذي تنظمه كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة (الجزيرة نت)

محمد الشياظمي-الدوحة

انطلقت اليوم الأربعاء بالدوحة أعمال المؤتمر الدولي للتمويل الإسلامي، الذي تنظمه كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة، بحضور نخبة من المسؤولين المصرفيين وصناع السياسات والأكاديميين والباحثين في المجالات المالية الإسلامية وقضايا الاستدامة.

وسيلقي المؤتمر، الذي يستمر يومين، الضوء على تطور الصيرفة الإسلامية والآفاق التي يتوقع أن تبلغها، والتحديات التي تواجهها في سياق التقلبات العالمية، وسبل تعزيز ديناميكية المؤسسات المالية والمصارف لمواكبة التحديات التكنولوجية الحديثة.

ويأتي عقد هذا المؤتمر في سياق التقارير العالمية التي أكدت تحقيق الصيرفة الإسلامية نموا أكبر من المتوقع، نتيجة لتطور أعمالها في عالم المال والأعمال ومنافستها للصيرفة التقليدية، وأثبتت صمودا وديمومة فعالة منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، حيث كانت أقل عرضة للصدمات المالية وأكثر مرونة في إدارة المخاطر وأكثر حذرا من التقلبات.

وبعد اتساع نطاقها الجغرافي، دخلت الصيرفة الإسلامية أسواقا جديدة في أفريقيا والولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وروسيا، وسجل التمويل المصرفي الإسلامي نموا متسارعا، واعتبرت هذه الصناعة من أكثر القطاعات ديناميكية في النظام المالي العالمي.

وقال الجيدة إن التمويل الإسلامي أصبح يمثل قطاعا كبيرا ومتناميا، إذ يتوقع أن يبلغ 3.2 تريليونات دولار في 2020، وقد استطاعت قطر تحقيق مركز مهم في هذا المجال، كما باتت أصول البنوك الإسلامية في قطر تحتل اليوم ثلث أصول النظام المالي بنحو 33% من إجمالي الأصول، مدفوعة بنسبة نمو سنوي يقدر بنحو 8% منذ عام 2015 إلى غاية النصف الأول من عام 2019، أي ما يبلغ 129 مليار دولار أميركي.

وفي تقرير لمركز قطر للمال للعام 2019، بلغ إجمالي الأصول الإسلامية لدى البنوك نحو 107.04 مليارات دولار، كما بلغ إجمالي التمويلات الإسلامية نحو 73.8 مليار دولار، في حين بلغ إجمالي الودائع الإسلامية نحو 66.2 مليار دولار، أما الأصول الإسلامية التي هي ضمن منصة مصرف قطر المركزي فبلغت نحو 231 مليون دولار.

واعتبر الجيدة أن لقطر موقعا متقدما في مجال الصيرفة خليجيا، وهذا سيحفزها لمزيد من التعاون مع دول أخرى رائدة في الصيرفة الإسلامية مثل تركيا وماليزيا، والعمل على عقد شراكات لإنشاء مراكز تمويل تستجيب للتنمية الاقتصادية لدول المنطقة وتجذب المؤسسات المالية لإطلاق عملياتها فيها.

وسبق أن أظهرت دراسة لصندوق النقد الدولي شملت 120 مصرفا إسلاميا وتقليديا في ثماني دول خليجية وآسيوية تحوز 80% في السوق المالية الإسلامية، أن المصارف الإسلامية أثبتت قوتها وصلابتها في مواجهة التقلبات والأزمات المالية، على عكس المصارف التقليدية، بما في ذلك قدرتها على الإيفاء بالمستحقات.

‪المؤتمر يحضره نخبة من المسؤولين المصرفيين وصناع السياسات والأكاديميين في المجالات المالية الإسلامية‬ المؤتمر يحضره نخبة من المسؤولين المصرفيين وصناع السياسات والأكاديميين في المجالات المالية الإسلامية (الجزيرة نت)
‪المؤتمر يحضره نخبة من المسؤولين المصرفيين وصناع السياسات والأكاديميين في المجالات المالية الإسلامية‬ المؤتمر يحضره نخبة من المسؤولين المصرفيين وصناع السياسات والأكاديميين في المجالات المالية الإسلامية (الجزيرة نت)

تحديات النمو
يبرز أمام قطاع التمويل الإسلامي تحديات كبرى، تتمثل في تقادم النماذج المصرفية المعمول بها، وبطء الابتكار في المنتجات المالية والضوابط الشرعية والتشريعية وندرة الموارد البشرية والطابع التقليدي للعمل المصرفي، إضافة إلى تحديات العولمة وضعف علاقات التعاون بين البنوك والضغط الكبير لمواكبة التطور التكنولوجي، إذ لا تعد مصطلحات الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا العملات تحديا عاديا، بل تحولا خطيرا نحو أنماط جديدة.

وقد كانت هذه التحديات من أبرز توصيات مؤتمر الدوحة الخامس للمال الإسلامي، حيث دعا إلى ضرورة السعي لاستكمال الأطر التشريعية والقانونية الخاصة ببيئة التمويل الإسلامي الرقمي، خصوصا أن التطور الهائل والمتسارع في التكنولوجيا المالية، لا يواكبه تحديث مناسب للتشريعات والقوانين الخاصة بالتمويل الإسلامي.

وفي عالم محدود الموارد، يبحث مؤتمر التمويل الإسلامي كذلك تطور الأنظمة الاقتصادية الدائرية، على خلفية المناقشات العالمية القوية بشأن تغير المناخ والتدهور البيئي وسبل تحفيز الاقتصاد الدائري عملية التعلم من الطبيعة، وكيف يسهل هذا المفهوم الناشئ بناء مجتمعات مسؤولة، وأهمية تبني إستراتيجيات وسياسات مالية معتمدة على تعزيز القيمة.

وسيطرح المؤتمر كذلك وجهات نظر إسلامية متميزة حول الاقتصاد الدائري (نظام اقتصادي يهدف إلى القضاء على الهدر ويسعى للاستخدام المستمر للموارد).

وستقدم نخبة من الأكاديميين البارزين وصناع السياسة والممارسين المتخصصين سلسلة من الأوراق والتحليلات النقدية حول مجموعة كبيرة من القضايا الوثيقة الصلة، ومن بينها المبادئ والتعاليم الإسلامية المرتبطة بالقاعدة العلمية الشاملة "الميزان" التي تتناول الاختلالات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.

وسيساعد تحليل التقارب بين التمويل الإسلامي والاقتصاد الدائري، ودراسات الحالة المتخصصة والإجراءات والتصميمات الحضرية المبتكرة، في بحث أوجه التكامل والشراكة بين التمويل الإسلامي وهذا النوع من الاقتصاد الذي يدخل في صلب أحد أهم أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 المتعلقة بالبيئة والمناخ.

المصدر : الجزيرة