أضحت منتجا كبيرا.. بنغلاديش القوة الاقتصادية الصاعدة

بعد سنوات من الركود.. بنغلاديش تتقدم اقتصاديا
بنغلاديش يمكن أن تصبح فعلا بلدا متقدما بحلول عام 2041 إذا تواصل الاستقرار السياسي في البلاد (وكالة الأنباء الأوروبية)

نشر صندوق النقد الدولي تقريره لشهر أكتوبر/تشرين الأول 2020، بعنوان "الآفاق الاقتصادية للعالم.. صعود طويل وشاق"، وجاء فيه أن بنغلاديش تغلبت على الهند من حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد، الذي بلغ 1888 دولارا أميركيا.

يقول الكاتب شريف الإسلام في تقرير نشره موقع "مودرن دبلوماسي" (modern diplomacy) الأميركي، إن هذه الأرقام مثيرة للانتباه، خاصة عند مقارنتها بالهند، التي كانت قبل 5 سنوات فقط تحقق ناتجا إجماليا محليا للفرد يفوق بنغلاديش بنسبة 40%.

ويعلق على هذه التغيرات الخبير الاقتصادي السابق في البنك الدولي كاوشيك باسو بأن "كل اقتصاد صاعد يمثل أخبارا جيدة".

ويضيف الكاتب أن المخططات والرؤية والقرارات التي اتخذتها حكومة الشيخة حسينة واجد والعمل الذي قامت به مع شعب بلادها، هو ما جعل هذا النجاح ممكنا لبنغلاديش.

تعاون بنّاء

ورغم أن كثيرين يقيّمون هذا النجاح من خلال مقارنة الاقتصاد البنغالي بالهندي، فإن بنغلاديش في الواقع تعتبر الهند صديقة لها وليست منافسة، وتؤمن بالتعاون البنّاء معها ومع سائر القوى الكبرى عوضا عن الصراعات والتنافس، وهي تقر بدور الشركاء الكبار في مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وأصبح النجاح الاقتصادي المذهل لبنغلاديش حديث الإعلام والشارع في الهند، خاصة أنه يأتي في سياق يعاني فيه العديد من دول العالم خصوصا النامية منها صعوبات كبيرة، بسبب وباء كورونا العالمي.

ورغم هذه الظروف تحقق بنغلاديش حاليا نموا إيجابيا، وفي هذا السياق يصبح من الضروري البحث في أسرار ومفاتيح نجاح بنغلاديش في الصعود كقوة اقتصادية.

يرى الكاتب أنه من أجل فهم هذه النتائج التي حققتها بنغلاديش يجب النظر إلى الماضي، إذ إن عقودا طويلة من الاضطهاد والقمع والظلم والتمييز بين شرق باكستان وغربها، جعلت الناس في شرق باكستان فقراء وأميين.

وعلى سبيل المثال خلال السنوات بين 1960 و1970 كان الدخل السنوي للفرد البنغالي 450 تاكا بنغلاديشية (تعادل حاليا 5.3 دولارات أميركية)، وكان نصف الشعب يعاني من سوء التغذية، ونسبة المتعلمين تبلغ 17% فقط.

بعد سنوات من الركود.. بنغلاديش تتقدم اقتصاديا
النجاح الاقتصادي المذهل لبنغلاديش أصبح حديث الإعلام والشارع في الهند (وكالة الأنباء الأوروبية)

نجاح اقتصادي

خلال تلك الفترة كانت بنغلاديش جزءا من باكستان، لكن اقتصادها كان يعاني من الركود، حيث إن السياسة الاقتصادية المعتمدة من الحكومة المركزية الباكستانية جعلت اقتصادها يتراجع إلى الخلف، وذلك بسبب ضعف النفقات الحكومية والاستثمار، وسوء التصرف في المساعدات الخارجية والتجارة.

هذا التمييز الاقتصادي والسياسي ضد سكان شرق باكستان دفعهم للانضمام لحركة الاستقلال تحت قيادة الشيخ مجيب الرحمن، وقد حصلت بنغلاديش فعلا على استقلالها في 1971.

واليوم تغيرت الأوضاع في بنغلاديش بشكل كبير، حيث إن رئيسة الحكومة الشيخة حسينة كتبت مقالا في أكتوبر/تشرين الأول 2019 تقول فيه: "إضافة إلى الاكتفاء الذاتي، نحن الآن رابع أكبر منتج للأرز، وثاني أكبر منتج لنبتة الجوت، ورابع أكبر منتج للمانغو، وخامس أكبر منتج للخضروات، ورابع أكبر منتج من مصايد السمك الداخلية".

وظلت بنغلاديش تحقق نسبة نمو تفوق 6% منذ عام 2009، وهذه الإنجازات تقف وراءها رئيسة الوزراء الشيخة حسينة، إلى جانب العمل الجبار لعشرات الآلاف من الفلاحين وعمال المصانع والنسيج وسائر فئات الشعب.

والشيخة حسينة بعد توليها رئاسة الحكومة في 2009، وضعت أهدافا محددة، مثل بلوغ مرتبة بلد ذي دخل متوسط في 2021، وتحقيق أهداف التنمية الشاملة بحلول عام 2030، ثم التحول إلى بلد متقدم بحلول عام 2041، وتحقيق صفة بلد معجزة في 2071، ثم تطبيق الخطة "دلتا" بحلول عام 2100، وهكذا فإن دولة بنغلاديش تتقدم وفق مخططات واضحة ومحددة.

ويرى كثيرون أن بنغلاديش يمكن أن تصبح فعلا بلدا متقدما بحلول عام 2041، إذا تواصل الاستقرار السياسي في البلاد، إلى جانب دعم الشركاء الدوليين.

ومن بين نقاط القوة في بنغلاديش أنه من بين 170 مليون نسمة هنالك أكثر من 60% من الشباب الذي يتمتع بالطاقة والحيوية، ويمكنه المشاركة في دفع عجلة التنمية، لأن هذا البلد ليس مجرد سلة تزود العالم بالغذاء.

المصدر : مودرن دبلوماسي