زيت الزيتون التونسي.. عندما تتحول وفرة الإنتاج إلى أزمة

تخزين الزيتون في المعاصر في انتظار عصره-
تخزين الزيتون في المعاصر في انتظار عصره (الجزيرة)

حياة بن هلال-تونس

هدد فلاحون تونسيون مؤخرا بسكب الكميات الفائضة من زيت الزيتون في الطرقات احتجاجا على الهبوط الحاد لأسعاره بسبب وفرة الإنتاج، حيث تراجع سعر اللتر الواحد إلى النصف من 12 دينارا (أربعة دولارات) السنة الماضية إلى ستة دنانير (دولارين) هذه السنة.

وشكلت وفرة الإنتاج أزمة حقيقية في القطاع، فقد بلغت كميات زيت الزيتون -بحسب وزارة الفلاحة- خلال الموسم الحالي نحو 350 ألف طن، مقارنة بالموسم الفائت الذي بلغ 140 ألف طن فقط. وتمتد أشجار الزيتون على مساحة 1.9 مليون هكتار، مما يمثل أكثر من ثلث الأراضي الزراعية.

وصرّح وزير الفلاحة التونسي سمير بالطيب مؤخرا أن وفرة إنتاج الزيتون هذا الموسم تعتبر قياسية مقارنة بالمواسم الماضية، وقد شكلت أزمة حقيقية مما جعل الحكومة تعقد خلية أزمة.

وضمت خلية الأزمة كلا من: وزير الفلاحة، ووزير المالية، ووزير التجارة، ورئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والرئيس المدير العام للديوان الوطني للزيت، ورئيس لجنة الفلاحة والأمن الغذائي، ومقرر لجنة المالية والتخطيط والتنمية، وعددا من النواب للنظر في حلول عاجلة.

‪يُجمع الزيتون في أكياس من القماش حتى لا يفقد جودته‬ (الجزيرة)
‪يُجمع الزيتون في أكياس من القماش حتى لا يفقد جودته‬ (الجزيرة)

أسباب الأزمة
التخزين من أهم أسباب الأزمة التي يشهدها قطاع زيت الزيتون، حيث تقدر طاقة استيعاب ديوان الزيت (حكومي) 100 ألف طن فقط، علما بأن الديوان مُول بما قدره 50 مليون دينار تونسي (16.6 مليون دولار) في شكل قروض خزينة، لم يتحصل منها إلا على 15 مليون دينار، وخط ضمان دولة بقيمة 100 مليون دينار (33.3 مليون دولار) كتمويل إضافي.

وتقدر حاجيات التمويل الإجمالية لديوان الزيت إلى حدود يناير/كانون الثاني 2020 بقرابة 170 مليون دينار (56.6 مليون دولار)، بحسب مدير عام الديوان شكري بيوض.

يذكر أن ديوان الزيت يقتني اللتر الواحد من زيت الزيتون الرفيع بـ5.6 دنانير (1.8 دولار)، وهو سعر مرتبط بالعرض والطلب في الأسواق المحلية والعالمية.

وتقدر حاجيات تمويل زيت الزيتون في تونس بصفة عامة بما بين 600 و800 مليون دينار (200 و266 مليون دولار) وهي تمويلات بنكية بالأساس.

تراجع أسعار زيت الزيتون قبل نهاية جمع الزيتون بسبب وفرة المحصول مثّل أزمة كبرى بالنسبة للفلاحين، خاصة لعدم استيعابه من ديوان الزيت وقلة المعاصر إضافة إلى أن تأخر الجني يمكن أن يضعف إنتاج الموسم القادم.

ومن المصاعب التي يواجهها القطاع أيضا، توفير اليد العاملة بأسعار تتماشى مع سعر الزيت في الأسواق المحلية التي تستأثر بنسبة 20% من الإنتاج بينما 80% يتجه للتصدير، منها 70% للاتحاد الأوروبي.

‪نسوة يجنين الزيتون في تونس‬ (الجزيرة)
‪نسوة يجنين الزيتون في تونس‬ (الجزيرة)

حلول مقترحة
ومن الحلول المقترحة إمكانية إسناد الدعم وفتح مجال التخزين للقطاع الخاص إضافة إلى سعي ديوان الزيت إلى تخزين 30 ألف طن من الزيت إلى حدود منتصف يناير/كانون الثاني 2020 في ست مراكز موزعة على كامل البلاد.

يشار إلى أن جمع الزيتون لا يزال متواصلا، وقد بلغ فقط إلى 25% مقابل 40% خلال المواسم العادية.

وتوصلت خلية الأزمة إلى حلول عامة كضرورة تشجيع الاستهلاك المحلي، والعمل على دعم الأطراف المتدخلة على غرار ديوان الزيت والمصدرين والفلاحين ومعالجة المنظومة كلها، وإيلاء الاهتمام اللازم بمشاكل الفلاحين باعتبارهم حلقة مهمة في المنظومة، بحسب تصريح رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري عبد المجيد الزار.

تعد تونس من الدول الأولى في إنتاج زيت الزيتون، وقد احتلت المركز الثاني عالميا سنة 2015 بعد إسبانيا، وهي الأولى عربيا والرابعة عالميا سنة 2018.

‪وفرة إنتاج الزيتون مثلت أزمة حقيقية في التخزين‬ وفرة إنتاج الزيتون مثلت أزمة حقيقية في التخزين (الجزيرة)
‪وفرة إنتاج الزيتون مثلت أزمة حقيقية في التخزين‬ وفرة إنتاج الزيتون مثلت أزمة حقيقية في التخزين (الجزيرة)

المصدر : الجزيرة