هل ستنجح الحكومة "المقلصة" بالمغرب في تحقيق التنمية؟
مريم التايدي-الرباط
رغم تفاوت ردود الفعل بخصوص التعديل الوزاري الأخير بالمغرب، فإن تقليص عدد أعضاء الحكومة من 39 وزيرا إلى 23، حظي بالإشادة، فهل تحقق الحكومة المصغرة ما عجزت عنه الحكومات السابقة وتجيب عن حاجات الشعب وتوصيات الملك؟
تحديات كبرى
بحسب المحللين الاقتصاديين والسياسيين، لم يحقق المغرب القفزة النوعية المنتظرة، وبقي مستوى النمو ضعيفا، ووتيرة خلق فرص العمل دون المستوى، ولا تستجيب للمتطلبات، كما بقيت تنافسية المغرب 2019 ثابتة تقريبا، (بحسب تقرير التنافسية العالمية 2019 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، إذ جاء المغرب في الرتبة 75 عالميا من أصل 141 دولة).
وهناك ما يشبه الإجماع بالمغرب لوجود حالة مستعجلة للقيام بالإصلاحات، خصوصا مع تواتر الاحتجاجات، ووجود أطراف عديدة تعيش الهشاشة "تعاني أوضاعا اقتصادية صعبة"، وتوالي مجموعة من الوقائع الدالة عن احتقان اجتماعي، وجو الإحباط والانتظار.
يؤكد أبو العرب أن هناك رغبة قوية من أعلى هرم في الدولة للمرور للسرعة القصوى لطي التعاطي مع العقبات الهيكلية والإشكالات البنيوية التي تقف حجر عثرة أمام المؤسسات في التنمية، ويضيف أن هناك قناعة ووعيا كبيرين لدى الدولة بضرورة القيام بالإصلاحات الاجتماعية والسياسية الضرورية.
ولعل أهم تحد أمام الحكومة "الجديدة القديمة" بالمغرب هو تنزيل (أي تفعيل) النموذج التنموي الجديد والسير بالبلد نحو مسار تنموي محترم، يليق بتطلعات أبنائه، وينتظر أن يعلن قريبا عن تشكيلة اللجنة المختصة التي ستعكف على صياغة نموذج تنموي جديد يتجاوز أخطاء الماضي ويدشن لمرحلة جديدة.
في هذا السياق، يقول المهدي فقير إن الحكومة ستضبط برنامجها الحكومي ومهامها وفقا للنموذج التنموي المعتمد، ويرى أن الحكومة مطالبة اليوم بالاعتكاف على الأمور المتعلقة بالإقلاع الاقتصادي وإعادة الثقة.
في الاتجاه نفسه، يذهب رشيد أوراز إلى أن تحفيز الاستثمار الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية، يحتاج إلى بناء الثقة وتعميق الإصلاحات الديمقراطية وتمتين المؤسسات السياسية والاقتصادية للبلاد وتعميق التحرير الاقتصادي ومحاصرة الاقتصاد الريعي ومحاربة الفساد.
أولويات المرحلة
قال الملك في خطاب افتتاح الدورة التشريعية (11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري) إن المرحلة الجديدة تبدأ من الآن، وتتطلب انخراط الجميع، بمزيد من الثقة والتعاون، والوحدة والتعبئة واليقظة، بعيدا عن الصراعات الفارغة، وتضييع الوقت والطاقات.
وأضاف "يأتي في صدارة أولوياتنا تنزيل (تفعيل) الإصلاحات ومتابعة القرارات وتنفيذ المشاريع، وهي من اختصاص الجهازين التنفيذي والتشريعي بالدرجة الأولى، لكنها أيضا مسؤولية القطاع الخاص ولا سيما فيما يتعلق بالتمويل، فضلا عن الدور المهم لهيئات المجتمع المدني الجادة".
وكان رئيس الحكومة سعد الدين العثماني قد صرح بأن أولويات حكومته خلال المرحلة المقبلة تتركز على دعم التعليم وقطاع الصحة والاهتمام بالفئات الفقيرة والمهمشة في المجتمع.
يقول أبو العرب إن الحكومة وحدها لن تقوم بشيء ولا بد من نخبة إدارية ذات كفاءات عالية تتحمل المسؤولية بنفَس جديد وتكون حريصة على التنفيذ، والرهان اليوم هو الحد من الفوارق، ويؤكد أن الأولوية هي "العمل ولا شيء إلا العمل".
ويرى رشيد أوراز أن أمام هذه الحكومة سنة ونصف السنة عمليا للإنجاز، لكنها استمرار للحكومة السابقة، وهو ما يجعل هامشها في العمل ضيقا جدا زمنيا.
فهل ينجح كل من الحكومة والبرلمان والقطاع الخاص في وضع المغرب على طريق التنمية المنشودة، عبر القضاء على البطالة، والارتقاء بالصحة والتعليم؟