تفريعة قناة السويس بذكراها الثالثة.. ماذا قدمت؟
الجزيرة نت-القاهرة
قبل ثلاث سنوات، وقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على متن سفينة وبجواره طفل يرتدي الزي العسكري ويلوح بالعلم المصري، في إطار فعاليات الاحتفال بافتتاح تفريعة قناة السويس التي روج لها النظام باعتبارها قناة جديدة ستغير حياة المصريين للأفضل.
وطبقا لبيان رسمي لهيئة العامة لقناة السويس تراجعت الإيرادات للعام قبل الماضي بنسبة 3.3% مقارنة بإيراداتها العام الذي قبله. وقد بلغت الإيرادات خلال 2016 نحو 5.005 مليارات دولار، بينما حققت 5.175 مليارات عام 2015 مقابل 5.465 مليارات عام 2014.
وبلغت تكلفة حفر تفريعة قناة السويس نحو أربعة مليارات دولار.
وتراجع إيرادات القناة التي يبلغ طولها 193 كلم، بعد افتتاح التفريعة الجديدة بطول 35 كلم دفع السيسي للاعتراف عام 2016 بأن المشروع كان لرفع الروح المعنوية للمصريين.
تحرك محدود
وتحركت عائدات قناة السويس ناحية الارتفاع عام 2017 حيث وصلت إلى 5.585 مليارات دولار.
وفي أبريل/نيسان الماضي، أعلنت هيئة القناة ارتفاع عائداتها بنسبة 13% على أساس سنوي خلال الربع الأول من 2018.
ويبدو أن هذه الزيادة لم تحقق استقرارا ماليا داخل الهيئة التي طلبت في مايو/أيار الماضي من البنوك الحكومية توفير تمويل عاجل بقيمة أربعمئة مليون دولار للمساهمة في مشروعات البنية التحتية للقناة.
وكانت الهيئة حصلت على قروض مباشرة من البنوك لتمويل حفر التفريعة الجديدة بمبلغ 1.4 مليار دولار، ودبرت باقي مبلغ الحفر عبر طرح شهادات استثمار على المصريين.
وقبل افتتاح التفريعة، وعد رئيس هيئة القناة الفريق مهاب مميش بتحقيق المشروع إيرادات تصل إلى مئة مليار دولار سنويا.
وأوضح مميش أن المشروع سيوفر عشرات الآلاف من فرص العمل، وأن عوائده سيستفيد منها المصريون جميعا، معتبرا التفريعة بمثابة شريان حياة قدمته مصر للعالم.
أزمة اقتصادية
وقال الخبير الاقتصادي أشرف دوابة إن مشروع تفريعة قناة السويس لم يحقق العائدات التي وعد المسؤولون بها الشعب بل إنه أدى لأزمة اقتصادية.
وأوضح دوابة للجزيرة نت أن هيئة القناة اعتمدت على شركات أجنبية للحفر مقابل ملايين الدولارات مما أدى إلى نقص حاد في العملة الأجنبية داخل السوق المصري ودفع النظام لاتخاذ قرار تعويم الجنيه في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
واعترف هشام رامز -خلال توليه منصب محافظ البنك المركزي– أن السبب الرئيس وراء أزمة الدولار هو مشروع "قناة السويس الجديدة" وبعد أيام من تصريحه قدم استقالته من منصبه.
وأعلن المركزي مطلع الأسبوع الجاري ارتفاع الدين الخارجي إلى مستوى قياسي عند نحو 88.1 مليار دولار بنهاية مارس/آذار الماضي، بينما بلغ في مارس/آذار 2013 نحو 38 مليارا.
وقد اضطرت هيئة القناة -وفق دوابة- خلال الثلاث سنوات الماضية لخفض رسوم مرور السفن، بل قدمت عروضا لشركات الملاحة العالمية لدفع رسوم مرور السفن لعدة سنوات دفعة واحدة مقابل تخفيضات كبيرة، ولفت إلى أن تلك السياسة هي السبب في ارتفاع عائدات القناة مؤخرا.
أما السبب الرئيسي الذي دفع النظام لتنفيذ مشروع التفريعة هو إصرار السيسي على ربط اسمه بأي مشروع قومي، وفق تحليل الخبير الاقتصادي.
وأشار دوابة إلى أن الأكثر تضررا من هذا المشروع هم المصريون الذين اشتروا شهادات استثمار قناة السويس.
وبشكل عام، فمشروعات ما بعد الانقلاب العسكري ليست وطنية الغرض، حسب رؤية القيادي بجماعة الإخوان المسلمين جمال حشمت.
وقال حشمت للجزيرة نت "إهمال البشر وحصارهم وحرمانهم من حقوقهم الأساسية بل وقتلهم بدم بارد لا يتوقع معه بناء مشروعات تخدم حياتهم وتؤمن مستقبلهم".
مشروع فاشل
وأرجع حشمت حفر تفريعة والترويج لها باعتبارها قناة سويس جديدة إلى أن النظام لم يعد يضمن حجم التأييد الشعبي الذي بدأ به الانقلاب، فاضطر لبيع وهم التفريعة ثم رفع نسب فائدة شهادة الاستثمار.
وأضاف "المشروع أثبت فشله منذ عامه الأول لأن القائمين عليه اعتمدوا في الترويج له على الكذب من زيادة عدد السفن المارة بالقناة رغم أنه أمر يرتبط بحجم التجارة الدولية".
وتابع "بعد ثلاث سنوات من فشل التفريعة لم يعد هناك من يتحدث عن نجاحها سوى بعض الإعلاميين المؤيدين للسلطة".
من جانبه، قال البرلماني السابق عز الدين الكومي إن افتتاح التفريعة صاحبه حملة إعلامية ممنهجة لخلق حالة من الوهم بين المصريين.
واعتبر الكومي -في حديثه للجزيرة نت- التفريعة الجديدة بأنه "شو إعلامي" للتسويق للنظام داخليا وخارجيا.
ورأى أن استدانة هيئة القناة من البنوك المحلية وأرقام العائدات من حركة السفن وتصريحات السيسي نفسه بكون المشروع كان بهدف رفع الروح المعنوية للشعب، كلها دلائل على فشل مشروع التفريعة.