قلق بلبنان من القرارات الخليجية

المنتجعات السياحية تلقت ضربة كبيرة بعد دعوة دول الخيج رعاياها عدم السفر للبنان
undefined

جهاد أبو العيس-بيروت

وكأن لبنان لا ينقصه سوى التضييق والمقاطعة العربية والخليجية حتى تكتمل عليه فصول التأزيم والتراجع الاقتصادي، هذا هو لسان حال غالبية اللبنانيين ممن نظروا بخوف وتشاؤم وحذر شديد لما قررت وتوعدت به دول مجلس التعاون الخليجي وغيرها ضد حزب الله.

فقد أشاعت إعلانات ومقررات ومواقف دول مجلس التعاون الخليجي، وبيانات الإدانة الصادرة عن الجامعة العربية، أجواء من الخوف والترقب وعدم الاستقرار لدى قطاعات وشرائح لبنانية واسعة.

وشهدت الأيام القليلة الماضية عدة تحركات ومظاهرات ومؤتمرات عبرت عن قلق عميق في العالم العربي، والغربي أيضا، من تدخل حزب الله في الصراع الدائر في سوريا.

وتأتي هذه التداعيات مع تأكيد رئيس نقابات السياحة في لبنان بيار الأشقر على التراجع الحاد في نسبة الحجوزات في الفنادق والمنتجعات السياحية، إلى جانب وصف رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة محمد شقير الحالة القائمة بـ"الكارثة الاقتصادية".

‪أبو زيد: هناك صعوبة في تمييز من هو مؤيد ومعارض لحزب الله من المغتربين‬ (الجزيرة نت)
‪أبو زيد: هناك صعوبة في تمييز من هو مؤيد ومعارض لحزب الله من المغتربين‬ (الجزيرة نت)

صعوبة التطبيق
المحلل السياسي سركيس أبو زيد أقر بأن لبنان سيتأثر دون شك بكل ما سيتخذ من إجراءات ضد أبنائه في الخارج بسبب تداعيات الأزمة في سوريا، مشيرا إلى أن التأثير سيكون بالاتجاهين لأن لبنان لا يستطيع الاستغناء عن الخليج وكذا العكس.

وقال أبو زيد للجزيرة نت إن قرارات الدول الخليجية ستعتريها الصعوبة من جهة استحالة المقدرة على تمييز الرعايا اللبنانيين المؤيدين والمعارضين لحزب الله حتى تشملهم العقوبات المقررة.

ولفت إلى أن الاقتصاد اللبناني سيعاني بطبيعة الحال من أية قرارات خليجية خصوصا إذا كانت جماعية وجادة، مدللا على ذلك بالقطاع السياحي الذي تلقى ضربة موجعة بسبب هذه القرارات.

أما رئيس المركز اللبناني للأبحاث والإنماء نبيه شاهين فاعتبر أن قرارات دول الخليج وما يجري من رفض رسمي وشعبي عربي لتدخل حزب الله سيجلب الضرر الكبير على لبنان اقتصاديا وإستراتيجيا.

وقال شاهين للجزيرة نت ما يجري فعليا هو تحكم فئة من الشعب اللبناني بمصير البلد برمته، فالتداعيات التي وصفها بالكارثية على الاقتصاد اللبناني لن تشمل بشررها السلبي حزب الله ومؤيديه، بل ستشمل المجموع اللبناني.

وأمّل المحلل اللبناني أن تتبصر دول الخليج بأية قرارات قبل إنفاذها على الأرض نظرا لكون حزب الله لا يمثل الكل اللبناني، بل يمثل نفسه وطائفته، وبالتالي عدم أخذ الكل بجريرة البعض.

وأعرب عن تشاؤمه من عدم قيام وزارة الخارجية بأية جهود مثمرة لتجنيب لبنان تداعيات ما سيجري، بالنظر للمواقف التي سماها غير دبلوماسية وغير حيادية من قبل وزير الخارجية.

فنادق لبنان شهدت تراجعا كبيرا بالحجوزات بسبب رد دول الخليج على حزب الله (الجزيرة نت)
فنادق لبنان شهدت تراجعا كبيرا بالحجوزات بسبب رد دول الخليج على حزب الله (الجزيرة نت)

أزمة مركبة
من جهته تمنى المحلل الاقتصادي بهيج أبو حمزة على دول الخليج أن لا تعاقب الشعب اللبناني بسبب سياسة ومواقف جزء منه، فالكل مسؤول بأن لا يشمل الأثر السلبي المجموع الكلي لأن في ذلك ظلما للبنان.

وأكد أن الأثر المترتب على أية قرارات ستلحق بالاقتصاد اللبناني خسارة واضحة، مبديا خشيته من أن تدفع سوء الأوضاع السياسية والاقتصادية والتخلي عن العمالة اللبنانية في الخارج إلى مزيد من الاستنزاف والهجرة للغرب.

واعتبر المحلل الاقتصادي في تصريح للجزيرة نت أن المشكلة ستكون وقتها مركبة، داخلية بسبب التأزيم الحاصل والانغلاق السياسي على كل الصعد، وقرارات خارجية ضاغطة من شأنها زيادة التدهور القائم أصلا في البلاد.

أما شعبيا فقد اعتبر محمد زهرة من بيروت أنه وإضافة لسمعة اللبنانيين التي تراجعت وتأثرت بسبب تدخل حزب الله في سوريا فإن اتخاذ الدول العربية أية إجراءات ضد العمالة اللبنانية ستؤثر بصورة كبرى على الوضع الداخلي.

ولفت زهرة للجزيرة نت إلى أن لبنان يعتمد في اقتصاده ومصارفه وسوقه الداخلي على تحويلات المغتربين ممن تقطن غالبية منهم في دول الخليج، بالتالي أي إجراء سيؤثر دون شك تأثيرا سلبيا.

وكان وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عدنان منصور أكد بدوره أن لا مبرر لطرد اللبنانيين من دول الخليج، ويجب أن تكون أي اتهامات مستندة إلى وقائع، وأيا كانت طائفة اللبناني في الخليج فهو لا يتدخل في الشأن السياسي.

يشار إلى أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله نفى بدوره أن يكون لأي من منتسبي الحزب وجود في دول الخليج، إلى جانب نفيه وجود أية مشاريع استثمارية أو مالية كذلك، داعيا في خطاب متلفز أمس أنصاره لتقديم وتقبل كل التضحيات.

المصدر : الجزيرة