"ثورة الحب والحياة في سجون الاحتلال".. كتاب يحكي قصة الشعب الفلسطيني

"ما يميز هذا الكتاب أنه جديد من نوعه، يجمع بين المقال والقصة والقصيدة والسيناريو".. بهذه الكلمات وصف الشاعر الفلسطيني المتوكل طه كتاب "ثورة الحب والحياة في سجون الاحتلال الإسرائيلي" للكاتب عيسى قراقع.

الحب والحياة في سجون الاحتلال الإسرائيلي"، لمؤلفه عيسى قراقع رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين السابق/بيت لحم/جنوب الضفة الغربية المحتلة. المصدر: مواقع التواصل
كتاب "الحب والحياة في سجون الاحتلال الإسرائيلي" لمؤلفه رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين السابق عيسى قراقع (مواقع التواصل)

بيت لحم – 5 سنوات من المشاهدات لحياة الأسرى وذويهم والشهداء والجرحى وهدم المنازل الفلسطينية، عاشها رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين السابق عيسى قراقع، حتى ألفّ كتابه "ثورة الحب والحياة في سجون الاحتلال الإسرائيلي".

يطرح الكتاب، الذي صدر مؤخرا، العديد من القضايا الإنسانية، والنصوص والوقائع من تجربة المعتقلين الفلسطينيين، ويشير إلى البعد الإنساني للأسير الفلسطيني، الذي استطاع -رغم السجن والظروف الصعبة التي يعيشها- الحفاظ على إنسانيته.

"معجزة" النطف المهربة

وصف الكتاب كيف استطاع الأسير الفلسطيني بأن لا يسمح للسجن أن يسحق مشاعره وذكرياته وأحلامه وتطلعاته إلى الحرية.

وتناول المؤلف كيفية استطاعة 100 أسير فلسطيني تهريب نطفهم، معتبرا ذلك إبداعا فلسطينيا لم يحدث في العالم ومعجزة قام بها الأسرى، وكيف أنجب هؤلاء الأسرى أطفالا وكوّنوا عائلات وهم ما زالوا داخل السجن.

ويقول قراقع للجزيرة نت إن كتابه ركز أيضا على إصرار الأسرى على مستقبلهم الخالي من السجن والقمع، وعلى إبداعاتهم، رغم العزل والملاحقة والقمع من السجان، وتم ذلك فعلا بمنتجات فكرية وأدبية رأت النور بعد أن خرجت وطُبِعت.

يصف قراقع الأسرى بقوله "على الرغم من أنهم داخل السجن، فإنهم يعيشون الحياة من خلال أفكارهم ووجدانهم وأحلامهم التي تخطت السياج والجدران".

من سجن إلى أكاديمية

يتحدث الكتاب أيضا عن الجانب التعليمي داخل السجون، وكيف استطاع الأسرى الانتظام في التعليم الثانوي وكذلك الجامعي، ونجحوا في التفوق على نظام السجن الذي أراد أن يحولهم إلى أرقام وأشباح، وكيف حققوا بدلا من ذلك درجات جامعية وأنهوا دراسة الثانوية العامة والبكالوريوس والماجستير.

أراد السجّان للسجن، وفق الكتاب، أن يكون مكانا لسحق إنسانية الأسير، ولكن الأسرى حوّلوا السجون إلى أكاديميات وخنادق ومدارس، ونموا قدراتهم المختلفة، وتمسكوا بالحياة في المكان الذي تنعدم فيه الحياة.

***فقط للاستخدام الداخلي*** عيسى قراقع رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين السابق/بيت لحم/جنوب الضفة الغربية المحتلة. المصدر: الصحافة الفلسطينية الرابط: https://nn.najah.edu/news/Prisoners-1/2017/07/30/41835/
رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين السابق ومؤلف الكتاب عيسى قراقع (الصحافة الفلسطينية)

وجاء في الكتاب نصوص تتحدث عن الشهداء الأسرى، وعن الأطفال المعتقلين، وسياسة التعذيب الهمجي داخل السجون، والإضرابات التي يخوضها الأسرى دفاعا عن حقوقهم.

ويرى قراقع أن كتابه فضح البعد اللاإنساني الذي يتعامل به الاحتلال، ووصف الجلادين والجنود الإسرائيليين والسجانين بـ"الوحوش البرية المنعدمة من الأخلاق والإنسانية؛ التي لا تحترم القوانين والنوازع الإنسانية".

والكتاب، من وجه نظر كاتبه، أوضح صورتين؛ صورة الضحية وهو الأسير الفلسطيني المتمسك بالحياة والكرامة، وصورة السجان المتمثل في المحتل الفاقد للبعد الآدمي.

رواية وشهادات حية

ووصف قراقع كتابه بأنه رواية متكاملة، تتحدث عن الحركة الوطنية الأسيرة في بعدها الإنساني وفي تطلعات الأسرى لكسر القيود من خلال صمودهم ونضالهم داخل السجون، وهو توثيق يجمع العديد من الجوانب التربوية والنضالية والثقافية.

وهو رواية، وفق قراقع، فيها شهادات تنفع أن تستخدم أمام مؤسسات حقوق الإنسان في العالم، لأشخاص تعرضوا للتعذيب النفسي والجسدي، وشهادات أسرى تعرضوا لمحاكم تمييزية وعنصرية وجائرة، وشهداء سقطوا بالتعذيب والإهمال الطبي.

كما أن الكتاب يحكي عن شهداء أعدموا ميدانيا بدلا من اعتقالهم دون أن يشكلوا خطرا على الجنود الإسرائيليين، ويصف العنصرية والفاشية في التعامل مع الشعب الفلسطيني، كما أنه وثيقة تؤرخ تجارب المعتقلين، وأبرزهم الأسير الأول محمد بكر حجازي، والأسيرة الأولى فاطمة البرناوي.

وتحدث الكتاب عن المعتقل كريم يونس، الذي يقضي 40 عاما داخل السجون، ورفيق نائل البرغوثي وفؤاد الشوبكي وغيرهم من المعتقلين الذين سطروا سنوات حياتهم داخل السجون، وفيه توثيق وبعد تربوي ونضالي وثقافي يجمع بين هذه الجوانب.

سيرة الشعب الفلسطيني

"ما يميز هذا الكتاب بأنه جديد من نوعه؛ يجمع بين المقال والقصة والقصيدة والسيناريو".. بهذه الكلمات وصف الشاعر الفلسطيني المتوكل طه، كتاب "ثورة الحب والحياة في سجون الاحتلال الإسرائيلي" للكاتب عيسى قراقع.

يرى الشاعر المتوكل طه في حديثه للجزيرة نت أن الكتاب يتناول الموضوع السياسي والتاريخي، ومشاعر الكاتب وما يجول في خاطره، وكأنه سيرة، ولكنها ليست شخصية، وإنما سيرة الشعب الفلسطيني وخاصة أولئك الذين يعيشون خلف القضبان.

كما أن هذه السيرة، وفق طه، تشعرك بأن الاحتلال لم يترك خلفه فقط شهداء بشر من الفلسطينيين، بل ترك البيت الذي هدمه شهيدا، والشجرة التي قطعها شهيدة، وألعاب الأطفال كأنه تركت شهداء خلف أصحابها.

ويصف طه الكاتب قراقع بأنه مهجوس بضحايا الشعب الفلسطيني الذين مرت عليهم "بساطير" (أحذية) الاحتلال وهرستهم، وكأن الكتاب يصف الغضب والأمل والفجيعة وسفك الدم والحياة، في معاناة الشعب الفلسطيني الذي ما زال رازخا تحت الاحتلال.

المصدر : الجزيرة