أثار حفيظة النخب..معرض للكتاب في تونس يستعين بفاشينيستا للحث على المطالعة

تكريم الفاشينيستا التونسية في تظاهرة للكتاب أثارت جدلا واسعا تواصل اجتماعي
تكريم "الفاشينيستا" التونسية في معرض للكتاب أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي (مواقع التواصل)

أثار تكريم "صانعة محتوى" و"فاشينيستا" تونسية -من قبل قائمين على معرض ثقافي للكتاب في تونس- سخطا بين النخب الفكرية، وفتح نقاشا حول أحقية هذه الفئة المؤثرة عبر الشبكات الاجتماعية بالحضور في تظاهرات جادة رغم "تفاهة المحتوى الذي يقدمه بعضهم"، بحسب تعبير النقاد.

وضمن ورشة حملت عنوان "المؤثرون وتحديات القراءة" دعا القائمون على "معرض تونس للكتاب والآداب" في دورته السابعة -والذي تشرف عليه وزارة الثقافة- مجموعة من صناع المحتوى، بينهم شابة تونسية تدعى "لادي سمارا".

وتحظى "الفاشينيستا" سمارا بمتابعة نحو نصف مليون شخص عبر حسابها على شبكة إنستغرام، غالبيتهم من الشباب والمراهقين، وتنشط عبر تقديمها نصائح في مجال الموضة والمكياج، بأسلوب يراه كثيرون "مخالفا للآداب العامة والأخلاق"، بحسب تقديرهم.

وهاجم كتاب وأكاديميون منظمي الدورة الجديدة لمعرض الكتاب بعد نشر هذه الشابة -عبر حسابها- صورا وفيديوهات خلال حضورها للمعرض وتكريمها من قبل مدير الدورة وأعضاء آخرين، وهو ما دفع إدارة المعرض لإصدار بيان توضيحي.

واستنكر مدير معرض تونس للكتاب الحبيب العرقوبي -في حديثه للجزيرة نت- ما وصفها بالحملة الشرسة وغير المبررة التي شنت ضد المعرض وضد شخصه، بعد دعوة مجموعة من المؤثرين بينهم الشابة "لادي سامارا".

وشدد على أن قرار إشراك هذه الفئة من المؤثرين في معرض تونس للكتاب كان اجتهادا منه، بهدف تشجيع فئة الشباب على القراءة والترويج للكتب وللفعالية بشكل عام، بأسلوب جديد وعبر استقطاب الجمهور العريض لمؤثري الشبكات الاجتماعية وصناع المحتوى.

وأضاف أنه "في ظل مجتمع لا يقرأ وفي تهميش قد يكون ممنهج من الدولة لعالم الكتب وللثقافة بشكل عام، وجد الأدباء ودور النشر أنفسهم في أزمة خانقة، وهو ما دعانا -كوننا منظمي معارض وتظاهرات- لخلق أساليب وطرق جديدة للترويج للكتاب والترغيب بالمطالعة بأساليب مواكبة للعصر وللثورة الرقمية في الشبكات الاجتماعية".

وأكد العرقوبي أن الجدل الذي أثارته صانعة المحتوى "لادي سمارا" ساهم بشكل كبير في الرفع من نسبة الإقبال على المعرض والتعريف به، فضلا عن الترويج لمجموعة كبيرة من الكتب وخلق حيوية تجارية وفكرية.

هيمنة "المؤثرين"

وفرضت هيمنة مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي على الفضاء الرقمي -إضافة إلى تحقيقهم أرقاما قياسية في عدد المتابعين- واقعا جديدا بحسب كثيرين، من أجل استغلال تلك الشعبية الجارفة، لأغراض تسويقية بحتة، بغض النظر عن جودة المحتوى المقدم.

وسبق أن أثارت دعوة رئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ لمجموعة من المؤثرين وصناع المحتوى جدلا كبيرا، بالنظر لحجم الجهة المستضيفة، ولمضامين المحتوى الذي يقدمه بعضهم والذي لا يرتقي لمثل هكذا دعوات، وفق النقاد.

واعتبر المحامي والأكاديمي أحمد بن حسانة أن مدير معرض تونس للآداب والكتاب نجح -من خلال تكريم شخصية مثيرة للجدل- في التعريف بالمعرض الثقافي الذي لم يكن يسمع عنه أحد طوال 6 دورات متتالية.

وتابع في تدوينة له قائلا إن "الجميع اليوم يتحدث -في معرض شتمِه لصانعة المحتوى لايدي سامارا ولتكريمها- بأن هناك تظاهرة اسمها معرض مدينة تونس للآداب والكتاب ينتظم سنويا تحت إشراف غير مباشر من وزارة الشؤون الثقافية، بالتعاون مع المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بتونس والمكتبة الجهوية واتحاد الناشرين وبلدية تونس".

من جانبه، حذر الإعلامي والباحث غفران حسايني من خطورة جعل "مجموعة من الحمقى والتافهين والمنحرفين مشاهير"، بهدف تسطيح وعي الشعوب، وفق تعبيره.

واستدل في تدوينة له بكلمة للناقد الأدبي إدوارد سعيد قال فيها "إن آلة تدمير الشعوب وتفتيتها لا تتحرك مطلقا قبل أن يكمل جنود الفكر وصنّاع الرأي مهمتهم".

ويقول الباحث في علم الاجتماع محمد الحاج سالم للجزيرة نت إن اكتساح "الثقافة العامية" -عبر ما بات يعرف بصناع المحتوى ومؤثري شبكات التواصل الاجتماعي في مجالات ظلت لسنوات حكرا على نخب بعينها- بات واقعا لا يمكن إنكاره.

ولفت إلى أن تعامل بعض الجهات الرسمية والوزرات مع هذه الفئات -رغم تفاهة المحتوى الذي يقدمونه- هو تعامل تجاري براغماتي بحت، لاستغلال شعبيتهم عبر الشبكات الاجتماعية بهدف التأثير على الرأي العام ولأغراض دعائية.

المصدر : الجزيرة