الدوحة تحتفي بواحتها الأدبية.. شارع ابن الريب في الحي الثقافي "كتارا"

"كتارا" خصصت الشارع لمشاركة 15 دار نشر وتوزيع ومكتبة في مكان أصبح واحة أدبية في الحي الثقافي بالدوحة

مبادرة كتارا في شارع ابن الريب الثقافي الجزيرة،قطر
شارع ابن الريب واحة بارزة بالحي الثقافي "كتارا" (الجزيرة)

شارع ابن الرّيب بالدوحة ليس فضاء ثقافيا أو سوقا لبيع الكتب فحسب، بل واحة أدبية يلتقي فيها الكتّاب والناشرون والشغوفون بصحبة الكتاب والقراءة، ويراد ترسيخها لتغدو تجربة رائدة ترفد الساحة الثقافية في قطر بآخر إنتاجات عوالم المعرفة وصناعة الكتاب.

وخلف المسرح المكشوف، يحتل شارع ابن الريب موقعه البارز بالحي الثقافي "كتارا"، وبالتعاون مع ملتقى الناشرين والموزعين القطريين، تمكن من استقطاب 15 دار نشر وتوزيع ومكتبة ستشارك جميعها في فعاليات ثقافية مصاحبة، يتوقع أن تنشط بقوة بعد تخفيف الإجراءات الاحترازية التي يفرضها فيروس كورونا، ومن بينها توقيع إصدارات جديدة، وعقد محاضرات وندوات ثقافية وعروض للأطفال.

وتتوخى مؤسسة الحي الثقافي "كتارا" من فعاليات شارع ابن الريب تسهيل وصول القراء إلى دور النشر القطرية، ومواكبة جديد إصداراتها في مكان واحد، والإسهام في نشر ثقافة القراءة لدى الجمهور، ودعم دور النشر المحلية التي نشطت وانتظمت بقوة في عالم الكتاب والنشر في الآونة الأخيرة.

ويرى المدير العام للمؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا" خالد السليطي أن إطلاق هذه المبادرة يهدف إلى نشر ثقافة القراءة والمطالعة لدى جميع فئات المجتمع، بالتوازي مع جهود "كتارا" المتواصلة في دعم دور النشر المحلية التي تشهد نهضة حقيقية.

مشروع ثقافي

وبتخصيص موقع ثابت له بالحي الثقافي، يمثّل شارع ابن الريب أحد أوجه الاستجابة السريعة لصانعي الشأن الثقافي في قطر، بعد الدعوة التي وجهها اتحاد الناشرين العرب في مؤتمره الخامس في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لمواجهة تحديات سوق الكتاب والبحث عن أفضل الحلول التسويقية في ظل الأزمات الحالية.

مبادرة كتارا في شارع ابن الريب الثقافي الجزيرة،قطر
شارع ابن الريب الثقافي في كتارا يشهد عددا من الفعاليات الثقافية في الهواء الطلق (الجزيرة)

وأعرب عدد من القائمين على دور النشر والمكتبات المشاركة في فعالية الكتاب عن تفاؤلهم بنجاح هذه الفعالية التي أعادت النبض إلى سوق الكتاب في قطر وأنعشت حركته، بعد تعطيل جميع معارض الكتاب والنشر في الوطن العربي والعالم، ومن بينها معرض الدوحة الدولي للكتاب 2021 لأجل غير مسمى.

ونوّه العضو المنتدب لدار لوسيل للنشر والتوزيع خالد الدليمي -في تصريح للجزيرة نت- بتخصيص شارع للكتب، باعتباره تقليدا متبعا في كثير من دول العالم، وخطوة مهمة في سبيل البحث عن حلول لتسويق المحتوى في ظل الأزمات والتحديات، داعيا إلى دعم كل الجهود التي من شأنها الارتقاء بالثقافة ونشرها.

كما يطمح القائمون على المشروع إلى أن يكسر هذا التنويع في المنتوج الثقافي حالة الجمود التي ألقت بظلالها على الساحة الثقافية، وأن يعوّض عن الآثار السلبية لجائحة كورونا، وما سببته من انكماش كبير في مبيعات الكتب سواء محليا وعالميا.

ورأى الكاتب القطري الروائي أحمد عبد الملك، الفائز بجائزة كتارا للرواية العربية عام 2019، أن فكرة شارع ابن الريب فريدة في شكلها وحدثها، وأنها تقريب للكتاب وعوالمه من الجمهور، ووجبة ثقافية قد تكون أصحّ للعقل في عالم غلب عليه الاستهلاك، وأن هذا المشروع المؤسسي يحظى بدعم الكتاب في قطر، وسيسهم لا محالة في خلق بيئة سهلة وملائمة للجمهور.

وضمن فعاليات شارع ابن الريب الثقافي، هناك برنامج حوار مع مؤلف أو ناشر كل يوم سبت، للاحتفاء بالمؤلفين والناشرين ودور النشر المشاركة وإقامة حوار فكري وثقافي مع الجمهور.

وإذا كان تنظيم معارض رقمية للكتاب فكرة نوعية لمواجهة تحديات كورونا، إلا أنها لم تستقطب الجمهور الواسع لاعتبارات موضوعية ولوجستية، خاصة في الوطن العربي، إذ لا تزال هناك حاجة إلى البحث عن حلول ناجعة لتحديات سوق الكتاب الإلكتروني، خاصة في ما يتعلق بأوضاع دور النشر وضرورة تحفيزها.

تقليد قديم

وبربط اسم الشارع بشخصية تاريخية، تترسخ في وجدان الجمهور صورة ذهنية عن بطولات حيّة في التراث العربي والإسلامي، فالشارع الثقافي يحمل اسم مالك بن الرَّيْب التميمي، وهو شاعر عربي نجدي من بني مازن، كنيته أبو عقبة، وأحد فرسان الصحراء الذين كانت لهم مواقف مشهودة في الثغور مع سعيد ابن الخليفة عثمان بن عفان، وقد رثى نفسه بقصيدة عصماء مشهورة.

مبادرة كتارا في شارع ابن الريب الثقافي الجزيرة،قطر
15 دار نشر تشارك في مبادرة كتارا لشارع ابن الريب الثقافي (الجزيرة)

واستقر عرف متوراث ربط سوق الكتاب بالأماكن والشخصيات في عدد من العواصم العربية، مثل شارع المتنبي في العراق، وسور الأزبكية وسط القاهرة، ونهج الدباغين في تونس، وشارع الحلبوني في دمشق، وسوق الليدو في مدينة فاس المغربية، وجميعها تمثل معارض دائمة للكتب، وتقام في شوارع مكتظة بالمارّة، تجعل الكتاب في متناول القراء أثناء مرورهم بهذه الشوارع.

وقد غلب في هذه الأسواق بيع الكتب القديمة والمستعملة، وأرشيف المجلات النادرة بأسعار زهيدة، كما ظلت ملاذا لطلبة الجامعات والأدباء، والباحثين عن الكنوز التي تباع في تلك المكتبات.

وفي تقليد مشابه في قطر، خصصت "كتارا" قبل سنوات مشروعا أسمته "رواق" للكتب المستعملة، وقد لاقى رواجا كبيرا بين أوساط المهتمين والقراء، ومكّنهم من تبادل الكتب المستعملة والتبرع بها في الأكشاك الموجودة بين أروقة الحي الثقافي، واستعارتها مجانا.

المصدر : الجزيرة