الخط العربي ينضم إلى قائمة اليونسكو.. حماية إضافية ضد الاندثار والسطو الثقافي

الخط العربي يمثل رمزا مهما للعالمين العربي والإسلامي

© Jassim Meraj, Kuweit, 2017 المصدر موقع: اليونيسكو الرابط: https://ich.unesco.org/en/RL/arabic-calligraphy-knowledge-skills-and-practices-01718
إدراج الخط العربي في قائمة اليونسكو سيساعد على الحفاظ عليه من الاندثار (اليونسكو)

تشتهر الحضارة العربية الإسلامية بتنوع الثقافات والفنون والحرف والعادات الموروثة من جيل إلى آخر، كما أنها تعتبر من أكثر الحضارات ثراء أدبيا وأطولها بقاء في العالم.

وخلال اجتماع الدورة 16 للجنة الحكومية الدولية لاتفاقية صون التراث الثقافي، المنعقدة بين 13 و18 ديسمبر/كانون الأول الجاري، قامت لجنة التراث الثقافي غير المادي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) بفحص 55 طلب تسجيل مقدم من الدول الأعضاء.

الخط العربي في اليونسكو

وأدرجت اليونسكو -الثلاثاء الماضي- الخط العربي في تراثها غير المادي، وهو قانون يسمح بالحفاظ على هذه الممارسة الفنية القديمة على نطاق واسع.

وقد دافع عن هذا المشروع 16 دولة، بقيادة المملكة العربية السعودية، وهي: البحرين، والمغرب، ومصر، والكويت، والجزائر، ولبنان، وعمان، وموريتانيا، والأردن، وفلسطين، والسودان، وتونس، والإمارات، واليمن، والعراق.

ونقلت وكالة الأنباء الحكومية عن وزير الثقافة السعودي بدر بن عبد الله بن فرحان ترحيبه بالقرار، قائلا إنه "سيساعد في تطوير هذا التراث الثقافي وتعزيز جانب قيم من الثقافة العربية الأصيلة".

وأشاد مندوب الكويت الدائم لدى اليونسكو آدم الملا بهذا المشروع الذي تم تقديمه في مارس/آذار 2020، مشيرا إلى أنه "ملف مشترك تاريخي بين 16 دولة عربية".

وبدوره، ذكر عبد المجيد محبوب المدير التنفيذي لجمعية الحفاظ على التاريخ السعودي، وهي منظمة غير حكومية معنية بالمشروع -للجزيرة نت- أن "الخط العربي يمثل رمزا مهما للعالم العربي الإسلامي، لكن عدد الأشخاص الذين يتقنونه انخفض كثيرا بسبب التقدم التكنولوجي".

وتابع محبوب قائلا: "إن إدراج الخط العربي في قائمة اليونسكو سيساعد على الحفاظ عليه من الاندثار".

© Hosain Daghriri, Saudi Arabia, 2020 (2) المصدر موقع: اليونيسكو الرابط: https://ich.unesco.org/en/RL/arabic-calligraphy-knowledge-skills-and-practices-01718
الخط العربي إبداع بشري تناقلته الأجيال منذ القدم، يعكس وعيا كبيرا لأهمية التراث وتعزيز التنوع الثقافي (اليونسكو)

إرث فني

ويشير الخط العربي إلى الممارسة الفنية لكتابة اللغة العربية بخط اليد للتعبير عن الانسجام والجمال، وقد تم تصميمه في الأساس لجعل الكتابة واضحة وسهلة القراءة، ثم تطور إلى فن عربي إسلامي يستخدم في الأعمال التقليدية والحديثة.

ويوفر هذا الإبداع الفني مساحة واسعة وإمكانات لا حصر لها للكلمة الواحدة، إذ يمكن إطالة الأحرف وتحويلها إلى أنماط مختلفة.

وفي حوار مع الجزيرة نت، يقول المسؤول الإقليمي للدول العربية في كيان التراث الحي في اليونسكو رسول صمدوف إن "الخط العربي يفي بكل الشروط لضمه إلى قائمة التراث غير المادي، إنه إبداع بشري تناقلته الأجيال منذ القدم يعكس وعيا كبيرا لأهمية التراث وتعزيز الحوار والتنوع الثقافي في جميع أنحاء العالم".

ويشير صمدوف إلى أن القيمة المضافة لترشيحٍ متعدد الجنسيات كهذا يكمن في مشاركة التراث عبر الحدود، لرفع مستوى الوعي حول الأشكال الأخرى للتراث غير المادي، كما أن من شأنه تحفيز مبادرات مستقبلية أخرى.

وأكد المسؤول الإقليمي للدول العربية في اليونسكو -للجزيرة نت- أن المنظمة لا تتحمل مسؤولية الحفاظ على العناصر المدرجة في القائمة، بقدر ما تتحملها الدول التي تنعم بهذه الثقافات التي تشكل شعورهم بالهوية والانتماء.

تراث اليونسكو الثقافي

وتعرّف اليونسكو التراث الثقافي غير المادي -أو التراث الحي- بـ"التقاليد والتعبيرات الحية الموروثة من أسلافنا"، وتشمل "التقاليد الشفوية وفنون الأداء والممارسات الاجتماعية والطقوس والمناسبات الاحتفالية".

ويقول سكرتير اتفاقية اليونسكو تيم كيرتس بشأن هذا الموضوع المعتمد منذ عام 2003: "لكي يتم تعريف الممارسة الثقافية على أنها تراث ثقافي غير مادي، يجب أن تكون الممارسة ديناميكية، أي يجب أن يكون لها معنى في حياة الناس اليومية".

ويعمل التراث الثقافي غير المادي على الحفاظ على التنوع الثقافي في ظل العولمة المتزايدة، ويساهم في إثراء الحوار بين المجتمعات، ويشجّع على احترام أساليب حياة الآخر، وفقا لكيرتس.

التطريز الفلسطيني وفن التبوريدة المغربي

وأضافت اليونسكو مجموعة من الفنون والحرف التراثية العربية ضمن قائمتها للتراث الإنساني الثقافي غير المادي، مثل تقليد التطريز الفلسطيني الذي يختلف من منطقة إلى أخرى منذ حكم الكنعانيين والفينيقيين القدماء.

وعادة ما يطرز الثوب الفلسطيني النسائي في منطقة الصدر والكمّين، ويتميز بطبعات ترمز إلى الطيور والزهور والأشجار وغيرها.

ويأتي هذا الاعتراف الثقافي بعد أسبوع من اتهام المشاركات في مسابقة ملكة جمال الكون بـ"الاستيلاء على الثقافة الفلسطينية" ونسبتها إلى دولة الاحتلال، من خلال حضور حدث للترويج للسياحة في إسرائيل حيث ارتدت ممثلة إسرائيل الثوب الفلسطيني التقليدي المطرز.

كما أضافت اليونسكو "فن التبوريدة" أو الفانتازيا إلى 12 عنصرا تراثيا مغربيا مسجلا، وهو واحد من أعرق الفنون الشعبية في البلاد وإرث حضاري عربي أمازيغي يعود إلى القرن 16.

ويندرج هذا التراث المغربي ضمن الفنون الاستعراضية التي يقف فيها الفرسان بزيهم التراثي الموحد، ويحمل كل واحد منهم نسخة مصغرة من القرآن وسيفا عربيا، وهم يمتطون الخيول لتأدية عرض التبوريدة.

وعلقت وزارة الشباب والثقافة المغربية على هذا الحدث الذي من شأنه "إبراز الممارسات الثقافية والمهارات والمعارف المرتبطة بالعنصر، وتتبع وظائفه الاجتماعية وملامسة أبعاده الرمزية".

فن التطريز الفلسطيني (FILES) In this file photo taken on January 8, 2019, a Palestinian woman cross stitches a traditional Palestinian dress known as 'Thobe' in Idna village near the West Bank town of Hebron. - The art of traditional Palestinian embroidery has been inscribed in 2021 on the Representative List of the Intangible Cultural Heritage of Humanity, by the The United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO). (Photo by HAZEM BADER / AFP)
أضافت اليونسكو فن التطريز الفلسطيني إلى قائمتها للتراث الإنساني الثقافي غير المادي (الفرنسية)

من العراق وسوريا إلى البحرين

وضمت اليونسكو صناعة الناعور -وهي تراث عراقي أصيل- إلى قائمة التراث غير المادي للمهارات والفنون الحرفية التقليدية.

والنواعير عبارة عن عجلة خشبية تدور حول محورها لتوصيل المياه من الأنهار إلى اليابسة لري الأراضي الزراعية، ويطلق عليها اسم "الساقية" في مصر.

وتتكون الناعورة من 24 عمودا من العصي المصنوعة من الخشب، و24 إبريقا من الفخار مربوطة بحبال من سعف النخيل، وعادة ما تقام في العراق على ضفاف نهر الفرات المعروف بانخفاض منسوب مياهه عن الأراضي المحيطة.

بالإضافة إلى ذلك، انضم فن "الفجري" أو "الفجيري" البحريني الذي يعود تاريخه إلى القرن 19 إلى قائمة اليونسكو، وهو من الفنون الشهيرة في الخليج العربي التي كانت تؤدى تقليديا من قبل الغواصين، للتعبير عن المشاق التي يواجهونها لاستخراج اللؤلؤ من أعماق البحار.

وقد شكل هذا اللون الغنائي جزءا من مجتمع صيادي اللؤلؤ حتى منتصف القرن 20، وتعود نشأته إلى جزيرة المحرق أقصى شمال البحرين، وفقا لليونسكو.

وفي السياق الفني ذاته، تم تسجيل القدود الحلبية ضمن قائمة التراث الإنساني الثقافي للبشرية، بعد أقل من شهر على رحيل ملك القدود الحلبية الفنان السوري صباح فخري.

ويعد هذا الأسلوب الغنائي جزءا أصيلا في ثقافة حلب، وهو عبارة عن منظومات غنائية بنيت على ما يعرف بالقد، أي على قدر أغنية شائعة.

وقالت وزارة الثقافة السورية في بيان إن هذا الإعلان يمثل خطوة إضافية لحماية وصون الهوية الوطنية، مشيرة إلى أن القدود الحلبية مرآة لعمق وأصالة الهوية الفنية السورية.

المصدر : الجزيرة