رواية شهيرة عن العبودية محور جدل في انتخابات أميركية محلية

Omran Abdullah - توني مويسون 2008 ، ويكيبيديا - رحيل توني موريسون.. الروائية المدافعة عن فلسطين وأول أفرو-أمريكية تحصل على نوبل للآداب
موريسون أسهمت بأعمالها الأدبية في رفع التعددية الثقافية الأميركية للمسرح العالمي وإعطاء دفعة كبيرة لما يطلق عليه "أدب السود" (ويكيميديا)

باتت رواية "محبوبة" (Beloved) المؤثرة حول العبودية بقلم الأميركية من أصل أفريقي توني موريسون محط جدل هذا الأسبوع بشأن تدريسها، في خضم حملة انتخاب الحاكم الجديد لفرجينيا في شرق الولايات المتحدة.

وقد استعان غلين يانغكين المرشح الجمهوري في هذه الانتخابات التي تشكل اختبارا حاسما للرئيس جو بايدن، بربة المنزل لورا مورفي في إعلان حديث لحملته. وكانت هذه الأم أطلقت سنة 2013 حملة لحظر تدريس "محبوبة" في مدارس المنطقة، إذ إن بعض الفقرات العنيفة في هذه القصة تسببت بكوابيس لابنها.

وتستند هذه الرواية الشهيرة في الأدب الأميركي التي صدرت سنة 1987 ونالت جائزة "بوليتزر" العريقة، إلى قصة حقيقية لامرأة كانت مستعبَدة سابقا تقرر قتل طفلها لتجنيبه مصير العبودية.

وقد أدى نضال لورا مورفي إلى مشروع قانون جمهوري يسمح للأهل بمنع تدريس أطفالهم كتبا تحتوي على فقرات فيها مضامين جنسية صريحة.

وتخبر مورفي في الإعلان المسجل لحملة يانغكين، من دون ذكر اسم الكتاب الذي شكل نقطة الانطلاق، أن مشروع القانون الذي صوّتت عليه مرتين الجمعية العامة في فيرجينيا ذات الغالبية الجمهورية جوبه بالاعتراض كل مرة من الديمقراطي تيري ماكوليف حاكم الولاية من 2014 إلى 2018 والمرشح لولاية جديدة.

وقالت لورا مورفي إن "القانون يعطي الكلمة للأهل ويوفر لهم بديلا لأطفالهم"، متسائلة إن كان "تيري ماكوليف لا يرى أنه من المهم أن تكون للأهل كلمة" في التعليم الذي يتلقاه الأطفال.

ورد المرشح الديمقراطي المدعوم من كبار الحزب، مثل جو بايدن وباراك أوباما، في إعلان مذكرا بأن توني موريسون كانت أول أميركية سوداء تحصل على نوبل الآداب سنة 1993.

وفازت "محبوبة" بجائزة بوليتزر عن فئة الأعمال الخيالية عام 1988، قبل 5 سنوات من منحها جائزة نوبل في الآداب، وحصلت على وسام الحرية الرئاسي عام 2012، وهو أعلى وسام مدني في الولايات المتحدة من قبل الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

Omran Abdullah - باراك أوباما مع توني موريسون بعد حصولها على وسام الحرية الرئاسي في الغرفة الزرقاء بالبيت الأبيض 2012، موقع البيت الأبيض - رحيل توني موريسون.. الروائية المدافعة عن فلسطين وأول أفرو-أمريكية تحصل على نوبل للآداب
‪باراك أوباما مع توني موريسون بعد حصولها على وسام الحرية الرئاسي في الغرفة الزرقاء بالبيت الأبيض 2012‬ (البيت الأبيض)

وفي تغريدة مرفقة بهذا الإعلان، اتهم ماكوليف خصمه بـ"إقحام سياسة الكراهية والشقاق التي انتهجها دونالد ترامب" في صفوف المدارس.

وقال خلال تجمع انتخابي إن "غلين يانغكين يشجع على حظر كتاب لأحد الأدباء السود الأكثرة شهرة في أميركا".

ويمهد الاستحقاق الانتخابي الذي يقام الثلاثاء في فيرجينيا الطريق للانتخابات التشريعية لمنتصف الولاية العام المقبل. ونتائج المرشحين متقاربة جدا بحسب الاستطلاعات قبل أيام معدودة من الاستحقاق.

أديبة أميركية سوداء مؤيدة لفلسطين

بعد معاناتها من مضاعفات الالتهاب الرئوي، توفيت عن 88 عاما الأديبة توني موريسون في 2019 وعرفت بمواقفها المناهضة للعنصرية والاضطهاد والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

وأسهمت موريسون بأعمالها الأدبية في رفع التعددية الثقافية الأميركية للمسرح العالمي، وإعطاء دفعة كبيرة لما يطلق عليه "أدب السود"، وكشفت عن حقبة مظلمة لماضي بلدها، وتناولت تاريخ السود في الولايات المتحدة في أعمالها التي مزجت فيها الأدب الأفريقي وفولكلور العبيد مع نصوص الإنجيل والدراما القصصية.

وبخلاف "محبوبة" التي ترجمت إلى العربية والفرنسية والإسبانية والألمانية والإيطالية، كتبت موريسون أيضا روايات: "العين الأكثر زرقة" و"أغنية سليمان" و"طفل القطران" و"سولا"، وعملت على تحرير مذكرات الملاكم الأميركي المسلم محمد علي كلاي.

وقالت في محاضرة تكريمها بجائزة نوبل إن السرد لم يكن مجرد ترفيه بالنسبة لها، بل "هو في اعتقادي إحدى الطرق الرئيسية التي نستوعب بها المعرفة"، بحسب تقرير سابق للجزيرة نت.

وعملت موريسون في كتابة قصص الأطفال وتحريرها، واعتبرت واحدة من النساء السود القلائل في صناعة النشر، وتبنت الدفاع عن مؤلفي الروايات الناشئين وساعدت في تعريف القراء الأميركيين إلى الكُتاب الأفارقة، مثل أديب نوبل الشاعر النيجيري وول سولينكا.

وعرفت موريسون بمواقفها المناهضة للعنصرية، وفي مقابلة لها قالت "أنا لا أكتب انتقاما من العنصرية بل لتغيير اللغة إلى لغة لا تنتقص من الناس"، ووصفت إسرائيل في رسالة وقّعت عليها عام 2006 مع كتاب آخرين، بأنها "دولة فصل عنصري".

ونددت الرسالة بالإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في حق الفلسطينيين، مؤكدة أن العدوان الإسرائيلي احتلال غير شرعي، واعتبرت الرسالة -بلغتها الحازمة- واحدة من أقوى المواقف التي وقعت عليها نخبة من المثقفين والكُتاب.

أدب موريسون

اعتبرت موريسون واحدة من المؤلفين الأميركيين النادرين الذين حققت أعمالهم نجاحات أدبية ونقدية وتجارية على حد سواء، إذ بقيت رواياتها بانتظام في قائمة أكثر الكتب مبيعا لدى صحيفة نيويورك تايمز، وكانت موضوع دراسات نقدية كثيرة.

‪رواية
‪رواية "العين الأكثر زرقة" هي الأولى لموريسون وكتبتها عام 1970‬ (الجزيرة)

وكأكاديمية وعضوة هيئة تدريس في جامعة برينستون، حاضرت موريسون على نطاق واسع، وشوهدت كثيرا على شاشات التلفاز بحسب الصحيفة الأميركية.

وبررت الأكاديمية السويدية منحها جائزة نوبل عن رواياتها، بأنها تميزت ببصيرة قوية واقتباسات شعرية وكشفت من خلالها عن "الحياة في جانب أساسي من الواقع الأميركي"، ويظهر في أعمالها الماضي من خلال الحاضر المروع، في عالم مليء بتفاصيل الإدمان والخمور والاغتصاب وسفاح المحارم والقتل.

وفي رواياتها، تعتمد موريسون على تقنية تعدد الأصوات الأدبية، وتختلط فيها أصوات الرجال والنساء والأطفال وحتى الأشباح، ويتشابك في أدبها الواقع المؤلم مع الأساطير السحرية والخرافات، ولهذا جرى تشبيهها بمدرسة الروائيين اللاتينيين من كُتاب الواقعية السحرية، مثل غابرييل غارسيا ماركيز.

وكانت الراحلة قد كتبت روايتها الأولى "العين الأكثر زرقة" عام 1970 في أوقات بينية مسروقة من وظيفتها محررة وحياتها الاجتماعية أما لابنين شابين، وقالت عن هذه الفترة إنها اعتادت على الكتابة على قصاصات الورق وأوراق الفنادق وفي السيارات.

وفي العقدين الأخيرين، ركزت على الكتابة للأطفال، وظهرت في الحياة العامة وفي الحملات الانتخابية لتدعم المرشحين الديمقراطيين ضد خصومهم الجمهوريين، واعتبرت وصول ترامب للبيت الأبيض مؤشرا على عدم تعافي الولايات المتحدة من العنصرية.

المصدر : الجزيرة + الفرنسية